أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر علي الكعبي - ظاهرة التعصب الزائف















المزيد.....



ظاهرة التعصب الزائف


عمر علي الكعبي

الحوار المتمدن-العدد: 2852 - 2009 / 12 / 8 - 23:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


برتراند راسل : في كل الأحوال ، من المفيد بين الحين والأخر أن تضع علامات استفهام على الأشياء التي كانت ثوابت على المدى الطويل .

كارل ماركس : ليس كل ما هو صحيح يكون واقعا , و ليس كل ما هو واقع يكون صحيحا دائما
إن ما يرمي إليه المقال هو التفكير في ما يجب أن يكون لتحقيق المنفعة العامة للجميع على حساب المصلحة الذاتية لفئة محدودة , بغض النظر عن كون المضمون واقعيا أو صحيحا دائما .
عمر علي الكعبي


ظاهرة التعصـب الـزائف


مـقدمة
في الوقت الذي يتوجه فيه العالم نحو مفاهيم العولمة ، تبرز منذ سنين قليلة ظاهرة تعصب تمتد أصولها إلى روابط الدين والطائفية والقومية و الأثنية ، وتتجلى هذه الظاهرة في نفس الوقت الذي تضمحل فيه وبتسارع هذه المشاعر لدى شعوب العالم المتحضر ، بل بدئوا ينظرون إليها باستخفاف .
إن ما سنتطرق له يتضمن التشكيك بصدقية وجدوى هذه المشاعر والروابط وتأكيد عدم وجود مقومات واقعية تدعمها بالرغم من تعزيزها واستثمارها على مدى العصور من قبل التواقين للسلطة من الساسة والقادة ورؤساء القبائل ورجال الدين ، كل حسب ما ينفعه ، لفرض سلطته على تابعيه. إن هذا السلوك المتأصل مدرك من قبل الباحثين في التاريخ وعلوم الاجتماع والقلة من المثقفين في دول العالم الثالث ، ولكن الجموع لايسعهم التخلص من استحواذها عليهم وسيطرتها على مشاعرهم, لذلك فان ما سوف نتعرض له يرضي من القلة الذين توغل هذا الوعي إلى ثقافتهم لسبب أو لاَخر من خلال تجربة سلبية أثرت فيهم أو بسبب معاصرتهم لتحولات اجتماعية أو سياسية أثارت اهتمامهم أو نتيجة لموضوعية في التفكير وسعة في الاطلاع . ونعلم مسبقاً انه ليس باليسير تحويل بعض الناس عن ما جُبلوا عليه من معتقدات ترسخت ونمت لديهم ، لكن ما سنتعرض له من توضيح ووصف لتجارب وأمثلة قد يولد لدى القارئ ردة فعل ايجابية أحيانا وسلبية أخرى ، وفي كلتا الحالتين هو تحفيز للذهن للتفكير والتحري في هذا العالم الواسع والمتنوع وليس ضمن المحيط المحلي المحدود .

تعريف
التعصب لايعني الألتزام المطلق بمفاهيم او سلوكيات الافراد او الجماعة التي ننتمي اليها ، بل يتجاوز ذلك بكثير الى تشخيص ومراقبة سلوكيات واخطاء ومبادئ الغير فيما لايتلائم مع مثالياتنا , وتلك بداية لزرع بذرة رفض الآخر . ان الفرد (ثم الجماعة) يرى اخطاء الغير اكثر بكثير من مما يرى اخطاؤه هو وذلك لكونه قد اعتاد على مفاهيمه وسلوكياته اليومية ، فهو معرض جدا (في حالة توفر ظروف معينة او ماله علاقة بالتركيبة النفسية) ان يتكون لديه شعور بالعداوة للآخر او خوفه من اعتداء الآخر عليه ، فيلجأ لإنتمائه للجماعة ويتكلم باسمها ليشعر بالأمان او ليستفيد .
البداية /مجتمع الطفولة: عدم وجود روادع او مصالح في مجتمع الأطفال فهو مجتمع منسجم بتنوع الشرائح الاجتماعية او الدينية او المذهبية او القوميةالتي ينتمون اليها بالولادة.
في البداية لا وجود لأي نوع من الشعور بالرفض أو التمييز لدى الفرد , ثم يبدأ بالتكون حيث يتعلمها الأطفال من المدرسة او المحلة او البيت حسبما يفرضه الواقع السياسي ويتبلور تبعا للإيحاءات الأجتماعية من البيئة الحاضنة , فترى الفرد يتصرف بطريقة تلقائية وكأنه يعمل بغريزته , وعموما هي ثقافة مرتبطة بمصالح سياسية او اقتصادية يزرعها في المجتمع أصحاب السلطة او وجهاء الجماعة او رؤساء الشرائح الاجتماعية من المستفيدين من مراكزهم القيادية ( شيخ عشيرة ، رجل دين له سلطة دينية على الجماعة .. ) والاوسع من هذا وذاك الاحزاب ذاة الايديولوجيات التي تستخدم العقيدة في اقناع الجماعة عن طريق مغازلة نوازعهم البدائية و عواطفهم بهدف توسيع سلطتهم الفكرية لتسهيل عملية قيادتهم لها .
السياسيون يعرفون كيف يؤججون الشعور بالتمييز والرفض وتحويله الى طاقات تخدم مآربهم السياسية ، فهم يعملون دائما على إشعار الجماهير بأن حقوقهم مغبونة وأن الأخرين يتجاوزون على مكتسباتهم أو يرفضونهم مع إنهم أفضل منهم ، فعليهم إذاً التصدي لهم بالالتفاف حول الجماعة أو الطائفة التي ينتمون إليها ويناضلون بإسمها .
إن القيادات لا يمكنها أن تسوس الجماعة الا عن طريق ربط مصالحهم او عواطفهم بأهداف تلك القيادات , وذلك من خلال التعصب ورفض الاخر وإقناعهم بان الجماعة تشترك بمصالح واحدة وهذه المصالح تتعارض مع مصالح الآخر ، وهكذا يأخذ الرفض أو الكره مكانه في المجتمع ويتحول شيئا فشيئا الى حواجز إجتماعية حقيقية , مثل رفض الزيجات أو المصاهرة بين أفراد الطوائف أو القوميات المختلفة ويعتبرها المجتمع ، عند ذلك ، بأنها من بديهيات بل ومن مسؤوليات هذا الانتماء , وبنفس الوقت حين يتحرر الناس من تأثير هذا الجو السياسي نرى صورة مخالفة للمثقف العراقي الذي يهاجر أو يوفد للدراسة في أوربا إذ يتزوج بمن تختلف عنه في الدين والعرق والتقاليد ، وهو يفخر بهذا الزواج لكونه حضاري الانتماء ويعود بالفائدة على حياته ونشأة أطفاله ، فهو قد تخلص من رقابة مجتمعه بقيمه الطارئة لدوافع سياسية, فنراه يتصرف بما يمليه عليه العقل المجرد والضمير .
ان الترابط الحقيقي بين الأفراد او بين المجتمعات هو ترابط مصلحي لايفرق او لايعتمد الدين أو المذهب او القومية فكلهم بشر وحاجاتهم في الحياة متشابهة او واحدة في المأكل والملبس والحاجات وطلب الحياة الحرة الكريمة , وهذه جميعها موحدة ولا تختلف بين الإنتماءات المختلفة من شرائح إجتماعية متشابهة.


