جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2888 - 2010 / 1 / 14 - 20:01
المحور:
كتابات ساخرة
إن ما أبلغتني فيه موظفة في وزارة الثقافة الأردنية بأن الوزارة تعتذر عن دعمها لكتابي الجديد (المرأة والثقافة) , قد زاد من طبيعة محاولة فهمي للنظام الثقافي الأردني ما هو نظامه وما برنامجه ووجدت أنه لا توجد في الأردن معايير ومقاييس محددة للشروط الواجب أن تتواجد في الكاتب الأردني , فمن حيث طولي أعتقد أنه مناسب وهنالك كتاب تدعمهم وزارة الثقافة الأردنية أقصر مني بكثير وأظن أن طولي ما يقرب من 175سنتمتر جيد ومقبول , وهنالك من هم أطول مني بكثير وتدعمهم الوزارة , ومن حيث الوزن أعتقد بأن وزني طبيعي جداً وهنالك كتاب وزنهم أقل مني وهنالك كتاب وزنهم أكثر مني , إذاً الطول والوزن لم يكونا السبب في رفض وزارة الثقافة الأردنية لدعمها كتابي , وجلستُ بيني وبين نفسي أفكر في أسباب أخرى وبحثتُ عنها ساعات كثيرة وتوقعت مثلاً أنه من المحتمل أن يكون لون العينين مثلاً له علاقة بالموضوع ولكن بالنظر إلى صور الكتاب الذين دعمتهم الوزارة تبين لي أن هذا ليس سبباً مقنعاً ومن ثم فكرتُ في أن السبب قد يكون في الخلفية الثقافية.
إننا في الأردن لا نملكُ أن نعرف شيئاً عن كل شيء فالحكومات تنحل دون أن نعرف السبب وتأتي حكومات جديدة دون أن نعرف السبب وتنقطع المياه عن البيوت دون أن نعرف السبب وإذا ذهبنا للمستشفيات لا نجدُ أدوية دون أن نعرف السبب , فكل شيء في الأردن بدون سبب , فالأمطار تسقط بدون سبب والأسعار ترتفع بدون سبب وتهبط بدون سبب, وكل شيء في الأردن بدون سبب.
وطلبت التقرير الصادر عن لجنة التحكيم فاعتذرت وقالت : ليس من حقك أن تقرأ تقرير اللجنة , وهذا بصراحة نظام تعسفي فاسد ومزاجية واضحة في دعم المؤلف الأردني ولو كانت اللجنة تمتلكُ حججاً وبراهين قوية لأعطوني التقرير ولقرأت الأسباب التي أدت بوزارة الفساد الثقافي في أن تعتذر عن دعم كتابي , فمن الممكن أن لجنة التحقيق قد ادعت امتلاكي لأسلحة دمار شامل ومن هنا من حقي أن أعرف الأسباب .
وبصراحة أنا اليوم من الصبح وأنا جالس أفكر وأقول شو السبب الذي جعل وزارة الثقافة الأردنية تعتذرُ فيه عن دعم كتبي (المرأة والثقافة)؟ ومنذ ساعات الصباح الأولى وأنا أتكهن وأتوقع وبعد أن تعبتُ من التفكير قلتُ في نفسي طيب خليني أروح وأسألهم , وكانت النتيجة دون بيان الأسباب , يعني هذا الموضوع مثله مثل ارتفاع الأسعار ونزولها لا أحد يعرف السبب , فقوانين العرض والطلب لا يمكن أن تكون سبباً في ارتفاع الأسعار أو في رفض وزارة الثقافة الأردنية لكتابي .
إننا في الأردن نعيشُ هذه الحالة السيئة من الفوضى والضبابية وعدم النزاهة في إصدار الأحكام منذ بدأنا ندخل العصر الديموقراطي فأيام الأحكام العرفية كان النظام الثقافي الأردني أفضل منه بعد الديموقراطية وحتى في فترة تعطيل الحياة النيابية كانت الحياة أفضل بالنسبة للمواطن الأردني .
إن المزاجية واضحة في إصدار الأحكام على كتابي واللجنة لا تستطيع أن تبدي الأسباب التي أدت إلى رفضها دعم كتابي (المرأة والثقافة) ولو كانت تمتلك الأسباب لذكرتها ولو كانت أسبابها علمية لقالتها , وأخبرتني الموظفة بأن تعليمات وزارة الثقافة هي عدم إبلاغ الكاتب في أسباب رفض كتابه وهذا واضح جداً إن المزاجية والمحسوبية والفساد هما من يقف خلف رفض دعم كتابي وكذلك رفض غيري من الكتاب , ولا أعتقد بأن هنالك نظاماً ثقافياً تعسفياً بهذه العنجهية في العالم اليوم , فكل دول العالم اليوم تبدي أسباب رفضها لأي شيء , فلماذا يرفضون دعم كتابي ؟
هل لأسباب أمنية لا تعلمها إلا القيادة العامة؟ فمن الممكن أن أزيد من ثقة الأمن الأردني في شخصي فأنا رجل بحبوح ومحبوب من قبل الأمن الأردني .
