عبدالحميد البرنس
الحوار المتمدن-العدد: 2870 - 2009 / 12 / 27 - 12:13
المحور:
الادب والفن
الخامسة صباحا في "أتوا". قبل قليل أيقظني صوت طائر جميل، لعله الكروان، لأن في صوته طلاوة أشبه بتلاوة شيخ حسن في كوستي. كل ذلك ذكرني أوراد أمي وهي تهمهم بها بعد صلاة الفجر. وجدتني أفتح باب المنزل الخارجي. لا تزال الأشياء في الحديقة غارقة في سكينتها وثمة عتمة خفيفة تخفي ملامحها. كان من الممكن بسط الذكريات فوق ملاءة الهواء الباردة.. التمعن فيها بحنو ومحبة.. والإنصات أكثر وأكثر لشدو الأشياء في سكونها الأبدي الخالد. لو لا أن عليَّ ملء بعض الفورمات ليوم ممل آخر.
Dearest:William,
Good morning my love!! I just thought I would explain myself a little better than last night. I just want you to know that I was not kidding about the love I feel for you. I felt like this for quite some time, but I have a weakness about expressing my feelings for someone. I just hope that god has some great things ahead for me and you together as a couple. That is if you still want to be with me. I totally understand that you have a lot of things going on in your life, but I just want to be a part of that and to help you through it. I am so sorry for the past on how I acted toward you. I just hope you can forgive me. I like how we discuss our issues, and we ask each others opinions. To tell you the truth I have never wrote a letter like this to someone I really care for. Also I felt very sad and betrayed last night when you told me you were in love with your cosin. I just hope that I can be the love of your life!! Also I tried calling you a lot of times when I was away, but there was never no answer and you know that I do not leave messages. I always thought of you when I was away and I even called you on Valentines Day to see if you wanted to be my date for dinner. I tried to call you over Christmas, but there was still no answer. So you can not say that I didn’t think of you, because you were always in my mind. I even thought of you when I heard Bob Marley!! I believe that if were a couple we can accomplish a lot of things that we never thought possible. I just have to let you know that I can not be the second one you love; I always have to be the first!!
I am terribly sorry for my past but I can not change that now.
Well wake me if you have any questions about what I had to say
I LOVE YOU William!!
LOVE
كنت أجلس على بلكونة صحبة أصدقاء. على المائدة شراب مشكل وطعام طيب ترفده الونسة فتشعر بين وقت وآخر وكأن الفناء لا وجود له. ولم يخطر على ذهني مطلقا أنني مقبل بعد ثوان قليلة نحو غرام من نوع فريد.
آنذاك رن جرس الهاتف على حين غرة. أمسك صاحب الشقة السماعة المتحركة. أخذ يتفوه ببعض المجاملات قبل أن يمرر لي السماعة في صمت. وسط أجواء محتفلة على الجانب الآخر تطغى عليها أصوات نسائية مرحة أطلقها السكر، جاءني صوت صديقي عمر مبتهجا على غير عادة لهجته الجافة. بدا لي ذلك كسلوك صادر في أحيان كثيرة عن خبرة أنهكت صاحبها صدمات في الناس بلا نهاية أوحدود فآثر أن يحمي ذاته بستار كثيف من القسوة الظاهرية. هكذا، يبدو العالم كمجال غير صالح للتعامل بطيبة آسرة أومحبة.
طلب مني عمر وقتها أن أحضر في الحال و"على جناح السرعة". سألته وسط ضحكاته الصاخبة الرنانة لماذا يا عمر. قال إن جارتين تزورانه للمرة الأولى من دون سابق موعد أومعرفة. وقد أحضرتا معهما من الشراب ما يجعل جيشا يسير بعد ساعات معدودة على رأسه. آنئذ حملت سماعة الهاتف وذهبت إلى غرفة داخلية. قلت له وأنا أغلق الباب جيدا ورائي ولكنك لا تشرب. قال اشرب أنت فقط معهما وأنا سأنتظر. وسألته بغباء متعمد وأنا أكتم ضحكة كعادتي حين يبدو لي العالم على درجة من البراءة قائلا وما الذي تنتظره يا عمر بعد شرابي مع ضيفتيك. انتهرني وهو يمضي في صدقه البهي قائلا على حافة اليأس والرجاء: "حامد، يا أخي، إنت بليد ولا شنو"؟.
كنا أنا وعمر وقتها حديثي عهد بمعرفة كل منا بالآخر. وما صداقتنا آنذاك إن جاز تسمية ذلك صداقة سوى نوع من خوف غريزي للعيش في صورة قطيع في بلاد لا تشبه مطلقا منابت جذورنا البعيدة النائية في شيء.
عدت إلى البلكونة، حيث كان أصدقائي كسياسيين سابقين يتداولون أمرا حول أسعار الدولار "هذه الأيام" في السودان، بعد أن فرغوا للتو من الحديث عن الشراك اللازمة لإغواء "خواجية" تسير بصحبة كلب في شارع عام، وبدا أن جلستهم أخيرا في سبيلها إلى التحول إلى شيء آخر حزين، عندما أخذ إثنان منهما في التراشق اللفظي فجأة، وكان ذلك مدعاة للإنزواء ومحاولة التطلع من فوق فروع شجرة الآش القريبة إلى منحنى الشارع البعيد المعتم.
أوضحت ل"عمر" أني لا أستطيع الحضور "الآن" للأسف الشديد. وطلبت منه أن يدع إحدى الفتاتين تتحدث إلي. حين أنهيت مكالمتي الأولى مع "أماندا"، مرت نحو دقيقة على الأكثر، قبل أن يأتيني صوت عمر مرة ثانية حاملا كل تلك الحسرة اللا نهائية على أمل بدا قريبا ثم ابتعد إلى حين: "يعني الليلة نبيت من غير عشا يا حامد". أكدت له أنه ليس من العدل أن أترك دعوة أقامها لي أصدقاء على وجه الخصوص. ويبدو أنه لم يجد غير تلك الكلمات كمتنفس لغضبه: "لا تخبرني عن صداقة في الدنيا دي". ثم أغلق سماعة الهاتف فجأة. جلست لثوان داخل الغرفة محاولا تجنب التفكير في ما حدث ما أمكن.
أليس مساء الغد بقريب؟.
#عبدالحميد_البرنس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