هل يوجد كيان مادي واقعي للروابط المذهبية والدينية والقومية ام انها افتراضية وهمية ؟ :
ان النتاج الثقافي للعالم المتحضر(وهو نتاج جماعي متراكم عبر التاريخ) يثبت بسلوكه الاقتصادي و السياسي الحالي تكوين الروابط على أساس المنفعة المتبادلة ، إن هذه المصطلحات (في تصنيف الإنتماءات) هي وضعيه ولا وجود لها على الواقع المادي للتمييز بين البشر بل هي من صنع المنتفعين من هذه التسميات يستطيعون بها قيادة القطيع , وقد يكون المنتفع من خارج الجماعة ويشارك في تكوين قاعدة فكرية وهمية لهذا التمايز , وما اكثر الامثلة عن وجود ايديولوجيات وافكار مبنية على هذه الاسس فشلت وبانت تفاهتها بعد أن أججت الحروب اوالعداوة بين الجماعات وأدت الى تلف في المال والإنسان.
- ان تنوع المجتمع (النسيج الاجتماعي) وقبول هذا التنوع بدءاً بالمثقفين ثم العامة ضروري لالغاء التعصب وان ما يقف عادة ضد هذا التحول هي مصلحة السياسيين والقادة .
- إن الخصوصيات القومية أو الطائفية من اسلوب معيشة و ثقافة اجتماعية بدءات بالإضمحلال والذوبان منذ ظهور التكنولوجيا و ما أوجدته من وسائط نقل سريعة و وسائل إعلام متنوعة التي أدت جميعها الى تقارب في الثقافات و إنفتاح كبير بين المجتمعات( المغلقة) على بعضها وعلى العالم أجمع .
- حدث هذا التحول في اوربا منذ اكثر من 200 عام والتغيير جاري لحد الآن ومن احسن الامثلة الناجحة لها الدول مختلفة الثقافات والاتنماءات مثل الولايات المتحدة الامريكية وما وصلت له من مواصفات للمواطنة الجديدة.
- تظهر الأصطفافات والتكتلات حالياً على أسس فكرية تعتمد تبادل وتفاعل المصالح, وهي أوثق بكثير من الأصطفافات القومية و الطائفية , فإن من يؤمنون بالعلمانية (مثلا) ينتمون لمختلف القوميات و الطوائف , وإنعكاس فهمهم على الواقع الأجتماعي والسياسي يختلف عن من لديهم توجه طائفي أو ديني عقائدي .
- إن الفجوة بين الثقافات في شرائح اجتماعية مختلفة( بداوة/مجتمع فلاحي/مجتمع متمدن لمجموعة بشرية تنتمي لدين او قومية واحدة ) هي اوسع بكثير من التباين الأجتماعي والسلوكي بين الديانات والقوميات والعنصر في شريحة اجتماعية واحدة ، أي ان أفراد الشريحة الأجتماعية أقرب الى بعضهم البعض مع اختلاف انتماءاتهم المذهبية والقومية ، فالناس في حاجاتهم ورغباتهم وممارساتهم اليومية متشابهين مع اختلاف تنوعهم الديني او القومي او الأثني بشرط ان يبقى هذا التنوع بعيدا عن التسييس ومصالح الساسة.
إن القبول والتعود على الاختلاف والتنوع وقبول الآخر كفيل بأن يزيل روادع ثقافة التعصب والوصول الى مجمتع متعاون تربطه مصالح خلاقة تعود بالفائدة على المجموع , وتلك هي مواصفات المجتمع المتحضر ، ففي حالة زوال تأثير هذه الانتماءات ( الطائفية ، القومية ، العنصرية ) فسوف يتحول الناس الى معالجة مصالحهم الحقيقية بموضوعية من خلال التعاون المنتج بين كافة شرائح المجتمع وفقا للمصالح المشتركة بينهم .
كمثال / في مجتمع بدائي او غير متحضر" بالقياس العالمي الحالي" نرى الرفض للجنس (تجاه ذوي البشرة السوداء مثلا) متأصلا لدى الجماعة وكل منهم يرى انه خير من الآخر ومن كان منهم لديه السلطة فهو يحاول حرمان الآخر منها .
وإن هذه الظاهرة إنحسرت كثيرا في المجتمعات المتحضرة ,كالأوربية , وتضمحل كلما ارتفعت في سلم التحضر ( في السويد يتبنى البيض اطفالا سود بدلا عن جنسهم بدون اية مشاعر للتمييز ) .
المتعصب (في المجتمعات المتأخرة) يفخر بانتسابه لفصيلته البشرية مقتنعا بان فصيلته ارقى من غيرها في مرحلة سابقة من مراحل التطور , علما بأنه في شعوره بهذا التمييز يعود الى الوراء الى عصور متخلفة كانت فيه فصيلته متخلفة قبل ان تنفتح على التحضر ومع ذلك هو يفخر لحد الآن بها ويقارنها بما في المجتمعات المتحضرة حاليا !! .
إن ما يجمع البشر الذين يعيشون متقاربين جغرافيا هو اكثر بكثير من ما يفرقهم .
ان الاختلاف الفعلي بين الطوائف والقوميات والاثنيات لا يمثل اختلافا بين البشر على ارض الواقع فهو اختلاف لا يتجاوز المراسيم والمعتقدات , وهي قريبة عن بعضها عادة , ولا ينطوي هذا الأختلاف على دافع للإعتداء او حجب لحرية الآخر منهم ، فلماذا التطرف او التقوقع ؟ . ان هذا التنوع في الانتماء لا يختلف كثيرا عن التمايز في الأذواق العامة بين شرائح المجتمع او افراده ، والانسان المتحضر يفهمها بهذه الصيغة ليس الا… فهل من المقبول ( مثلا ) ان شريحة من الشباب يفضلون الموسيقى الكلاسيكية ان يكونوا حزبا او انتماءا مضادا لشريحة اخرى تفضل الموسيقى الشرقية ؟ او اخرون يفضلون الجاز … ثم يختلفون فيما بينهم فيتخاصمون ؟
او هل يمكن أن نتصور أن الذوق العام لنوع الطعام لشريحة اجتماعية تفضل المطبخ الشرقي وترفض الغربي فيأتلفون مع بعضهم او يتحزبون ضد اخرى تفضل المطبخ الغربي ؟
ان الاختلاف في الانتماءات لا يؤثر في الحياة اليومية ومصالح الناس على الواقع وانما هي نوازع حبيسة افكارهم , ولو تجرد الناس من رواسب الماضي وتأثيراته بصورة موضوعية وتخلصوا من سيطرة الساسة منهم لما كان لهذا النوع من الصراعات مكان في مجتمعات القرن الواحد والعشرين ، حيث الاهتمام الكامل موجه للعلم ودوره في خدمة العالم بدون تمييز بين البشر لو احسنوا استخدامه .

