|
ثورة الحسين بين الأمس واليوم
محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث
الحوار المتمدن-العدد: 2871 - 2009 / 12 / 28 - 19:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تفاوتت الرؤى في ثورة الحسين على الحكم الأموي واستشهاده عام 61 هجرية،فهناك الروايات المغالية التي جعلت منها تجارة ومكاسب ،ومسخت تقدميتها عندما حولتها لطقوس بعيدة كل البعد عن أهدافها ومراميها واستغلت هذه الأيام لتحقيق مكاسب انتخابية من قبل الأطراف الدينية التي وجدت في الجماهير الحسينية طريقا للوصول للسلطة فانسجمت معها وأصبحت طليعتها وأنحدر الكثيرون من قادة البلاد الى حسينيون متدينون وهم في القمة من الابتعاد عن كل ما هو ديني قبل التغيير،بل أن بعضهم عرف بالابتعاد عن الفروض العبادية المفروضة على المسلمين ولكنهم وجدوا في هذا السلوك طريقا للكسب السياسي غير المشروع،يسرقون أموال الشعب لصرفها إعانات للمأتم الحسينية معتمدين على الحديث الشريف الحسنة بعشرة أمثالها والسيئة بواحدة،فهم يسرقون المال العام ويرتكبون السيئة ليتصدقوا بها لتكون لهم بحسنات عشر،وهذا المنطق الشكلي وراء الكثير من الفساد الذي يبرر بمثل هذه التخريجات المنطقية التي رفضتها المادية عندما اعتمدت منطقها الجدلي البعيد عن الشكلية التي يمكن من خلالها تبرير كل شيء من خلال فرضياتها الخاطئة التي تكون نتائجها خاطئة حتما. لقد كانت ثورة الحسين التحررية درسا للكثير من الثوار في العالم ،وأسهمت في رفع الوعي الثوري لدى الساعين لتغيير الواقع ،وذلك لإمكانية استغلالها في هذا المجال على عكس ما يجري اليوم في تسيرها لتحقيق المكاسب الآنية والفردية لبعض الأطراف التي سيرتها بما يخدم مصالحها ويحقق طموحها في التسلط والحكم،ويتناسى هؤلاء أن الملايين التي تشارك سنويا في هذه المشاريع ليس لديها دوافع سياسية كما يحاول استغلالها البعض وإنما يعبرون بشكل أو آخر عن رفضهم للظلم الاجتماعي الذين تعاني منه الجماهير الشعبية،التي استغلت عواطفها لتتحول هذه المظاهرة الكبرى في طريق بعيد عن أهدافها ومراميها وأن هيمنة هذه الأطراف على الجماعات المنظمة لها حولها من الركن العبادي التقدمي الى طريق يتقاطع مع أهدافها الحقيقية. وعندما كان الحزب الشيوعي أيام مده الكبير واجهة للمواكب الحسينية،كان لهذه المواكب طعمها الوطني وهدفها التحرري عندما كانت أردودات المشاركين معبرة عن الهم الوطني والهاجس الشعبي وكان غالبية شعراء ورواديد تلك الأيام من العناصر الوطنية المخلصة لشعبها والساعية لتحقيق أمانيه وتطلعاته في الحياة الحرة الكريمة ،وكان لتلك الردات طابعها السياسي والوطني،وهدفها النضالي الذي يرعب الحكام والمستبدين لذلك كان غالبية حكام السوء يحاربون هذه الطقوس ويحاولون تحجيمها أو منعها، ليس لسبب ديني أو تعصب طائفي كما يصوره البعض ممن يحاولون استغلال الأمر بما يخدم مصالحهم في اللعب على أوتار الطائفية البغيضة وإنما لأن هذه المسيرات الجماهيرية تمثل معارضة حقيقة للسلطة وقراراتها القمعية ،وكانت الجماهير العراقية تتابع بعض المواكب المعروفة بتقدميتها واهتمامها بالعمل الوطني لتستمع الى ما يردده المشاركون من ردات تقع في الصميم من اهتمامهم وهمهم اليومي،وكان شعراء تلك الفترة يعبرون خير تعبير عن الواقع السياسي تلك الأيام ولو حفظت تلك الردات والقصائد المعارضة للسلطة لشكلت شيئا كبير في التاريخ النضالي للشعب العراقي،ومما نتذكره أو سمعناه في هذا المجال أو أطلعنا عليه الشيء الكثير مما يمثل واقع الحركة الوطنية في العراق ،فقد كان الشاعر الكبير الشيوعي الشهيد عبد الحسين أبو شبع والشهيد الشيوعي شهيد أبو شبع والشاعر الشيوعي فاضل الرادود وغيرهم من شعراء الحسين الوطنيين يلهبون الجماهير بقصائدهم الرنانة التي كانت ثورة في الثورة وصورة ناصعة لتوجهات العراقيين،في مختلف عهود التسلط والبغي منذ العهد الملكي وحتى العهد ألصدامي الجائر ،ومما قاله فاضل الرادود عام 1963 قصيدته التي ندد فيها بانقلاب شباط الفاشي والتي كان مطلعها : عماش ...