أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عفيف إسماعيل - الشهيد/ عبد المنعم رحمة














المزيد.....

الشهيد/ عبد المنعم رحمة


عفيف إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 875 - 2004 / 6 / 25 - 04:17
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


بليل زحف النازيون الجدد إلي كرسي الحكم في السودان في 30 يونيو 1989 ، في لحظة تحولت كل احلام الديمقراطية الوليدة إلي كوابيس لا تستطيع مخيلة كاتب افلام رعب محترف تخيله، وصار واقع ملموس في كل العاصمة والمدن الكبري ، بعد زمن حظر التجول تعبر سيارات ليست علي لوحتها ارقام وذات زجاج معتم تحمل جثث مجهولة الهوية لكي تدفن حيث لا يعلم أحد، وايضاً قد انتبه الكثيرين من سكان المدن لظاهرة القبور الفجائية بدون شواهد او أسما ءالتي تنبت في مقابرهم ، وصارت الجبهة القومية الإسلاموية تقتات من دماء ابناء السودان في كافة انحاء مليون ميله الشاسعه.وتفترس المعارضون للانقلابها الفاشي بقسوة لا تعرفها طيبة أهل السودان ووداعتهم .
في ظل هذا العسف المبتكر باساليب جهنمية أنتقل نشاط الحزب الشيوعي السوداني من شبه العلانية إلي سرية كاملة، وفي تراتيبية العمل السري هناك الحلقات التي تعمل تحت الارض يقود مفاصلها المتفرغين الحزبيين، كان الشهيد عبد المنعم رحمة احد التروس النابضة في العمل السري في منطقة الجزيرة بوسط السودان، بوصفه متفرغاً للنضال السياسي منذ آمد بعيد، وله بصمة واضحة في تماسك مفاصل العمل الحزبي في مناهضة سلطة طغمة 30يونيو الاسلاموية علي مدار المنطقة بجهده الدوءوب ونكران الذات الذي كان يتميز به، وقدراته الفكرية والعملية في إنجاز كل المهام الحزبية بإقتدار تام.
في كل عهود الدكتاتوريات في السودان ظلت منطقة الجزيرة من اكثر المناطق ثورية ،ومرجلاً يمكن به قياس تواترات الشارع السياسي السوداني، مما يجعل السلطات الغاشمة تخصها بيد غليظة دائماً، ونصيب مثلث المدن ودمدني،الحصاحيصا المناقل، كان الأكبر في هذه القسمة غير العادلة، وفي جغرافية هذه المساحة الشاسعة وذات التركيبة المعقدة "الفلاح -عمالية" كان الشهيد عبد المنعم رحمة يؤدي عمله الحزبي بإتقان وسط حقل من التربص والفخاخ المنصوبة له ولرفاقة بمنتهي الحذق والمكر والدهاء، وخلفهم انياب مسعورة تتعطش دائماً لسقوط فريسة ما في حبائلها. له اسلوبه الفريد في حماية نفسه، وكثيراً ما كان يتجول وسط زبانية الجبهة القومية الإسلاموية وهم لا يدرون، وهو يحمل كماً هائلاً من الوثائق الحزبية يبحثون عنها بنهم مفرط. وعندما يأتي لي في مكان عملي المراقب طيلة اوقات العمل وما بعده كانت إبتسامته البيضاء تجعل كل من يراه يبادره بالتحية الودودة، وقد يساعده رجل الامن المراقب للباب علي ارتقاء تلك العتبة العالية لأنه يري علي عينيه تلك "النظارة" المقعرة التي تجعله يمشي متعثراً احيانا، ويجلس علي اقرب كرسي ويطلب كما هي عادته دائماً حبوباً للصداع وكوب شاي، ويضبط زمنه بدقة مع آخر رشفة من الشاي يكون قد انهي كل ما جاء من اجله وحدد وقت مجيئه القادم، وينطلق إلي احد القري المجاورة التي يجب ان يكون بعد ساعة هناك، وفي تمام الوقت يكون هناك دائماً، ويُخلف علي كرسية الذي كان يجلس عليه طاقة هيوليه استمدُ منها قدرة الاستمرار في هذا الدرب الشاق الطويل المعبد بدماء ورهق الآف الشهداء .
