أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - غريب في عالم عجيب














المزيد.....

غريب في عالم عجيب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2838 - 2009 / 11 / 23 - 04:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وأمشي في الشوارع كالغريب وأعيش بين الناس غريباً في كل شيء حتى في نظراتي حتى في طريقتي لتناول الطعام , غريب ..أنا غريب غريبٌ في فكري وصوتي ولساني غريبٌ في فكري وشرودي الذهني غريبٌ في وطن أصبح الكلُ فيه غريب , الأشجار غريبة وسيقان النباتات غريبة والمقهى الذي كنتُ أجلس عليه أصبح لا يعرفني ,الصحف الصادرة من وطني عناوينها غريبة مقالات الكتاب غريبة برامج التلفازغريبة حتى الوجوه غريبة .

والسماء غريبة والليل غريب والموسيقى التي أسمعها غريبة والكتب التي تزين جدران بيتي غريبة عن الناس , فكتبي غريبة وحياتي غريبة , ومكتوبٌ عليّ الإغتراب والعذابُ.

وبعض الناس الذين كانوا قريبين مني أصبحوا اليوم بفعل الثقافة التي أتمتعُ فيها غرباء عني إنهم غرباء عني وأنا عنهم غريب , الكل أصبح يتنكرُ لي ولثوبي الذي أجدده في كل عام وكل يوم , أنا غريبٌ جداً وجيراني يسألون عني : هل هذا هو ..الذي كان بيننا طفلاً يتيماً يلعبُ بين الأشجار وتحت أغصان الشجر.

غريببٌ وأساتذتي الذين درست وتعلمتُ عليهم اليوم خرجتُ عليهم شاهراً قلمي وهم يتنكرون لي ولا يعرفونني ويسألون عني هل هذا هو الطالب الذي كان يدرس بيننا ونحن له أساتذةٌ؟


الاغتراب ينبعُ من داخلي , في داخلي معدةٌ لا تهضمُ أفكار الناس بسهولة ولا تتقبل تصرفاتهم, لذلك أنا طوال النهار أعيشُ مغترباً وداخل وطني... إنني أشعرُ بالغربة عنهم وهم يشعرون بالابتعاد عني ,كلنا غرباء أنا والدار والشارع والناس والحيوانات الأليفة والجمادات والكائنات الحية وغير الحية.
هنالك موقعين يحبُ الإنسان أن يستلذ بهما وهما (التواليت) وسرير النوم.

وحتى أولائي يستنكرون صورتي وحتى الشوارع التي ركضتُ عليها طفلٌ صغير أصبحت اليوم لا تعرفني , إنني غريب في كل شيء في نومي وصحوي وشدوي غريبٌ في كل شيء حتى في الغرابة نفسها .

فالنوم في السرير مثله مثل أكلةٍ شهيةٍ يشتهيها ألإنسان وهو يأكلها بنهمٍ شديد , فما بالك لو أحسستَ وأنت تأكلُ وجبة طعام أنها ثقيلةٌ وغريبةٌ على معدتك وطعمها مُرٌ على لسانك؟ بالتأكيد سوف تشعر بالاستياء وبالغربة منها ,وكذلك النوم , فالنوم يجبْ أن يحقق لذتنا طوال النهار أو هو المُعبر عن نهارنا الطويل , فمتى كان نهارنا جميل يكون نومنا أجمل.

وأبسط الآلام نجدها تحرمنا من نوم ٍ لذيذ والاغتراب الفكري هو أهم الآلام التي تجعلنا محرومين من لذة النوم فأنا اليوم أشعرُ أنني غريبٌ في سريري الذي أنام عليه .
مشوار الغربة طويلٌ جداً فهو ليس ليوم أو ليومين إنه على امتداد البصر والبصيرة والرؤى والرؤيا إنه يستجيب لنا كما نستجيب للموت وللحياة, مشواري طويلٌ جداً وقد بدأته مع كل الفلاسفة اليونان والشرق والغرب لذلك أنا غريبٌ جداً حتى حينما أضع رأسي على وسادتي أشعرُ بالغربة عنها إنني غريب في عالم عجيب .

