|
أوراق التصويت بدلا من رصاص البنادق.(1)
سالم اسماعيل نوركه
الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 23:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(كان السلطان المسلم يرث العرش عن ابيه وهو لا يعرف من امور الدولة سوى ان يتمتع بميراث ابيه، ويداري الجلاوزة والجلادين الذين يؤيدونه في تدعيم هذا الميراث)(2) واذا دعته الحاجة يشهر السيف ويعلن الجهاد ضد الطامعين في الميراث!! فهو السلطان وابن السلطان وابو السلطان من وجهة نظره الى قيام الساعة!! يظلم الناس من حيث يظن انه عادل فاذا اعترض عليه احد يصيح يا جلاد اضرب عنقه وعند هذا يذهب الزنديق الى جهنم لعنة الله عليه(3). كما في اوربا قديما كان كل معارض سياسي يتهم بالهرطقة باعتباره منحلا يهدي الى الضلال وخطراً على المجتمع في الوقت التي كانت الهرطقة تظهر مع المعارضة السياسية والاقتصادية وكان القضاء عليها ايضا لاسباب سياسية واقتصادية... واسست الكنيسة الكاثوليكية في القرن الثالث عشر محاكم التفتيش لاستئصال الهرطقة(4). ما زال الانقضاض على السلطة والتمسك بها والعيش في جلباب الامس افكاراً سودا تراود البعض، كذلك فكرة تخوين الاخر والتشدق الكاذب بالديمقراطية ظنا منهم بائسين باعادة عقارب الساعة الى الوراء، تراهم يلوحون بالتهديد تارة وباستخدام السلام تارة اخرى، لانتزاع كلمة نعم جوفاء، والتجارب المريرة في كل العالم اثبتت بأن الذي يأتي بالسلاح الى دست الحكم يرحل به والعقل والمنطق السليم يقتضي المجيء باوراق التصويت والرحيل بها، كي تسير الامور بشكل سلمي ويكمل الخلف الاجدر مسيرة السلف وهكذا، دون ضجيج وقعقعة السلاح بمشاركة جماعية ومعارضة سلمية، يطرح مشاريع وبرامج اصلح لخدمة البلاد والعباد بدلا من تحويل اوراق التصويت الى رصاص البنادق!! والسير ثانية وان كان رويدا رويدا في طريق الدكتاتورية والشمولية التي جلبت الدمار والخراب واحرقت اليابس والاخضر، علينا محاربة (انا الاصلح والاخرون هواء في شبك) والذي يريد ان يكون الاصلح عليه ان يؤمن بالمثل القائل: (كن احكم الناس ان استطعت ولكن لا تقل للناس كذلك). على الشعوب العراقية ان تتحرك بتحضر لتقول كلمة الفصل لان الامر اولا واخيرا يمس مصالحها، والاساليب سيئة الصيت التي تبتدعها الانظمة الدكتاتورية والشمولية والاشخاص الذين يحملون فايروسها!، لابد ان يحاربوا كي لا تعود النظم البائدة والمتخلفة الى واجهة الاحداث مرة اخرى، حيث ان النظام البائد وقبله هتلر (ابتدع اسلوب الاستفتاءات اذ كان يطلب من الناخبين ان يصوتوا اما بنعم او لا، وكثيرا ما كانت تجري استفتاءات صورية حول مشاريع قوانين بعد ان تكون قد دخلت مرحلة التنفيذ الفعلي وبفعل اجواء الارهاب اخذت بعض الاحزاب تحل نفسها فيما تولت الحكومة في تموز 1933 حل بقية الاحزاب بما فيها حزب الوطنيين الالمان الذي كان حليفا للنازيين.(5) بالامس كاد البعض من الكتاب المأجورين ينعت رأس النظام بنعوت غريبة وعجيبة، بل البعض منهم فعل فعلا كما فعل ايام زمان كهنة مصر وبهذا الخصوص يقال: (كان الملك عند المصريين والرومان بعد الالهة ولما جاء الاسكندر المقدوني الى مصر في القرن الرابع قبل الميلاد، جعله الكهنة ابناً للرب آمون، وواضح انه حين يكون الملك آلها فأن الشعب لا يمكن ان يكون شيئا، بل ان الثورة على الملك عندئذ تعد كفرا والحادا)(6) وكهنة اليوم لهم وجود ولكن بجلباب العصر: فحذار منهم! اهم شيء ان نتعلم ونتعظ من دروس الماضي، فالشعوب المتعلمة لا تنطلي عليها الاكاذيب ومحاولات بعض الساسة بزيادة صلاحياتهم على حسابها. يقال: (ان جيمس الاول 1625) الذي جاء الى العرش الانكليزي وعمره ست وثلاثون سنة... كان يؤمن بأن الرعبة لا تمتلك حقوقا Rights انما يتمتعون بامتيازات منحها اياهم الملك، مقابل تأدية الواجبات Duties، والملكية في نظره منحدرة من الله، فان الله عين الملوك ليحكموا... كانت تجاربه مع برلمان اسكتلندا انه قاعة لتسجيل اوامر الملك، ولم يدر ان البرلمان الانكليزي شيء يختلف عن اسكتلندا... لقد ادت محاولته الى ازدياد صلاحياته الى النزاع مع البرلمان وانتهت في الحرب الاهلية.