سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 15 - 16:08
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
تتعالى لحد الان ومنذ يوم 18.12.2009 أصوات الحركات الاحتجاجية القومية ضد الهجوم الايراني على حقل الفكة الرابع في محافظة ميسان. حيث تتشابك المواقف السياسية تجاه هذا الهجوم وسيطرة القوات الايرانية على بثر من ابار حقل الفكة النفطية، تتشابك المواقف السياسية بين القوى القومية العربية والاسلام السياسي الشيعي العروبي والآخر المؤيد لولاية الفقية، وخصوصا في هذه المرحلة التي تعد كافة القوى عدتها لخوض العملية الانتخابية. مواقف هذه التيارات والحركات واحزابها معروفة بصورة عامة، ونحن لسنا هنا بصدد تحليل مواقف تلك الحركات والقوى، بل يهمنا موقف العمال والحركات والمنظمات العمالية تجاه هذا الهجوم.
أن كل الحروب التي جرت خلال القرنين الماضين بما فيهما الحربين العالميتين تمت على اساس الدفاع عن الوطن، ارضه وحدوده و"مقدساته". انا اعرف ان الحكومة الحالية في بغداد ليست اهل للحرب ولا اهل للرد المناسب لهذه الهجمة وشرحنا سياستنا وموقفنا حول هذا الامر في حوار مع الصفحة الإلكترونية للحزب الشيوعي العمالي العراقي"حوار سايت الحزب مع سامان كريم حول الهجوم العسكري لايران على أحد حقول الفكة النفطية". لكن القضية الاهم هنا ليست موقف الحكومة ولا مواقف القوى البرجوازية الاخرى التي نعرفها جيداً، بل موقف العمال و حركاتهم.
في هذه الحالات التي شاهدناها كثيرا وسنشاهدها مرات اخرى ايضا في حياتنا. يجب على طليعة الطبقة العاملة وحركتها تحويل الوضع لصالح طبقتها وحركتها، وان ترسم الخط الفاصل السياسي بينها وبين الحركات البرجوازية في"وطنه". ان الإستقلالية السياسية لهذه الطبقة وحركتها وقادتها من الحركات والتيارات والاحزاب البرجوازية هي المحور الرئيسي في تبنى موقف عمالي طبقي -اممي واضح، ولتجسيد شعار الحركة العمالية على الصعيد العالمي "يا عمال العالم إتحدوا" بصورة سياسية عملية. ان الحروب والهجمات العسكرية والتدخلات العسكرية المباشرة وغير المباشرة هي جزء من السياسية البرجوازية على الصعيد العالمي، لحلحلة ازماتها ومشاكلها الداخلية والخارجية ولتوسيع رقعة نفوذها وسلطانها سواء كان في منطقة ما او على الصعيد العالمي بالنسبة للقوى الكبرى عالميا. هي جزء من السياسية البرجوازية ولكن ليس جزءاً إستثنائيا بل ان الحروب بصورة عامة تشكل ركيزة من الركائز الرئيسة للدول البرجوازية كافة، وقناة لتصفية حساباتها مع الاخرين.
اما العمال الطليعيين ومنظماتهم واحزابهم يجب ان يكونوا بحجم المسؤولية تجاه هذه الحالات وتجسيد مصلحة حركتهم وطبقتهم بشكل أممي رائع وذلك لمنفعتهم ومصلحتهم" الوطنية" ايضا. أن الأولوية القصوى للعمال في العراق وحركتها الاحتجاجية في العراق في هذه المرحلة بالتحديد هي رسم الخط الفاصل بينها وبين كافة التيارات البرجوازية لمصلحتهم ومصلحة الطبقة العاملة على صعيد المنطقة والعالم باسره. كيف بامكان طليعي هذه الطبقة و منظماتهم ان يتبنوا سياسة كهذه؟!