ذلك التنوع في الأذواق لا يختلف كثيرا عن التنوع في الانتماءات ( الطائفية او القومية او الاثنية ) والفرق الوحيد هو ان الثانية كونت لها ثقافة عامة خلال حقبة زمنية طويلة لعب فيها المنتفعون الدور الأكبر في صياغة ايديولوجيات وأسانيد وكونت لها مراسيم لغرض بناء كيان شكلي يقنع البسطاء بخصوصيتهم وتميزهم عن غيرهم لكي يلتفوا حول الجماعة ويرفضون الآخر ، وذلك ينطبق على كافة الانتماءات, ولو لم يكن التمايز في الذوق العام الذي اشرنا اليه انفا يختص بالشريحة المثقفة في المجتمع ، وان شمل معظم طبقاته فسوف لا نستبعد ان يتحولوا (أي أصحاب الذوق الخاص) الى طائفة خاصة ويتكون لديهم فكر ومبررات وأسانيد لتكفير احدهما الآخر ، ولما توانى قادتهم عن زرع بذرة الخلاف مع الآخرين وإيجاد مبررات للمطالبة بالانفصال او تشكيل إقليم على ضوء الثقافة الديمقراطية الحديثة !!! .
ولو لم يختلف المشجعان الأهلاوي والزملكاوي المصريان فيما بينهم ويتحول الحماس في النقاش إلى عراك بالايدي او السكاكين أحيانا ، لما حصلت هذه النوادي الرياضية على تمويل مالي من اشتراكات او تبرعات المتحمسين لهم ، ومن الطبيعي ان يكون بين كل حزب من هاتين المجموعتين انتماءات لطوائف وقوميات مختلفة ولكن يغلب عليهم الولاء للنادي وليس للطائفة ! .

أثر الظروف السياسية
الظرف السياسي عادةً له الثأثير المباشر في خلق الشعور لرفض الآخر وليس مجرد الشعوربالاختلاف في الانتماء .
فانك مثلا لا ترى رفضا بين العربي والبلجيكي او بين الكردي والسويدي ولكنك تلاحظه (ومنذ سنوات بسبب الظرف السياسي الشاذ ) بين الكردي والعربي او بينهما وبين الإيراني مع كونهم ينتمون الى ثقافات متشابهة وديانة واحدة ، وذلك لكون الساسة لا يستطيعون اقناع جماعتهم بأن البلجيكي هو عدوه او لا يحبه ولكنه يستطيع ان يقنعه بأن من يجاوره لديه مصالح تعارض مصالحه الخاصة وبذلك يستطيع شحذ العواطف للانتماء الى الجماعة أوالحزب من خلال التعصب ورفض الآخر ، وفي المجتمع الديمقراطي يمكنه من خلال دغدغة المشاعر وتوجيهها الحصول على عدد اكبر من الأصوات ..!
ومن المفارقات ان يفخر المرء بمديحه لقومه عند وجوده بين الأخرين وكذلك فانه ينتقد قومه عند وجوده بينهم لكونه يعرف معايبهم اكثر من الأخرين ،وتلك سجايا البشر وهي تضعف عادة مع التطور الثقافي والحضاري.

النزوع للسلطة
يحرص الساسة على تعزيز الأفكار والمعتقدات الوضعية التي يمكنهم بها السيطرة على الجموع ومن ثم قيادتهم مهما كانت هذه المعتقدات (دينية او طائفية او قومية او عنصرية او ايه ايديولوجية اخرى) تسخر لخدمتهم ، ولو ضعفت هذه المفاهيم لدى الناس لتوضحت نظرتهم للأمور و ضعف انتمائهم للجماعة والانقياد الى الساسة وانفضوا عنهم ، ويحصل ذلك عادة بسبب الانفتاح والتطور وانتشار الثقافة ويبقى معهم من له مصلحة اقتصادية او نفعية مباشرة من ارتباطهم بالساسة .

يسوق العلامة الدكتور على الوردي مثلا لصورة واقعية عن السيطرة النفعية لرجال الدين على الناس وحرصهم على استمرارها من اجل الانتفاع والمكانة الاجتماعية , ففي فترة بداية تشكيل الحكومة العراقية وفرض سيطرتها على النواحي والقرى تم افتتاح مدرسة ابتدائية في احدى نواحي الجنوب النائية فأوفدت الدولة لها معلماً من خارج المنطقة ، وحين شعر رجل الدين بأن هذا المعلم اخذ يستأثر بمحبة اهالي الناحية حيث يفيدهم بما لديه من علوم جيدة وكونة يجيد القراءة والكتابة فأصبح مستشارا لهم ، وشعر رجل الدين بأنه سوف يفقد سلطته عليهم فقرر أن يفقد ثقة الناس به فجمعهم بعد ان اعلمهم بأن هذا المعلم محتال ولايعرف حتى القراءة والكتابة ، فساله امام الجميع ان يكتب على الآرض كلمة ( حية ) فكتبها ثم توجه رجل الدين هذا ورسم على الأرض خطا متعرجا يشبه الأفعى وقال للمتجمهرين : بحق الله عليكم اهذه حية ام ما رسمه المعلم على الأرض ؟ .
فأمن الجميع بأن رجل الدين هذا هو أفهم من المعلم المحتال ..!
ولا يتوانى بعض رجال السياسة عادة عن استخدام أساليب مماثلة للاطاحة بإعدائهم وربما حتى بأصدقائهم مستعينون بثقافتهم ولباقتهم لخداع الجماهير وكسبهم .

كما ذكرت آنفاً حول الفوارق بين الشرائح الاجتماعية المختلفة ، كذلك ان الاختلاف او التمايز بين طبائع وسلوكيات الأشخاص في شريحة اجتماعية واحدة لايرتبط أو ليس له علاقة بأنتماءاتهم الدينية أو القومية المختلفة ، فانك تستطيع ان تنعت فردا بالفساد او الكذب او الأمانة ولكن ذلك لا ينطبق على مجتمع بكامله . لذلك يفضل الناس ، عند تجردهم من التأثير الخارجي ، التعامل مع شخص يختلف معهم في العقيدة او الانتماء لكونه أمين وملتزم او كفء بالمقارنة مع غيره ممن لا يملك هذه الصفات بنفس الدرجة مع كونه من نفس إنتمائهم العقائدي او الديني أو القومي .
وهذا شأن تجار الشورجة قديما في بغداد ، فهم من انتمائات مختلفة من كل العراقيين من عرب واكراد واتراك ومسلمين بطوائفهم ومسيحيين ويهود باختلاف مذاهبهم ، ولكنهم عند التعامل فيما بينهم تجد مسلما يفضل مسيحيا او يهوديا لكونه يملك اخلاقيات العمل التي تلائمه بدون الالتفات للانتماء ، فهم تجار واقعيون ينظرون الى مصالحهم الاقتصادية على الأمد البعيد.
وكذلك عند حاجة الفرد لمراجعة طبيب فإنه يختار من له سمعة مهنية ومعرفية بدون النظر الى انتمائه الطائفي او العقائدي لكونه حريص كل الحرص على صحته التي تهمه بالدرجة الأولى وما تبقى فهو تفاهات لا تنفعه في شفاءه ، وكذلك هو الطبيب فهو يتعامل مع المريض بنفس المهنية التي اعتادها مع الجميع بدون تمييز .
ومن الواضح أيضا أن ولاء الأفراد للمؤسسة التي يعملون فيها وينتفعون منها يرتبط بأخلاقيات وثقافة الأفراد وتحضرهم بغض النظر عن كونهم من طائفة أو أصول قومية مخالفة لأصول الغالبية لتلك المؤسسة ، ويعتمد ذلك أيضا على مهنية تلك المؤسسة ، والأمثلة من واقعنا العراقي (كانت) كثيرة في هذا المجال وكذلك المغتربين من أصول شرقية الذين وجدوا لهم مكانة متقدمة في هذه المجتمعات المتحضرة بإنسجامهم معها .
ان هذا النوع من الفهم سبقنا اليه العالم المتحضر وكذلك عراق ما بين الخمسينات والستينات من القرن السابق ( سنتطرق لها لاحقا ), ولذلك ترى إن من ينحدر من أصول افريقية ونشأة آسيوية ولكنه يمتلك ثقافة حضارية أصبح رئيسا للولايات المتحدة وينظر له الأمريكان بأنه واحد منهم ورئيسهم .

