أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - حرارتي مرتفعة














المزيد.....


حرارتي مرتفعة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2835 - 2009 / 11 / 20 - 00:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ستشاهدون في هذه المقالة القصيرة مواسم هجرة الحقيقةحين ترتفعُ حرارتي ومواسم الكذب حين تعود حرارتي إلى طبيعتها , وستشاهدون مواسم الفرح للفراشات الجميلة وستشاهدون لساني كيف تتخذ منه المخلوقات الجميلة سكناً لها وكيف تولدُ على شفتي الكلمات وكيفَ تقرأُ الناسُ كلماتي على شفتي تماماً كمايقرأون المجلات والكتب , فبعض الناس تولدُ من شفتي كماتولدُ العبارات الجديدة وبعض الناس تخرج من شفتي كما تخرجُ الناس من أرحام النساء .

حرارتي مرتفعة وأنا أرتفعُ في الحقيقة مع حرارتي كإرتفاع الحرارة وحين تنزلُ حرارتي أعودُ للكذب على نفسي وعلى الناس , وأن تبقى حرارتي مرتفعة لأقول الحقيقة أفضلُ من أن تنزل حرارتي لأعاود الكذب على نفسي وعلى الناس.

الطريقُ المفتوحة إلى حرارة جسدي مغلقة جداً بسبب تراكم الضباب , فالرؤيا معدومة أو شبه معدومة أو كانت معدومة فكلما ازدادت حرارتي ارتفاعاً كلما على موجُ البحر أمامي , أنا حرارتي مرتفعة وأشعر ُ بالهذيان أنا أهذي وحين أهذي أقولُ الحقيقة , فأنا من هذيان كاذب لأنني أكون مصحصح على الآخر أما في حالة الهذيان فإنني لستُ مصحصحاً لذلك لا أحد يسيطر على مجرى تفكيري فأقولُ الحقيقة وأعيشُ الحقيقة , تماماً مثل كل المُخدرين طبياً عند اجراء عمليات جراحية لهم , فالمريض بسبب وقوعه تحت مؤثرات التخدير يقول الحقيقة , وأنا أقولُ الحقيقة .

ليلة الأمس ارتفعت حرارة جسدي إلى درجة الهذيان ولم أكن أعلم أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى الهذيان والآن تأكدت أن جميع الناس حرارتهم مرتفعة لأنهم يتصورون أشياء غير موجودة , درجة حرارة الناس في هذه الأيام مرتفعة جداً وهم لذلك على حالهم تلك التي لا تعجبُ أحداً وأنا لأول مرة ترتفع درجة حرارتي لأُهذول طوال الليل والنهار , وبكل هدوء وبكل برودة أعصاب وضعتُ رأسي على الطاولة تحت سكينة مطلية باللون الأحمر , وبكل هدوء أخرجتُ جسدي لوحده وبقي الرأس فقلتُ بيني وبين نفسي سآتي في صبيحة أحد الأيام لآخذ الرأس قبل أن يلتقطه أحد المارة من الناس أو قبل أن تأكله الأموات , ومن ثم راودتني فكرة تقولُ بأن هذا الجسد ليس حقيقياً بل هو جسد دجال كذاب فشار .

كانت ليلة الأمس حرارتي مرتفعة وشاهدتُ أثناء الصراع مع النوم كوابيس وأحلام وصور من مشاهد روايات قديمة قرأتها من سنين من أيام صباي , وشاهدت مقاطع وبانورامات من مشاهد خيالية لقصص غير واقعية وغير عقلانية شاهدتُ كافكا عن قرب وأبطال قصصه الفانتازية جميعاً شاهدتُ مئات ومئات من الجماجم شاهدت طائرات وشاهدت البحر وهو يبتلع الصحراء وشاهدتُ إتسونامي حقيقي عن كثب .