داهمته قوات الأمن ليلاً في مدينة ود مدني وهو طريح الفراش من جراء الملاريا اللعينة التي مكنتهم منه، وكانت المرة الأولي بعد خمس سنوات من عمر أنقلاب الجبهة القومية الاسلاموية يستطيعون فيها أعتقال احد دوائر العمل السري المجهولة لهم تماماً، مما جعل وليمة التعذيب رهيبة، كان يقابل تلك الوحشية بالهتاف المستمر "عاش نضال الشعب السوداني" "عاش نضال الحزب الشيوعي السوداني" مما يثير شهية الجلادين أكثر ويناله ما يهد افيال، لكنه كان يعود إلي رفاقه يسبقه هتافة المدوي الذي يجعل الاخرين اكثر قدرة علي الصمود وكسر إرادة الجلاد بهذه البطولة الخرافية التي يقف امامها الجلاد مرتجفاً تسنده فقط ترسانة من البنادق والمسدسات التي لا تفارق خصورهم.
تمت ترحيله بعد ذلك إلي مدينة الحصاحيصا وكان في استقباله من زبانية الجبهة القومية الاسلومية فيلق للتعذيب الذي لابد ان ينال جزاءه عند يدق الشعب السوداني ناقوس الخلاص والقصاص العادل من كل قتلة الشهداء، الذين نعرفهم واحداً واحداً بالأسم وبتاريخ الميلاد والمدينة او القرية التي يسكن أو جاء منها وهم مدير الأمن بشمال الجزيرة نبيل عبد الصادق، وحسن العوض، ومحمد سعد، ومحمد سعيد، وجمال بدوي ابشر، عزالدين الصول، وعلي عبد الباقي،وصديق عبد المطلب، وصديق محمد بخيت، وسعيد ود"التومة"،ومعاذ قنب، وابرهيم شيش، وآخر يدعي مقبول آخر من كان مع الشهيد في زنزانة التعذيب، وارتباكه هو الذي فضح استشهاد عبد المنعم رحمه حين نقلوا جثمانه إلي مستشفي الحصاحيصا وهددوا الطبيب المناوب بان يكتب في التقرير أنه توفي من اثر الملاريا، وسجل الطبيب "........." من ابناء جنوب السودان موقفاً ناصعاً في تاريخ مهنته الشريفة وفي سجل الانسان السوداني الذي لا ترهبه نمور الورق التي توعدته بالفصل من الخدمة وبويل عظيم، عندما كتب تقريراً طبيباً يوصف آثار التعذيب علي جسد الشهيد عبد المنعم رحمة والاسباب الحقيقية للوفاته.
الشهيد عبد المنعم رحمة كل احلامه كانت ان يبزغ فجراً ديمقراطي علي أصباح الوطن، ان يعم السلام ربوعة، ان يتقاسم ابناءه ثرواتة الثمينة بالتساوي ، وان يبني مصانع في كل الاصقاع المهمشة، وان يكون الريف الحبيب محتملاً، وهناك سداً وقربه مزارع ممتدة تُروي من ماء مهدر يتدفق إلي البحر الابيض المتوسط وليس بعرق الفلاحين المكدودين وهم ينالون الفتات الذي لايسد رمق. كان يحلم بان تكون دكتاتورية الجبهة القومية الاسلاموية آخر احزان الشعب السوداني، ويحلم بمشروع نهضوي للوطن، ان يتناوب سدة الحكم المدني اطياف سياسية تؤمن بالتعددية والوحدة، وتصنع دولة الانسان والمواطنة. من اجل ذلك استشهد عبد المنعم رحمة وهو يربي فينا الأمل.ويهتف:
عاش نضال الشعب السوداني
عاش نضال الحزب السوداني



#عفيف_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصداع النصفي رسالة إلي صديق يدعي -أوفا-
- نص شعري
- جبهة متحدة !
- كوابيس
- أزرق
- دفوف
- أوتار ظامئة
- رغبة
- متي
- شرود
- إلي لوممبا ومحمود محمد طه بواسطة مصطفي سيد احمد
- أغلال
- أحداق
- إمبراطورية جدتي
- مساء خامد وابتسامات وريفه لطفلة اسمها - رفيف-
- ديسمبريون احبهم
- ما أطولها من ثلاثاء
- COW BOY
- صور من حرب ما
- ارتياب


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - عفيف إسماعيل - الشهيد/ عبد المنعم رحمة