|
الشهيد الرفيق المعلم
اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني
الحوار المتمدن-العدد: 875 - 2004 / 6 / 25 - 04:28
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
ولد عمر محمود محمد القاسم في الثالث عشر من تشرين الثاني ـ (نوفمبر) سنة 1941 في حارة السعدية بمدينة القدس القديمة. وتمتد اصول اسرة القاسم الى بلدة الطيرة القريبة من حيفا التي اقامت فيها حتى سنة 1911. وبعدها انتقلت الى قرية حيلة قضاء قلقيلية. واستقرت اسرة القاسم في مدينة القدس منذ العام 1925. كان والده من نشطاء المناضلين ضد الانتداب البريطاني والمشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين. فقد انضم الى ثورة الشيخ عز الدين القسام، و التحق بفصائل الجهاد المقدس التي كان يقودها المناضل عبد القادر الحسيني. وفي تلك الحقبة الحرجة التي اخذ فيها الصراع من اجل استقلال الشعب الفلسطيني يشتد ويأخذ منحى خطيرا رأت عينا عمر النور. ولكن ما ان بلغ عمر السابعة من عمره حتى حلت النكبة بالشعب الفلسطيني.، وبدأت طفولته تتفتح على نتائجها المريرة المتمثلة بالاقتلاع من الوطن والتشرد والالحاق وطمس شخصية الشعب الفلسطيني الوطنية.
بدأعمر دراسته الابتدائية في المدرسة العمرية القريبة من المسجد الاقصى واعتاد ان يلعب و يدرس مع حشد من اطفال المدرسة في حارة السعدية وباحات الاقصى، تحت الاشجار الكثيفة وبين الصخور. لقد مارسوا هواياتهم المفضلة بنقش الاسماء على الاشجار التي تضرب جذورها في عمق الارض وتنتشر بعيدا في مساحة المدينة، وتنتصب غصونها عاليا لتطل على الجزء الغربي من المدينة غير عابئة بالحدود و الاسلاك الشائكة التي تفصل شطريها. لقد حفروا كلمة فلسطين على الصخور الصلدة التي ترمز للقوة و تبعث على التحدي.
أحب عمر الطفل كل الازقة و الحارات القديمة التي كان يلعب فيها مع اصدقائه الصغار، الذين كانوا يتجمعون حول الكبار ليسمعوا تاريخ المدينة المقدسة الحافل بالوقائع و البطولات، فيزدادوا عشقا لها، وليسمعوا اهوال النكبة ومهزلة الجيوش! وبطولات الذين قاتلوا حتى الموت فيتحفزوا للغد الآتي.
وبعد انتقال اسرة عمر للسكن في حي الشيخ جراح، كان عمر يترجل الطريق الطويلة الى المدرسة العمرية في القدس القديمة، وعلى امتداد الطريق يعيش جدلا مثيرا وهو يرى الجدار الفاصل و الاسلاك الشائكة التي تفصل شطري المدينة بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
لقد اتسعت المساحة التي يتحرك عليها عمر، واتسعت معها ابعاد مأساة الشعب في مداركه ووجدانه. اصبح يصطدم كل يوم اربعاء بقافلة اسرائيلية تمر عبر الشوارع القريبة من بيته لتذهب الى "هداسا"، ذلك الجيب الاسرائيلي الذي لا يربطه بالقدس الغربية الا قافلة الاربعاء. وكان يحرص على مشاهدة القافلة و الاقتراب منها ومعه حشد من الاطفال والفتيان.
هذا المشهد الدرامي الذي ينطوي على مفارقة غريبة عنوانها، ان اسرائيل ضمت كل الاراضي الفلسطينية التابعة للدولة العربية وفقا لقرار التقسيم الصادر عن الامم المتحدة، وانتهكت كل اتفاقات الهدنة الخاصة بالحدود كان يستثيرهم خاصة حين كان يتم الانضباط الكامل لهذه الاتفاقات من الجانب الاردني فيما يتعلق بهذا الجيب الصغير والمعزول.
واعتاد عمر ان يذهب مع اصدقائه الى بوابة مندلبوم، نقطة العبور بين شطري المدينة، ليشاهدوا اللقاءات المثيرة يوم الاعياد بين العائلات الفلسطينية التي توزعت اماكن اقامتها بين المنطقتين. وكانت تلك اللقاءات الحزينة تثير في عمر واصدقائه الاحساس العميق بالمحنة التي يعيشها الشعب الفلسطيني،
وتحفزهم للنضال.
واذا كان واقع المدينة المقدسة وتراثها العريق في النضال و تراث الثورات السابقة قد اسهم في صقل وطنية جيل عمر فان التحولات الكبرى التي حدثت في الوضع العربي، كثورة 23 يوليو الناصرية وثورة الجزائر الوطنية، ساهمت بدورها في شحذ همم الشعب الفلسطيني للخروج من اوحال النكبة ومتابعة النضال الوطني. وبدأ الشعب الفلسطيني يتفاعل مع بطولات الشعب الجزائري والشعارات الوطنية الناصرية، عبر النضال العفوي والتحركات الجماهيرية. وأخذت قطاعات جماهيرية تنضم الى الاحزاب الوطنية و التقدمية كحركة القوميين العرب وحزب البعث والحزب الشيوعي.
ضمن هذا الاطار السياسي انخرط الفتى عمر في النضال الوطني، وعن بواكير مبادراته الذاتية في النضال يقول احد زملائه: "اكتشفت في عمر حماسا واستعدادا للتضحية في وقت مبكر، وقد انجذبنا لفكرة مقاومة الاسرائيليين، وبدأنا بقذف الحجارة على المواقع الاسرائيلية عبر الاسلاك الشائكة. كنا فتيانا صغار في عمر 12-13 سنة وبحكم وجودنا على خط النار كنا نشاهد القافلة الاسرائيلية وهي تتجه الى "هداسا"، ونتيجة للشعور بالقهر الذي تولد لدينا من جراء وجود موقع "هداسا" الاسرائيلي في قلب المنطقة العربية فكرنا مطولا، عمر وانا، بالتصدي للقافلة الاسرائيلية. وقد نجحنا بالقاء عبوة صوتية صنعناها من الفلين والاسلاك على القافلة مما ادى الى اصطدام العربات ووقوع حمولة شاحنة من الفواكه والخضروات على الارض، حيث قام الاولاد بجمعها، وتمكننا من الفرار، وبعد هذا النجاح تكررت محاولاتنا لنصب كمين للقافلة عدة مرات".
اصبح الاهتمام بالقضية شغل عمر الشاغل، ولم تقتصر مبادراته التلقائية على مجال نضالي واحد بل كانت تظهر في مجالات اخرى. يقول أحد اخوته (ابو امجد): "في وقت مبكر احتك عمر بالسائحين الاجانب الذين كانت تعج بهم مدينة القس بدافع الحديث عن القضية الفلسطينية، ودفعه اهتمامه بالسائحين الى تعلم اللغة الانكليزية مبكرا. وغالبا ما كان يعود للبيت مصطحبا معه بعض السائحين المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني وكان يطلب من امه توفير شروط الضيافة".
كانت الرياضة تمد عمر بالقوة والقدرة على المواجهة والانطلاق، فاحبها وهو في سن الطفولة، وتعلم السباحة والملاكمة ورفع الاثقال.
