أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - الديك لا يبيض .














المزيد.....

الديك لا يبيض .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2880 - 2010 / 1 / 6 - 01:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحضرنى فزروة كثيراً ما كانت تلقى على مسامعنا ونحن صغار ..تقول الفزورة لنفترض إن لدينا ديكاً في منزلنا، وإن هذا الديك باض بيضة ذات يوم على سطح جيراننا ،فهل البيضة ستكون من حقنا أم من حق جيراننا .
بدأت مجموعة من الأطفال بطرح رؤية بأن البيضة من حق أصحاب الديك بحكم إمتلاكهم له , وهناك طائفة أخرى من الأطفال ذهبت بأن البيضة من حق الجيران كونهم إستقبلوا فى أملاكهم الوافد الجديد , ثم يخرج طفل يقلب بذكائه الطاولة على الجميع عندما يعلن بأن الديك لا يبيض .

قد تكون هذه الفزورة فيها من البساطة والطرافة ما تكفى ..ولكننا لو تأملناها بعمق نجد أننا نتعاطى بها فى طريقة تفكيرنا العقائدى بشكل يدعوك للتوقف والدهشة ,أو لنقل هى الطريقة التى بمنهجيتها يتم تمرير الكثير من الأفكار الإلهية والدينية .!!

فعندما يتجادل المؤمن عن إستغرابه وإندهاشه من طرح الملحد عن عدم وجود إله لهذا الكون ..هنا يقفز المؤمن بسؤاله الضخم : ومن خلق الكون إذن ؟
من خلق الكون هو قصة الديك الذى يبيض , فكما تنازع الأطفال عن من له حق إقتناء البيضة ونسوا أن الديك لا يبيض , يمارس المؤمن نفس القضية فهو يخوض معك فى قصص كثيرة ومحاولات دؤوبة لإثبات أن معتقده وإيمانه صحيح وأنه من لدن إله قدير معتمدا على أنه إدعى قبلها أن هذا الإله هو خالق الكون أى الديك الذى باض .

من هنا تصبح فرضية خلق الكون الغير قابلة للنقاش هى الباب الملكى لمرور فكرة الله وتلك القائمة الطويلة العريضة من الخرافات والغيبيات مع كم لا بأس به من القصص والاساطير القديمة .

خلق الكون يتماثل مع حجة الديك الذى باض ..فالكل مشغول فى أحقية البيضة الناتجة عن الديك هل هى من حقنا نحن أصحاب الديك أم من حق جيراننا الذين إستضافوا عملية التبييض .!!
عندما يخوضون فى قضاياهم الدينية ويطرحون أفكار شتى ويتجادلون فى أمور شتى على شاكلة : هل يوم الخلق الإلهى يعادل اليوم الأرضى أو هو ألف عام مما يعدون ؟..وهل الروح التى تم نفخها فى الإنسان هى مادة أم لا مادة ؟..وهل هى أزلية سرمدية أم منتهية ؟..وهل الإنس خلق أولاً أم الجن ؟..وهل الله إكتمل بفعل الخلق أم أنه كان كاملاً قبلها؟ وعشرات الجدالات ..يصبح مثل هكذا جدال هى ممارسة كربونية لنفس المحاولات الذهنية التى مارسها الأطفال حول من أحق بالبيضة نحن أم جيراننا .
فتاهوا وتهنا عن السؤال الأصلى وهو : هل هناك عملية خلق أصلاً أم لا؟!!

عشرات ومئات من الأسئلة المطروحة والتى لدرجة أنهم يؤسسون معاهد وكليات لشرح وتفسير القصص والأساطير الدينية هم بالضرورة فيها ينسون أو يتناسون بأن الديك لا يبيض .
هم يتجاوزون سؤال هل هناك خلق أصلاً ليؤسسوا على أثر تجاهله بناء كامل من المعتقدات والإفتراضات والغيبيات يتوه الأنسان فيها ويخوض غمار معارك جانبية , وينسى الفكرة الأصلية والأصيلة بأن الديك لا يبيض .

هنا العقل الدينى يمارس نوع من المناورة وهى تمرير قضية محددة بإعتبارها حتمية لا تقبل النقاش ليستطيع فى ظلال هذه الفكرة أن يصمد أمام كل الأفكار المنطقية التى تخوض فى المنظومة الإلهية والدينية .
مامعنى فكرة الخلق من العدم ؟ معناه أن نتصور عقلياً وعلمياً أن هناك مادة تنشأ من الصفر أو تزول وتتلاشى إلى الصفر ...ما تعلمناه ونستطيع أن نرصده من مليارات التجارب أنه لا توجد مادة تزول ولا يكون لا وجود , وكذلك لا توجد مادة تنشأ من لا شئ .
أى مادة ممكن أن تتحول من صورة لأخرى ولكن لاتوجد مادة نشأت من العدم أو ذهبت إلى العدم ...لأنه ببساطة لا يوجد شئ إسمه العدم .

قد يكون عذر الإنسان القديم هو تصوره أن هناك فناء ونشوء من عدم عندما يجد تحلل وزوال الإنسان ولا يعلم أن كل جزء منه ذهب فى جهة ما ولم يضيع جزء منه واحد سدى , وكذلك المطر الذى يراه ينشأ ويزول ماهو إلا دورة المياه فى الطبيعة .
من هنا نقول أن الديك لا يبيض , وأن كل المحاولات التى تغرقنا فى جدالات حول حقنا وحق الجيران فى بيض الديك هى عملية تمويه على السؤال البدئى فى ان الديك لا يبيض .

عندما يستطع أحد ان يثبت أن الديك يبيض ..سنكون عندها ممنونين وعلى إستعداد للجدال هل هذه البيضة إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو إلى أى نوع أخر من البيض فى هذا السوبرماركت الهائل عبر الزمان .

أرى بأن التمويه عن قضية بأن الديك يبيض للدخول بعد ذلك فى متاهات عقلية وحوارات جدلية عقيمة يكون هذا الأمر مناورة يمارسها العقل الإيمانى لتمرير الإيمان ..أى تنشغل فى عشرات القضايا الإيمانية وتنسى القضية الأولى التى هى لب الموضوع ..هل الكون مخلوق ؟ ..وهل هناك خلق فعلا ؟ ..وهل الديك يبيض ؟



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة النفاق والوصولية .
- أحلامنا المكسورة .
- مناورة العقل الدينى .
- ثقافة العبيد .
- العروسة والمسدس


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - الديك لا يبيض .