عجيب!!...وغريبٌ وفي هذا العالم وحدي , أسير على درب غريب وطريق غريبة وأمضيتُ عمري وأنا أبحثُ عن نهاية الطريق لكي أجَ فيه وسادة أرتاحُ عليها فأنا محروم من لذة النوم.

ومن لذة هضم الأحلام الجميلة ,. وحدي وليس معي إلا أنا , لا شيء يؤنس وحدتي أتصارع مع الأفكار والمعتقدات لوحدي أهزمها في الصباح وفي المساء تثأرُ لنفسها مني فتنتصرُ على قدراتي ومخيلاتي وأوهامي و(أنّاي ّ المتعالي ) على ذاتي وأهم شيء أنها تنتصرُ على نومي فمن الصعوبة في هذه الأيام أن أنام أو أن أستلذ بنومي غريبٌ في بحرٍ غريب أغرقُ فيه لوحدي وأمدُ يدي وعيوني على امتداد البصر لأجد من يرمي لي بطوق النجاة ولكن هيهات فأنا وحدي ...فأنا وحدي.

والليلُ الذي يسكنني طويلٌ والنومُ فيه صعبٌ جداً وغريب وكذلك الدرب طويل جداً ,وغريبٌ في عالم كله غرباء , فجيراني غرباء عني حتى أولادي كلما تقدم العمر بي وبهم كلما زاد إحساسي بالاغتراب عنهم , غريبٌ وليس معي من يذكرني بموعد المساء أو بنهاية العام , ففي نهاية الغربة يعودُ الغرباء إلى أوطانهم كما تعود العصافير والطيور إلى أعشاشها وأوكارها لتنام نوماً هادئاً كما تنام التنانين (التنين) إلا أنا ما زالت حقيبة السفر مقفلة لقد ذهبت في غربة وحتى هذه اللحظة لم أعد من غربتي .

غريبٌ بشحمي ولحمي ودمي , غريبٌ حتى بتفاصيلي , غريب في أفكاري ومعتقداتي , غريبٌ جداً وهل للغريب من وطن يسكنه, لكل الناس وطنٌ تسكنُ فيه إلا أنا لي وطنُ يسكنني أينما ذهبتُ وأينما حللت, غريب وهل مشوار الغربة إلا مشوار طويل فهل من المعقول أن يكون مشوار الغربة قصير ؟!.
طعم النوم بعيد وطعم الماء غريب وطعم الهواء غريب والقُبل التي أقرأ فيها مستقبلي كما تقرأ الفتّاحات فناجين القهوة أصبحت غريبة عني





#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرارتي مرتفعة
- دعاء أمي
- هذا هو الزمن العربي
- زيارة المريض
- سن الأربعين
- أريدُ الضياع
- الضباع
- مراحل نمو الداعية الاسلامي
- أحلام اليقظة
- الغني والفقير
- لحظات الذروة
- أسئلة الفلسفة
- الحق على التلفزيونات
- رجل من زمان
- الرأسمالية السائبة
- المرأة لا تفكر لابقلبها ولا بعقلها بل بالإنتقام
- ملك العالم
- أسد وثعلب ماكر وحمار بلا مخ
- الكاتب الذي لا يكسب من قلمه
- تعليم التفكير


المزيد.....




- -لماذا لا تقوم بعملك يا سيناتور؟-.. حشد أمريكي غاضب بعد ترحي ...
- مسؤولون لـCNN: خفض عدد القوات الأمريكية في سوريا إلى النصف خ ...
- موسكو: كييف تستخدم التعبئة لصالحها
- الذكرى الـ 80 لبدء معركة برلين
- الإمارات: القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لا تمث ...
- وزير الداخلية التركي يكشف عدد السوريين الذي عادوا إلى بلادهم ...
- -بوليتيكو-: تسريح موظفين في وزارة الدفاع الأمريكية بسبب إدار ...
- وزير خارجية مصر: جهودنا لم تتوقف لإنهاء الحرب -الظالمة- على ...
- قازان.. طائرة Tu-144 السوفيتية الشهيرة تتحول إلى متحف
- نجيب بوكيلة لن يستطيع -تهريب- من تم ترحيله خطاً للولايات الم ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - غريب في عالم عجيب