عمر القاسم طالبا
انتقل عمر الى المدرسة الرشيدية الثانوية التي كانت معقلا وطنيا ومركزا تنطلق منه المظاهرات الطلابية التي تتحول فيما بعد الى مظاهرات شعبية. وقد اشتهرت هذه المدرسة بتخريج مئات المناضلين الذين اصبحوا من كوادر الحركة الوطنية الفلسطينية. ومع دخوله الرشيدية انتقل عمر من الطور التلقائي في النضال الى الطور المنظم والأرقى. فقد شهدت اواسط الخمسينات نشاطا جماهيريا ملموسا للاحزاب الوطنية القومية والتقدمية في سياق النهوض الوطني العام في الضفة الغربية والاردن بشكل عام. وبدأ شبابه يتفتح في معمعان النضال الوطني ضد مشروع توطين اللاجئين الذي طرحته الولايات المتحدة، وضد حلف بغداد وعدوان 1956. يقول الدكتور سمير غوشة، الامين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، في مقابلة معه: "فوجئنا بعمر الطالب الهادىء المتزن، البعيد عن كل المظاهر الاستعراضية يتواجد في مقدمة المظاهرات الشعبية التي اندلعت ضد حلف بغداد في مدينة القدس والتي استشهدت فيها المناضلة رجاء ابو عماشة على أيدي رجال الامن الاردنيين، وعندها ادركت ان هدوء واتزان عمر ينطوي على طاقة نضالية عالية . وأثناء العدوان الثلاثي على مصر حدث غليان شعبي في مدينة القدس وسائر مدن الضفة الغربية والاردن. وقد طرحت القوى الوطنية مهمة تدريب الجماهير على السلاح والاسعاف استعدادا لصد أي عدوان اسرائيلي، ومن أجل المشاركة في المعركة الى جانب مصر، ونجحت بفرض هذا المطلب على الحكومة الاردنية. وكان عمر من النشطاء الذين استجابوا لهذه المهمة فبقي منكبا على تدريب الشباب على السلاح والدفاع المدني في مراكز التدريب وذلك بعد ان أتقن هو التدرب عليها، وتابع التحريض على حمل السلاح والتدريب عليه الى اخر لحظة.
ونظرا للدور المميز للشاب عمر في كل المظاهرات التي شهدتها مدينة القدس، وخاصة المظاهرات الشعبية الكبرى التي خرجت ضد "تمبلر"، بدأ يتعرض لمضايقة أجهزة الامن الاردنية. فقد استدعي والد عمر وغيره من أولياء نشطاء الطلبة و انذرتهم السلطات الاردنية بابعاد ابنائهم خارج المدينة وعدم السماح لهم بالدراسة فيها.
انهى عمر دراسته الثانوية عام 1958، وعمل مدرسا في مدارس القدس، وانتسب في الوقت نفسه لجامعة دمشق كلية الاداب- ادب انكليزي وتخرج منها بشهادة بكالوريوس. عمر القاسم معلما ومقاوما
ومع بداية دراسته الجامعية انتسب لحركة القوميين العرب – وقد انعكس انتقاله الى النضال المنظم على مهنته في التدريس . فكانت من عادة المعلم عمر ان يبدأ حصته بالحديث عن القضايا الوطنية الملحة، وينتقل منها الى تعليم المواد المدرسية، بمعنىاخر تعود على الجمع الخلاق بين تعليم التلاميذ الصغار حب فلسطين والنضال من اجلها، ونهل المعرفة. وبقدر ما كان جادا في نقل الوعي الوطني الى طلابه كان جادا في تدريس مواده، ولهذا كانت استجابة التلاميذ لمعلمهم عمر عالية جدا. ولهذا تعرض لاجراءات النقل المستمرة عقابا على نشاطاته هذه.
ومن بين المدارس التي نقل اليها المعلم المتمرد عل سياسة التعليم السلطوية مدرسة بيت صفافا- البلدة المقسمة ما بين اسرائيل والضفة الغربية. وقد استفز عمر هذا التقسيم القسري للبلدة ومواطنيها بين سيادتين، فوسع مجال تحريضه السياسي الوطني ليمتد من الطلبة الى الاهالي، وكانوا جميعا يستجيبون لدعوات معلمهم سواء عبر القيام بتحركات جماهيرية احتجاجية تنتهي برفع المطالب، او عبر الانتماء الحزبي لحركة القوميين العرب. ونقل عمر بعدها الى مدرسة جنين الثانوية "كعقوبة"، غير انه وجد في المدرسة الثانوية مجالا حيويا. فالطلبة الثانويون طاقة وطنية لا محدودة قادرة على الاستجابة والتحرك بسرعة. وبقي في هذه المدرسة الى حين اعتقاله في العام 1966 في اطار حملة القمع الواسعة التي تعرضت لها الاحزاب الوطنية.
لقد اتسمت علاقة عمر مع طلابه بالحميمية، ليس لدوره الوطني ولجديته بالتدريس، حيث كان يبذل جهودا مضنية لاغناء معارفهم وحسب، بل ولاهتمامه بشؤونهم الانسانية والخاصة. فكان ينظم الرحلات لطلابه لتعميق الروابط فيما بينهم ولتعريفهم بوطنهم واهميته من الناحية التاريخية.
والى جانب دوره في المدارس، عمل مدرسا متطوعا في جمعية المقاصد ضمن دورات محو الامية، حيث توافد العمال وبائعوا الخضار والحلوى والكعك. وتمكن من محو امية العشرات من هؤلاء، وكعادته ربط التعليم بالتحريض السياسي، فتعززت علاقته الاجتماعية بهم، وكانوا يزورونه ويستمعون اليه وكان من جانبه يجد سعادته في هذه العلاقة- من مقابلة مع اخيه "ابو امجد".
عشية حرب حزيران 1967 كانت القوى الوطنية بمختلف احزابها مثخنة بالجراح بفعل حملات القمع الشرسة التي تعرضت لها على ايدي النظام الاردني، ووجدت نفسها على ابواب الحرب دون استعداد لها. فبادرت الى تنظيم "المقاومة الشعبية" مستفيدة من الحماس الشعبي الكبي رللقتال في مدن وقرى الضفة الغربية وبشكل خاص في مدينة القدس. وكان عمر من النشطاء الداعيين لهذه المهمة والمنفذين لها، خاصة انه اشتهر بروحه الجبهوية بين هذه القوى، وتشهد على ذلك التحركات الوطنية المشتركة التي جاءت في مواجهة تخاذل النظام الاردني ضد العدوان الاسرائيلي على قرية السموع. فقد حاول عمر، من خلال علاقته الجيدة مع الحزب الشيوعي الاردني، ان يجعل القوى الوطنية تتخذ موقفا وتحركا مشتركين، وحينها احسست بانه يتمتع بروح وحدوية جبهوية. وكان باطروحاته يقترب من "فكرة جبهة وطنية"، وهذا التفكير كان شبه غالب في اوساط الحركة الوطنية" - من مقابلة مع نبيل قبلاني ، احد اصدقائه.
عندما بدأ العدوان الاسرائيلي على مصر وسوريا، اخذت مهمة تسليح وتشكيل مجموعات المقاومة الشعبية طابعا اكثر جدية تحول بيت عمر الذي شارك في تولي مسؤولية مجموعات المقاومة في منطقة الشيخ جراح، الى مركز للتدريب على قطع السلاح القديمة والمحدودة وعلى الاسعاف المدني. كان عمر دائما يكرر هذه العبارة: " لن يحتل الاسرائيليون القدس دون مقاومة". وعندما بدأ القصف المدفعي الاسرائيلي على المدينة توجه عمر الى جبل الزيتون، حيث شارك في القتال واشرف على نقل من استشهد او اصيب. كان يقول لنا ونحن ننقل الشهداء: " لا تدفنوا الشهداء دون ان تكرموهم ولا تنسوا ان تضعوا شارات على قبورهم من اجل ان نبني لهم النصب اللائقة بالشهداء".
