|
نادين البدير : وجاهلية البداوة
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 23:21
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
كان مخطئاً ابن خلدون عندما أدعى أن البداوة أصل الحضارة ، فقوله ذاك ، إذ يعني أن الجنس ( البداوة ) أصل الحضارة ، وما كانت الحضارات عبر التاريخ البشري تبنى بواسطة الجنس ، الذي إن ارتقى ، فلا يعدو كونه مجرد ثقافة في قاموس الشعوب المتحضرة . قبل أن أدلف في عمق القضية التي أثارتها " نادين البدير" المنتمية تاريخاً إلى شبه جزيرة العرب ، استذكر ما قرأته ذات مرة في إحدى الكتب العربية ، التي تستعرض نظرة الصهاينة للعرب ، حيث يبدأ أحد المفكرين الصهاينة ، بتشخيص واقع العرب المرير ، مبتدءاً تشخيصه من الناحية الجنسية ، فيقول : العرب مهووسون جنسياً ، وكل مالهم وعقلهم ونفطهم في سبيل الجنس ، يهرولون شبقاً وراء شقراوات الغرب . في الحقيقة أن إسرائيل ، نجحت في وضع يدها على جرح العرب النازف ، من دون أن يستطيع العرب أن يشخصوا داءهم ، ربما لأنهم مهووسون بالجنس حقاً ، ولأن ذلك عائد إلى طبيعتهم البدوية التي نظمت القوافي واستلت السيف واستنطقت الشعر في سبيل الجنس ، لا في أي سبيل أخر ، ولنا في الأساطير عبرة ، تبدأ من طبقة الفرسان ، كعنترة العبسي والزير سالم ، وصولاً إلى طبقة الصعاليك ، كعروة بن الورد ، لا بل أن الأدب العربي يتلخص كله حول المرأة قبل الإسلام . لكن ماذا جرى اليوم في عصر الإسلام ؟ فلتاريخ الولاة والخلفاء عبرة ودرساً بليغاً ، توجه الخليفة العباسي هارون الرشيد ، الذي نكح من النساء ما عجز الرجال عن فعله في كل عصر وزمان . فكل يوم يمضي ، وإسرائيل التي خصها القرآن في كثير من القصص ، تبعد أشواطاً وأشواط ، في كل مجالات العلم والفكر ، فيما العرب غارقون بملذاتهم وما يستثير غرائزهم وشهواتهم ، ويتمنى بعضهم لو عاد به الزمن ، إلى زمن العبيد والجواري ، وهنا مكمن الاختلاف العميق ، بين العرب كأمة منحطة أخلاقياً وفكرياً ، وبين إسرائيل الناهضة من ركام التاريخ وآلام الماضي ، الاختلاف بين عودة إسرائيل إلى التاريخ من باب القوة التحدي الذي اختطه داود وموسى ، وبين عودة العرب إلى زمن الملذات والشهوات الذي اختطه ثلة من الفرسان والصعاليك والولاة على حد سواء . لكن مَن هم العرب ؟ هل عنت البدير ، العرب كل العرب ، أم أن للقضية وجوه أخرى ؟. فإذا كانت تعني العرب جميعاً ، وهذا واضح من لهجة خطابها الثقافي والإعلامي ، فإن لبعض العرب حق تسجيل نقاط الاختلاف معها ، فليس كل العرب الآن ، هم عرب في حقيقة أصلهم الجيني ، وهذا ليس تشكيكاً في نظرية العروبة ، أما إذا كانت لديها مشكلة عاشتها ولمستها طويلاً في مجتمعها البدوي ، وأسلوب تعامله مع المرأة قبل الإسلام وبعده ، فلا ينبغي الحكم على المجتمعات الأخرى الناطقة بالعربية . فمن قلب المجتمعات الآرامية سادت المرأة وتسيدت كالملكة زنوبيا ، ومن قلب المجتمعات الفرعونية ، ظهرت الملكة ايزيس واتبعتها كليوباترا ، ومن بين ضفتيهما ، أي من قلب المجتمعات الفينيقية – الكنعانية ، خضع ساحل المتوسط للإمبراطورة إليسا ، فمن حق البدير أن تسأل ، ماذا كان لدى مجتمعها في الماضي والحاضر ؟. إن الانتهاكات العميقة التي لحقت بالمرأة العربية ، لم تكن في عصور الجاهلية ، قدر ما كانت في بداية عصر الإسلام ، وهنا تبرز مشكلة أخرى ، وعلى البدير حملها ثانية ، لأن الإسلام ، لم ينطلق من أرض الشام أو مصر ، بل انطلق من مسقط رأسها ، أي من جزيرة العرب ، ودليلنا على هذا الانتهاك ، هو رفض النساء جميعاً وبلا استثناء لسورة النساء ، التي تشرع تعدد الزوجات ، بحيث يعني رفض أي سورة ، رفضاً كاملاً لكل القرآن ، غير أن رفضها لتعدد الزوجات ، واستماتتها للدفاع عن المرأة ، ليس نابعاً في أساسه من صلب القرآن ، إنما من أسلوب الممارسة العائدة لعصور الجاهلية الأولى لأبناء جلدتها ، الذين لا تستطيع الانفصال عن ثقافتهم الجنسية مهما حاولت أو فعلت ، وحتى لو ظهرت على قنوات التلفزة الأميركية ، أو حملت الهوية الأميركية ، وما كتاباتها الأخيرة ، إلا تكسيراً وتحطيماً لمجاديف المركب ، الذي يركبه مجتمعها ، إن إسلامياً أو بدوياً ، وهو ذات المركب الذي ركبته باقي المجتمعات المعربة ، إن بفعل الإسلام ، أو بفعل العادات والطقوس . ويبقى ثمة سؤال أخير ، ظل يراودني كثيراً ، وهو ، لماذا يحق لـ " العربي" الخليجي ( الذكر) سواء كان سعودياً أو قطرياً ، بالزواج من "عربية" ( أنثى ) سورية أو مصرية أو لبنانية ، ولا يحق لـ "العربي" الشامي أو المصري ، بالزواج من خليجية ، أليس في الأمر جاهلية متعصبة لبداوتها ولجنسها ، تنقض عرى الإسلام في أعمق جذوره ، وتعري حقيقة أننا عرب ؟. http://thaaer-thaaeralnashef.blogspot.com/
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديكتاتور 27 ( اغتيال الزعيم )
-
الديكتاتور 26 ( السم )
-
ساعات عصيبة في لبنان
-
الديكتاتور 25 (انتقام الزعيم)
-
قوننة الإسلام عن الهوى
-
الديكتاتور 24 (الغرور)
-
إصلاح العقل في الإسلام
-
الديكتاتور 23 (مغامرات الوريث)
-
هل الإرهاب ديدن الإسلام ؟
-
الديكتاتور 22 ( مومس الوريث )
-
الإصلاح وإشكالية الإسلام
-
الديكتاتور 21 ( التوريث )
-
الحوار المتمدن .. ورحلة البحث عن الحوار
-
الديكتاتور 20 ( النجل )
-
الإسلام والغرب : الترهيب المتبادل
-
الديكتاتور 19 ( الإعدام )
-
الديكتاتور 18 ( النفي )
-
الديكتاتور 17 ( فرمانات)
-
أهلة التطرف الإسلامي
-
الديكتاتور 16 ( الشاهد )
المزيد.....
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024
-
سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024
-
رهاب المثلية في الجامعة اللبنانية يمنع أطروحة ماجستير عن الم
...
-
السلاح المتفلّت يتسبب بجريمة مروعة في البترون
-
طريقة التقديم في منحة المرأة الماكثة والشروط والضوابط المطلو
...
-
-عثروا على رأسها في كيس أسود-.. تفاصيل جديدة مثيرة عن جريمة
...
-
التفاصيل الجديدة وأهم الشروط.. سن التقاعد للنساء في الجزائر
...
-
الاحتلال يهدد الصحافية اللبنانية آمال خليل بالقتل
-
رئيس إيران يتعهد بالحؤول دون تعرض النساء إلى -المضايقة- من ش
...
-
“شهري 800 د.ج ” شروط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في البيت
...
المزيد.....
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
المزيد.....
|