(7) الشعوب المتعلمة الواعية هي التي تحول رصاص البنادق الى اوراق للتصويت، فالديمقراطية نظام في المجتمع قبل ان تكون نظاما في الحكم ونظرية الحق الالهي للملوك Divine Right of King ولت مع العروش التي تهدمت بكفاح الشعوب واليوم لا يمكن اوامر الملوك او الساسة ان تتحول الى قوانين، الشعوب هي صاحبة القوانين تمنح المؤهل من ابنائها الصلاحيات لسنها لتخدمها وتحقق العدالة لها لا الحاكم الذي (لا يستطيع ان يكون عادلا من تلقاء نفسه، اذ هو قبل كل شيء انسان فيه من نقائض الطبيعة البشرية ما في غيره، وهو مهما كان تقيا في اعماق نفسه لا يفهم العدل كما يفهمه رعاياه القابعون في الاكواخ البعيدة... يقول المثل الانكليزي: اذا اردت ان تعرف حقيقة انسان فأعطه مالا او سلطة).(8) تمجيد الافراد المتسلطين والشعارات الخاطئة لابد ان تحارب من قبل الفئات المتعلمة التي عليها اخذ دورها لا ان تقف مكتوفة الايدي وتنظر الى الفئات المتخلفة وهي تحول اوراق التصويت الى رصاص البنادق، وبرلمان المستقبل ليس كقاعات الامس لتسجيل الاوامر من قبل الطغاة فيها، لا يمكن قبول برلمان يتحول الى تجمع لتمجيد ومباركة اعمال الحاكم المستبد، والديمقراطية لا تشرع بالظهور من تلقاء نفسها، بل بتحطيم النظم البائدة التي عفا عليها الزمن وهي تحصيل حاصل مع الشعوب التي حولت رصاص البنادق الى اوراق للتصويت (فأن الشعب الذي يحكم نفسه يحتاج الى ان يكون كله، او على الاقل الناخبون متعلمين)(9) لذا (من النادر ان نسمع بحدوث ثورة مسلحة في بلد من البلدان الديمقراطية الحقة)(10). نسمع بحدوث الثورات والانقلابات ومنها الدموية وتصفية الخصوم عند المقدرة في البلدان الواقعة مثلا في افريقيا وآسيا بالدرجة الاساس في الوقت الذي يتداول الاخرون السلطة بشكل سلمي وديمقراطي من خلال اوراق التصويت بدلا من رصاص البنادق. فهل نحن فاعلون كما تفعل الشعوب الديمقراطية الحقة او نظل نبحث عن (القائد الضرورة) مرة اخرى ونقر له بادارة البلاد والعباد كيفما يشاء. الهوامش: 1- وعّاظ السلاطين. د. علي الوردي ص266 عن الكاتب الامريكي المسترليمان. 2- المصدر السابق ص267. 3- انظر: مهزلة العقل البشري. د. علي الوردي ص151-152. 4- تاريخ اوربا من عصر النهضة وحتى الثورة الفرنسية. 1500-1789 د.محمد محمد صالح دار الجاحظ للطباعة والنشر بغداد 1981 ص214. 5- دراسات في التاريخ الاوربي الحديث، د. خليل علي مراد وآخرون ص323. 6- ما هي النهضة ـ سلامة موسى ص130 كلية المعارف. 7- تاريخ اوربا من عصر النهضة وحتى الثورة الفرنسية 1500-1789 ص353 8- وعاظ السلاطين ص262 9- ما هي النهضة،ص129 10- وعاظ السلاطين ص266 [Fuga 4 Help]
#سالم_اسماعيل_نوركه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأستقلال الكردي ممكن وكذلك أستمراره.
-
(تسقط الوطنية وتعيش المولدة!!)
-
بأية قبلة تصحين؟
-
عصر التنوير لم يبدأ عدنا بعد...!
-
أستاذ شاكر نابلسي..لماذا كلفة الديمقراطية العراقية..باهظة؟!
-
العراق..أما بوابة للديمقراطية..أوللجحيم...!
-
سوف نفتح (للجهنم أبواب جديدة)...!
-
مثل طبيعة...
-
موزائيك..وجدار برلين!
-
إلى أين نريد أن ننتقل؟!
-
من المستهدف؟ومن الذي يستهدف؟
-
ماذا نقدم لهم إذا عادوا!؟
-
قالت لي السمراء
-
الصين..والناس..والملوك!
-
أحبك بالصمت.
-
أبصم باليقين يا سيدتي.
-
بين معادلتين قاسيتين..فحصل ما حصل!
-
تساؤلاتي ...؟
-
ألف ليلة وليلة...
-
الحروب والعصور...
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|