واثناء تقدم القوات الاسرائيلية استشهد اثنان من مجموعات المقاومة الشعبية في حي الشيخ جراح، وكانت المقاومة للاحتلال محدودة نظرا لواقع الشعب الاعزل في مواجهة الجيش الاسرائيلي، والبنادق القديمة في مواجهة احدث الدبابات و الاسلحة المتطورة. ونظرا لانسحاب الجيش الاردني دون قتال يذكر ما عدا بعض الجنود والضباط الذين قاتلوا ببسالة حتى استشهدوا.
وبسقوط الضفة الغربية وما تبقى من الاراضي الفلسطينية تحت الاحتلال الاسرائيلي، بدأت مرحلة جديدة من النضال الفلسطيني، مرحلة تأسست على انقاض الاوهام التي نمت في المرحلة السابقة وكان عنوانها ان جيوش الانظمة العربية ستحرر فلسطين وتعيد للشعب الفلسطيني حقوقه. وبدأ الشعب الفلسطيني بقيادة قواه الوطنية يستعيد دوره الوطني المستقل عبر مقاومة الاحتلال المسلحة وبدأت تتشكل فصائل المقاومة الفلسطينية. كان عمر من اوائل المبادرين للتنظيم ولتشكيل مجموعات الفدائيين الاولى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الضفة الغربية، مستفيدا من رصيده الجماهيري في قطاعي المعلمين والطلبة الذين ناضل عبرهما في المرحلة السابقة.
بدأ بتشكيل التنظيم والمجموعات الاولى في مدينة القدس، وبعده انتقل الى جنين وقلقيلية ونابلس لتنظيم مجموعات فدائية جديدة. ولم تقتصر مبادرة عمر على العمل المسلح، فقد اتجه ايضا لبناء التنظيم السياسي وممارسة الدعاية والتحريض السياسي ضد الاحتلال عبر النشرات المطبوعة والموجهة لقطاعات واسعة من الجماهير. وساهم ايضا في تشكيل اتحاد المعلمين لمقاومة سياسة الاحتلال التعليمية، ومحاولاتها الشروع في تغيير المناهج الدراسية.
اخذ دور عمر النضالي يتسع بعد الاسابيع والاشهر الاولى من الاجتياح الاسرائيلي للضفة الغربية وخاصة انه بدأ يربط الشكل الرئيس للنضال "العمل الفدائي" بالنضالات الجماهيرية والسياسية الاخرى ضد سياسة الاحتلال: الاستيلاء على الاراضي، والاستيطان وتغيير المناهج. وبدأ نشاط فصائل المقاومة يتسع ويتطور وينجح بالحاق الخسائر البشرية والمادية في صفوف قوات الاحتلال الاسرائيلي، الامر الذي دفع سلطات الاحتلال البدء بشن حملات القمع والارهاب. وكان عمر من اول المستهدفين، غير انه نجح في الافلات من حملة الاعتقالات. وبقي يتابع مهامه رغم كونه ملاحقا. واثناء ذلك تعرض منزله لمداهمة قوات الاحتلال مرارا ولما فشلت في القبض عليه، اعتقلت شقيقه كرهينة الى ان يتم تسليم عمر لنفسه
عمر القاسم فدائيا واسيرا
وازاء هذا الوضع الامني لجأ عمر الى الاردن. وفور وصوله التحق بقواعد الفدائيين في اغوار الاردن. ثم بدورة للفدائيين في مصر حيث خضع لتدريب رفيع المستوى وتخرج بالمرتبة الاولى. كما تلقى تدريبا عسكريا اخر في سوريا. وبعد فترة وجيزة اصبح عمر عضوا في القيادة العسكرية العامة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1968. ثم شارك في معركة الكرامة البطولية التي شكلت مفصلا هاما في تطور المقاومة الفلسطينية. وشارك في الاعداد للعمليات الفدائية عبر نهر الاردن، وانتخب الرفيق عمر عضوا للجنة المركزية للجبهة الشعبية في مؤتمر آب- اغسطس 1968 وكان يحظى بثقة عالية داخل التنظيم. وكان من شأن انفتاحه المبكر على الفكر التقدمي وكفاحه المتفاني ان يجعله من قيادة الاتجاه الماركسي- اللينيني في الجبهة الشعبية، ومن القادة المؤسسين للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
ورغم الدور القيادي الهام العسكري والتنظيمي الذي بدأ يلعبه الرفيق عمر في الخارج الا انه بقي مشدودا ومتحمسا لمركز النضال الفلسطيني في المناطق المحتلة. وكان من دعاة التوجه الثوري، الذي شرع باقامة قواعد فدائية في قلب المناطق المحتلة وفي الريف الفلسطيني بشكل خاص، لممارسة الكفاح المسلح الذي احتضنه الشعب في المناطق المحتلة. وانخرطت فيه اعداد متزايدة من شباب الداخل. كان مؤمنا بهذا التوجه الثوري استنادا للصلة العميقة التي تربطه بالجماهير، ولادراكه للطاقات اللامحدودة التي يمتلكها الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال. كان عمر يقول لمحاوريه وهو في قواعد الفدائيين في غور الاردن: " لا بديل عن تعزيز المناطق المحتلة بالقيادات والكوادر الثورية المجربة، لتطويرالعمليات الفدائية والمقاومة المسلحة ضد الاحتلال من جهة، ولبناء التنظيم السياسي ولدعم صمود الجماهير وتطوير نضالها ضد سياسة الاحتلال الرامية الى تفريغ المناطق المحتلة من الشبان لتسهيل السيطرة على الاراضي والمضي بعمليات الاستيطان الاسرائيلي". فقد اقترن القول بالفعل في ممارسات عمر انسجاما مع التوجه الثوري الجديد الذي ساهم في وضعه. وفي ليلة 28 تشرسن اول- (اكتوبر)سنة 1968 اجتاز عمر نهر الاردن وهو على رأس مجموعة فدائية تضم عددا من الكوادر، كان هدفهم التمركز في جبال رام الله، للشروع في ترجمة التوجه الجديد. ورغم اجتياز الدورية كافة الممرات الخطرة الا انها اصطدمت قبل ان تصل الى هدفها بقليل بكمين اسرائيلي قرب قرية كفر مالك. فقاتلت الدورية بقيادة عمر ضمن شروط غير متكافئة حتى نفذت ذخيرتها حيث تمكنت القوات الاسرائيلية من اسر اعضائها. وفي ذلك اليوم اعلن ناطق باسم الجيش الاسرائيلي ان القوات الاسرائيلية اشتبكت بالسلاح مع مجموعة فدائية وتمكنت من اسر قائدها البالغ من العمر 27 عاما وهو شاب مثقف من سكان القدس.
عمر القاسم معلما وثوريا في سجون الاحتلال
دخل الرفيق عمر السجن وهو مسلح بالوعي النظري، سيما انه من قادة الاتجاه الماركسي- اللينيني، ومقتنع بضرورة النضال المشترك ضمن صيغ جبهوية. لقد حمل معه تجربته النضالية التي اكتسبها قبل حرب حزيران 1967، وخبرته في العمل الفدائي في الاردن، الى السجن متّوجة باندفاعه وحماسه الثوريين المستمدين من الاندفاع الوطني الفلسطيني الذي تلا معركة الكرامة البطولية التي سجلت اول انتصار على الجيش الاسرائيلي.
