|
ما يحمله المتطرفون يزيحه العراق الجديد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2862 - 2009 / 12 / 19 - 14:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد سقوط الدكتاتورية في العراق، ظهر على الساحة مالا يتوقعه اي مراقب من مختلف الجوانب السياسية و الاجتماعية، و مرالعراق بمراحل عديدة متتالية من الحياة السياسية و تميزت كل مرحلة بقصر مدتها و تنوع خصائصها و سرعة بيان المتغيرات المتكررة التي بانت على ملامحها . و رمت في كل مرحلة الجهات المختلفة ما بجعبتها من المواقف و الاراء حول مواضيع الساعة و ما طفت على الساحة من اجل تثبيت ركائزها دون اي حساب لما ينتج و يفرز من تلك المواقف سوى كانت سلبية او ايجابية، و المهم عندها هو تثبيت مكانتها و ثقلها و تحكمها بالمواقع التي اعتلتها ، و الاهم في نظرها في جميع الاوقات هي مصلحتها الخاصة قبل اي شيء اخر ، و قدمت من الاطروحات و ساومت على العديد من المباديء التي تشدقت بها من قبل من جل البقاء و منافسة الاخر فقط و الصراع معه بكل الوسائل مهما كانت اشكالها و تداعياتها او نسبة مشروعيتها. على الرغم من قانونية او دستورية القرارات الضرورية المتخذة او عدمها من قبل هذه الجهات حيال ما فرضتها الايام ، فان العديد منهم لم تتقن اللعبة و انقرضت عن بكرة بيها و لم تبق منها حتى اسمها و اخرى قاومت لحد ما تمكنت من الوصول الى اليوم و ساومت و تنازلت لانقاذ نفسها و استخدمت ما لا يمكن اعتبارها بالوسائل العصرية من اجل عبور المرحلة، و حتى اختلفت في عملها بين الليل و النهار و وصلت الى ما هي عليه اليوم. و بعد الصعوبات و الظروف الذاتية و الموضوعية المحددة لبقاء الجهات، تمت غربلتها بشكل طبيعي و كثيرا بالتدخلات الداخلية و الاقليمية و العالمية و حسب العلاقات و التوافقات و العقود و الاتفاقيات السرية و العلنية العديدة بين المؤثرين على الساحة. و على ما مر به العراق من الظروف المعلومة بقت صنوف مختلفة من الجهات على الساحة السياسية لحد اليوم بحيث نشاهد من الانواع ما لا تصدق انها بقت و قاومت و منها طارئة على الساحة او بفعل موقع او منصب حكومي معين تم ابرازها، و لم تكن النتائج او حصيلة الصراعات عادلة و ربما بقت غير الصالح او ذهبت ما كانت تفيد مستقبل العراق و اجياله و لم تتقن اللعبة بشكل جيد و انقرضت ، و لذلك نشاهد من المتطرفين ما لا يلائم الوضع الحالي بما يحملون من الافكار و العقائد و الاهداف و الاستراتيجيات و ما يتطلبه العصر الجديد المغاير لما شاهده العراقيون من قبل، و بالاخص ما قبل السقوط، و اصبحت هذه الجهات المتنافرة عقدة السياسة العراقية و عائقا امام مسيرة التغيير و الاصلاح المنشود و شغلت الشعب العراقي بما تطرح من الاراء و ما تعتمد من السفسطة و تبيح كل الوسائل في الصراع الدائر و تقف عائقا كبيرا و سدا منيع امام الانتقال و العبور من المرحلة الحالية و تشابكاتها ، و من المؤكد ان تكون ورائها قوى خارجية لن تهمها سوى ما تفرضها مصالحها الاقليمية و منافساتها و صراعاتها العالمية. اما القوى الوسطية الحائرة في هذه المعمعة و التي برزت كنتاج ايجابي في المرحلة المتاخرة بعدما لم توفر امامها الفرصة منذ البدية، تترنح مواقفها وفق ما تفرضها مستوجبات الايام من اجل بقائها حية فقط لحد اليوم، فتارة تتشدد من واقفها و تميل نحو المتطرفين و في اخرى تعود الى واقعها الطبيعي بعد انقضاء الحاجة ، و تتظر لحين مجيء الفرصة السانحة لبيان الراي و الموقف الصحيح حول القضايا.