|
مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان تالعراق 2
أحمد السيد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 21:54
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
بقينا في الزنزانتين الى الشهر الثالث من سنة 1982، ومرة دخل أحد الضباط من رجال الامن هو... نقيب نجم... كان مسؤول عن ناحية بهرز، وسبّنا وشتمنا وقال في بولونيا جرى إسقاط تمثال لينين. بعد إستكمال التحقيقات مع حفلات التعذيب ، ومن خلال التحقيقات كما أسلفت، كانت هناك صورة جليّة لعمل هذه الشبكة... وعندما تم إستدعاءنا للتوقيع على الايفادات، والتي أغلبها جرى إنتزاع الاعترافات {بشكل ودي وبدون ضغط وإجبار وتعذيب}، المهم في الايفادات، هو عدم السماح لنا في الاطلاع على الافادات، وتم جلبنا معصوبي العيون، ويطلب من المتهم أو المُجَرّم بأن يوقع أسفل الافادة بعد ان ترفع العصبة لبرهة خاطفة، وليس هناك خيار واحد سوى التوقيع، ولكن جرى إستثناء لإثنين أو ثلاثة بالسماح لقراءة إفادتهم، وكنت أحد هؤلاء،وكانت المفاجئة كالتالي: إلتقى المجرم أحمد بالمجرم كريم في زيونة ، وكان معهم فلان، كذالك إتفق السيد سعد عبد عيسى مع المجرم عبد الله، والاسماء التي لم تجرّم في الافادة هم من الحلقة المقربة، للمجموعتين، وعلى إتصال دائم بهما، والغريب إن مادة الحكم المقررة ضدنا، مذيلة أسفل الافادة، ولا أعرف سبب صعودنا الى محكمة الثورة ما دام قرار الحكم تم وضعه أسفل الافادة، وحاولت الاحتجاج على مجمل ما ورد في الافادة، وإنه غير صحيح، ولا يوجد تنظيم حزبي، وكانوا جالسين عدد من ضباط الامن ومعهم ...قاضي التحقيق المرحوم ابو المعالي ...عرفته فيما بعد، وعلمت إنه أغتيل مؤخرا، وقال لي وقّع الان ويمكنك في المحكمة ...أن تطعن بما ورد في الافادة ، فعرفت وقتها لا فائدة من التعنّت سوى مزيد من حفلات التعذيب، وقد سألني معاون مدير الامن ...خليل الجوراني ...عن صلة القرابة بيني وبين صاحب ستوديو الربيع...فأجبته ...إبن عمي...وكانت صلتي به شبه مقطوعة منذ سنون طويلة، ومع ذالك فقد أَخر... خليل الجوراني... منح إجازة التصوير لإبن عمي مدة سنة كاملة بالرغم لصداقته، ولم ينفع كونه عضوا في حزب البعث أيضا.
المهم وردت أسماء كثيرة في الافادة، وهم كانوا على إتصال بنا،ومنهم من إستلم طريق الشعب المحظورة في ذالك الزمن. وكما أسفت سابقا، أسماء مجرد ذكرها،كانوا يعتقلوها في الحال، وعلى سبيل المثال ورد إسم فتاة من غير محافظتنا وقد إستلمت كارت تهنئة بعيد الحزب، تم إعتقالها على الفور من الجامعة، وكما ذكرت أيضا إن المجموعة الثالثة، كانت جريرتها ، إن أحدنا دعاها للصعود الى كردستان فرفضوا ذالك ومنهم من مزّق الدعوة كالعزيز... علي خزعل كرادي... ولم ينفع التمزيق بل العكس عذّب تعذيب شديدا وقد حفروا جرحا غائرا في فخذه، ونال من التعذيب الشئ الكثير وقد ذكرت اسم أخيه الشهيد كريم بدلا عنه... الذي أعدم بزرق أبرة هو والشهيد عزيز صادق كرادي بتهمة الانتماء لحزب الدعوة ، ولذا وجب التنويه، فإعتبروا الامن هذا الفعل تسترا، لانهم لم يبلغوا بذالك، فما بالك بالذي كان معنا في البيت، والذي أوجد وكر في الكاظمية للمجموعة الثانية وغيرها، وهؤلاء جميعهم في بعقوبة. إنتهى مهرجان التوقيع على الايفادات، بعدم قراءة الاكثرية لإيفاداتهم. في أذار 1982 تم نقلنا الى المعتقل الجماعي، وهناك إلتقينا بالمجموعة الثالثة، ومعتقلين من إنتماءات تنظيمية أُخر... كحزب التوحيد...إخوان المسلمين ...العمل الاسلامي...الدعوة...