التخلف الحضاري :

عندما تقارن الدول العربية ودول الشرق الأوسط بالدول الغربية المتحضرة وتوصف بأنها متخلفة حضاريا ، فان المقصود إنها متخلفة علميا واقتصاديا وما ينجم عنهما من ثقافة ، حيث إن التقدم العلمي ( لما تبع الثورة الصناعية في الغرب) شمل كافة مناحي الحياة وغيـًر كل المعادلات الاقتصادية والاجتماعية ، وكذلك كوًن ثقافة جديدة تنسجم مع القوانين التي يفرضها التطور الصناعي والاقتصادي ، وشكل ذلك التغيير انحرافا عن ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده ومفاهيمه القائمة وكوًن ثقافة جديدة تلائم متطلبات هذا التطور .
أما دول العالم الثالث فإنها لا زالت غير مؤهلة لهذا التطور العلمي والصناعي ولازالت تفاخر بثقافاتها الموروثة وتتبارى بتقاليدها التي لا تنسجم مع هذا التطور .
وان استمرار ثقافات هذه المجتمعات ( المتخلفة ) على حالها كان محل ترحيب من قبل الدول المتحضرة بل عملت الأخيرة بصورة غير مباشرة على ترسيخها بهدف تسهيل اختراقها اقتصاديا ، ويتمثل هذا التوجه في السياسات التي تفرضها أو تهيئ لها هذا الدول في المنطقة .
من الواضح أن أفضل السياسات لبقاء التخلف الحضاري هو إلهاء المجتمعات المتخلفة بأهداف وهمية وأحلام لا تتحقق تبعدها عن مسار ومقومات التطور العلمي وبناء القاعدة الصناعية والاقتصادية كما في الدول المتطورة ، وأن أحسن بيئة لذلك هو التعصب الديني والمذهبي والتعصب القومي ، ولا زالت دول المنطقة تنتقل منذ بداية القرن السابق ولحد الآن بين أيديولوجيات منشؤها الدين والقومية بالرغم من ثبوت فشلها المستمر ، وبنظرة فاحصة سريعة لأنظمة الحكم في المنطقة وما آلت إليه ، بعد تجارب طويلة فاشلة لاعتماد هذه الأيديولوجيات في سياساتها ، كافية لتوضيح الصورة .
وحيث كانت لهذه الأيديولوجيات الدور الأكبر في تسهيل مهمة المعسكر الغربي في الاستحواذ على المنطقة ، كان المعسكر الشرقي قد صدر الفكر الشيوعي الذي غازل عواطف وتطلعات فئة كبيرة من الشباب والمثقفين وبعض السياسيين ، وكان لهذا الفكر انتشارا واسعا وتأثيرا كبيرا في الصراع السياسي ما لبث إن خمد قبل نهاية القرن السابق فأخلى الساحة كليا للأفكار المعارضة الأخرى .
بل يمكن القول إن فشل الشيوعية أصاب دعاتها في المنطقة بالإحباط والخيبة مما أضاف دعما لتوجه السياسيين في استثمار ذلك الفشل وتعزيز توجههم لتسييس الدين والقومية .

عوامل استمرار وتنامي التعصب الديني و القومي:
إن هذه العوامل ولو إنها تؤثر بالفرد ولكنها تظهر على الجماعة وتحرك المجتمع بكامله حيث تكوًن ما يسمى بالشعور الجمعي للمجتمع , وهذه :
- شعور المتعصب بالنقص والخذلان تجاه المعرفة المتنامية والثقافة في العالم المتحضر وفشله في إيجاد أي دور له للمساهمة في هذا التطور , وهو أشبه بردة فعل مجتمعات العالم الثالث بسبب تخلفها بالمقارنة مع عالم متحضر يتطور بتسارع ، ولذلك فان المتعصب في محيطنا يكابر ويرفض أن يعترف بان الثقافة الغربية أو علومها أفضل مما لديه من معرفة فيصرّ على تخلفه ويوجد لنفسه مبررات من التاريخ والتراث يستشهد بها بأفضليته على الآخرين بالرغم من كونها ساذجة امام التطور العلمي وما يفرضه من مفاهيم وسلوكيات اجتماعية واقتصادية , ومع انه يستخدم كافة ما ينتجه العالم المتقدم من وسائل وتقنيات حديثة .
- غيـاب القانون ( الحضاري والمتطور والشامل ) أوعدم الالتزام بتطبيقه ، وبذلك يسود جو من الفوضى وضياع حق المواطنين فيلجؤن لانتمائهم القبلي والطائفي ومن ثم القومي ، لعلهم يحصلون من خلال انتماءاتهم على حقوقهم أو على الأقل الشعور بالطمأنينة بان لديهم من يسندهم ، ومن مظاهر ذلك ( حاليا ) تفاقم قيم العشيرة والقبيلة ولجوء الكثير من الناس لفضً نزاعاتهم عن طريق دفع الدية بالمال والنساء ( ويحدث ذلك في القرن الواحد والعشرين !! ) ، أو عن طريق انتمائهم الطائفي أو القومي من خلال الأحزاب الي ينتمون لها شكلياً للحصول على المكاسب بدلاً من فقدهم لحقوقهم .
- شعور الفرد ( أو الجماعة ) في ظرف سياسي معين بالاضطهاد والتمييز من قبل الفريق الأخر الذي يمتلك السلطة عادةً ، فيرجع إلى انتمائه لعله يسترد اعتباره ، أو النضال من خلال الانتماء للحصول على السلطة مستقبلاً لتحقيق مصلحة الجماعة، وقد يتجاوز ذلك الى الدعوة لإعتماد الثأر* ثقافة عامة لهم,حيث تختفي في مثل هذه الظروف قيم المواطنة وحقوقها وتزداد قيم الانتماءات الطائفية والعرقية .
- التمسك بالمظهر والشكليات والمراسيم لإدامة الشعور بالانتماء الديني أو العرقي للاستفادة منها في توحيد مظهر الجماعة وفي تكوين ثقافة مشتركة تساعد في توجيههم لتحقيق الهدف وهو المصلحة السياسية . وأمثلة على ذلك المراسيم الدينية المبتكرة والعودة الى تقاليد ولباس الاجيال السابقة مثل الدشداشة والعقال والعمامة و الشروال ... الخ التي إختفت في المدن في منتصف القرن السابق , إذ أدرك



