أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - فائدة الموت والحرب














المزيد.....

فائدة الموت والحرب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 20:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يخطىء جداً من يظن أن في الموت عبرة أوحكمة, ليس في الموت حكمة بل فائدة للمعدمين وللحراك الاجتماعي .

والحديث النبوي الشريف لم يكن مستقبلياً بل كان عبارة عن رؤيا سطحية للموت إذ يقول : كفى بالموت واعضاً يا عمر.

إن الموت ليس واعضاً ولا مرشداً ولا معلماً ولكنه فائدة على حسب تعبيرالشاعر للكوارث:

بذا قضت الأيامُ ما بين أهلها

مصائبُ قوم ٍ عند قوم ٍفوائدُ
وفي الحروب حركات تجارية بعد جمود طويل وضخ للأموال وبيوعات كبيرة وكثيرة وبيع أسلجة وتنشيط للشارع السياسي والثقافي والإعلامي .

غالبية الناس في مجتمعاتنا موتهم أفضل من بقائهم على قيد الحياة , لأنهم أثناء حياتهم لا يبثون لا الحراك الاجتماعي ولا الثقافي بل على العكس يساهمون بتجميد كل شيء ولكن في موتهم فائدة كبيرة ومن هنا لا نقول أن للموت عبرة أو موعظة ولكن في الموت فائدة للمستضعفين وللحراك الاجتماعي حيث لا يجتمعُ الناس ولا يتحركون إلا حينما يرون جثث الموتى هنا وهناك .

اليوم مات أحد أقربائي ,وكالعادة ذهبت ُللمشاركة فتقدم مني رجل مُتطفلٌ قال لي : أنا يا أبو علي أولى الناس بالصدقه عن روحه.
وحين تركته ماشياً سألني قريبي عنه وكان على ما يبدوا متشائماً منه فقلتُ له : هذه هي طبيعة المجتمعات , المعدمون يستفيدون من الكوارث , وإذا كان الجيش في الأزمات أول من يشبع أو أول من يأكل وآخر من يجوع , فإن المعدمين بعد الكوارث هم أول ما يستفيد منها وذكرني هذا الموقف بنظرية الدكتور (آرثر مارويك) عن التحولات الاجتماعية بعد أن تضع الحرب أوزارها .

لا أحد منا يدعوا إلى الحرب أو إلى الكوارث ولا أحد منا يتمنى الموت لجيرانه وأهله ولكن المعدمين يستفيدون استفادة كبيرة من موت جيرانهم ومن اسباب الكوارث وانتشارها , ولو أردنا أن نكتب مقالاً ساخراً لأظهرت بعض الأثرياء في صورة مضحكةومقززة وهم ينتشرون بين الجثث يختلسونها ويسرقون ما في جيوبها ..إلخ.
ولا أحد يمجدُ صورة الحروب , ولكن الفئات الاجتماعية المعدمة تستفيدُ من الحروب ومن الكوارث ومن المصائب , وقصيدة بدر شاكر السياب (حفار القبور) حيث يكون الفقير المعدم جالس بلا حركة والأغنياء لا يحركون رؤوس أموالهم الجبانة إلى الشارع ولكن بمجرد موت أحد الأقارب تتحرك الناس وتلتئم بشملها فيستفيد الفقير المعدم من حركة الناس, وفي كل مرة يحفر المعدم أو حفّار القبور قبراً جديداً لكي يستفيد من حركة الموت .
وهذه القصيدة تلقي بظلالها على نظرية (آرثر مارويك) والتي تظهر بجلاء صورة التحولات الاجتماعية بعد الحربين ,الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية, أو ما تظهره رواية قصة مدينتين لتشارلز ديكنز.

ولا ننسى القول قديماً وحديثاً من أن الحروب تحرك الأسواق العالمية وكانت العرب قديماً تستفيد من الحروب ولو لم يكن هنالك حروب لقاموا باختراعها لأنها تحرك العجلة الاقتصادية والاستثمار .

وكذلك حقوق المرأة في أوروبا قد استفادت من الحرب العالمية الأولى والثانية ففي الحرب العالمية الثانية ارتفع عدد الأرامل إلى 5 ملايين أرمل في أوروبا لوحدها وهؤلاء الأرامل تحركن للعمل في المصانع فظهرت حقوق المرأة ومساواتها الكاملة بالرجال, وتسببت الحرب بقتل ثلاثين مليون شخص ,وكما قال تشرشل لم تدخل الجيوش الحرب العالمية الثانية لوحدها بل دخلتها الشعوب بكاملها واختلطت دماء المدنيين بالعسكريين واختلطت الجثث بالتراب وانتهت الوحشية بظهور 10ملايين لاجىء حول العالم و9 ملايين طفل يتيم وانتهت الكارثة بسقوط قنبلتين نوويتين على هوريشيما وناجازاكي.

فالحروب التي تشعلها شرور الأثرياء ومساوىء تقدير السياسيين , لها فضل كبير على الفئات المعدمة فدائماً بعد الحروب تستفيد الطبقات المعدمة منها , وكما أشرنا إلى قصيدة السياب (حفار القبور) تشير إلى مدى استفادة المعدمين من الأموات الذين يموتون حيث تتحرك جيوبهم للإنفاق ولربما يستفيد ساكن الحارة المعدم من الصَدَقة التي يتلقاها من أهل الميت, هذا عدى النشاط الذي تبثه طبيعة الموقف من الميت وأهله فيبدأ النشاط بالتحرك وتبدأ الناس بالالتفاف حول بعضهم البعض في بيت أهل الميت مثل الصقور والغربان التي تدور في الجو حول أي جيفة ميتة , إن للموت وللحروب وللكوارث فائدة على الطبقات المعدمة وعلى النشاط السياسي والثقافي والإعلامي , وعلى الفن والأدب والصحافة , لأن فترة ما بعد الحرب تكشف عن النفوس والنوازع وتبدأ الناس بمحاولة تنظيم نفسها من جديد.
ومره من ذات المرات قال لي رجل أنه يحب الأجواء الانتخابية لأنها تجمع الناس والأقارب , وهنا أيضاً تبدو صورة الحراك الثقافي والسياسي والاجتماعي في تجمع الناس لأن الناس لا تجتمع في مجتمعاتنا على مصيبة قدحصلت أو بدها تحصل.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرأسمالية لعنت أخت الطبقه الكادحه
- حل مجلس النواب الأردني
- الفكر المعاصر
- غريب في عالم عجيب
- حرارتي مرتفعة
- دعاء أمي
- هذا هو الزمن العربي
- زيارة المريض
- سن الأربعين
- أريدُ الضياع
- الضباع
- مراحل نمو الداعية الاسلامي
- أحلام اليقظة
- الغني والفقير
- لحظات الذروة
- أسئلة الفلسفة
- الحق على التلفزيونات
- رجل من زمان
- الرأسمالية السائبة
- المرأة لا تفكر لابقلبها ولا بعقلها بل بالإنتقام


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - فائدة الموت والحرب