|
التناقض.. ذرائعية السرقات الادبية والفنية العربية- المعاصرة
أمين أحمد ثابت
الحوار المتمدن-العدد: 2893 - 2010 / 1 / 19 - 00:34
المحور:
الادب والفن
تضخمت الاحاديث الادبية والفنية والنقد ادبية وفنية خصوصا في العقد الاخير من القرن العشرين وحتى الان- وفي المستقبل القريب- حول ظاهرة التناقض أو (المناصصة) بين منتجات فنية أو ادبية فنية أو فكرية- في ذات المجال المتقارب أو المتباعد- والسؤال الذي يفرض هذا اللوك في الحديث عن مفادة التشابه الاغراقي بين السائد من المنتجات- الادبية والفنية والفكرية- التي تغطي الساحة الثقافية- الروحية- العربية. فحتى زمن قريب عندما كان الادب والفن والفكر يرفتعون على اسس من القيمة الاخلاقية- الابوية- باعتماد مسالة (المثل) الذي يقتدي به- كشعر محمود درويش وقبله البياتي والسياب- كانت كل التجارب الشعرية الباحثة لها عن مسالك تطورية في حركة العشر ان تقتني مؤلفات هؤلاء ان تتفاعل معها لدرجة انها تصبح جزءا من احاسيسهم وانطباعاتهم وعند احاديثهم الشفاهية الذهنية أو الوجدانية لا يجدون انفسهم الا معبرين عن تلك التأثرات المرجعية لمبدعي (المثل) الشعري ويجد هؤلاء الماسورون انفسهم- إلى المثل- بارتباط تجاربهم الفردية- الابداعية- التطويرية بعد وخروج فرادتهم التجريبية عن بؤر الاقتباس أو الاستعارة أو التأثرية غير المباشرة أو النقلية الانتخابية لعنصر كامل أو اكثر من النصوص- المرجعية (الابوية)- على الرغم من ذلك لم يكن هناك أي مؤشر لحديث عن شء اسمه التناص فالمتشابهات غير المباشرة بين نصوص ابداعية لمبدعين مشهود لهم بذلك لا تؤخذ في النظر ولكن يتم تلقي كل (اب) منهم بفرادته، حضرني مقابلة صحفية مع البياتي الذي بان ولادة القصيدة لديه بالضرورة ان تسبقها موجة من المؤثرات المشاهدية والاطلاعية- القراءاتية ولم يكن يؤخذ بالاعتبار موجات التقليد الشعري أو التأثر الشعري عند الادباء الشباب- سنا وخبرة ممارسية- كاقتداء بالنمطية الشعرية عند الاصول (من الشعراء) ورغم ذلك كان مذهب الاجازة بالتقليد أو التاثر مسألة غير معيبة- لا تناص ولا حديث من ذلك ولم يكن يطرح حول مسألة السرقة النصية الا في احدى حالتين- وهي منسوبة دائما للمنتج (بكسر التاء) اللاحق غر المشهور إذا ما كان لنص كامل اعيد نشره تحت اسم اخر- كما هو أو عدل فيه جزئيا أو إذا ما كانت النقلية واضحة الاستعارة دون تقويس أو اشارة للمصدر. اما اليوم مع سقوط معادلة الريادة (المضمون الابوي) بان اصبح أي منتج نصي متعمل معه بفرادته منسوبا إلى الذات الفردية التي خلقته.. اكان المنتج النصي بارعا ام لا رائعا ام هابطا مخلقا في فرادته ام مصعنا بنقلية مباشرة أو نقلية محاكية- تاثرية صادقا ام زائفا يتم التعامل مع كل المنتجات (الابتكارية المقلدة أو المبدعة) على السواء بموقف واحد- انها منتجات ابداعية- ويعود سبب ذلك إلى ثبات تخلف حركة النقد العريةي والى غيابها الساحة والى لا علمية العقلية العربية المتلقية والى التخلف الذوقي في تمييز الابداع عن سواه والى سيادة الروح الاستهلاكية الطفيلية النفعية الضيقة على الثقافة الروحية للمجتمعات العربية وتسييدها بفعل انظمتها التسلطية المختلفة- كان التعامل مع الابداع- ناقد وفنان ومتلقي وسلطة. ليست عبر ذات الابداع وجوهره (المميز له) ولكن عبر مشكلات الظروف والعوامل الاصطناعية الزائفة التي تقيم ذلك ابداعا دون غيره وذلك مبدعا دون سواه وبالتالي رخصت قيمة الابداع- بفعل افراغه من محتواه ومضامينه الخاصة ليكون ليس اكثر من بناء اسلوبي- وبفعل ضبابية رغبات التجديد والنزعات التحررية في التجريب وتخلف النقد عن هذه النزعات استسهل الابداع إلى حد الابتذال ومع ترويج سيادة الثقافة الروحية بصورة مسطحة ووقوفها ليس على قامة عمق الاطلاع والخبرات ومنهج الرؤية والخصوصية الفردية بل بوقوفها على الثقافة الخيرية السيارة وعلى عجالة سرقة الافكار والتجارب- دون تأصيل- غاب الابداع فعلا وان كان حاضرا لدى حالات فردية شديدة الندرة حتى صار في دولة عربة واحدة- أي كانت- مئات الاف المؤلفة من الافراد المنشور لهم فنونا وادابا وافكاراً- وقد يكونون بالملايين- وهو ما لم يحدث مطلقا في أي مجتمع من مجتمعات التاريخ البشري- القديم أو المعاصر- فالابداع والمبدع بمعناهما الخاص) يمثلان حالات استثناء على الدوام