أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ممنوع الدخول: توارد الخواطر بين -الإمارة- و-الحارة- و-النقابة-















المزيد.....

ممنوع الدخول: توارد الخواطر بين -الإمارة- و-الحارة- و-النقابة-


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2872 - 2009 / 12 / 29 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المظالم كثيرة فى هذا العالم، وبخاصة فى عالمنا العربي الذى يتعرض لظلم تاريخي طويل من قوى خارجية "مفترية"، لكن ظلمه لنفسه ولأبنائه أقسى وأضل سبيلا.
ولأننا "رعايا" ولسنا "مواطنين"- بالمعنى الدقيق للكلمة- فإن كثيرا من هذه المظالم يدخل فى باب المسكوت عنه، وفى الحالات القليلة التى نقرر فيها التمرد على الصمت لا نملك سوى إصدار "بيان"، ولذلك تشكل بيانات الشجب والإدانة والاستنكار جزءا من الثقافة السائدة من المحيط إلى الخليج. وعادة ما ينتهي "مفعول" هذه البيانات بمجرد قراءتها لأن الكلمات تتحول فيها إلى بديل عن الفعل.
وعندما قامت السلطات الكويتية بمنع المفكر المصرى الكبير نصر حامد أبو زيد من دخول إمارة الكويت بتحريض من جماعات أصولية متطرفة، مارسنا العادتين العربيتين معا، فسكت معظمنا بينما أصدر عدد قليل من مثقفينا بيانا يدين ويشجب ويستنكر.
لكن بيان التضامن مع نصر حامد أبو زيد شهد أموراً غير مألوفة وغير معتادة، تجعله يستحق "بيانا" تفسيريا لما حدث.
فهناك ثلاثة أمور أساسية ملفتة للنظر ارتبطت بالبيان التضامني مع نصر حامد أبو زيد، أولها يبعث على الفرح وثانيها يبعث على الغضب والأسف والثالث يبعث على التأمل .
****
الأمر الأول هو أن أول من تلقفه وارتكز عليه من أجل القيام بـ "عمل" تضامني جاد مع الدكتور أبو زيد كان وزميلنا محمد عبد القدوس عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنة الحريات بالنقابة.
وليس سراً أن محمد عبد القدوس ينتمي إلى جماعة " الإخوان المسلمين" الذين تربطهم قرابة فكرية وإيديولوجية مع بعض الفصائل الكويتية التى تناصب نصر حامد أبو زيد العداء بل أن بعضها يفتى بإهدار دمه.
ومن هنا.. كانت المفاجأة الحقيقية أن يتحمس محمد عبد القدوس لعقد ندوة تضامنية مع الدكتور أبو زيد داخل نقابة الصحفيين المصريين.
ولاشك أن هذا موقف محترم يستحق التحية والإكبار، ويدل على نضج إنساني وفكري- نفتقده للأسف الشديد فى معظم الأحيان- ونقلة نوعية فى التعامل "الانتقائي" مع مسألة الحرية ووضعها – ربما لأول مرة من جانب إخوانى مصري- قبل الانتماء الإيديولوجي.
وتركيزي على هذه النقطة يتجاوز اعجابى بموقف الزميل العزيز محمد عبد القدوس، حيث يراودني الأمل فى أن يكون هذا الموقف الفردي بداية للتحول لموقف عام على الأقل من جانب قطاع أو جناح من جماعات الإسلام السياسي المصري ينتصر لقضية الحريات العامة والخاصة ويضعها فوق الانحيازات الإيديولوجية، لتكون احد "المشتركات" الفعلية بين الجماعة الوطنية. على اختلاف مشاربها.
وفى ظني أن الأمر لو كان كذلك فإننا نكون إزاء فرصة جديدة يجب تقييمها دون تهوين أو تهويل واستخلاص النتائج السياسية المترتبة عليها دون تعسف أو إهمال.