* إن ثقافة الثأر للماضي قد إعتاد الساسة إرضاعها للنشىء الجديد أو حتى للمثقفين , وذلك لما لهذه المشاعر من قبول ضمن تراث شعوب المنطقة , والثأر قد يتجاوز المعتدي لينال أحد أقاربه ممن ليس لهم علاقة بالموضوع !. وقد وصف الشاعر المقتدر عبد الرزاق عبد الواحد هذه الظاهرة بقوله :

إلى متى تترع الأثداء في وطني قيحاً من الأهل للأطفال ينتقلُ


المجتمع "المقبل على التطور" بأنها لا تنسجم مع متطلبات التحضر بل تتناقض معها ومن المفارقات أنها عادت للظهور بصورة مبالغ بها * .

ان عومل استمرار التعصب الديني في ظل الدولة العثمانية تعود لاستخدام الدين من قبل الدولة للسيطرة على الجماهير وتوجيههم ( قيادتهم ) لتحقيق مصالح السلطان ورجال الدولة ، وتعتمد الدولة دائما لتحقيق ذلك إلى فئة من رجال الدين ,وواجبهم ينحصر في إقناع الجماهير بأهداف الدين السامية في التضحية والشهادة والفداء في سبيل الدين والدولة ( وهم من سمّاهم العلاّمة الوردي بـ وعـاظ السلاطين ) والحقيقة هي ليس لخدمة أهداف الدين وانما خدمة السلطان ورجال الدولة واستمرار سيطرة الإمبراطورية العثمانية ، واستخدام الدين يأتي كوسيلة لإقناع الناس بما يمتلكه من قداسة لا يحق للناس التفكير بها أو مناقشتها .
التحول من الانتماء الديني ثم القومي فالديني مجددا
عند انحلال وضعف الدولة العثمانية وحربها مع جيوش التحالف حدث تحول في انتماء الجماهير العربية بابتعادهم عن الانتماء الديني وسيطرته وتحولهم إلى الدعوة للعروبة , وتلك كانت البذرة الأولى في ظهور الانتماء القومي وسيطرته على الجماهير عوضا عن الانتماء الديني، وهدفهم من ذلك هو الخلاص من نير الحكم العثماني والتحرر من سيطرة السلطان الذي يحكم باسم الدين .
إن هذا التحول جاء ملائماً لمصلحة الجيوش البريطانية التي عززت هذه المفاهيم وهيأت للثورة العربية باسم القومية وأمجاد الماضي لإعانتهم على محاربة الأمبراطورية العثمانية والخلاص من سيطرتها وقد ساهم الفكر الغربي كثيرا في إقناع الجماهير بأهمية الانتماء القومي والعنصري لتحقيق أهدافهم في تكوين رأي عام مناهض للسيطرة العثمانية المتمثل بالانتماء الديني .


* ان هذه الازياء التراثية اصبحت في كل العالم لباسا فلكلوريا يصلح للمناسبات وليس للحياة اليومية في المدينة ، فبمجرد ان نتصور ما يعانيه مرتدي الزي التراثي لمتطلبات العصر من سرعة حركة واستخدام لوسائط النقل او ركوب الدراجة او العمل في دوائر الدولة ... الخ من سلوكيات تحتمها المدنية ، تتضح لنا الصورة في عدم ملائمتها ( أي الازياء ) وظيفيا للحياة اليومية بالرغم مما نرى فيها من جمالية تضيف وقارا لمرتديها بسبب تحديدها لسرعة الحركة او الانحناء
-------------------------------------------------------------------------------
خلال تلك الفترة وما بعدها حدث أيضا انفتاح ثقافي على العالم الغربي المتحضر وظهر في العراق بداية القرن الماضي دعوات إصلاح ثقافي وحضاري مناهض للواقع الاجتماعي المتخلف من نتاج الحكم العثماني وبرز في نفس الفترة مثقفون وأدباء منفتحين على الحضارة الغربية ينادون بالتغيير والخلاص من التخلف الذي ساد المجتمع بتأثير التراث المشوه للثقافة الدينية التي خلفتها السلطة العثمانية للسيطرة والاستحواذ ، وهؤلاء ينادون بالتغيير الشامل , وسميت تلك الدعوة بخطاب النهضة ، ومن رموزها الشاعر الكبير جميل صدقي الزهاوي والشاعر والمفكر معروف الرصافي ومثقفون آخرون واجهوا رفض المجتمع الجاهل لأفكارهم بشجاعة مشهود لها ، ثم استمرت هذه الدعوة ووضحت معالمها وبدأ تأثيرها واضحاً بعد تشكيل الدولة العراقية واستمرت حتى بداية الستينات من القرن الماضي .
فقد انتبه هؤلاء الأوائل ( الطليعة ) إلى موضوع تسييس الدين واستخدامه لخدمة مصالح السياسة والسيطرة على الجماهير ، وكتب الرصافي الكثير ( شعرا ومقالات ) في مجال الدعوة للانفتاح على الحضارة الغربية وتحرير المرأة ورفض تخلف الأمة التي تكتفي بالتغني بالماضي المجيد لتوهم نفسها بأنها ما زالت أمة مجيدة دون أن تنظر للحاضر المتخلف وتحاول إصلاحه وان العلم هو سبب نهضة الأمم وليس غيره ، وعدم جدوى الشعر في عملية النهضة ( بالرغم من كونه شاعرا) ، وان تركيز المسلمين على الأمور الدينية سبب في ظاهرة الشقاق بينهم ، حيث كل مذهب يرى أنه الأفضل ، ويبذل جهده في إثبات عقيدته وخطأ عقيدة مخالفيه وبطلانها ، ثم السعي الحثيث لإلحاق الضرر بالآخر ومسحه من الوجود إن استطاع .
ويرى في استغلال الدين من قبل المدعين بالعلم وفي الحقيقة ليسوا إلا جهالاً وأجهل منهم من يتبعونهم ، ومن شعره في هذا المجال :

وأقبحُ جهلٍ في بني الشرق إنهم يسمون أهل الجهل بالعلماء
وأكبر مظلوم هو العلم عندهم فقد يدعيه أجهل الجهلاء
لقد فرقوا أحكام كل ديانة وخاطوا لهم منها ثياب رياء
وما جعلوا الأديان إلا ذريعة إلى كل شغب بينهم وعداء