ومنذ اللحظة الاولى لاعتقاله بدأ يترجم حماسه ووعيه الى وقائع. فقد اشتبك مع الجنود الاسرائيلين الى ان نفذت ذخيرته ولم يتوقف عند ذلك، بل باشر المعركة السياسية فورا، وذلك عندما طالب بمعاملة المجموعة الفدائية معاملة اسرى الحرب والالتزام باتفاقية جنيف. وفي المحكمة حول اتهامه القيام "بعمل تخريبي" الى قضية شعب يعاني من الاحتلال العسكري لوطنه ويملك الحق المشروع في مقاومته بكافة الاساليب. لقد قدم الرفيق عمر نمطا ثوريا جديدا في التعامل مع سلطات الاحتلال الاسرائيلي وذلك عندما حول محاكمته الى محكمة للاحتلال الاسرائيلي. ورغم ان نتيجة المحاكمة كانت اصدار الحكم بالسجن المؤبد على عمر القاسم، الا ان هذا النمط من المجابهة السياسية مع الاحتلال اصبح تقليدا سياسيا للمناضلين الفلسطينين. في تلك الفترة كانت المعتقلات الاسرائيلية تعج بالفدائيين صغارالسن ممن التحقوا بفصائل المقاومة في سياق الاندفاع والحماس الوطني العام. وبالتالي كانوا لا يملكون خبرة التعامل داخل السجون ولا الوعي بابعاد النضال الفلسطيني. وكان الرفيق عمر وقلة من المناضليين يتمتعون بالوعي والخبرة حيث انيطت بهم مهمة نضالية كبرى.
انطلق عمر في مسيرته الطويلة من مقولة كان يرددها دائما على مسمع من زملائه: "في السجن لا ينتهي دور المناضل بل يبدأ، وهو نضال مكمل ومترابط مع النضال خارجه، يجب ان نصمد في هذه الجبهة (المعتقلات) وسوف نصمد رغم الاختلال الفادح في ميزان القوى".
ومع الاعلان عن تأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 22 شباط/1969 باشر الرفيق عمر بتشكيل منظمة الجبهة الديمقراطية في السجون والمعتقلات الاسرائيلية وبقي قائدها ومعلمها حتى استشهاده. وبدأ النضال الشاق والطويل في السجون انطلاقا من الاشياء الصغيرة وصولا للمطالب الكبرى. ونظرا لحصر الرياضة الجماعية في ساحة المعتقل، بدأ عمر يلعب منفردا فاعترضت عليه ادارة السجن ووضعته في الزنزانة الانفرادية لمدة اسبوعين. وبعد عودته استأنف الالعاب الرياضية في الساحة فطلبه مدير السجن واعلمه انه سيسمح له باللعب منفردا، غير ان عمر رفض هذا العرض قائلا: القضية ليست السماح لفرد، بل السماح للجميع. وبعد انضمام سجناء اخرون للعب اضطرت الادارة الى السماح للجميع ممارسة الرياضة في ساحة السجن.
عمر القاسم وموقفه العظيم في معلوت
وعندما نفذت مجموعة من القوات المسلحة الثورية التابعة للجبهة الديمقراطية عملية "معالوت" البطولية في الجليل، استدعت ادارة السجن الرفيق عمر وعصبوا عيونه ووضعوه على متن طائرة مروحية، واتجهوا به الى معالوت، ثم وضعوه على متن مجنزرة وطلبوا منه دعوة الفدائيين لتسليم انفسهم "ضمن خديعة اسرائيلية". وقد رفض الرفيق عمر القيام بهذه المهمة "الخدعة" وعندما أصروا عليه مستخدمين شتى الضغوط، أمسك الرفيق عمر الميكرفون وقال بأعلى صوته: "أيها الرفاق نفذوا أوامر قيادتكم بحذافيرها ولا تستجيبوا لمطالب أحد". فما كان من الجنود الا أن خطفوا الميكرفون وانهالوا عليه ضربا داخل المجنزرة ثم أعادوه الى زنزانة انفرادية عقابا له على هذا العمل الشجاع.
وتجسدت صلابة عمر أيضا أثناء مقابلة نافون له في السجن العام 1987. حينما طلب نافون من عمر، التعهد بعدم القيام بأي نشاط سياسي مقابل الافراج عنه والسماح له بالاقامة في القدس. وجاء رد عمر حازما حين قال:"أمضيت عشرين عاما في الاعتقال، ولا يهمني مصيري الشخصي. ما يهمني هو قضية شعبي، وطالما بقي كابوس الاحتلال على صدر الشعب سأبقى أناضل وسوف يأتي اليوم الذي أتحرر فيه". من مقابلة مع الرفيق أبو الترك.
واذا كانت الصلابة الوطنية هي الصفة الغالبة في مسيرة عمر النضالية فهناك العديد من المواصفات الاخرى التي أضفت على دوره الثوري طابعا شموليا، ومن أهمها دوره السياسي الفكري داخل المعتقل. وقد جاء هذا الدور على قاعدة رؤيته الجبهوية التوحيدية والديمقراطية لسائر القوى، فكان من المبادرين للوحدة الوطنية وفي وقت مبكر داخل السجون، وناضل من أجل تكريس هذا دور ومشاركة كل القوى الوطنية بصرف النظر عن حجمها أو انتمائاتها الفكرية. وقد شكل هذا الموقف مدخلا لدوره السياسي الفكري والثقافي في اطار الحركة الاسيرة برمتها.
يتفق الجميع على أن الرفيق عمر من أوائل الذين أدخلوا الفكر التقدمي الى المعتقلين. ومن الممكن أن نلتقي الان بالكثير من المحررين في الخارج والداخل الذين سيقولون بأنهم تتلمذوا على يد الرفيق عمر في المجال النظري والفكري.
كان في البداية يلخص ما علق بذاكرته، ويعيد نسخه من أجل تعميمه والنقاش حوله، بعد ذلك لجأ الى ترجمة الكتب من المكتبة واعادة نسخها، أو تلخيصها من أجل تعميمها على المعتقلين. واعتمد أيضا على مراسلاته مع قيادة الجبهة الديمقراطية في المناطق المحتلة، التي كانت عبارة عن نقاشات لمواضيع نظرية وسياسية كانت تساعده في المحاضرات والتلخيصات، وكانت تصله رسائل قيمة جدا وفقا لما كان يصرح به داخل السجن.
عمر القاسم يفتتح اكاديميات وطنية في السجون
وكان الرفيق عمر يلجأ الى محاضرات ليلية مفتوحة للنقاش مثلا حول تطورات القضية الوطنية الفلسطينية، البرنامج السياسي للجبهة الديمقراطية، وأدبياتها الفكرية والسياسية والمادية التاريخية والمادية الديالكتيكية وتاريخ الفلسفة وفي محطات سياسية كبرى كان يتوقف مطولا لشرح وتحليل أبعادها وتحديدا أحداث أيلول عام 1970، وحرب تشرين والبرنامج المرحلي الذي تبنته م. ت. ف عام 1974.
وفي نطاق أقل لجأ الى نظام دورات الكادر وقد استغرقت احدى الدورات سنة تقريبا، تخرج منها مجموعة من الرفاق في موقع كادري.