****
الأمر الثاني، أن بعض الأشخاص فى نقابة الصحفيين المصريين تصرفوا – فى هذا السياق- بصورة بيروقراطية غبية، حيث انتهزوا فرصة غياب النقيب المحترم والمستنير الأستاذ مكرم محمد احمد، وتعذر الاتصال به أثناء سفره إلى الخارج لتغطية مؤتمر كوبنهاجن، وتعللوا بأمور تافهة لمحاولة منع تضامن الصحفيين المصريين مع نصر حامد أبو زيد. بل إنهم أغلقوا أبواب النقابة بالفعل لمنع دخوله أو دخول المتضامنين معه وأصبح الموقف بالغ الغرابة حيث أن تصرفات هؤلاء شوهت موقف النقابة ووضعتها – عملياً- فى نفس الخندق الذى يقف فيه المتطرفون الكويتيون الذين اتخذوا قرار منع الدكتور أبو زيد من الدخول. صحيح أن الأسباب تعددت لكن النتيجة واحدة.
ولولا اتصالات محمومة قام بها عدد من الزملاء، فى مقدمتهم الكاتب الصحفي المحترم عاصم حنفى، لتحول الأمر إلى فضيحة مدوية.
وأسفرت هذه الاتصالات والمفاوضات عن حل وسط غريب قبل الموعد المقرر للندوة التضامنية ببضعة دقائق فقط. وكان مضمون هذا الحل الوسط هو السماح بدخول الدكتور نصر حامد أبو زيد والمتضامنين معه من باب النقابة، لكن إلى الردهة فقط، أى عدم السماح باستخدام اى قاعة من قاعات النقابة المجهزة بالميكروفونات والمقاعد. والحمد الله إنهم سمحوا لنا بسبعة مقاعد لا ثامن لها، وإلا لاضطر "أبو زيد" للجلوس على البلاط هو وكبار المثقفين الذين جاءوا للتضامن معه وفى مقدمتهم الدكتور جابر عصفور والأستاذ عادل حمودة.
وجاءت الفضائيات من كل حدب وصوب وتحدث أبو زيد فى ظل هذه الظروف اللامعقولة التى وضعت نقابة الصحفيين فى وضع مشين لا يليق بها على الإطلاق.
****
وهذه النقطة تنقلنا مباشرة إلى النقطة الثالثة، ألا وهى ردود الفعل للبيان التضامني مع أبو زيد ومقال كاتب هذه السطور فى هذه الصفحة الأسبوع الماضى.
ولفت نظري أن المقال المشار إليه أطلق سيلاً من ردود الأفعال التى يمكن وضعها فى فئتين رئيستين:
الفئة الأولى عبرت عنها رسائل كثيرة جداً، تبلورها جميعها رسالة بالغة الأهمية، وأهميتها تعود –أولا- إلى شخص كاتبها وهو الزميل العزيز الأستاذ سامى الرزاز الذى كان من ألمع وأذكى العقول الصحفية المصرية لكن الأمم المتحدة اختطفته منا حيث يعيش فى نيويورك منذ ما يقرب من عشرين عاماً ويتبوأ منصبا مرموقاً فى مقر الأمم المتحدة.
يقول سامى الرزاز "الموضوع لا علاقة له بكرامة المصريين أصلاً. فالموقعة عرض من أعراض الصراع الدائر فى أنحاء المنطقة كلها بين تيارات الإسلام السياسي وفصائلها السلفية والظلامية وبين التيارات المستنيرة المتقدمة. ولو كان الدكتور نصر حامد أبو زيد كويتيا لمنعوه أيضا من الدخول (هذا إذا سمحوا له بالخروج أصلا) وليت الصديق سعد هجرس يتذكر أن مصر هى التى سبق وان أصدرت حكما قضائيا بتكفير الدكتور أبو زيد والتفريق بينه وبين زوجته، وهو ما اضطره للعيش فى منفاه فى هولندا. وإذا كانت السلطات المصرية تسمح له بدخول مصر والبقاء فيها، فان ذلك يتم بشكل ودي لا يغير شيئا من وضعه القانونى (أو غير القانونى!) . ثم إن مصر نفسها تمنع من تشاء من دخول أراضيها دون أن يعترض احد، والمفارقة أن أخرهم كان نائبا فى البرلمان الكويتي الشهر الماضي!!).