وكذلك فانه يعتقد بأن من الخطأ أن تأخذ العادات الاجتماعية صفة الدين فليس بمقدور الفرد أن يتمرد على هذه السلطة لأن تمرده يدخله النار وهذه هي الحيلة التي تمارسها السلطة الدينية لترسيخ سلطتها على المجتمع وعدم فسح المجال لأي فكر آخر ، وإن قام المثقف بمواجهتها فإنها تشهر عليه السيف مهددةً بمحوه من الوجود .
لكن هذه التطلعات في الإصلاح الفكري التقدمي ما لبثت أن تضاءلت وتنامى عوضا عنها ترسيخ للانتماء القومي كأساس للتوجهات السياسية ثم الحزبية ، وذلك لكونها ( أي النزعة القومية ) أسهل مادة يتمكن منها سياسيو المنطقة من إيهام الجماهير وتوحيدهم والتفافهم حول قياداتهم والتحزبات المنطلقة عن هذه النزعات ، وذلك لأن المفاهيم الحضارية الأخرى التي تعتمد العلم والتطور والانفتاح لا يتمكن منها السياسيون ولا يعيها الأكثرية العامة من شعوب المنطقة كأهداف قريبة المنال ، ومن البديهي إن هدف السياسيين الجدد هو القيادة والسيطرة وليس الإخلاص والتضحية في سبيل القضية والوطن كهدف أول ، ولو إن الأفكار الاشتراكية وكذلك الشيوعية قد تمكنت في نفس الحقبة الزمنية من استقطاب الجماهير من منطلق مغازلتها لعواطف الأكثرية المسحوقة من الشعب وهي التي كانت تدعو لأن تحقق لهذه الطبقة دورها الأساسي في بناء المجتمع لكونها الأكثرية وليس على أساس إقناعهم بمفاهيم الديالكنيك والفرق بين الاقتصاد الرأسمالي والشيوعي وما سيؤل إليه النظام الاقتصادي الاشتراكي من نفع للشعوب !! .
وعلى العموم وبتأثير من الضغوط الغربية والتدخل غير المباشر لدول المعسكر الرأسمالي نشطت التوجهات القومية السياسية وأخذت لها مساحة أوسع بين الجماهير حيث غازلت عواطف الأكثرية المثقفة ومن لهم تأثير على العامة في إن المنطلق القومي والوحدوي واسترجاع أمجاد الماضي الذي يتغنون به سوف يوجد مكانة مرموقة لهم في هذا العالم وما يتبعه من رفاه وتطور علمي ( بالمفهوم الضيق ) كانت قاعدته أو منطقة توحد العرب ضمن تراث وفلسفة الإسلام وسيطرتهم على جزء كبير من العالم .
لكن هذه الدعوات والمفاهيم ( قومية واشتراكية ) لم تحقق لشعوب المنطقة أي نفع بل كان العكس في قيام دكتاتوريات حاربت الغرب ظاهرياً لإقناع شعوبها بوطنيتهم وكسبهم لهم وأهملت أو اضطرت إلى إهمال التطور العلمي والصناعي والاقتصادي بسبب هيمنة الاقتصاد العالمي من حيث لا يدركون ، ثم أدرك ذلك الفشل كافة طبقات وشرائح مجتمعات المنطقة اذ شملها التخلف فأحست بوطأة الفقر والاحباط.
بعد بضعة عقود من تنامي هذه المفاهيم القومية حدثت تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية بانت مردوداتها السلبية على شعوب المنطقة وتسربت إلى كافة شرائح المجتمع فأحدثت تحولات جديدة في المفاهيم من لا جدوى هذه السياسات والأيديولوجيات فانفضوا عنها تدريجيا .
حدث ذلك بعد أن أكملت دول المنطقة دورها الذي رسم لها لإبقاء المنطقة تحت جو عام من التخلف الشامل علميا واقتصاديا وصناعيا وكذلك ثقافيا وبقيت هذه الدول مستهلكة غير منتجة لكونها كانت تعدو نحو سراب مفاهيم وأيديولوجيات لا تتحقق ولاتحقق لها حتى كرامتها التي كانت تفاخر بها .
إذن ماذا بعد هذا الفشل ؟ .. نمت حركات وقيادات دينية كانت تعمل في محيط ضيق مستغلة هذا الفراغ والخذلان لدى الجماهير فنجحت في تحويلها تدريجياً إلى انتماءات دينية سياسية ( أي ان هذا النوع من التدين كان من اختصاص الملالي* فقط أما الآن فهو دور الملالي و الساسة ) ، وأيضا باركها الغرب وشجع على هذا التحول وامدًه أحيانا بدعم غير مباشر واستثمره ، منه لمحاربة المد اليساري ومنه لتوجيه هذه الشعوب إلى أهداف جديدة لا تتحقق ولاتحقق النفع لها و إنما تلهيها بأهداف تبعدها عن التطور المنشود , وبالنتيجة تبقي المنطقة تحت النفوذ الاقتصادي العالمي وتبقيها دولا مستهلكة مستغلة لمواردها فقط .
حدث ذلك التحول بدءا في إيران لكونها كانت اكثر تقبلا لهذه الأيديولوجيات الدينية لأسباب كثيرة معقدة ، ثم تحول تدريجيا إلى المنطقة العربية بعد أن استنفذت المشاعر القومية السياسية مقومات بقاءها .

تنوع الأنتماءات و دورها في رفض التعصب

من اليسير الأستدلال على صحة هذا الرأي , فقد أصبح من البديهيات ، فللقارئ بمجرد استذكار ما تفعل الجماعات ( التي يضمها انتماء واحد ) فيما بينها من نزاعات وحروب يحركها أو تؤول لمصلحة الزعماء أو الساسة وتكون نتيجتها الدمار في الممتلكات والبشر , مع كونهم من نفس الانتماء الطائفي أو القومي أو القبلي , قد يكون أقسى أحيانا من عدوان خارجي ، إن هذه الحقائق كافية لتوضيح الأمر,
والشواهد التاريخية القديمة والحديثة على ذلك كثيرة ، والأسباب المعلنة عادة تكون تافهة جدا ، والحقيقة دائما هي تحقيق مصلحة الأفراد من الزعامات المسيطرة فيهم .

* التسمية مستعارة من العلامة د.علي الوردي في وصف أدعياء التدين المسيطرين على الجماهير
------------------------------------------------------------------------------

فإذن المصلحة الفردية للزعامات هي المحرك الأساس لتجميع وتفريق الناس على أساس انتمائهم القومي أو الطائفي أو الديني أو القبلي ( وكذبا يدعى انها لمصلحة الجماعة المجردة ).
والتاريخ العربي القديم فيه شواهد كثيرة للحروب بين القبائل وما تؤدي له من ضغائن تمتد إلى عقود ، تدمر فيها الممتلكات والبشر وتورث المآسي والمصائب لأجيال وذلك بالرغم من انتمائهم لمعتقد واحد أو قومية واحدة ويتغنون دائما بالانتماء لها لكونها مصدر قوة وتوحيد .
لذلك فان قناعة المجتمع بقبول التنوع والتعايش مع هذا المفهوم والتطبع عليه سيكون انفع وأجدى للمجموعة البشرية ضمن نظام الدولة المبنية على أسس جغرافية وتاريخية ضمن مفاهيم وثقافة العصر الحالي , عصر العولمة .

