أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد حاشوش - قراءة في مجموعة (اللوحة) القصصية لمجيد جاسم العلي














المزيد.....

قراءة في مجموعة (اللوحة) القصصية لمجيد جاسم العلي


سعيد حاشوش

الحوار المتمدن-العدد: 2840 - 2009 / 11 / 26 - 17:12
المحور: الادب والفن
    


حين يكون الموت امتدادا للحياة مثلما هو الغياب امتداد للحضور وحين يكون المجتمع محافظاً على حيثيات وجوده المتماسك والمتوازن تكون قصص مجيد جاسم العلي المجسدة لهذا التناغم من آمال وإحباطات المجموع. لكن المجتمع العراقي نخره وباء وباعد بين أفراده اضطهاد وحروب وسجون فاهتزت سلوكيات المجموع وسقط البعض في الذاتية وتقوقع الآخر بكآبة على النفس وهناك من تضخمت ذاته بفعل الاضطهاد والحرمان فباتت مفخمة مريضة ومتشنجة حول مدار ما... لم يتمكن المجتمع العراقي من رسم حدود طبقة ما بعد آلام مخاض الخروج من قلب المجتمع الزراعي ولهذا السبب لا نستطيع التمسك بجاهزية أفكار الواقعية التي أرسى بناءها بيلنسكي وبوريس بوروسوف وجورج لوكاش، واقعية ترصد الحدود بين الوهم والواقع والتوالي الزمني للحدث لذا لم ينشغل القاص بهموم السردية الحديثة لانشغاله بالجماعة أو الفرد النموذج وبتمثيل وتجسيد العالم دون إعارة الاهتمام لخطابات العالم الاجناسية (السرد يغرب طرقاً مختلفة للتحدث عن العالم تتظاهر كل منها بأنها شفافة) مثلما يقول باختين وانما تنمو الحقائق السردية من خامة المرئي ضمن مساحة مخطط لها حينها يتساءل ميركو (كيف يكون لنا وهم رؤية ما لا نراه) حيث تنصب البحوث في منطقة ما وراء السرد...
ففي قصة اللوحة التي تحمل عنوان المجموعة لم يستفد السرد من اللوحة رغم الاقتباس والتضمين (اعتماد القاص على الرسائل في كل القصص) أن موضوعة عظيمة مثل السجن أو الحرمان بأبشع أشكاله - ومن الواضح أن القاص عانى من هذه التجربة الذاتية ولدقة رصده للتفاصيل الخفية والعصية على كل من يريد الخوض في هذه التجربة- التجربة التي تفتح طيات وطيات من آلام محسوسة وأخرى خلف السطور وليس التفاؤل المصطنع والبعيد عن الشعور الانساني ...

الإنسان بضعفه وقوته وعظمته وإحباطاته يخدع الكاتب نفسه حين ينشأ المدار من خلال تكرار كلمات (الوشائج، الحديد, الوداع) ويصبح المدار هو الثيمة أو الموضوع أو البنينة حسب تعبير امبرتو ايكو_ ويكون التفاؤل مجرد جاهزية الافكار المؤجلة التي أزاحت الحياة من قصص كثيرة للكاتب تربو على الخمسين قصة ...
وعلى الرغم من ذكاء الكاتب في مقدمات القصص المدروسة والنهايات المؤثث لها لكن قصصاً مثل قصة السيد وطن مجرد خطاب سياسي وكل الذي يمت لفن القصة هو النزول في سرداب الحضارة والتأريخ بتماثيله مجدوعة الأنف والانفجار في النهاية وتهاوي التماثيل على جسده... كما أن الحوارات في القصص لا تسهم في رسم الشخصيات والأحداث لأن اللغة نظام من الرموز المشبعة بإيحاءات دلالية ونفسية وليست لتوصيل المعلومة والخبر.. والغريب أن الحديث بين شخصين يكتب بلغة محكية بينما المونولوج بلغة قصصية فصيحة... هل يفكر الكانسان ويناجي نفسه بلغة غريبة عنه ...إن الحوار فاشل قصصياً ما عدا قصتي (انتظار وأرض). قد تكون قصة (أرض) من أفضل القصص البصرية التي تزال فيها الحواجز بين الماضي والحاضر والحقيقة والوهم بينما تمتاز قصة (انتظار) بالحوار المشحون بكل ما تحمله اللغة من وظائف. وتمتاز قصة (النافذة) برصد أقسى ما يتعرض له الإنسان من حرمان واختلاط الحقيقة بالوهم ... والعقل بالجنون ويظل السؤال (أما جاءت سليمة) ص63 (وكانت منامته المبللة شاهداً على حضور سليمة) ص64 وحين قرأت قصة (القرار) وجدت ان الشعب يتعاطف مع المظلومين والفارين من الخدمة العسكرية. وهذا التضامن لا يحدث إلا إذا كان المجتمع على وشك انعطاف تاريخي لكن الواقع الثمانيني ذهب بآلاف الشهداء من حزب الدعوة والحركات الكردية والعمالية بينما يرقص فرحاً وبأهازيج ذوو القتلى على الجبهة الشرقية وأغلبهم يبحث عن سيارة وقطعة أرض كتعويض عن الإنسان الذي دفعته السلطة بالقوة نحو الموت حينها كانت الديكتاتورية ومازالت عقلية تستمد وجودها من منظومة هائلة من سيادة الأفكار المتخلفة الموروثة بعد ان فقدت أهليتها بوجه القوى النامية المتطلعة إلى حياة ديمقراطية أفضل.