وأبدى اهتماما خاصا بالحرب الشعبية والتجربة الفيتنامية والجزائرية وانتقل الى مجال الاهتمام بالادب والشعر، "يقول أحد الرفاق خلال احدى الجلسات طلب الرفيق عمر من أحدنا قراءة قصة ميخائيل نعيمة وبعد أن انتهى منها بدأ النقاش والتحليل بمشاركة عدد كبير من المعتقلين". مقابلة مع الرفيق خالد الزبدة.
وعشية انعقاد الدورة 19 للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر، قاد الرفيق عمر في كافة السجون والمعتقلات النقاش السياسي من أجل صياغة المهام الراهنة للحركة الوطينة الفلسطينية في عصر الانتفاضة وساهم مساهمة رئيسية في توحيد المعتقلين على موقف سياسي موحد طالب الدورة 19 باعلان قيام الدولة الفلسطينية وصياغة برنامج السلام الفلسطيني.
وقد ربط الرفيق الرفيق عمر بين مزاولة دوره السياسي الفكري وبين اصدار الصحف وممارسة الكتابة، وكان من المبادرين لاصدار الصحف داخل المعتقلات، وبعد أن أصبح لكل منظمة اعتقالية صحيفة، اقترح مشروع المجلة الموحدة، وقد نجح هذا لمشروع في بعض الفترات وتراجع في فترات اخرى. وانصب اهتمامه في الكتابة على شؤون وأوضاع المعتقلين. فقد كتب "34" موضوعا شخص فيه تشخيصا قيما أوضاع المعتقلين وتناول المراحل التي مرت بها الحركة الاسيرة وتجارب الاضراب ودروسها، وسلوك المعتقلين من مختلف الجوانب.
تشير تقديرات بعض الرفاق الذين عايشوا الرفيق عمر طويلا داخل المعتقلات أن عمر أصدر "126" دفترا بحجم الكراس، تشمل مختلف المواضيع وتتضمن المراحل السياسية التي مرت بها الثورة الفلسطينية المعاصرة.
كان دائما يشجع المواهب الناشئة على الكتابة وخاصة لمجلة"الملحق الأدبي" التي تخرج منها عدد لا بأس به من الكتاب وكرس أيضا وقتا مهما لتدريس اللغة الانجليزية بشكل خاص واللغتين العبرية والفرنسية بشكل عام وبعض الكتب الأكاديمية الاخرى بهدف رفع المستوى العلمي للمعتقلين.
وقبل كل هذا أولى اهتماما خاصا لمحو الأمية، كان يقول يجب القضاء على الامية بأسرع وقت ممكن. يقول أحد رفاقه:"فوجىء عمر ذات مرة أنني لا أقرأ فقال: ستدخل الان دورة تعليمية، وبعد بضعة أشهر انتابني شعور عظيم عندما كتبت أول رسالة لأهلي وشعرت كم هو عظيم هذا الرجل المناضل. وبعد اتقاني الكتابة والقراءة طلبت منه أن اتعلم اللغة الانجليزية. ضحك عمر وقال اللغات في مثل وضعك تشبه الفواكه. أولا عليك أن تأكل مجدرة ومحشي وبعدين بطيخ. بمعنى اخر عليك أن تدرس السياسية والتنظيم وبعدها تنتقل الى اللغة. وكان أيضا يرفض اعطاءه الكتب الماركسية قبل قراءة ومناقشة تاريخ النضال الفلسطيني".
حقا قد كان الرفيق عمر متفانيا بالنضال كما يقول أحد رفاقه، ولا أغالي اذا قلت بأن عمر وشبيهين له لم يمتلكوا وقتا خاصا بهم بل كانوا يعيشوا لشعبهم، كانوا شمعة تحترق لتضيء الطريق أمام الاخرين
ولشخصية عمر المتفانية أبعاد انسانية عميقة كان يلمسها زملاءه في السجون وعلى سبيل المثال، تعامله الخاص مع المعتقلين العرب، السوريين والمصريين والعراقيين، وذلك لأنهم منقطعون عن أهلهم، ولا توجد لهم زيارات حرص على تأمين احتياجاتهم الضرورية عبر علاقاته من أسرته وأمر المعتقلين الفلسطينين بزيارتهم وكان يصر على أن يشتركوا معه في الزيارات.
عندما تم تبادل الاسرى وخرج معظم زملائه من الاسر، ولم يكن اسمه ضمن القائمة كان موقف عمررائعا ومجسدا للأبعاد الانسانية العميقة في شخصيته وذلك حين تحدث في ندوة تضم كل الذين سيفرج عنهم قائلا: "انه انجاز وطني كبير ونحن نعيش الان عرسا وطنيا وعلينا أن نعمل على انجاحه. ونحن الذين سنبقى يجب أن لا نحزن حتى لا يفقد الرفاق والاخوة فرحة خروجهم. علينا أن نفرح معهم، وبعد ذلك اقترح برنامجا احتفاليا بهذه المناسبة وشارك فيه بفعالية". – رسالة الرفيق عمر للرفيق خالد الزبدة 21/9/1987.
وبعد خروج المعتقلين واستقرارهم في الخارج كتب لاحد رفاقه: "سعادتي بتحرركم طغت على حياتي وبت كأنني اسبح في بحر من النشوة. ان هذا ليس كلاما مبالغ فيه فليس من الممكن لانسان مثلي أن يجد طعما للحياة بعدما جرى لولا هذا الشعور العميق من السعادة الذي يسيطر على نفسي نتيجة لتحرر هذا العدد الكبير من الأحباء".
ومضى يقول "انني مسرور حقا عندما سمعت بزواج عدد من الرفاق المحررين. أما بالنسبة لي فلم أكن اتصور في حياتي أن يتأخر زواجي حتى الان لكنني متفائل بالزواج في سن الخمسين. أحيانا افكر بأنه لن يكون لي أولاد شباب أو لن أكون جدا، ولكن هذا التفكير لا يعكس حقيقة ما أفكر به، فالتغير العمري للمساجين جعلني أشعر بأنني أب وربما جد في آن واحد. هناك الكثير من الأشبال المعتقلين ينظرون لي كأب وهذا ما يفرحني لأنني احبهم فعلا كأنهم أبنائي. وبعض الأشبال صغيرون جدا يحبونني كجد والباقي ينظرون لي كأخ. انا في الحقيقة أعيش بين أهل يحبون بعضهم البعض. والمحبة ثمرة العطاء في كل شيء، وسعيد ذلك الانسان الذي يجعل حياته كلها عطاء. وهذا بالطبع لا يلغي رغبتي الجامحة في الحرية".
ويرتفع عمر بانسانيته وتطوره الفكري، في نظرته العلمية في الصراع مع العدو الاسرائيلي حين يقول في احدى رسائله بتاريخ 31/7/86: "لن نسمح للحقد والممارسات الفاشية والعنصرية الاسرائيلية أن تخلق في نفوسنا الرغبة في الرد بالمثل والنظر لليهودية بشكل عنصري. اننا سنحارب العدو بما يخدم القيم الوطنية والانسانية والسلام، رغم أننا نتألم للمأسي التي تسببها حربهم العدوانية وممارساتهم العنصرية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية وكذلك للاسرائيلين أنفسهم".