ولم أكن أتوقع أن ارتفاع حرارتي ستؤدي بي إلى التشرذم الذهني على كل حال صحوت وبكل غضب وبكل ارتياب وأنا أقول : منيح ..جيد أنه كان كابوساً أو حلماً مفزعاً , امنيح إنه ما كان حقيقه, فتحسستُ بيدي باقي أعضاء الجسد وركزتُ حواسي على الرأس وتأكدت هذ المرة أنني ما زلتُ أحتفظُ بالرأس , وهذا بحد ذاته انجاز كبير وعظيم جداً أن الرأس ما زال موجوداً , أهم شيء في جسد الإنسان هو الرأس ومن المحتمل أن العقل يقع في الرأس , على كل حال لستُ متكداً من حقيقة ما أقول صحيح أنني صحوتُ ولكنني ما زلتُ أهذي بعض الشيء وأنا جالسٌ في فراشي مثل الإنسان المذهول .

ثم غلبني النعاس من شدةالتعب واشتداد الحرارة ووجدتُ نفسي مخطئاً وغبياً العقل لا يوجد في الرأس بل المعدة هي الموجودة في الأس إنني أحاول أن أهظم بعض الأشخاص ولكن معدتي التي في الرأس ترفض عملية الهظم وتُحاول أن تتقيأه, والكبد في الرأس وكل شيء في الرأس ما عدى العقل , فأين ذهب العقل ؟ أين ذهب العقل, يا لطيف في أي مكان يقع العقل ؟

ثم تصارعتُ مع النوم ثم شاهدت الأشجار وهي تطلع من رأسي وشاهدتُ النباتات الجميلة وهي تنبتُ على لساني وَسِمعتْ بفصاحتي الفراشات الجميلة فزرنني وأقامت على لساني مخيماً كشفياً شتوياً هذا المخيم تقيمُ عليه إحدى الفراشات مخيمها السنوي فأحياناً تقيم مُخيمها في شهرنيسان وأحياناً في أيلول وأحياناً في آب.

ثم سمعت النحلة بحلاوة لساني فبنت خلية فوق لساني وخلية تحت لساني ثم فجأة شاهدتُ العصافيرَ والحمامَ والطيوَر الزاهية وهي تخرجُ من معدتي إلى فمي وشاهدتُ لساني وقد انبسط وةامتدّ للفراشات الجميلة وكأنه مُدرج طيران , ثم هدأت عني الحرارة فصحوت من كابوس جميل غير مفزع وقلتُ بيني وبين نفسي : لو أنه لم يكن حلماً لكان أجمل , لو لم يكن كابوساً لكان أروع.

ثم وبكل هدوء نمت ووضعتُ رأسي على وسادتي وشاهدتُ ملايين من الناس تصطف لتأخذ حصتها من جسدي الكل يريد أن يأكل من جسدي , فوضعت لهم جسدي على الطاولة بكل هدوء ...وبكل برودة أعصاب.. ناهيك طبعاً عن المُقبلات التي قدمتها بالمجان ولم تكن المقبلات وحدها بالمجان وإنما كان الجسدُ أيضاً بالمجان ورغيف الخبز بالمجان وشربة الماء بالمجان كان جسدي كله بالمجان , ثم مشيت وأنا مستغربٌ جداً من نفسي كيف أنني أقدمُ لهم جسدي وبنفس الوقت أكون ميتاً وأنظرُ إلى جسدي وهم يأكلون الأنسجة ويشربون الماء الذي فيه.

ثم صحوتُ من نومي مذهولاً فزعاً ثم عادوتُ النوم مرة أخرى لأجد نفسي في كل مرة أمام مشهدٍ من العنفوان الطبيعي واللاطبيعي , حرارتي مرتفعة وأشعرُ أنني أفقد كثيراً من سوائل الجسد الآن أمامي يتبخرُ الماءُ من جسدي وتبقى الأنسجة.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاء أمي
- هذا هو الزمن العربي
- زيارة المريض
- سن الأربعين
- أريدُ الضياع
- الضباع
- مراحل نمو الداعية الاسلامي
- أحلام اليقظة
- الغني والفقير
- لحظات الذروة
- أسئلة الفلسفة
- الحق على التلفزيونات
- رجل من زمان
- الرأسمالية السائبة
- المرأة لا تفكر لابقلبها ولا بعقلها بل بالإنتقام
- ملك العالم
- أسد وثعلب ماكر وحمار بلا مخ
- الكاتب الذي لا يكسب من قلمه
- تعليم التفكير
- المرأة هاضمة حقوق الرجل


المزيد.....




- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...
- محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت ...
- اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام ...
- المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - حرارتي مرتفعة