برتراند راسل : في كل الأحوال ، من المفيد بين الحين والأخر أن تضع علامات استفهام على الأشياء التي كانت ثوابت على المدى الطويل .
حيث بدأت في كتابة هذا الفصل حول التصور المستقبلي لما ستؤول له المفاهيم في المجتمعات المقبلة على التحضر والحداثة بعد وعيهم لمصالحهم الحقيقية ( بعد صراع مرير مع ما أستجد من ردود افعال فقدان الهوية) من خلال وسائل الاتصال والتثقيف العلمي والمعرفي الإجباري من خلال شبكة المعلومات والفضائيات والى غير ذلك من وسائل مستحدثة ستكفل فتح الأبواب للعولمة والحداثة ، وأعتقادي جازما بان الساسة سوف يجبرون للتحول عن مفاهيمهم الضيقة " او ما جبلوا عليه " في توظيف مشاعر القومية والعرقية والطائفية صاغرين أمام انتشار ثقافة العولمة والحداثة ، فيتوجهون إلى تحقيق مصالح مجتمعاتهم من خلال هذه المفاهيم الجديدة وأعتماد التعددية وعدم تصنيف المواطنين على أسس فئوية ضيقة, وبعكسه فعليهم ترك الساحة لغيرهم ممن يعتمد العلم ثقافة وسياسة لمعالجة أمور شعوبهم وأوطانهم .

عند مباشرتي بصياغة هذا المفهوم صادف أن اطلعت على مقال للكاتب والصحفي المغربي عزيز مشواط تحت عنوان " النزعات القومية والدينية والاثنية في مواجهة عولمة الحداثة " فوجدت هذا المقال أغنى و أسلس مما كان في إمكاني إنشاؤه في تفسير هذه الظاهرة وما تشتمل عليه من مخاض عسير ، وقد أعجبتني أيضا المقولة التي بدأ بها المقال فاستعرتها عنوانا لهذا الفصل ، لذا فضلت إدراج معظم نص المقال و كما يلي :
عالمية المصير الانساني وأزمات الهوية
النزعات القومية والدينية و الاثنية في مواجهة عولمة الحداثة
تنظر العولمة الى شعوب العالم من منظور وحدة الجنس البشري بصورة تتجاوز الخصوصيات العقائدية أوالقيمية أو اللغوية , ومن ثمة تسعى من حيث المبدأ الى تحطيم الحدود وإلغاء حالة الانغلاق بين الشعوب والأعراق والاثنيات ، فلم يعد بالامكان الحديث عن حالة العزلة أوالنقاء الثقافي بفعل ما أحدثته ثورة الاتِّصالات وعولمة الاقتصاد من اختراق كاسح وتحطيم شديد لكل أشكال الحدود، لذلك صارت التخوم مفتوحة أمام عمليات التبادل بكل أنواعها
الاتصالات التي أسهمت في تحطيم الحدود أحدثت رجات كبرى وصادمة للذاكرة الجماعية التي تتشكِّل منها الهوية بمختلف أنواعها، فقد أدَّى تحطيم أسوار الانعزال الى انهيار أسطورة الصفاء الثقافي والعرقي وصارت المجتمعات مهددة بفعل افرازات ثورة الاتصالات وعولمة القيم المسنودة بأجهزة اعلامية ضخمةوبمؤسسات متعددة الجنسية من خلال أبعادها “العبر-قومية” .
التهديد الذي صار محط مساءلة و موضع نقاش حاد بفعل التخوفات التي اثارها، لا يجب ان يخفي الابعاد الايجابية للعولمة التي تؤكِّد عالمية المصير الانساني المشترك لكلِّ سكان المعمورة. لكن العولمة وهي تبحث عن وحدة عالمية مفترضة كشفت في أكثر من موضع عن سيطرة متخيل مبني على خطِّية زمنية مبسِّطة لحركة المجتمعات؛ من خلال النماذج التي فرضتها مؤسسات العولمة وهي نماذج مستمدة من قوة التقنية الغربية ونمط العيش الأورو أمريكي ، الأمر الذي يهدد السيادة القومية من خلال البُعد “العبرقومي” للنشاط الحياتي البشري الذي بشرت به اتفاقيات الغاء الحدود التي لم تشمل الحدود بمعناها الاقتصادي و الجغرافي، بل تجاوزتها الى المستوى القيمي بما يعنيه ذلك من علاقات اللاتكافئ القائمة بين طرفي المعادلة ، هذا اللاتكافئ افرز مقاومات تقف ضد الانسية الجديدة وضد مفهوم الهويات فوق قومية ، وفي الوقت نفسه تحاول خلق نماذج جديدة .وهكذا وعلى الرغم من ارتفاع شعارات انتهاء عصر القوميات في الشمال والغرب، نجد أنَّ المسألة القومية في ابعادها الهوياتية الدينية و العرقية لا تزال هي القضية الأساسية في الحِراك السياسي في الجنوب والشرق. ومازالت الحقوق القومية بندًا أساسيًّا على جداول أعمال الحكومات والأحزاب السياسية.
خلقت العولمة في سعيها نحو التنميط وخلق نموذج أحادي ما يشبه انفصاما جماعيا في أوساط المجتمعات المسماة ثالثية ، وذلك بفعل الاجبار الذي وجدت هاته المجتمعات نفسها ملزمة بالانخراط فيه،فالقيم العالمية الجديدة، والتي أضحت مفروضة بقوة المؤسسات الاعلامية والحقوقية واشاعتها عبر وسائط اتصال جد متطورة، خلقت فِصاما في توجُّهات هاته المجتمعات التي صارت مجبرة بفعل اكراهات اقتصادية على الدخول في سياق لبرلة الاقتصاد والقيم أوالانزواء في ركن من اركان المعمور في انتظار اوامر الغزو تحت يافطة عدم الالتزام بحقوق الانسان و غيرها من المبررات الأخرى ..
لقد فرضت العولمة منطقا جديدا على مجموعة من الدول و المجتمعات ،و أجبرتها إما أن تتخلَّى عن سيادتها، وإما أن تلغي دورها في النظام العالمي الجديد..
تكمن تأثيرات العولمة على الثقافات والهويات المحلية من خلال الفعل التفكيكي الذي تمارسه على كل الخصائص المميزة لجماعة معينة،حيث التهديد المستمر بالغاء الحواجز الثقافية،ومضاعفات ذلك على موازين القوى التي تميل لصالح الثقافات العابرة للقوميات .
يدفع التهديد الذي تفرضه العولمة بهذه الثقافات إلى البحث عن الصيغ الكفيلة بحفظ البقاء ،الأمرالذي يفرز سلوكات مقاومة بدعوى الخصوصية، والانغلاق على الذات بدعوى التميُّز والصفاء والقدسية،وتشكل العودة الى الماضي بحثا عن ملجأ افتراضي محتمل احدى وسائل اثبات الجذور والبحث عن تعويض ، في محاولة مستميتة لنفي المستجدات والمتغيرات العالمية.
واذا كان رفض المستجدات يرمي الى حماية الهوية من الذوبان فانه بالمقابل “يؤدي إلى مزيدٍ من إقصاء الذات وإلى فقدان الفاعلية المسهمة في التأسيس لثقافة جديدة. وهذا ما يفضي إلى خلق استقطابات جديدة تغدو بؤرًا للصراع ومنابع للتطرف والرفض والأصولية في مختلف أشكالها : الدينية ، القومية ، العرقية ، إلخ . ترفض الثقافات المحلِّية “التهجين الثقافي” الذي تبشِّر به عولمة الحداثة خوفًا من الذوبان في مجتمع التعدد الثقافي؛ ويأتي هذا الرفض من الثقافة المحلِّية الكبيرة المهيمنة على الثقافات “الصغيرة” لأنَّ التعددية تهدد سلطتها. عزيز مشواط - كاتب وصحفي /المغرب

