|
اليسار هل تكتمل دورته الحياتية؟
إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 2851 - 2009 / 12 / 7 - 08:27
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بدأ اليسار المغربي قويا أواسط القرن الماضي، ثم سرعان ما تحول من مجرد فكرة إلى مواقف سياسية وإلى إطارات تنظيمية هي ما تجسد في الاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية من جهة وفي تنظيمات اليسار الجديد من جهة ثانية، يقول المتتبعون، وبعد دخول جزء من هذا المكون تجربة التسيير الجماعي والعمل التشريعي، كان طبيعيا أن يشهد هذا الجسم الكثير من التحول، مما حذا بالعديد من هؤلاء المتتبعين إلى القول إن اليسار المغربي يشارف على إكمال دورته الحياتية، وهي نفس الدورة التي مرت منها الحركة الوطنية، حيث بدأت هي الأخرى مجرد فكرة(السلفية التي روج لها شعيب الدكالي وبلعربي العلوي)، وسرعان ما تحولت إلى مواقف سياسية ثم إلى قوة تنظيمية، بدأت مع حادث الظهير البربري، وتطورت مع كتلة العمل الوطني ومع تأسيس حزب الاستقلال والشورى والحزب الشيوعي المغربي وحركة المقاومة والاتحاد المغربي للشغل. في الندوة التي نظمتها الفعاليات اليسارية في ذكرى اختطاف المهدي بن بركة، والتي غاب عنها حزب الاتحاد الاشتراكي لسبب غير معروف، تحدث قادة اليسار المعارض والمشارك في الحكومة، ليخرج الجميع بالخلاصة التي مفادها أن الجميع فشل في تحقيق الانتقال الديمقراطي بالمغرب.
اليسار وآمال العودة
انتهى قادة الأحزاب اليسارية الخمسة التي شاركت يوم الجمعة 30 أكتوبر الماضي في الندوة التي أقيمت بالرباط تخليدا لذكرى اختطاف المهدي بن بركة إلى أن الجميع فشل في تحقيق المشروع الاشتراكي والانتقال الديمقراطي بالمغرب، سواء اليسار المشارك في الحكومة، أو اليسار المعارض، ومن أجل ذلك دعا هؤلاء القادة، وهم عبد المجيد بوزوبع، أمين عام الحزب الاشتراكي وعبد السلام العزيزي، أمين عام حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، وعبد الرحمن بن عمرو، نائب أمين عام حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، ومحمد مجاهد، أمين عام الحزب الاشتراكي الموحد، إضافة إلى إسماعيل العلوي، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية، الذي ألقى كلمة بالنيابة عنه سعيد فكاك عضو اللجنة الوطنية للحزب، إلى وضع برنامج عمل لتوحيد اليسار في جبهة موحدة أو فيدرالية، على أمل استعادة الدور الفعال في الحياة السياسية بعد الانتكاسة التي تعرض لها في أعقاب تقلد حزب الاتحاد الاشتراكي، أحد مكونات اليسار، دفة الحكم عام 1998.
كيف يمكنه استعادة الثقة؟
من وجهة نظر عبد المجيد بوزوبع، أمين عام الحزب الاشتراكي فإن انتكاسة اليسار لها أسباب ذاتية وأخرى موضوعية محلية ودولية، لكنها في جميع الأحوال مرتبطة بأزمة الديمقراطية في المغرب بصفة عامة. فعلى المستوى الذاتي، يرى بوزوبع أن اليسار فقد الصلة مع الجماهير، وعانى من مشكلة الزعامة، وبقي سجين الأطروحات التقليدية. في هذا السياق يرى عبد الرحمن بن عمرو، أن استعادة ثقة الجماهير تتوقف على تجاوز الشعارات، وإقران الأهداف ببرامج ملموسة تراعي تغير الظروف المحلية والدولية. في حين أن بوزوبع يرى أن استعادة مصداقية اليسار تتوقف على "ضرورة فتح حوار واسع بين مكوناته بعقد لقاءات دورية لتطوير آليات العمل المشترك، وصياغة برنامج للعمل بين هذه المكونات يتوج بإنجاز جبهة موحدة لليسار يتم التداول على رئاستها كل ستة أشهر". وإلى ذلك يشدد بوزوبع على أن الإصلاح الدستوري، وإطلاق المعتقلين السياسيين، واحترام حرية التعبير تمثل أهم القضايا التي يجب أن يتوحد عليها نضال اليساريين. أما عبد السلام العزيزي، فيذهب إلى أن خروج اليسار من أزمته يرتكز على ثلاث خطوات. تتمثل الأولى في إعادة قراءة ما وقع خلال العقدين الأخيرين لاستخلاص العبر والدروس، والثانية في التوصل إلى تشخيص موحد للواقع الحالي وأسباب التراجع، وأخيرا بلورة مشروع موحد يخرج باليسار من أزمته. في الوقت الذي يعتقد فيه عبد الرحمن بن عمرو أن "المرحلة الراهنة تقتضي النضال المستمر في إطار برنامج محدد يركز على الملفات والقضايا الكبرى المطروحة، خاصة التعليم والتشغيل والصحة، واعتماد الإصلاح الدستوري أولوية لسيادة إرادة الشعب".