اولا: من هو صاحب الوطن في هذه المرحلة"!: واضح وضوح الشمس ان "الوطن الحالي" في العراق، هو بلد محتل من قبل امريكا ويدار من قبل التيارات والحركات البرجوازية القومية والاسلامية الأشد رجعية. يدار من خلال الحكومة التي كسرت ظهر العمال تحت عناوين شتى ومنها "التمويل الذاتي" و"الخصخصة" و " قطع الخصوم من الاجر" وعدم اصدارها قانون العمل لصالح العمال وفرض المنظمات الصفراء على العمال...الخ . أن اي دفاع عن هذا " الوطن" وباية حجة كان يصب في مصلحة هذه الحركات البرجوازية بصورة عامة بغض النظر عن التفاصيل، القوى المؤيدة لايران او القوى البرجوازية المناهضة لها" ليس مهما في بحثنا هذا". تصب في مصلحة الحكومة واحزابها المشاركة في السلطة والبرلمان بصورة عامة، لانها تديرامور البلد. اية مشاركة من قبل العمال ومنظماتهم في الاحتجاجات او المشاركة في الحرب إذا وقعت" قلنا بعيدة جدا" تعني جعل العمال وحركتهم الاعتراضية الطبقية ملحق لتحقيق مصالح البرجوازية، اي ضد مصالحهم الطبقية وضد تحسين مستواهم المعاشي وضد حقوقهم السياسية والمدنية وضد تطالعاتهم الانسانية والمستقبلية، وضد الاممية الطبقية.
ثانيا: تعميق الكراهية القومية في صفوف الطبقة العاملة: ان البرجوازية هي اممية ايضا وتتحرك وفق هذا المنهج ولكن وفق مصالحها. اي ان امميتها تتناقض مع اممية الطبقة العاملة وحركتها الاعتراضية. أنظروا الى حروب البرجوازية في العقدين الماضيين تروا ان كافة حروبها هي حروب اممية سواء كان من خلال مشاركة قوات متعددة الجنسيات مشاركة مباشرة او من خلال التضامن المالي والتقني واللوجستي سواء كان في يوغسلافيا السابقة او في العراق او في افغانستان. ان البرجوازية تعرف حق المعرفة ان بقائها على راس السلطة سواء كان على صعيد بلد واحد او على صعيد عالمي مرتبط إرتباطا مباشرا بمدى تعاونهم و تضامنهم في ما بينهم لان مصيرهم مشترك على رغم خلافاتهم وعلى رغم حروبهم لأننا نتحدث عن الطبقة ولا نتحدث عن التيارات والحركات المختلفة داخل هذه الطبقة. العمل السياسي المباشر التي تؤديه البرجوازية خلال هذه الحروب او هذه الحركات مثل الهجمة على الفكة، هو تعميق الكراهية القومية و تشديد الحس القومي والوطني لان هذه وظيفتها وعملها وسياستها الرئيسية في كل لحظة من لحظات حياتها وسلطتها. تشديد الصراع القومي والكراهية القومية بين القومية الفارسية والعربية القومية الإيرانية والعراقية... هذا جزء من البنيان السياسي لهذه الدول ولاتعيش بدونها، وجزء مهم من الفكر والدعاية والتحريض البرجوازي لتحميق الطبقة العاملة وشق موقفها السياسي والطبقي. نرى دائما هذه المحاولات السياسية كجزء مبرمج من السياسة البرجوازية الرئيسية لشق الصف الطبقي حيث نرى حالة لبنان مثلا او العراق حيث شق حزب البعث القومي صف الطبقة العاملة في العراق على اساس القومية وجعلها قضية وفكرا سائدا. لكن قبل ذلك وبالتحديد في الاربعينيات نرى العكس تماما نرى حالة من التماسك الطبقي الكبير مثلا في حركة كاورباغي العمالية في كركوك حيث كانت الروابط الطبقية والروح الطبقية في تلك الحركة هي السائدة حيث شارك فيها العمال بمختلف لغاتهم الكردية والعربية والتركمانية... ان موقف العمال يجب ان يكون موقفا طبقيا تضامنيا لدرء خطر التشقق والتشرذم في صفوف طبقتهم. ان موقف الطبقة العاملة و قدوتها ومنظماتها في العراق برأي يجب ان يكون تضامني وانساني مع إبن جلدتهم وطبقتهم في إيران اي مع العمال في إيران وحثهم على اتخاذ الخطوة نفسها قبالهم وقبال الهجمة الايرانية. من هنا يبرز جانب من الجوانب الاممية للسياسة والمصلحة المشتركة الطبقية العليا.