أما الفئة الثانية من ردود الأفعال- وهى للأمانة ليست قليلة بل ربما كانت كفتها هى الأرجح- فهى بمثابة استنكار للتعاطف مع نصر حامد أبو زيد أو التضامن معه انطلاقاً من تكفيره.
ولا توجد مشكلة بالنسبة للفئة الأول التى تمثلها الرسالة المحترمة للكاتب الكبير سامى الرزاز – الذى نفتقده نفتقد قلمه كثيراً- لأنها تثرى القضية المطروحة وتلقى مزيدا من الأضواء على دهاليزها وسراديبها المعقدة والمتشابكة والمعتمة.
المشكلة بالاحرى مع الفئة الثانية التى تتسع قاعدتها فى ظل استشراء وتغول الثقافة اللاعقلانية والأفكار التكفيرية المتزمتة والمتعصبة. والعقدة هى أن هؤلاء مواطنون مصريون تحرك معظمهم نوايا حسنة وغيرة على الدين الحنيف الذى يظنون أنه يتعرض للخطر فى حين أن كل الجدل الدائر فى المجتمع (دنيوي) من أوله إلى أخره.
وبالتالي فإن الخروج من هذا المأزق الحقيقي ليس بالتعالي عليهم أو تجاهلهم وإنما بتأمل هذه الظاهرة المخيفة والبحث عن سبيل لتفكيكها – بالعقل- قبل أن ترتد مصر إلى العصور الوسطى.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علاقة مسمومة: ظلم عواطف حميمة.. واستفزاز مجتمع فقير
- الدعائم الأربع لحرية الصحافة فى مصر
- هل كان مفروضاً أن يكون مصر حامد أبوزيد.. لاعب كرة؟!
- قبل أن نسير فى جنازة الصحافة التى أحببناها
- الأذان فى مالطة.. وسويسرا!
- ضمائر حية.. وقلوب مازالت تنبض.. في الجامعة العربية
- هل يأتى حل عقدة خلافة الرئيس على يد الدكتور يسرى الجمل؟!
- إعلام لا يعلم ولا يتعلم:استنساخ الفشل والغوغائية وابتذال الو ...
- سائق حافظ المرازى.. الفيلسوف
- مصابيح التنوير والابداع التى تنطفئ
- نتائج خطيرة لدراسة ميدانية مهداة للنخبة الحاكمة والمحكومة:«ا ...
- السائرون نياماً .. على أرض -المريخ-؟!
- درس من أوباما فى مسئولية الدولة عن صحة أبنائها
- هل يتساوى الشهيد الذى ضحى بحياته مع لاعب الكرة الذى سيتقاضى ...
- إنها مجرد لعبة.. فلماذا كل هذا الصخب؟!
- قطار -الخصخصة- وصل إلى تاريخ الحركة الوطنية!
- كنيسة -الوطن-.. أم حائط مبكى -الطائفة-؟!
- نريدها دولة -طبيعية-.. هل هذا كثير؟!
- التهمة هي انتهاك الحق في الصحة والحق في الحياة
- مستقبل مصر: إلهام التاريخ وكوابح الحاضر


المزيد.....




- السودان: غوتيريس يدين تواصل تدفق السلاح والمحاربين ويدعو لوق ...
- مصر.. فيديو لفرد شرطة يتشبث بسيارة والداخلية تكشف السبب
- ولي نصر لـCNN: الولايات المتحدة قد تبدأ حربًا مع إيران لكنها ...
- العيون تتنفس!.. علماء يكشفون عن رابط غامض بين التنفس والبصر ...
- قنبلة جرثومية موقوتة في غرف نوم الصغار!
- MSI تطلق واحدا من أفضل حواسب الألعاب المحمولة
- الملح وتأثيره غير المتوقع على الصحة العقلية
- ثورة في الطاقة الخضراء.. اختراع بطارية تشبه معجون الأسنان يم ...
- الفاشر تحت الحصار، بي بي سي تهرّب هواتف من المدينة لكشف معان ...
- مصادر دبلوماسية تكشف أن الجولة المقبلة من المحادثات النووية ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - ممنوع الدخول: توارد الخواطر بين -الإمارة- و-الحارة- و-النقابة-