وحتى من حزب البعث. علمنا من المجموعة الثالثة سبب إعتقالهم وهو التستر وعدم التبليغ. التجربة في المعتقل الجماعي، مؤلمة ومفيدة، على الرغم من التقاطعات الكثيرة، فهناك تظامن جمعي لمعرفة المصير المجهول ومآسِِ الاخر... كانت اللغة التي نتحاور بها مع الاخر تتجاوز {التابو}...فالحوار بين ...الاّهوت والعلم... متصادمة بإضطراد، وكان هناك طالب ماجستير خريج المملكة العربية السعودية، وهو وهابي سلفي، من أبناء المقدادية{شهربان}،وكنا نتجاوز المقدس بتفكيك هذا النص،ومحاولة تحليله من محرمات{مثل...حبوب منع الحمل...التماثيل...الصور...الخ}، وينتهي الحوار من قبله...بأنه نص إله مقدّس... يجب قبوله وطاعته حتى لو تعارض مع العلم. وكنا نعمل قطع الشطرنج كما أسلفت سابقا من عجين الصمون، وكان الشيعة يلعبون معنا، والسنة يرفضون ذالك...كونه حرام التشبيه أو التشبه بالبشر والكائنات الحية. كانت صحيفة الثورة الصحيفة الوحيدة المسموح بها ان تقرّء في المعتقل وبنسخة واحدة يتيمة، والاغلبية لا تهتم بها، وبعد مجيئنا ، أصبحنا نتلقفها، ونوزع صفحاتها بالتساوي بيننا، ونقرءها ...حرفا...حرفا... ونحاول قراءة ما وراء السطور، وفعلا إستطعنا... فك طلاسم معركة البسيتين...جسر حالوب... ومدى الخسائر الهائلة للجيش العراقي ،رغم التعتيم الواضح في جريدة حزب البعث، وبعد ما شاهدوا إهتمامنا بالصحيفة، بدء الاخرون بطلب قراءة الجريدة، وطلبوا منا تفسير النصوص الشعرية، وكنا إذا ودعنا من ينادوه للذهاب الى محكمة الثورة كأننا نودع حياته الى الابد... وقد لا نراه ثانية ماحيينا. وقد طلب منا الكثير ومنهم طلبة جامعيون...عن الكتب التي قرءنا، وكانت الاجابة السريعة والسهلة... في البداية يجب قراءة...سلامة موسى... في أحد الايام أُدْخِلَ الزنزانة ثلاثة من أهل الخالص، إثنان من {الشقاوات}، والاخر من أخيار الخالص{تيلتاوة}، وذكروا ...إن المجرم عبد الصمد قد جلب ثلاثة من أبناء بعقوبة، وكان أحدهم يغني ...عبد الحليم حافظ... وتبادل أحدهم معه الجوارب...فعرفنا عندها...إنه الشهيد حجي كامل كلاز... كنت أُدَرِسُ أحد السجانين{أبو هادي} مادة الرياضيات، بعد منتصف الليل من خلف القضبان، وكان قد قدم لإمتحانات السادس بكلوريا أدبي، وكان يكره العمل كسجان، وأرد الهرب من الخدمة العسكرية، وتحول الى سلك الشرطة فنسبوه الى الامن، فقبلها على مضض، وكان يعطيني بعد منتصف اليل... بعض السكائر... وهي بمثابة كنز كنا نحتفي ونحتفل... بهذا البعض.
جاءت مناسبة31 أذار وإتفقنا الاحتفال بالذكرى*وجمعنا ما إدخرناه من الايام ، وأخذنا أحد ى غرف العنبر الذي يتكون من غرفتين وإيوان، وقمنا الاحتفال والغناء وأكل ما تيسر لدينامن طعام وتمر. لم تكن هناك زيارات على الاطلاق ، وغير مسموح معرفة مكان الاعتقال، وكنا نوصي من يذهب الى محكمة الثورة ويحكم بأقل من الاعدام ويذهب الى سجن{ أبو غريب} يبلغ أهله لتبليغ أهلنا بمكاننا وقضيتنا، فقط جرى إستثناء واحد ، شخص من قضاء كفري،كانت له مواجهة وذالك بواسطة ... الشيخ عطى الطلباني،فذهب لمقابلة أحد أقاربه ورجع ومعه طعام وفير. وقد كانت المجموعة الاولى في بداية مجيئها الى بعقوبة كانت معتقلة في الاستعلامات القديمة للامن ومربوطين بسلسلة واحدة، وقد إطلّعوا على سجل التشريفات، فلاحظوا هناك رسائل كثيرة من المقبور خير الله طلفاح ومذيلة مرسل من قبل {الاستاذ خير الله} ويعني له واسطة كبيرة من الخال ، بقينا على هذا الحال، منهم من ذهب ولم يرجع،ومنهم من أُجل الى شعار أخر، ومن جاء حديثا، وفي أحد الايام ذهبنا الى محكمة الثورة، وكان ضوء سيارة العلب موجهة وعلى عيوننا، ودخلنا قاعة محكمة الثورة، فشاهدنا معتقلين كأنهم من القرون ما قبل التأريخ، من