وتوقف القلب الكبير عن الخفقان، استشهد القائد الوطني الكبير عمر محمود محمد القاسم في سجون الاحتلال الاسرائيلي يوم 4 حزيران سنة 1989، بعد اصابته بمرض عضال ونتيجة لمماطلة الحكومة الاسرائيلية في معالجته وعدم الافراج عنه من أجل العناية الطبية خارج السجون. فقد ضربت الحكومة الاسرائيلية طوال شهرين عرض الحائط بكل المناشدات الصادرة عن الهيئات والمؤسسات الانسانية والدولية الداعية لاطلاق سراح المناضل الكبير وأبقته يكابد آلام المرض العضال في مستشفى السجون.
استشهد القائد الكبير بعد أن أمضى واحدا وعشرين عاما في سجون الاحتلال، وهي أطول فترة يمضيها مناضل سياسي في سجون الاحتلال.
واستحق لقب "مانديلا فلسطين".
رحل القاسم مخلفا تراثا زاخرا للمناضلين داخل وخارج السجون وللشعب الذي استلهم من صمود وتفاني القاسم ورفاقه خبرة الصمود في معركة صراع الارادات، في الانتفاضة الشعبية الكبرى المصممة على دحر الاحتلال وانتزاع الاستقلال الوطني. لقد قدم الرفيق عمر كل ما يملك من أجل تحرر شعبه، وارتفع نجما ليضيء ما تبقى من الطريق المؤدي الى النصر. وقدم الشعب لابنه البار أسمى آيات التقدير والاحترام، ذلك عندما خرج عشرة الاف من أبناء مدينة القدس في عرس القاسم، وخرجت جماهير الضفة الغربية وقطاع غزة ومن بينها المئات من تلاميذه في يوم استشهاده لتؤكد على مواصلة طريق عمر القاسم، طريق الحرية والاستقلال.
بيان صادر عن الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
في ذكرى مرور اربعين يوما
على استشهاد القائد الوطني البارز الرفيق عمر القاسم
يا جماهير شعبنا البطل: يا صناع الانتفاضة المجيدة، يا بناة دولتنا المستقلة، يا اخوة ورفاق الشهيد القائد عمر القاسم، يا اهله واحبته واصدقائه، يا زملائه المناضلون، الاسرى في سجون ومعسكرات الاعتقال الصهيونية .. يا كل ابناء شعبنا ويا كل المناضلين الذين عرفوا ابا القاسم والذين لم يعرفوه، تحية الجبهة الديمقراطية ولجنتها المركزية ومكتبها السياسي، وفي مقدمتهم الرفيق الامين العام نايف حواتمة، تحية لكم في هذا اليوم المجيد الذي تحيون فيه ذكرى مرور اربعين يوما على استشهاد رفيقنا القائد الوطني والحزبي، المناضل المفكر الفذ والمحترف الثوري، شهيد الحرية وعميد الحركة الوطنية الاسيرة ورمزها المقدام عمر القاسم.
يا جماهير شعبنا الباسل:- اليوم عيد الاضحى المبارك، يوم التضحية، ذكرى افتداء ابراهيم عليه السلام ابنه اسماعيل بالكبش، يصادف يوم الاربعين لافتداء المناضل الكبير عمر القاسم حرية واستقلال شعبه بروحه العظيمة، الذي استشهد عشية الذكرى الثانية والعشرين للاحتلال الاسرائيلي عام 1967 ذكرى نهوض وتبلور ثورة شعبنا الفلسطيني المعاصرة والتي كان عمر القاسم احد ابرز مؤسيسيها، والتي انتزعت حق شعبنا في التعبير عن ارادته الوطنية وحقه في النضال من اجل استعادة ارضه وحقه في الحرية والاستقلال.
يصادف اليوم عيد الاضحى يوم الاربعين لتوقف القلب الكبير للمجاهد الكبير العقيد عمر القاسم، عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ذكرى دخول انتفاضة شعب القاسم شهرها العشرين، كتتويج لمجموع نضالات شعبنا وثورته المعاصرة التي فجرها القاسم ورفاقه واخوته كخطوة نوعية متقدمة على طريق انتزاع حق شعبنا في الحرية والاستقلال الوطني حيث قال لنا القاسم في احدى رسائله المهربة الينا من خلف القضبان (اذا كان الله قد اوحى لابراهيم عليه السلام افتداء ابنه اسماعيل بالكبش، فان فلسطين لن تفتدى بغير المناضلين) هذا ما آمن به القاسم وآمن به شعبه، هكذا رسم القائد طريق الحرية، وسار عليه بكل اباء وشمم، وبعزيمة لم تقهرها النار والاصفاد والاحقاد على امتداد ثلاثين عاما من النضال، فقد لوحق وطرد من وطنه قبل عام 67، واعتقل في السجون الاردنية، واستعاد القاسم ورفاقه في السلاح كرامة الامة العربية في يوم الكرامة، لم يكن القاسم قائدا عسكريا فحسب، بل قائدا جماهيريا كذلك، حيث اعطى في التعليم والصحة واهتم بكل هموم قطاعات الشعب، من عمال وفلاحين ونساء، اضافة لاهتمامه بالمعلمين والطلبة، كما لوحق منذ الايام الاولى من للاحتلال الاسرائيلي عام 67، ليؤسر فيما بعد هو ورفاقه في معركة كفرمالك البطولية بعد ان اصيب بجراح في رأسه اثناء الاشتباك مع جنود الاحتلال عام 68، لكن نضال المعلم والقائد الوطني الكبير لم يتوقف، فمنذ ذلك التاريخ اضطلع القاسم بدوره في بناء وقيادة الحركة الوطنية الاسيرة في سجون الاحتلال الفاشية، وشارك بدور طليعي في قيادة نضالاتها، حيث كان رمزا للوحدة الوطنية والصمود في وجه مخططات وادارات سجون العدو وكان خير معلم للاجيال المناضلة.
ولان القاسم هكذا يا شعبنا، فقد رفض العدو اطلاق سراحه في عمليات تبادل الاسرى، ورفض الاستجابة للنداءات الانسانية المطالبة باطلاق سراحه للمعالجة من المرض الخطير الذي ادى الى استشهاده نتيجة سياسة الاهمال المتعمد والقتل البطيء التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق المناضلين الاسرى.
يا جماهير شعبنا المناضلة:- في الوقت الذي نحيي فيه ذكرى مروراربعين يوما على استشهاد القائد والمعلم عمر القاسم، تدخل انتفاضة شعبنا شهرها العشرين، وتتصاعد وتتواصل بقوة ويجدد شعبنا العهد للشهداء والجرحى والمعتقلين والمطاردين والمنفيين عن ارض الوطن والمضي قدما في مواجهة العدو وجيشه الغاشم ومواجهة مشاريعه التصفوية التي كان اخرها خطة شامير لاجراء الانتخابات في المناطق المحتلة، والتي لم تكن سوى محاولة لذر الرماد في العيون وتضليل الرأي العام الدولي عن حقيقة الممارسات الاجرامية بحق شعبنا، ليتسنى له ولاركان حكومته اخماد لهيب الانتفاضة ووقف وتيرتها المتصاعدة.
لقد اعطى شعبنا وممثله الشرعي و الوحيد م.ت.ف الرد الثوري والحازم على خطة شامير بأن اجراء الانتخابات بصورة ديمقراطية حرة لا تكون الا تحت اشراف دولي وبعد ان يتم الانسحاب الاسرائيلي من المناطق المحتلة وليس تحت تهديد السلاح والقمع الدموي الذي يمارسه جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه يوميا بحق شعبنا وان لا تنازل عن حقنا في العودة وتقرير المصير واقامة دولتنا المستقلة بقيادة م . ت . ف .