فتتصرف هذه القوى الجديدة بافكار و اراء ما يمكن ان نسميها انتقالية مؤقتة معتمدة على ما تفرضه موجبات الوضع السياسي الجديد العابر . اما القوى العريقة بجميع اتجاهاتها و التي تستند على قاعدتها الاصيلة فتتبع السلم و الامان في تعاملها مع الواقع و الظروف ، و هي مختلفة الافكار و العقائد و فيها ما تتبع اليمين الفكري او وسطي العمل او يساري واقعي ملائم مع الوضع الجديد على الرغم من اختلاف مكانتهم و ثقلهم و امكانياتهم و حجمهم. النوع المتطرف حامل لاجندات مختلفة ، فهم متطرفون الجدد و يمكن ان نصنفهم وفق ما يسيروا عليه و ما تبان م حصيلة اعمالهم، و هم من بقايا الماضي و ما تضرروا من المتغيرات و يحنون الى الماضي القريب سوى كانوا من البعثيين بجميع مشاربهم و من يتعاطفون معهم و يتجدون الاصوات الانتخابية منهم ، او التكفيريين و اصحاب الاراء الدينية المتشددة بجميع صنوفهم، او عديمو الفكر و العقيدة المتلهثون وراء فتات ما تبقى من بقايا الماضي لحد اليوم او اصحاب الوظائف و المراتب و المصالح التي وفرها لهم النظام الدكتاتوري السابق وفقدوها و ينوون ارجاعها باي ثمن كان، و هم الذين ضربت مصالحهم بمجيء العصر و النظام العراقي الجديد، او هم من المرتزقة و المرتبطين بالمؤسسات المخابراتية الاقليمية و العالمية و يتحركون على هوى مموليهم و يتبعون ابخس الطرق في سبيل ضمان ارزاقهم. اذن ما يحمله المتطرفون الجدد ليس بافكار او عقائد يمكن ان تحترم مهما كانت مضمونها و يمكن ان يعطوا الحق لحملها و ان كانت غير عصرية و مضى عليها الزمن ، و لا يتوائمون ما يتصف به الشعب و لا يحملون من الثقافة السياسية و الخصائص الاجتماعية العراقية الاصيلة و هم يرتكزون على نفي الاخر و تسقيطه فقط كما تدربوا عليها من قبل، و لم يحملوا من الاهداف العامة الا ترضية لامريهم و ولاتهم، و لذلك يسمحون لانفسهم حمل الادوات و الوسائل الشاذة مهما كانت نوعيتها لتلبية متطلبات رؤسائهم و السلاح هدفهم و شعارهم و وسيلتهم مهما كانت خلفيتهم العقلية. و من الملاحظ انهم في طور الاختزال يوما بعد الاخر و بفعل المستجدات و الانفتاح و تفهم المجتمع لما يجري ، و بمرور المرحلة الحالية الحساسة سيكسر شوكهم نهائيا و ستظهر الصراعات العقلانية و المنافسة الشريفة للعمل السياسي على الساحة رغم بقاء بعض الشواذ في المراحل الباقية. التي تر في لمحة بصر ، و ستترسخ الحرية و الديموقراطية مها كثرت اعدائها كما نحس عما نعيشه من الاختلاف بين الامس و اليوم من كافة النواحي رغم تبجح القوى الشاذة الاستثنائية او من مترسبي العصر الماضي الاليم.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديموقراطية التركية امام مفترق الطرق
-
الحوار منبر لليسار الواقعي ايضا
-
استئصال البعث بمحو فلسفته ومضمونه و اثاره و ليس باشخاصه
-
الجهات السياسية بين الواقع و التغيير المطلوب
-
المعارضة البديلة للحكومة الاصيلة
-
من يستهدف الصحفيين في العراق ؟
-
النظر الى قضية الحوثيين بعيون انسانية بحتة
-
اعيد السؤال، لماذا أُرجيء التعداد العام لسكان العراق ؟!
-
ماطبقت في اليابان و المانيا لا يمكن تكرارها في العراق
-
لماذا الانتقائية في مقارنة فدرالية العراق مع دول العالم
-
كيفية التعامل مع عقلية الاخر لتطبيق مادة 140 الدستورية
-
ضرورة تجسيد التعددية الحزبية في العراق ولكن!
-
هل تثبت تركيا مصداقية سياستها الجديدة للجميع
-
المركزية لا تحل المشاكل الكبرى بل تعيد التاريخ الماساوي للعر
...
-
من يمنع اقرار قانون الانتخابات العراقية
-
لازالت عقلية الواسطي منغمصة في عهد ذي القرنين
-
هل بامكان احدما اعادة البعث الى الساحة السياسية العراقية
-
فلسفة التعليم في العراق بحاجة الى الاصلاحات و التغيير
-
تكمن الخطورة في تصادم استراتيجيات الاطراف العراقية
-
كيف تُحل القضايا الشائكة العالقة في العراق
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|