الفرات الاوسط كانوا في أقبية تحت الارض،ويطلبوا السكائر، وكان هناك ضباط بتهم مختلفة، والاغلب يسّوقون للموت، فبقينا ننتظر لزمن غير محسوب، وجاء الفرج بتأجيل محاكمتنا الى أجل غير مسمى. وفي يوم 18 حزيران جاء السجانون وحلقوا لنا... شعر الرأس والذقون ... وأعطونا في اليوم التالي {دشاديش} جديدة، وحاولنا الاستفسار عن السبب،فنهرونا، وقد لا يعرفوا هم أيضا. في العاشرة صباح، على ما أذكر أخذونا الى مديرية الامن العام في سيارة العلب{الاسكيموا}، ومعنا ضابط الامن الملازم الاول ...صادق... وهناك في القاعة شاهدنا الاهل، وأبلغونا بالعفو، وكانت القاعة تعج بجلاوزة الامن، وبعد خروجنا من الامن، تكلّف أغلبنا بتبليغ أهالي المعتقلين، وكان واجبي تبليغ أهل المعتقل يدالله من أكراد خانقين ، ويسكنون مدينة الثورة، وكانت سعادتي غامرة بفرح أهله وخاصة أمه وأكرموني، فهم لا يعرفون عنه شئ، وأبلغتهم من الذي وشى به وهو ابن عمه، وأبلغتهم بعدم الذهاب الى أمن بعقوبة، لانه أنا من يتحمل جريرة التبليغ. البقية كتبتها في الاجابة على إستفهامات العزيز إبراهيم البهرزي.
*هناك مقالة للعزيز..إبراهيم الخياط...الحوار المتمدن...العدد 1871 31ـ3ـ2007 في فئ السنديانة الحمراء البتول فيها الكثير عن تجربة الاعتقال، والاحتفال بيوم 31 أذار.
في القادم القريب البعيد سأكتب عن التجارب الأُخر... وهي جزء من حلم لكتابة نص من السيرة الذاتية
1ـ الهروب الاول الى الكويت في إكتوبر 1979وهم
أخي ...جمال سفر...مقيم في السويد الشاعر علي الرفاعي أو علي ناصر كنانة...مقيم في قطر عماد المندائي ...غير متأكد أعتقد ...مقيم في اليمن الراحل...يوسف الحاج خضر أو خضير ...مزار الشريف كاتب السطور السويد
2ـ الهروب الثاني الى الكويت في أيلول 1980 عبد العظيم صادق كرادي...مقيم في الدنمارك محمود طالب {الكهوجي} ...مقيم في النرويج كاتب السطور...السويد
3ـ محاولة الهروب الى أيران والهروب من خانقين بعد محاصرة الامن لبيت ...محمد خضر... في حي العمال ، في ديسمبر 1980 الراحلة...إتحاد خير الله حسن
محمد خضر بيجان{عضو محلية ديالى الاسبق} أنا...
4ـ الهروب الاخير الى كردستان في أيار 1984 وحدي
{ وحدك في الساعة الواحدة يتركه
البار الذي يقفل والكرسي والزجاجة الباردة:
وفي الرصيف يرتمي بزهرة المجهول، منطويا. يداه في معطفه المبلول ثم يولي، ملغيا كل المواعيد. ولا يقول...**
**الشاعر فوزي كريم...الاغتراب الادبي عدد 3 سنة 1986 في ذكرى موت الحصيري.
#أحمد_السيد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إجابات حول إستفهامات...العزيز إبراهيم البهرزي
-
مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان العراق 1
-
بعقوبة...وتوضيحات من القرّاء
-
بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية2
-
الصحاف أحد رموز الاغتيال في المنظمة السرية
-
بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية
-
مدينة بعقوبة وجزء من تفاصيلها
-
هروب من أمن الاعظمية
-
عمالة الأطفال والأعتداء الجنسي والجسدي والنفسي عليهم...وصمة
...
-
قتل المثليين في العراق
-
ومضات مع الشاعر الشهيد خليل المعاضيدي
-
حتى حكومتنا الأخيرة إغتالت ثورة 14 تموز
-
ماذا بعد فينوغراد ؟
-
لا شيء تحت الشعار .. كالعادة
-
أزمة زعامة
-
الدين وإشكالية الشر عند إخوان الصفاء
-
تطور المحرم بين الدين والمصالح الطبقية
-
أوقفوالموت المجاني في العراق
-
ما بين الغطرسة والعجز والتزييف هذا هو تحالف العداء للسيد حسن
...
-
حديث الموتورون
المزيد.....
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|