هل لأسباب صحية تضر بالقارئ الأردني والعربي ؟وأنا على استعداد لتغيير بعض الكلمات التي يتشائم منها النظام الثقافي الأردني ومستعد لأن أقول : يجب أن نحافظ على الموروث الديني الكبير والذي يحتوي على قصص فيها حفظ لكرامة المرأة من دنس الحرية والديموقراطية.
هل لأسباب جغرافية؟وإذا كانت الأسباب جغرافية فأنا على استعداد لتعديل وضعي الجغرافي.
هل لأسباب علمية تتعلق بالطرح وبالنهج وبالأسلوب ؟وأنا على استعداد لتغيير نهجي وتحويل كتابي إلى خطبة (جمعه) عصماء أقفُ فيها وأصرخ وأقول : (لعنة الله على النظام الأوروبي , إن الإسلام قد حفظ كرامة المرأة العربية .) علماً أنني كنت في الكتاب معتدلٌ جداً.
هل مثلاً يرفضون بعض الكلمات الواردة في الكتاب ؟وأنا على استعداد لتغييرها لأقول)المرأة نصف المجتمع والرجل مكمل للمرأة والمرأة مكملة للرجل والإسلام حفظ كرامة المرأة وجعلها في بيتها ملكة ).
إن أي سبب من تلك الأسباب والتي عادة ما تكون منطقية بحيث يطلب من الكاتب تعديلها , لا يمكن أن تكون سبباً مقنعاً لرفض كتابي .
هنا المزاجية واضحة وعدم اتخاذ منهج علمي واضح في تقييم النصوص واضح جدا ولو كانت وزارة الثقافة الأردنية تمتلك معايير ومقاييس علمية لرفض دعمها كتابي لذكرتها دون أن تخجل مني , ولماذا يخجلون ولا يذكرون أسباب رفضهم ؟
إن الأسباب التي قامت من أجلها الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي هي من حيث الخطورة أقل بكثير مما يعيش تحت وطئته المواطن الأردني التعبان هذا اليوم , فلو قامت الثورة العربية الكبرى اليوم لقمت أنا بإطلاق النار والرصاص والطخ على وزارة الثقافة الأردنية ليس بسبب رفضهم لدعم كتابي بل بسبب عدم بيان الأسباب .
فاليوم المواطن الأردني يعيش تحت وطئت الظلم والجهل والطغيان وهذه الأمور لم يصنعها نظام حاكم بل نظام ثقافي فاسد قادة مجموعة أشخاص مزاجيين تتحكم المزاجية في تصرفاتهم وليس المنطق العلمي إن هذا النظام الثقافي الفاسد لا يتخذ معايير في طبيعة رسمه للنظام الأردني الثقافي أو السياسي أو الطبي , فلا توجد في الأردن مقاييس محددة لبناء الشخصية الوطنية أو الثقافية أو اللوجستيه أو الدراماتيكية , فإذا أجرينا في الأردن استطلاعاً ورصدنا فيه الشروط الواجب تواجدها في الشخصية الوطنية نجدها تختلف من شخص إلى آخر فمن هو المواطن الأردني الوطني ؟ لا أحد يعرف .
وإذا أجرينا متابعة لرصد الشروط الواجب أن تتواجد في المواطن الأردني المثقف نجدُ أنه لا توجد معايير محددة للمواطن الأردني المثقف , فمن هو المواطن الأردني المثقف؟ إنه لا أحد يعرف , إننا في الأردن نعيش هذا اليوم عصر فوازير (حزر فزر) من هو المواطن الأردني المثقف؟ .
وتستطيع أن تضع عدة احتمالات لكي تصل إلى المواطن الأردني المثقف , فأحياناً يكون إمام المسجد , وأحياناً تجده المفتي العام وأحياناً تجده الموظف الرسمي في وزارة الفساد الثقافي , وأحياناً يكون شخص آخر لا هو مفتي ولا هو إمام ولا هو طبيب أسنان ولا هو (فراش-مراسل) في إحدى الوزارات أو الدوائر الحكومية.
ومن هو المواطن الأردني العادي؟.
أحياناً يجب أن يكون من الشام وأحياناً يجب أن يكون من الشمال وأحياناً يجب أن يكون من الجنوب ويجب أن يتحدث بلسانٍ بدويٍ فصيح لا عوج فيه , إننا في الأردن لا نعرفُ ساسنا من راسنا وعبارة عن طاسه وضايع غطاها .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