فعهدا منا يا ابا القاسم، ان نواصل النضال والسير على ذات الدرب نمضي الى الامام دون تراجع فالى الامام آلاف الخطوات، الى الامام في بناء سلطة الشعب ومحاربة الاحتلال، الى الامام يا رفاق عمر، يا احبته، الى الامام يا شعبنا الباسل، الى الامام من اجل الحرية والدولة الوطنية المستقلة.
عاشت م . ت . ف ممثلا شرعيا ووحيدا لشعبنا الفلسطيني.
عاشت ق . و . م ذراعا كفاحيا لها.
المجد كل المجد لك يا عمر، وعاشت ذكراك في قلب الشعب خالدة الى الابد.
المجد لكل الشهداء، والخزي والعار للعملاء والمتساقطين والجبناء
والهزيمة لاعداء الحرية والسلام.
والنصر حليف الجماهير والثورة.
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
1989-7-13
رسالة
الى ام الاسرى
والدة الشهيد القائد عمر القاسم
(مانديلا فلسطين)
نكتب لك يا امنا ، لا لنعزي ، فنحن الذين نحتاج ان تعزينا بافتقاده
نكتب لك ، لا لنخفف عنك ، فنحن الذين نحتاج لان تخففي عنا
فاي الكلمات تلك التي يمكن لنا ان نشحذها هنا على الورق ... لتشعله، او لتشتعل.
عمر هذا الرجل، وهو حاضر في حضورنا .. نقف امامه وقفة الاعتزاز والفخر، نقف امامه واحساس بالحزن وعظم الافتقاد ينتابنا. فنحن الفلسطينيين الذين لازمهم النفي والموت وصار عنوان وجودنا ، افضل من يتحدى الموت واجرأ من يقتحمه فهو الهدف، مقدمين بذلك خيرة مقاتلينا. ولاننا نضحي ونقدم الشهداء ، فنحن ايضا اكثر من يقدر قيمة الحياة، اكثر من يقدر قيمة الانسان، ولاننا كذلك فنحن نعرف كل المعرفة، ونقدر كل التقدير، قيمة من يستشهد منا. ونعرف جيدا أي هدف عظيم، ذاك الذي يدفع أبطالنا لنزف الصمود والحياة على درب تحقيقه.. وشهيدنا القائد عمر واحد من هؤلاء.
كما أنه يعرف كيف يختلف معنا. ويعرف أكثر كيف يقف معنا، كان يتحول على قاعدة الاستقرار ويستقر على قاعدة الحركة، كان يحب أن يرانا متماسكين ، ويبذل دم قلبه لأجل ذلك، لكنه كان يحب أكثر أن يرى تماسكا سليما، لا رفوا ولا شكليا، لم يكن يحرث في مساحة الحزب فحسب فأرضه كانت ساحة الثورة كلها عمر كان رجل لا يتسع له السجن، اعتقل كبيرا، وحشد كيانه بين الأسوار. فكان كيانه المتعاظم دوما يصدع الأسوار لينتشر على ساحة الوطن، واذا كانت الأسلاك الشائكة والقضبان البليدة قد شققت جلده وشرايينه وحالت دون تسلل جسده خارجها فهي لم تكن قادرة على أن تحول دون تسلل صوته وحبه وتعاليمه خارجها. لذلك كان عمر قادرا على تحمل أسره، وأكثر من ذلك كان قادرا على أن يهزم السجن. ويحوله الى مدرسه ثورية محاطه بالفكر، وحياة محاطة بالموت، في حين كانوا يريدوننا موت محاط بالموت، وهزيمة محاطة بالقهر. وفي هذا الابداع التاريخي الجريء (تحويل السجن الى مدرسة وحياة) ما يجعلنا نكن كل الاحترام والوفاء لشهيدنا العقيد عمر ولكل اخوته ورفاقه الطلائعيين في حركتنا الوطنية الأسيرة ولمؤسسي وحدتها وتراثها وبطولاتها.
أينما كان رفيقنا عمر، كانت الحياة والثورة والحب، كان فاتحا ذراعيه للحياة أتقن معادلة المرح والجد، وأعطى للحياة الاجتماعية والتربية الثورية رقعتها الكبيرة في حياته وجهده وعلاقاته. أينما وجدت حاجة الجماعة كان أول من يحضر شامرا ساعداه وعبر نشاطه اليومي كان مربي حقيقي، مربي لا يعطي للكلمة الا حيزا محدودا، أما المساحة الأعظم فكانت تحتلها النماذج المجسدة في سلوكه ونشاطه وعلاقاته والتي كانت بدورها قدوة تربي وتؤثر وتحكي أفضل من الكلمات.
لذا لم يتميز عمر بالسنوات الاحدى وعشرين التي أمضاها خلف القضبان بقدر ما كانت هذه السنوات تعبيرا كميا عن حجم ما قدمه هذا القائد لفصيله الوطني الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ولعموم الحركة الوطنية الأسيرة، فصار الزمن لدى عمر شجرة تطلق براعمها كل يوم، كل لحظة، وتنمو في انسان لا يذبل أبدا، ولا يكف عن التبرعم حتى وهو واقف ازاء الموت وجها لوجه.
لذلك كله كان عمر مانديلا فلسطين الذي أثر فينا كل التأثير، وأشاع في نفوسنا مشاعر الفخر، تكريمه عبر الجنازة الوطنية الشاملة التي اخترقت شوارع عاصمة دولتنا القدس الشريف هذا التكريم الذي شكل مظهرا واستعراضا عظيما لوحدة كل الشعب، ومظهرا عظيما لقوة الانتفاضة وعنفوانها.
وحين يكتب المؤرخون تاريخنا النضالي خلف القضبان، سيجدون بصمات رفيقنا عمر الانسان والقائد قوية ناصعة على صدر حقبة استمر أمدها واحدا وعشرين عاما.
وعندما يرسم الفنانين التشكليين صورة عمر، سيجدون ملامح الفلسطيني التي لم تنخرها القضبان والعيون التي لم تطفئها العتمة، والبسمة التي لم يفسدها جبل من ركام القهر والحقد الفاشي.
وحين نغني خلف القضبان ، سنغني لأبهى مقاتل، لشهيدنا عمر، هذا يا امنا الطيبة، بعض من عمر، وهذا بعض مما نكنه له.
لقد انجبته، وربيته، وقدرت أي رجل سيكون، وعشت معه قبل الاعتقال، وظللت تعيشين معه. حتى وهو بعيد عنك خلف القضبان. عرفت معه آلام الامعاء الجوعى في الاضراب وتذوقت ايضا طعم النصر قبل أن تذوقين أول لقمة خبز بعد انتهاء الاضراب بنجاح ، تعبت وانت تحشدين الناس ليعلوا صراخكم بوقف ذبحنا البطيء في السجون، وليعلو، ليلامس ضمير البشرية.
ولانك كنت أهم من أثر وقدر مستقبل هذا الرجل الذي أسرنا بانسانيته كما أسرنا بنضاليته وتضحويته.
ولانك كنت ووالده رحمه الله. زاده الروحي في حرمانه الطويل من الحرية، حرمانه من قهوتك وخبزك ونظراتك الحنونة وكلماتك الطيبة.
ولانك كنت معنا دائما وكان همنا همك اليومي على مدى واحد وعشرين عاما من المعاناة والنضال لذلك كله فانت امنا ورفيقة نضالنا.