ثالثا: تحويل الصراع او الحرب لصالح الطبقة العاملة وبرنامجها السياسي: هناك هجمة على البئر الرابع من آبار الفكة النفطية من قبل القوات الايرانية، وهو جزء من سياساتها الواسعة لتوسيع نفوذها في المنطقة و فرض دورها كقوة اقليمية كما شرحنا بصورة مفصلة في حوارنا مع سايت الحزب" انظروا سايت الحزب الشيوعي العمالي العراقي http://www.wpiraq.net" والمنشور ايضا في العدد السابق 112 من جريدة الى الامام وجريدة الشيوعية العمالية العدد"287" .
والحال كهذا ان البرجوازية العراقية وهي على راس السلطة تحاول تعميق الكراهية القومية بين صفوف طبقتنا تحت هوية " الوطن العراقي والايراني" وتحاول جر الطبقة العاملة لهذا الصراع لصالحها ولتقوية صفها وتمرير سياستها، هكذا الحال دائما.
السياسة العمالية المستقلة هي تلك السياسة التي تصب في مصلحة العمال. هذا يعني تشديد الصراع السياسي من قبل الطبقة العاملة وحركتها الاعتراضية ومنظماتها ضد البرجوازية العراقية وحكوماتها وحسب توازن قواها. ان النضال العمالي في مرحلتنا هذه في العراق يتحرك في اطار الدفاع عن الذات وعن لقمة العيش، يجب تحويل هذا الصراع الى صراع هجومي اشد في سبيل تحسين المستوى المعاشي، في سبيل توفير الحريات السياسية وحرية التنظيم والاضراب. في سبيل تقوية الصف العمالي ومنظماته وتوحيد صف الطبقة وخصوصا القادة العماليين، هذا هو الجزء الادنى من تحويل هذا الصراع لصالح طبقتنا وضد مصلحة البرجوازية الحاكمة في العراق. هذا الصراع على بئر الفكة يجب تحويله من قبل قادة الطبقة العاملة ومنظماتهم الى صراع من اجل افشال والغاء سياسة التمويل الذاتي والخصخصة والحصول على الخصومات التي قطعت منهم... وبهذه الطريقة توحيد وتقوية صفوف الطبقة لحين تدخلها المباشر والمؤثر على مسار الاوضاع السياسية لصالحها وقلب موازين القوى وبناء جمهوريتها الاشتراكية...ولكن اذا ليس بامكان المنظمات العمالية ان تتحرك تحركا نضاليا عليها ان تفكر في مسائل ادنى من تلك التي شرحناها، مثلا تقوية الروابط النضالية بين القادة العماليين، قيادة الاضرابات في هذه المؤسسة الصناعية او تلك. أن يشرحوا للعمال فحوى هذه الهجمة على بئر الفكة وان يشرحوا لهم السياسة العمالية وموقفنا من هذا الصراع. لكن يجب ان يحسموا امرهم بعدم المشاركة في اية احتجاجات مناهضة ضد ايران التي تقودها القوى البرجوازية الاخرى مثل ما جرى في البصرة، في التظاهرة التي شارك فيها فرع البصرة للاتحاد العام للمجالس والنقابات العمالية. ارجو ان تكون هذه المشاركة من قبل فرع البصرة للاتحاد العام، وهي سياسة غير عمالية، مشاركة خاطئة ، وحلقة شاذة في مسارها النضالي. خصوصا ان مركز الاتحاد العام للمجالس والنقابات العمالية في العراق، لم يبن هذه السياسة، وهذا امر ايجابي لمركز الاتحاد، على رغم هذه الحركة في فرعها في البصرة.
#سامان_كريم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