السياسة فن المساومة :
تكرر كثيرا ذكر لدور الساسة السلبي وتحميلهم مسؤلية التعصب والعمل للمصلحة الذاتية وليس العامة ، فهل تلك صفة عامة ؟ وهل معنى ذلك ان المجتمعات يمكنها الاستغناء عن ساستها ؟
ان من التجني وضع كافة العاملين في مجال السياسة في وصف واحد وتحميلهم جميع المسؤلية في أبتعادهم عن المصالح الحقيقية للجماهير بصورة طوعية ، وحقيقة الأمر ان البيئة السائبة والفوضى والتخلف تسمح للمستفيدين والمستغلين لأن يتقدموا في هذا المجال على اقرانهم من ذوي الخبرة والإخلاص والرؤيا الموضوعية وفي جلب انتباه الجماهير في مثل تلك البيئة بوسائل مختلفة والتي تعتبر غير شرعية في العالم المتحضر ، بل ان استغلال الصنف الأول منهم لهذه الظروف وحربهم مع الآخرين تجبر الخيرين منهم لمجابهتهم بنفس اسلحتهم أحيانا .
ان تحول شرائح الشعب الى فهم مصالحهم الحقيقية وتشخيص ممثليهم الذين ينتمون لهم وليس لغيرهم ، تتطلب تحقيق مفاهيم عامة يصنف فيها الشعب ممثليه ومنها :
- ان لايختزل السياسي الوطنية بالانتماء للحزب او أي ولاء لفئة ما ثم يدعو الناس لمناصرته ورفض ومحاربة ما يخالف توجهاته .
- ان لاينصب من نفسه قائدا لجماعته بل ممثلا لهم مطالبا بحقوقهم ، إذ أنه ليس الوحيد الذي يمكنه ذلك بل انه فرد في مجموعة تعمل لهذا الهدف ، ومن ذلك ايضا ان لايشعرهم بانه مثال يقتدى به ومطلوب تمجيده ورفع صوره وشعاراته بينهم .
لا يمكن لهذه المفاهيم أن تستقيم ما لم تُخلق ثقافة عامة وقوانين وضعية لتقييم السلوك يستطيع بها الناس اختبار ممثليهم ومدى نجاحهم في مهمتهم .
بل اكثر من ذلك ، اذ يتطلب أن تكون الثقافة التي يكتب بها الدستور تميز وتحاسب السياسيين بما يمنعهم من استخدام سلطتهم الاعتبارية في القمع او التمييز بين شرائح المجتمع او افراده بناءا على انتمائتهم او مستوياتهم الاجتماعية ، فإن عملهم هذا يرقى الى مستوى الفساد أو سرقة المال العام او التخريب الاقتصادي ، بل يفترض أن تكون المحاسبة مضاعفة لكونهم يملكون حصانة قانونية او اجتماعية ليقوموا بخدمة الشعب وليس استغلاله .


فهل يرضى ساستنا بممارسة نشاطهم ضمن هذا المفهوم أم أنهم تعودوا على امتلاك حصانة الملوك عن ما يفعلون ؟


كلمة أخيرة :
قبل الانتهاء من كتابة هذا المقال , ساءني لحد الغثيان ما سمعته في نقاش حول تهيئة نموذج استمارة الإحصاء السكاني في العراق , وذلك من خلال ندوة تلفازية حضرها ساسة متحضرون ومثقفون ، حيث ابدوا تأييدهم لتقسيم البشر في الوطن على اساس انتمائهم العنصري ولازالوا يدرسون اضافة تحديد الانتماء الطائفي ضمن الأستمارة أيضا !! .
ان هذا التقسيم لم يكن مقبولا منذ نشوء الدولة العراقية بل كان من المحرمات ، وكذلك لا توجد أي وثيقة تحدد مثل هذا الانتماء رسميا ، فهل ستكون من اختيار الافراد انفسهم ؟ ام عليهم اثبات انتمائهم بوثائق أيضا أو بواسطة علوم الأنثروبولوجياٍ ؟ .
لو كانت صيغة الاستبيان : ما هي اللغة الاولى التي يتقنها الفرد ؟ لكان ذلك مقبولا ومن الأكيد أن يظهر ضمن نفس العائلة ( البيت الواحد ) اختلاف بين الأبناء و فيما بينهم وبين ذويهم .
كلنا نعلم ان هدف الإحصاء السكاني هو تخطيطي بحت يفيد في رسم السياسة الاقتصادية للبلد والخدماتية للمجتمع .
فهل يفيد معرفة عدد نفوس الكرد والتركمان والعرب وغيرهم لأغراض وزارة التربية لكي تخطط لإنشاء مطابع للكتب المدرسية تختص بهذه اللغات مثلا ؟ أرى ان التكنولوجيا قد تجاوزت هذه المتطلبات حاليا ايضا .
كما أرى أن أغلب المثقفين المتحضرين سيذكرون أمام حقل القومية / عراقي وأمام حقل الطائفة / كافة الطوائف .
و أرى أن هؤلاء الساسة من دعاة التصنيف الفئوي للشعب يريدون ان يعرفوا من خلال الاحصاء كم يستطيع أن يمتلك كل منهم من البشر .



*** أول تعليق وردني من احد الزملاء قبل نشر المقال :

لو نُشر هذا المقال قبل عام 1958 لرحب به معظم القرًاء .
ولو نُشر بعد جيل من الآن سيتقبله مُعظم القرًاء لكونه أمر مفروغ منه .



عمر علي الكعبي
11/11/2009





#عمر_علي_الكعبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الجيش اللبناني يعلن تسلمه 3 معسكرات تابعة لفصائل فلسطينية لب ...
- منظر مذهل في تركيا.. تجمد جزئي لبحيرة في فان يخلق لوحة طبيعي ...
- إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي ...
- ألمانيا تكشف هوية منفذ هجوم سوق الميلاد في ماغديبورغ، وتتوعد ...
- إصابات في إسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ حوثي
- شولتس يتفقد مكان اعتداء الدهس في ماغديبورغ (فيديو+ صور)
- السفارة السورية في الأردن تمنح السوريين تذكرة عودة مجانية إل ...
- الدفاع المدني بغزة: القوات الإسرائيلية تعمد إلى قتل المدنيين ...
- الجيش الروسي يدمر مدرعة عربية الصنع
- -حماس- و-الجهاد- و-الشعبية- تبحث في القاهرة الحرب على غزة وت ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عمر علي الكعبي - ظاهرة التعصب الزائف