فيا أم الاسرى التي فقدت أفضلهم وأكثرهم بهاءا... يا أم الجميع .. يا أمنا .. نحن لا نملك يمه الا هذا القلب. الذي نستطيع أن نهرب لك نتفا منه عبر الكلمات واذا لم تستطع الكلمات حملها فلتموت ولتموت كل الكلمات. قوية كنت في حياته، وقوية كنت في استشهاده، وستظلين في نظرنا قوة تعزز قوتنا ونحن نواجه القضبان دفاعا عن وصايا الشهداء دفاعا عن الشهداء، دفاعا عن الانسان الفلسطيني الذي لا بد أن يحرر نفسه ووطنه.
أصدق التحيات الثورية لك ولشقيقه علي ولاخواته ولكل أفراد الاسرة ولكل من حمل تعاليم الشهداء فأنطق بها الحجر والمولوتوف والرصاصة والكلمة.
وقسما أن نبقى على العهد، قسما أن ننتزع الحياة من عدونا الفاشي البغيض الذي لا يستمر الا على حياة أطفالنا وأشبالنا وزهراتنا وزيتوننا. واننا حتما لمنتصرون.
المجد للشهداء
والنصر للانتفاضة
وانها لثورة حتى النصر
أبناءك أسرى الثورة الفلسطينية في
المعتقلات والسجون الصهيونية
حزيران 1989م. بيان جماهيري
الذكرى الاربعين لاستشهاد القائد الرمز "عمرمحمود القاسم"
(مانديلا فلسطين)
يا جماهير شعبنا العظيم . . يا شعب الشهداء واحبة الشهداء . . يا من تواصلون زحفكم المظفر نحو الدولة الفلسطينية العتيدة، وتزفون الشهيد تلو الشهيد على درب النضال والتضحية اليوم هو الرابع عشر من يوليو تموز يوم اربعين الشهيد الرمز عمر محمود القاسم - مانديلا فلسطين – الذي قضى في اقبية سجون الاحتلال العنصري الصهيوني واحدا وعشرين عاما من النضال المتواصل المستمر، فشكل بعرقه وعروقه مع اخوته ورفاقه من الرعيل الاول نسيج حركتنا الوطنية الاسيرة ببعدها الحضاري والانساني والثوري البطولي، كاهم تجربة كفاحية لاعظم حركة وطنية اسيرة في التاريخ المعاصر بل واكثرها تميزا في المواجهة والصلابة والصمود رغم قسوة السجن والسجان، ففلسطين بكل تفاصيلها كانت دائمة الحضور في قلب وعقل ووجدان شهيدنا الكبير عمر القاسم، يقتات من حبها الصبر والصمود في مجابهة الشدائد وعسف الجلاد الصهيوني ويسقيها بالدم والعرق فيزداد كل يوم صلابة وشموخا وثباتا مهره بدمه وروحه في الرابع من يوليو حزيران عام 1989م. فالعطاء المتواصل والفداء الستمر سمتان ملازمتان لهذا الرجل العظيم، الذي كرس حياته وزهرة شبابه لخدمة وطنه وشعبه، فمثلما كان مربيا للاجيال في ميادين العلم والمعرفة على مقاعد الدراسة فانه كان قوة مثال المناضلين في ساحات القتال فمنذ صباه حمل هموم الوطن وهب مدافعا عن حلم شعبه وثورته من ان تغتالها خناجرا الغدر والخيانة وحينما وقع شهيدنا البطل في اسر العدو الصهيوني في العام 68 اثر معركة حامية مع قوات العدو الصهيوني في بلدة كفرمالك اصيب خلالها بجروح بالغة ولم يتوقف عن النضال رغم وطأة القيد ووسائل التعذيب التي فاقت قسوتها وهمجيتها جرائم النازية، فكان له دورا مميزا في ترسيخ دعائم الحركة الوطنية الاسيرة المرتكزة على مفاهيم الوحدة الوطنية الصلبة والتي شكلت وما زالت شرطا موضوعيا لصمود اسرى الثورة الفلسطينية في سجون العدو الصهيوني فادرك بحسه الوطني الصادق ان القيود ليس بمقدورها ان تحول دون فتح جبهة قتال جديدة ضد العدو الصهيوني في داخل اقبية سجونه. فشارك في تنظيم عمليات الاحتجاج والاضرابات في معتقل الرملة عام 68 التي سقط خلالها شهيد الحركة الوطنية الاسيرة الاول رمضان البنا، وكان من اوائل المناضلين الذين دخلوا معتقل عسقلان عند افتتاحه، فكان له شرف التخطيط وقيادة اضراب عسقلان الشهير عام 1970م. الذي استشهد خلاله البطل عبد القادر ابو الفحم. واثر قيام قوات الجبهة الديمقراطية بعملية عسكرية في مستوطنة معالوت (ترشيحا) قام العدو الصهيوني بنقل الشهيد البطل عمر القاسم الى مكان العملية بهدف تصفيته جسديا غير ان وجود الصحفيين حال دون تنفيذ ذلك وهذا يؤكد اصرار العدو على تصفيته. وحينما افتتح معتقل نفحة الصحراوي كان شهيدنا البطل عمر القاسم من نزلائه الاوائل فشارك في التخطيط وبقيادة انتفاضة المعتقلات التي اطلق شرارتها معتقلو نفحة في الرابع عشر من تموز عام 80 واستشهد خلالها شهداء نفخة راسم حلاوة وعلي الجعفري ومن بعدهما الشهيدين انيس دولة واسحاق مراغة.
يا جماهير الانتفاضة المجيدة ... هذا هو عمر القاسم .. مدرسة في العطاء والنضال تسامى فوق كل الخلافات العارضة فكان بسلوكه ونضاله يشكل نموذجا فريدا بتجربة متقدمة طمح جميع المناضلين للوصول اليها. فاستحق بذلك وعن جدارة حب وتقدير كل من عرفه او عايشه او سمع عنه كما استحق وبجدارة وسام الصمود الذي منحته اياه الحركة الوطنيةالاسيرة في الثامن والعشرين من تشرين الاول عام 1989 بمناسبة مرور عشرين عاما على اسره وليس صدفة ان يتزامن اربعين شهيدنا مع ذكرى اضرابنا في نفحة الذي سقط فيه الشهداء الابطال فهو رفيق الشهداء وحبيبهم وارتبط بهم اكثرمن ارتباطه باي شيء اخر.
ومع رحيل شهيدنا البطل عمر محمود القاسم تكون الحركة الوطنية الاسيرة والثورة الفلسطينية قد فقدت علما بارزا من اعلامها ورمزا ساطعا من رموز نهضتنا الوطنية وعزاؤنا انه ترك فينا تراثا نضاليا عريقا وارث غني من الكفاح وسيظل نبراسا نستلهم منه القدرة على السير في طريق الثورة ودرب الشهداء حتى النصر العظيم وستظل قلوب المناضلين تخفق باسمك يا ابا القاسم ...
المجد والخلود لشهدائنا الابرار، ولشهيد حركتنا الوطنية
الاسيرة عمر القاسم،
عاشت دولة فلسطين المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية،
وانها لثورة حتى النصر.
اسرى واسيرات دولة فلسطين
في المعتقلات الصهيونية
14-7-1989م
#اتحاد_الشباب_الديمقراطي_الفلسطيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طلبة الجامعات في غزة يعتصمون
ضد الاقتتال
المزيد.....
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|