هل يتم تجاوز الاتحاد الاشتراكي؟
ومن جانبه فإن محمد مجاهد، أمين عام الحزب الاشتراكي الموحد يعتقد أن "اليسار الحكومي لم يتمكن من فرض الانتقال الديمقراطي، في حين أن اليسار المعارض، يضيف مجاهد، لم يقدم أية وصفات لتقدم المغرب، مما فسح المجال لصالح القوى المحافظة والأصولية. هذا الأخير يرى أن الظرفية الراهنة تفرض وجوب فتح نقاش جدي بين الأحزاب اليسارية لوضع برنامج مشترك يسعى إلى الإصلاح والحفاظ على المكتسبات الديمقراطية، وإعادة بناء النضال الاجتماعي. ووفق نفس النظرة فإن مجاهد يدعو إلى ضرورة أن يتحرك اليسار عبر اتجاهين: اتجاه سياسي يطالب بإصلاحات دستورية، واتجاه ثاني يضع الجانب الاجتماعي والاقتصادي ضمن أولوياته. في الوقت الذي ذهب فيه اسماعيل العلوي، الأمين عام لحزب التقدم والاشتراكية الذي حضر بدلا عنه سعيد فكاك عضو اللجنة الوطنية للحزب، إلى أن التجارب التاريخية أثبتت أنه لا يمكن لأي قوة سياسية مهما كان وزنها أن تتحمل مهمة الإصلاح وحدها دون الاعتماد على نوع من تضافر الجهود، معبرا عن موقف الحزب الذي يقف وسطا بين رؤية اليسار المعارض واليسار المشارك في الحكومة، حيث مافتئ يدافع عن تجربة المشاركة في الحكومة، وهو ما عبر عنه اسماعيل العلوي بالتأكيد على أنه ليس من الصواب تجاوز حزب الاتحاد الاشتراكي في بناء أية وحدة لليسار المغربي.
هل يتجاوز اليسار الموت السريري؟
تزامنت هذه الندوة مع الحركية التي مافتئت قوى اليسار تدعو إليها، حركية يريد اليساريون أن تتأسس على قراءة نقدية لتجربة اليسار وبأسس جديدة، تجمع المنادين إلى وحدة اليسار، لإعادة بناء اليسار في إطار الشرعية الديمقراطية، بعيدا عن النزعات الانشقاقية والانقلابية أو تأسيس حزب جديد يضاف إلى الدكاكين السياسية، لكن السؤال هو هل يتوفق اليسار المغربي، الذي عرف تاريخياً بالانشقاقات والتشرذم، في التوحد وتجاوز الأزمة المركبة التي يعانيها، قبل إعلان موته النهائي؟ عن المشعل
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصفة لا غنى عنها الحكومة تراهن على القروض الخارجية لمواجهة ا
...
-
مشروع ميزانية 2010 إجراءات تُنبئ بمزيد من الاحتقان الاجتماعي
-
يا أحزاب المغرب اتحدي أو انتحري
-
لماذا الزج بشحتان في السجن؟!
-
تقرير التنمية البشرية يعري عن عجز الحكومة وفشلها
-
الحكومة تراهن على الخوصصة سنة 2010
-
هل هي بداية طي صفحة الماضي -الاقتصادي والاجتماعي-؟
-
-التامك- كان محميا من طرف -الديستي- و-لادجيد-
-
مولاي أحمد العلوي عين الملك الحسن الثاني في كل مكان
-
تضحية على سبيل التجربة ليس إلا
-
محاكمة ثلاثة صحافيين من جريدة -المشعل- بتهمة نشر خبر زائف وا
...
-
هل فعلا يعيش المغرب خطر المؤامرات الخارجية الأجانب؟
-
اليخلوفي، الديب، النيني والشريف بين الويدان جيلان من بارونات
...
-
-الله يكون في عون وزارة الصحة-
-
المغرب – الجزائر :أمريكا، روسيا وفرنسا تشعل سباق التسلح بالم
...
-
-ميشيل- الحريزي لغز اغتيال رفيق المهدي بنبركة
-
هل هناك فعلا ما يدعو إلى القلق؟
-
-المحتل المغتصب يجب أن يعاقب وليس أن يُجارى بالتطبيع معه-
-
كل المؤسسات تأخذ أحيانا بحرفية الخطاب الملكي ولا تجرؤ على ال
...
-
هل ينجح المغرب في امتحان إصلاح القضاء الذي يرسب فيه دائما؟
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|