|
الخنساء والشهداء الأربعة حقيقة أم خيال؟
نارت اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 23 - 10:43
المحور:
كتابات ساخرة
أعيني جودا ولا تجمدا ألا تبكيان لصخر الندى قذى بعينك أم بالعين عوار أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار وإن صخرآ لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار هذا نذر يسير من بعض الأبيات والقصائد الكثيرة التي كتبتها الشاعرة الكبيرة الخنساء والتي قضت جل عمرها قبل الاسلام ترثي أخاها غير الشقيق صخرآ حتى لقبت بشاعرة الرثاء ماذا قالت الخنساء عندما قتل أولادها الأربعة في معركة القادسية؟ الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته قالت ( قتلهم ) ولم تقل استشهادهم، هذا كل ما وصلنا عنها حول هذه الحادثة أين ذهبت مشاعرها وأحاسيسها؟ لم ترتكس لموت أولادها الأربعة فلذات كبدها بينما صرفت عمرها تبكي أخاها غير الشقيق!!!
منذ حوالي خمسة سنوات كنت في صالون حلاقة في دمشق أنتظر دوري فوقعت يدي على عدد من أعداد مجلة العرب الكويتية المعروفة وشدني مقال عن الخنساء لكاتب فلسطيني مغمورمقيم في سوريا اسمه طه عمرين كان يعمل مدرسآ في إحدى ثانويات مدينة دوما قرب دمشق وقد توفي منذ عدة سنوات، في مقاله يشكك الكاتب بصحة قصة الخنساء وأولادها الشهداء المعروفة نسيت الموضوع إلى وقت قريب وبينما كنت أقلب قنوات التلفزيون، حيث من عادتي أن أذهب أحيانآ الى قنوات إسلامية تجعلني مشاهدتها أحمد ربي على النعمة التي أنا فيها، وتتيح لي الفرصة لكي أطلع على أمور هؤلاء القوم والى أين وصلت أحوالهم العجيبة بالصدفة وقعت على برنامج يروي فيه أحد الشيوخ بتأثر واضح قصة الخنساء وأولادها ويفعل ذلك بطريقة تمثيلية مصطنعة ويحرك يديه أمام وجهه والى الأعلى بطريقة تذكرك بحركات يدي راقصات فرقة السماح وهن تتمايلن على أنغام موشح إسقي العطاش تكرمآ ومن حين إلى آخر يمرر يده على لحيته الرهيبة التي تكاد تغطي معظم شاشة التلفزيون ويصف لنا والدموع تنساب على وجنته قبل أن تضيع في الغابة المطرية الكثيفة كيف رافقت الخنساء أولادها الأربعة إلى المعركة وكيف أنشد الأول : يا أخوتي إن العجوز الناصحة قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة مقالة ذات بيان واضحة فباكروا الحرب القدوس الكالحة فقاتل فقتل ثم حمل الثاني منشدآ : إن العجوز ذات حزم وجلد والنظر الأوفق والرأي السدد فباكروا الحرب حماة في العدد إما لفوز بارد على الكبد أو ميتة تورثكم عز الأبد في جنة الفردوس والعيش الرغد فقاتل فقتل ثم حمل الثالث وأنشد : والله لا نعصي العجوز حرفآ وقد أمرتنا حدبآ وعطفآ إنا نرى التقصير منكم ضعفآ والقتل فيكم نجدة وزلفى فقاتل وقتل ثم حمل الرابع منشدآ : لست لخنساء ولا للأخرم ولا لعمر وذي السناء الأقدم إن لم أرد في الجيش جيش الأعجم ماض على الهول خضم خضرم إما لفوز عاجل ومغنم أو لوفاة في السبيل الأكرم فقلتل فقتل والغريب أنهم يدعون أمهم بالعجوز وهي الشاعرة الكبيرة والتي كانت سيدة قومها قبل الاسلام، ما قلة التربية هذه؟ لماذا لا يدعونها أمنا ، حبيبتنا، كبيرتنا؟ ولماذا لم يذهبوا الى المعركة دفعة واحدة بدلآ من الذهاب واحدآ تلو الآخر؟ وكل واحد فيهم ينتظر دوره بالانقضاض وفي الأثناء يراجع مع أمه قصيدته التي سوف يلقيها قبل انطلاقه تذكرني هذه الأبيات بمسرحية سهرة حب للرحابنة حيث يتحدى وديع الصافي غريمه نصري شمس الدين بهذا الزجل : اووف اووف اووف أنا سيد الماعنة والفصاحة بهالساحة العليي وبكل ساحة وسيفي بيمسح الأعدا بحدو مثل ما بتمسح الأرض المساحة فيرد نصري شمس الدين اووف اووف اووف رماني الدهر بللي متلك رماني وفوارس راكعة تسقي حصاني إنت وبنت أختك والسلالة بدي متلكم سبعة تماني هل كانت تقام مسرحيات غنائية أو حفلات زجل أيام الخنساء؟ من يصدق أن الإنسان وسط معركة رهيبة، وسط كل هذا الضجيج والغبار والدم والموت يلقي شعرآ وهناك آخر يسجل هذا الشعر وينقله بحرفية كم فتاة ارتدت الحجاب وكم فتى أطلق لحيته واعتكف في المساجد، وكم إنسانآ دخل عالم الغيبيات والظلام بعد سماعه مثل هذه القصص التي لا يصدقها إلا السذج والبسطاء؟ أصبح تاريخنا القديم مثل سلة كبيرة مملوءة بالقصص والحوادث والأساطيرتجد فيها ما يرضي كل الأذواق، كل الأطراف المتدينون والعلمانيون،المعارضة والموالاة، جماعة شباط وجماعة آذار، كل واحد يستطيع أن يجد في هذه السلة ما يعزز به رأيه وقناعاته يأتيك واحد يقول لك: انظر كيف كان الرسول يعامل جاره اليهودي الذي كان يلقي القمامة كل يوم عند بابه وعندما لم يفعل ذلك في أحد الأيام ذهب إليه ليطمئن عليه، فيرد آخر : انظروا ما فعل باليهود، اخرجهم من ديارهم وحرق زرعهم وقتل رجالهم وسبى نساءهم والحقيقة أننا لن نستطيع النهوض إلا بالنظر للمستقبل وترك الماضي المشكوك فيه الى غير رجعة
المقال المشار إليه في مجلة العربي موجود في العدد 549 يمكنكم الاطلاع عليه بالذهاب إلى موقع المجلة الالكتروني التالي http://www.alarabimag.com/main.htm أو مباشرة بواسطة الرابط التالي : http://www.alarabimag.com/arabi/common/showhilight.asp أتمنى لكم قراءة موفقة
#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم الحساب ودفتر بوزقندة
-
يوميات أبو أحمد في الجنة
-
أعلنكما زوجآ وزوجة، بامكانك أن تنكحها الآن
المزيد.....
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|