ولولا تدخل الكاتب ومحاولة التفسير (هو يدرك جيداً أن أباه ما زال معافى, سليم العقل ورغم الشيخوخة أعذارها وأفعالها...) ص78 وحوار الابن مع أبيه في أسرة ريفية ( عفواً أبي , ما أدركت مرامك) ص79 وبعد قراءتي القصة الأخيرة (الوريث) أدركت أن الكاتب لم يستهل الكتابة أبداً كما أن أبطاله ومضامين قصصه المأساوية التي لا يمكن أن تنسى ولم يسبق لأي قاص عراقي أن رصدها بهذا الجنون الفني جعلني في حيرة وأعتقد أن هذا السبب حير النقاد لذا لم يكتب أحد عنه وبت أشك أن القاص لا يؤمن بأن القصة القصيرة الفنية تطورت من كوابيس (أدغار الان بو) وإنما من الحكايات الشعبية مع تكثيف المشهد القصصي. وليس مستغرباً في قصة قصيرة أن يخابر معتقل امرأة أجنبية اسمها (بانزي) في قصة (الوشائج الحديد) بعد خمسة وعشرين عاماً وان يعود جثمان رجل بعد أربعين عاماً إلى اللا أحد في القرية في قصة (أربعون) كما أن فتاة في الرابعة عشر أو الخامسة تتواجد في القصص كما في الحكايات ومن المحتمل أن القاص استفاد من منهج (نورثروب فراي) في النقد واعتبار القصة القصيرة الوريث الشرعي للحكاية الشعبية..







#سعيد_حاشوش (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ادباء بصريون : (شواهد الاشياء لباسم الشريف... شواهد الماء)
- (أصوات أجنحة جيم ) لجابر خليفة جابر....رفيف الأجنحة الراحلة
- كتاب ( طريدون ) القصصي ...رواية حديثة
- قراءة في مجموعة علاء شاكر رجل في عقل ذبابة : تطويع اللغة ومر ...
- لاأحد يشبه المسيح
- أدباء بصريون.... ناصر قوطي .. العمق المنفرد
- ادباء بصريون...عبد الحسين العامر في مرزوك ...الإيقاعات الضائ ...
- أدباء بصريون...حارس المزرعة لنبيل جميل .... عبثية الإنسان ال ...
- أنفلونزا الصمت..للقطراني قصص قصيرة جدا
- أدباء بصريون ... لعنة ماركيز لضياء الجبيلي .. رواية عجائبية
- أدباء بصريون... قراءة في رواية - علي عباس خفيف - (عندما خرجت ...
- أدباء بصريون .... محمد خضير بين التشيؤ والمثيولوجيا
- مكنسة الجنة لمرتضى ﮔزار...رواية ذاتية التوالد
- رصد مدفعي
- مذكرات بائع جوال في إحدى صباحات الدولفين
- اضغط على الزر واشعر بالقوة
- صورتي الرائعة
- الوجهاء
- قوس قزح أبيض...قصة قصيرة
- نحن الحطب بعد شتاء أكلتنا الأرضة


المزيد.....




- نقابة الفنانين السوريين تشطب سلاف فواخرجي بسبب بشار الاسد!! ...
- -قصص تروى وتروى-.. مهرجان -أفلام السعودية- بدورته الـ11
- مناظرة افتراضية تكشف ما يحرّك حياتنا... الطباعة أم GPS؟
- معرض مسقط للكتاب يراهن على شغف القراءة في مواجهة ارتفاع الحر ...
- علاء مبارك يهاجم ممارسات فنانين مصريين
- وزير الثقافة التركي: يجب تحويل غوبكلي تبه الأثرية إلى علامة ...
- فيلم -استنساخ-.. غياب المنطق والهلع من الذكاء الاصطناعي
- بردية إدوين سميث.. الجراحة بعين العقل في مصر القديمة
- اليمن يسترد قطعة أثرية عمرها أكثر من ألفي عام
- -قره غوز.. الخروج من الظل-.. افتتاح معرض دمى المسرح التركي ف ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد حاشوش - قراءة في مجموعة (اللوحة) القصصية لمجيد جاسم العلي