بيده الرشاش أو عبد الحسين أبو شبع الذي له الشوارد الخوالد في التحريض على الثورة والانتفاض على الظلم والمعاناة الشعبية التي ناء بأعبائها الملايين. وعندما سقط الحكم الملكي المباد صبيحة الرابع عشر من تموز 1958 وهرب معتمده الغربي ورجله الأول في العراق نوري السعيد بعباءة نسائية ،كانت الردة الحسينية لعزاء أهالي الكاظم النجباء خير وصف لهذا العار: يا حسين اسمع صوت الأحرار هاي الفضيحة ألبقت تذكار هارب بزي النسه خاف الشعب يهجسه يا حسين اسمع صوت الأحرار نعله أعلى نوري أو گـومـه الأشرار حـگ الشعب ضـيـعـه والصوچ من مرضعة يا حسين اسمع صوت الأحرار أو موكب عزاء العباسية في كربلاء الذي يصف معاناة العراقيين في تأمين لقمة العيش وهم يسيرون على آبار النفط: شعبي كالجمل أكله صفه عاكول لكن عل الظهر كله ذهب محمول شنهو الذهب مفعولة للياكل بعاكوله وعندما قام المسعور عيسى سوار القيادي في حزب برزاني بقتل الطلبة الشيوعيين العائدين من الاتحاد السوفيتي كانت المواكب الحسينية تندد بالجريمة النكراء التي أرتكبها الجاحدون في كردستان ،ومما قيل: عيسى شكثر سافل أعدم كم مناضل أهل المطرقة وأهل المناجل وكانت جل المواكب الحسينية يتولى أدارتها وتسييرها الشيوعيون أو من يسير في فلكهم من الشخصيات الوطنية التي وجدت في الشيوعية العراقية مصداقا للثورة الحسينية الرائدة بأهدافها ومراميها وندر أن وجد عزاء أو موكب ليس للشيوعيين فيه المكان الأرفع والتوجيه الكامل ولا زال البعض من أبناء الرعيل الأول يؤدون هذا الدور وموكب شباب العباسية في مقدمة المواكب الحسينية التي كان لها ولا يزال الدور الوطني والبعد النضالي ولا زال يحضا بإعجاب الجماهير التي تنتظر لساعات موعد انطلاقه لتستمتع الى الصوت الثائر والنغم الجميل ،وقد أورد الرفيق صباح حسن عبد الأمير مجموعة من الردات التي رددها الموكب المذكور وجميعها تصب في الخط الوطني الرافض لجميع أشكال الاستغلال والتسلط والفساد الحكومي ونشرها العام الماضي وهي تعبر خير تعبير عن مطامح الشعب العراقي في مواجهته الكبرى مع الإرهاب والاستغلال والفساد الحكومي وربما للموكب هذا العام أردوداته المتشابهة التي نأمل أن تأخذ طريقها للنشر ليطلع العراقيون على حقيقة النضال الوطني الذي لا زال الشيوعيون ينوءون بأعبائه رغم الظروف العسيرة التي تمر بها الحركة الوطنية في العراق. وفي هذا العام لو قيض للرأي الآخر أن يجد طريقه للإسهام بهذه المراسيم وإبراز الوجه الثوري لمعركة ألطف الخالدة لكانت أردوداتهم لا تخرج عن الإطار الوطني الداعي لنبذ الفرقة الطائفية ودعوة الحكومة لمعالجة الملفات الساخنة في المجال الأمني والخدماتي ومكافحة الفساد ومواجهة الإرهاب ولكن هيمنة الجهات الفاعلة في الحكومة العراقية حرف هذه الاتجاهات الوطنية لتكون هذه المسيرات الجماهيرية خالية من الروح الثورية المقاتلة التي كانت عليها أيام المواجهة مع الحكام المستبدين وقد قيل أن هناك مواكب قد رددت بعض الردات المنددة وأنقل بعضها على ذمة ذاكريها لعدم سماعي لها فعلا وعدم مشاركتي في مسيرات هذا العام بسبب الوضع الصحي وعوامل أخرى،وهذه الأردودات تعبر عن حس وطني افتقدناه هذه الأيام. وين يا حامي الحرب على المفسدين ليش ما شفنا حكم عل المجرمين رقابهم محدلواها لا قضاء ولا نزاهة..؟ تدري جيران الوطن متآمرين على تمزيق الوطن متوحدين يا حسين كل حزب عنده أجنده والشعب بس الله عنده يا إمام الثائرين على دربك سائرين يا حسين..
#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الصرخة الشيوعية المناضلة هل تجد صداها لدى الآخرين
-
بوركت يا مفتش وزارة النفط
-
زود الغركان غطه
-
فوق حجيه دجاجه
-
التراجع والإجحاف وجهان لصورة واحدة
-
صناع الملوك
-
التوافقية في تصريح المكتب السياسي
-
فوائد سقوط النظام
-
ولكنه ضحك كالبكا
-
آكلي لحوم النساء
-
تريد أرنب أخذ أرنب تريد غزال أخذ أرنب
-
كلمن يحوز النار لخبزته
-
الرفوف العالية
-
مرحى للهاشمي على موقفه المشرف إزاء قانون الانتخابات
-
ما شفناهم من باكوا شفناهم من تعاركوا
-
صوت الشعب
-
عمي يا بو جاكوج
-
قانون الانتخابات ..انقلاب على الدستور
-
لماذا الإنفراد بالصحفي وارد بدر السالم
-
المجتمع وراء البغاء
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|