في التاريخ فهي الحالات غير المتكررة ابدا في ذات التفاصيل والخصوصيات الفردية القائمة فيها- فيمكن في أي مجتمع ان يوجد سياسيين بمئات الاف ويوجد نشطاء اجتماعيين بنفس النسبة أو تزيد قليا ويمكن ان يوجد علماء بالمئات والالف ويمكن ان يوجد المتخصصون بمئات الاف ويمكن ان نجد قادة اجتماعيون (محترمون) بالعشرات أو المئات وقد نجد اصحاب مقدرة للقيادة الاجتماعية بعشرات الالاف ولكننا من النادران نجد مبدعين (حقيقيين) يتجاوزون اصابع اليد في مجتمع واحد من المجتمعات. ان انحلال القيم الشاملة وانعكاسها على الفنون والادب وبقية مكونات الثقافة الروحية ادى إلى شيوع ذات القيم الهابطة في ممارسة ما يسمى الابداع الفني والادبي- الفني واسوأ درك وصلت فيها وضعية الاداب والفنون والفكر- راهنا- بانبناء حكمية التقييم السائدة على قبول ما هو منتجا تلفيقيا زالفا أو منتجاركيكا كاضافة في حركة الابداع. والمثقفون الصوريون العرب المعاصرة لا يفرقون في مفهومهم للحرية في التعبير بين ان يكون لاي فرد حريته في الممارسة الذهنية أو السلوكية- ان يكون من حث أي انسان ان يكتب ان يمارس أي فن كما يشاء وله ان يدوله كما يشاء وبين الابداع الذي وان كان يمثل قيمة فردية- ذاتية- في خصوصية انتاجه الا انه- أي الابداع- يتحدد جميعا (أي اجتماعيا) في خصائصه التمثيلية والتمثلية وهي وظيفته العامة. وهناك فرق بين الحالتين ففي الاولى الحرية ممنوحة دون شرط أو قيد لاي انسان، اما الثانية فهي مشروطة بعدم اجازة الاولى في الثانية فليست اية ممارسة. لدى ملايين الافراد يمكن لنا ان نمنحها سمة الابداع (بمعناه الخاص- لا العام) فالابداع وفق المعنى الخاص هو الذي يبقى في التاريخ ويظل معبرا عن روح الامة ويظل مرشدا لها في طريق التطور والاستنارة الاجتماعية. ففي حالة الاستلاب- الشكي- الطافح بعقل النخب العريبةالمعاصرة العامة في حقل الثقافة الروحية تداخلت لديها الحالتان سابقتا الذكر فكان ضياع الابداع واقعا وشيوع منتج استهسال ممارسة الابداع واشهاره لاناس غير مبدعين فكانت المتشابهات النصية اكثر من الفرادات الابداعية النصية بالاف المرات وكانت ذرائعية التناص والمناصصة كذبة مروجة خافية لحقيقة غروب الابداع وسيادة القيم الهابطة في الثقافة الروحية- العربية المعاصرة كذبة تخفي وراءها من مستوى ثان ستار الاتكاء السرقاتي- النصي- للاخرين وتخفي وراءها سيادة زمن رخيص من اعتماد الثقافة السطحية مولدة للابداع اللاابداعي وتخفي وراءها مؤشرات الافول للاخرين لآمال الامة صدمتها صحوة مؤقتة- ابهار العوالم المتقدمة- بفعل سقوط الاسوار الحدودية بين الشعوب والحضارات فقادتها تحبها إلى تعميق الاستلاب اللاندي وتعميق قيم الزيف المفرطة في اركان حياتها ليصبح كل شيء في حياتها لا يبنى على أي منطق كان. وسيكون لنا لقاء في اطروحة قادمة حول (التناص) ظاهر حقيقية تجد لها مكان في التاريخ والوقع، الثقافي الروحي وبين السرقات الاصطناعية للنص مع طرح تنصيصات مفرقة بين الحالتين والطرق الذهنية والاستقرائية لكشف السرقات.
#أمين_أحمد_ثابت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متضادة العولمة ..( تساؤل في الابداع.. فيما هو ذاتي )
-
(النص) بين فكي اصطراعية مفهومي الحداثة- واقعا
-
اليمن تحتاج لحزب سياسي جنوبي
-
الشيطان .. يعتمر قبعة
-
أووووورااااا ...
-
بغداد .. أغنيات مرتبكة
-
هروب ايجابي .. في بحث القيمة ( 1 )
-
هروب ايجابي .. في بحث القيمة ( 2 )
المزيد.....
-
لماذا تشعر إسرائيل بالتهديد من الفيلم الفائز بالأوسكار؟
-
“عامر تورط في كشتة عائـلية” روتانا خليجية شباب البومب 13 الح
...
-
لأول مرة.. حسين فهمي يتحدث عن طلاقه من ميرفت أمين وتعدد زيجا
...
-
بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغز
...
-
مسلسل -معاوية- يواجه أزمة في دولتين وانتقادات حادة في مصر..
...
-
“Ang Mutya ng Section E“ مسلسل جوهرة القسم اي الحلقة 10 مترج
...
-
مهرجان -فاس للموسيقى العالمية العريقة- يستضيف إيطاليا ويكرم
...
-
-الحجاج- لفيكتور فاسنيتسوف تعرض في مزاد علني في موسكو مقابل
...
-
-المداح-.. طلاسم سحرية تفتح باب الجدل في مصر
-
من القصر الملكي إلى -نتفليكس-.. ميغان ماركل تكشف عن فصل جديد
...
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|