|
اللامعقول في ميلاد المسيح
خليل خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2847 - 2009 / 12 / 3 - 17:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تتفق جميع الطوائف المسيحية بان مريم العذرا ء قد وضعت طفلها يسوع في مساء الرابع والعشرين من شهر كانون الاول داخل احد بيوت اومغائر مدينة بيت لحم كانت توجهت اليها بصحبة زوجها يوسف النجار ليتم احصاؤهم مع باقي سكان اليهودية تنفيذا لاوامر صدرت عن الملك هيرودس. وولادة المسيح بهذا التاريخ حسب ما يؤكد باحثون في المذاهب والديانات مشكوك في صحتها استنادا الى الوثائق الرومانية التي تؤكد ان احصاءات النفوس كانت تجري في فصل الصيف وليس في فصل الشتاء الماطر. على اية حال المؤمنون المسيحيون لا يلتفتون الى هذه المسالة كونها من وجهة نظرهم مسالة ثانوية لا يجوز ان تطغى على حدث الميلاد العظيم بل يحتفلون بهذا اليوم استذ كارا للمسيح الذي ارسله والده الاله الى الكرة الارضية وليس لكوكب اخر ماهول بالسكان من اجل نشر المحبة في قلوب البشر ولافتدائهم من الخطيئة الاصلية الموروثة عن اجدادهم الاوائل ادم وحواء وخلافه من الخطايا التي يروج لها الشياطين االمنشورين باوامر الهية في كافة بقاع الارض! تتلخص رواية الميلاد حسب تسلسلها في انجيلي متى ولوقا ان يوسف من نسل الملك داود و يورد متى شجرة عائلة داود دون ان يبين الجهة التي زودته بهذه الشجرة ثم تذكر الرواية ان يوسف كان مخطوبا لمريم وذات يوم لاحظ انتفاخا في بطنها فادرك ان خطيبته حبلى وبدلا من توبيخها لارتكابها خطيئة الزنا كما تبادر الى ذهنه لاول وهلة فضل التكتم على الموضوع وفسخ الخطوبة وكأي رجل بار ويضع مخافة الله بين عينيه طنش الموضوع وذهب الى بيته حيث ارتمى على فراشه وراح في نوم عميق في هذه الاثناء ظهر له في الحلم ملاك واكد له بما معناه ان خطيبته مريم عفيفة نظيفة لم يمسسها بشر وبانها حامل بيسوع المسيح المخلص وتم حبلها بواسطة الروح القدس عندئذ فتح عينية وانتابه احساس بالرضا تجاه خطيبته مريم . اللافت في موضوع الحبل ان انجيل لوقا قد تتطرق الى هذه الواقعة فذكر بان الله قد ارسل ملاكا اخر وربما يكون نفس الملا ك الذي ظهر ليوسف في المنام فبشرها هذا قائلا ابشري يا مريم الموجود في بطنك ابن العلي يدعى وروح القدس حلت عليك كما حل على خالتك اليصابات وها هي حبلى من الروح رغم كبر سنها. من هذه البشارة يستدل ان مريم كانت على علم بحملها بيسوع عندما اكتشفها خطيبها يوسف وهي على هذه الحال ولكنها تكتمت على الموضوع وتركت مهمة التبليغ للملاك الذي سبق واشار اليه متى ! المهم وضعت مريم طفلها يسوع في الوقت الذي ظهر نجم في الشرق ويبدو ان الرب قد وضعه في هذا الاتجاه لتنبيه ثلاثة من المجوس بان المسيح قد ولد وحتى لايضاوا طريقهم وهم متجهون من بلدهم الى بيت لحم وكما رتب الله فقد سلكوا الطريق الصحيحة حتى وصولهم الى اورشليم وهناك علم بامرهم الملك هيرودس فاستدعاهم ا ثم سالهم عن سبب قدومهم الى القدس فابلغوه بانهم راوا نجما يسطع في الشرق وعندما تحققوا منه تبين لهم بان ملك اليهود قد ولد ولقد جاءوا لمشاهدته والسجود له هنا اضطرب هيرودس و الانكى من ذلك ان سكان المدينة قد اضطربوا لهذا الحدث رغم جهلهم بلقاء الملك بالمجوس الثلاث , وهنا الح عليهم الملك ان يرجعوا اليه متى انتهت زيارتهم ليسوع ليدلوه على عنوان البيت الذي يوجد فيه المسيح ليذهب اليه ويسجد له بدوره ! اليس مثيرا للضحك ان يستعين الملك بالمجوس لمعرفة العنوان بينما هو قادر ان يتعرف عليه من خلال اجهزته الاستخبارية حتى لو خبأه والداه تحت " طقا طيق " الارض! عقب اللقاء الملكي واصل المجوس طريقهم الى بيت لحم ومرة اخرى ظهر لهم النجم ثم تحرك باتجاه بيت لحم فسار الجوس على هديه الى ان توقف فوق المغارة التى تحتضن مريم ويوسف وطفلهم يسوع وعلى الاثر دخل المجوس المغارة ثم سجدوا ليسوع وقبل انتهاء الزيارة قدموا لوالدي يسوع هدية ثمينة وكانت عبارة عن لبان ومر وذهب . المحير في موضوع الهدية ان اللبان والمر لايصلحان لارضاع طفل ولا لاطعام والديه الجائعين ولعلهم زودوهم بها للمتاجرة بها اذا اقتضت الحاجة. انتهت زيارة المجوس وعادوا الى بلدهم . اي بلد ؟ يبدو ان متى لم يتحرى اسمها من يسوع مباشرة ولامن والديه ولكنه اكتفى بالقول بان المجوس لم يذهبوا الى قصر هيرودس ليدلوه على عنوان المغارة حسب الوعد الذي قطعوه له بل توجهوا راسا الى بلدهم عندما علم هيرودس بذلك استشاط غضبا ثم امر بقتل كافة الاطفال دون سن السنتين ليضمن بذلك التخلص من المسيح قبل ان يكبر و ينازعه على عرشه. ومرة اخرى تتدخل العناية الالهية لانقاذ يسوع من الموت فيظهر الملاك ليوسف في المنام و يطلب منه الهروب هو وزوجته وابنه الى مصر تفاديا لمجزرة هيرودس وبالفعل يصدع يوسف للامر الالهي ويبقى في مصر الي اليوم الذي توفي هيرودس . سالت احد المؤمنين عن الاسباب التي منعت الرب الذي يؤمن به من التدخل لوقف هذه المجزرة ضد اطفال ابرياء في الوقت الذي بعث ملاكه لانقاذ يسوع فكان جوابه ان الله مد في عمر يسوع ليموت فيما بعد على الصليب افتداء للبشر ام الاطفال فقد عجل بنهايتهم لكي يصعدوا الى الجنة! الواضح من سياق رواية الميلاد ان اقرب الى الاساطير او الى " خراريف العجائز" منها الى الحدث التاريخي ومع ذلك يجادلك المؤمنون بان احداثها قد وقعت بما في ذلك رحلة يوسف ومريم ويسوع الى مصر على ظهر حمار !
#خليل_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الازمة الاقتصادية تطيح بالبرلمان الاردني
-
حماس تمنع اطلاق الصواريخ
-
الولادة الثانية للدولة الفلسطينية !
-
المصالحة الفلسطينية المستحيلة
-
ايران توظف النفط وعائدات المراقد الدينية العراقية
-
نتنياهو في مواجهة حل السلطة الفلسطينية
-
صندوق وفضائية عربية لوقف النمو الاستيطاني اليهودي
-
الاستيطان الاسرائيلي
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|