رجال أحببتهم (1)

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان
(Lama Muhammad)

الحوار المتمدن-العدد: 2882 - 2010 / 1 / 8 - 08:58
المحور: الادب والفن
    

شمس تتحدث:


أذكر طفولتك البريئة ، يشبهك جميع العظماء و القديسين و لا تشبه أحدا .

أذكرك ببراءة أعوامك الستة .. تخلط اللبن بالزعتر محاولا دعوتي للإفطار، تناديني بجميع أسماء الدلال التي يمكن أن تقال ، و تخترع لي ملايين الصفات الجميلة ..فأحس بمعنى كلمة (أخي) ، و أكبر و في قلبي محبة لكل شخص في هذا العالم يحمل اسمك أو حتّى أحرفا منه .

**********

لا زلت أسبح في سماء عينين بحريتين ، أرى فيهما الجنة و الخلاص، جميع هدايا الأعياد ،وغرائب قبعات الساحر الممتلئة بالأحلام ..أقدس الذكاء المشع منهما ، و أعبد نظرة لرجل حقيقي .
لا زلت أصمد في وجه الزيف و الكذب و النفاق ، أتذكرك يا صاحب الوجه الشامخ ، و الجبين العريض الذي يقصي شعره ليضيء.. تهمس لي بصوتك الهادئ ..ألا أخاف طالما أنت هنا .

**********

أقبلت يوما تضج بالفرح ، صاخبا جدا كوقع قبلة أولى ، سألتني :
-هل تعلمين ماذا سأصبح ؟
-بسيطة ..بما أنك تدرس الطب ، ستصبح طبيب .
- كلا، سأصبح عالم خلايا جذعية ...
و شرحت لي تعريفا بسيطا :
-الخلايا الجذعية : هي خلايا لها القدرة على الانقسام والتكاثر وتجديد نفسها، و هي قادرة على تكوين أي نوع من أنواع الخلايا المتخصصة الأخرى .
ثم أضفت ضاحكا :
-هل تتصورين أن المشلول سيقف ، و الأعمى سيبصر ...
-ربما ينصبك البشر نبيا ..فللخرافة يا عزيزي مليون حجة و برهان لا يحتاج لمجهود عقلي ، بينما جملة علميّة واحدة تكفل لك صفة الجنون !
- لا يا "شمس" ..زمن الخرافات قد ولّى ...

نتناقش و نتجادل و تبقى محتفظا بكامل ذلك الهدوء الساحر الذي يلتف حولك ،مانحا إيّاك صفة أسطورية أخرى .

**********

حدثتني عن إعجابها بك ، ملاحقتها لك في مدرجات الجامعة ،قلت لي :
- لا شك أنها تحبني .
أذكر صدمتك بها لاحقا ، صدمتنا معا ...
لم نكن نعرف وقتها يا صغيري أن للكثير من النساء ألسنة طويلة ، و غيرة قتّالة ، لم نكن ندرك بعد كيف توّقع المرأة بغبائها على كل تنازلاتها العقلية ، و مقطوعاتها السخيفة .

**********

قلت لي يوما :
- أكره المصطلحات ، انظري كيف يخترعها البشر ، ثم يدافعون عنها ، و يقتلون بعضهم من أجلها .في هذين اليومين (الدارج) هو مصطلح (علماني) ...
فسألتك ضاحكة:
-وددت لو أفتى أحدهم ..هل الله علماني ؟
- وصلت في أسئلتك إلى الله يا "شمس" !!
- هذا ما يريده الله يا حبيبي...

**********

و أحببت من جديد ، دنياك اليوم حلوة كالسكر ، قلت لي :
-"تالة " لا تلحق بي لكنها تحبني ...هي لم تقل شيئا ، لكن عينيها تتحدثان .
-ستحب جدا يا ملاكي ، و ستكره جدا ..هذه هي الحياة .

**********

مرّ زمن طويل و لم أرك يا صغيري ، لكنني أغفو على صوتك ، و توقظني عيناك .
مرّ زمن طويل يا حبيبي ، دهن الثلج المكان بالأبيض أكثر من مرة ، لكنني لم أر الربيع ...

**********

ستظل أزهار النرجس تتحدى البرد ، تشمخ بعطرها ، و تهزأ بالصقيع .
تنتظر عينين بحريتين.. تطلان من البعيد ..تخلطان اللبن بالزعتر ، لتدعواني إلى إفطار.. يعيدني إلى الحياة .


يتبع...

#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات