|
كاتيوشا حوثية؟ أكثر من مجرد عصابة
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2831 - 2009 / 11 / 16 - 15:23
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
هل سيتورط السعوديون في حرب استنزاف طويلة الأجل؟
اسراتيجيو ومخططو ومفتعلو جميع الحروب عبر التاريخ، كانوا يعتقدون على الدوام بأنهم أمام حرب خاطفة وسريعة، يخوضونها، وسرعان ما ينهونها، ومفاتيحها بأيديهم، غير أنهم حالما ما يكتشفون خطل تصوراتهم، ولا يخرجون منها، إلا بأفدح الخسائر. وكما قال لنا المثل، الذي يبدو أن أحداً ما لا يريد أن يحفظه إن "الحجر الذي لا يعجبك قد يشج رأسك"، وكم من حجار صغيرة شجت "رؤوساً كبيرة"، "بإذن الله"، عبر التاريخ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فالاستخفاف بالخصوم، كان، دائماً، أولى الأخطاء القاتلة التي يرتكبها المعتدون عبر التاريخ. وقد جاء في "الذكر الحكيم" الذي لا يخطئ : "وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ...." البقرة 249، أليس هذا هو نفس خطاب واعتقاد، من يحاول "تأديب العصابة الحوثية" الآن؟
تتكشف يومياً، معطيات ومعلومات جديدة عن هذه الحرب المحرقة الطاحنة، فقد جاء في أحدث الأنباء، وفي تطور جديد، ذي بعد دلالي وعسكري عميق، أن "عصابة" الحوثيين، وسنجاري ها هنا، رواية الإعلام إياه، "ما غيره"، قد استخدموا في هجوم على أحد المواقع السعودية قذائف الكاتيوشا المعروفة ذات منصات الإطلاق المتحركة، التي دوخت الإسرائيليين، أنفسهم، والتي لا يمكن رصدها، ولا تدميرها، وتقف أعتى الجيوش عاجزة أمامها، فيما تؤكد نفس الأنباء اشتداد ضراوة القصف والمواجهات، وتصاعد وتائرها، في مواقع أخرى ما يعني أن الحوثيين ليسوا مجرد بضعة أفراد أو عصابة خارجة عن القانون كما دأب الإعلام، إياه، ما غيره، والذي "بالكم منه"، على تصويرهم، وهم بالمنظور الاستراتيجي واللوجيستي، والعسكري، أبعد من ذلك التصوير، بالطبع، وقد يكون إلحاق هزيمة نهائية، واستئصالهم أمراً فيه الكثير من المبالغة والصعوبة. وأول الأخطاء الإستراتيجية في هذه الحرب استسهال مهاجمتهم والتفكير باستئصالهم، وهذه هي حال قوى التجبر والبغي والاستكبار التي تجد نفسها، بدافع من غرور القوة، والغطرسة، متورطة في حروب تستطيع أن تشعلها، بالتأكيد، لكن لا تقدر أن تنهيها، وقد تذهب الحرب مذاهب ليس في وارد ولا خاطر أمراء المال والوجاهة والأعمال، والذين ساحاتهم، وصولاتهم وجولاتهم، وبالقطع، غير هذه الساحات والمناطحات.
ولا تغيب هذه الأساليب والخيارات الكاتيوشية الحوثية الأخيرة، كثيراً، عن البال، وهي ماثلة بقوة في الأذهان، عن تلك التكتيكات الحاذقة التي لجأ إليها حزب الله في جنوب لبنان، ضد أقوى جيوش المنطقة، والتي أربكت هذا الجيش وأذلته، بالقدر نفسه الذي حيرته، ما حدا به إلى الهروب مدحوراً في 25 أيار / مايو من العام 2000، تاركاً وراءه أسلحته وعتاده، وجيشاً "حليفاً" بائساً من المرتزقة بقيادة الجنرال أنطوان لحد، وللبشرى الكبرى، فقد بات جنرال الأمس، اليوم، مجرد "شيف"، ومعلم من طراز ممتاز، في مطعم إسرائيلي لبيع الحمّص و"المسبـّحـة"، اللبنانية الفاخرة التي يبدو أن الجنرال يجيد العمل بها، أكثر من صنعة الحروب.
الطوفان البشري الهائل من جيوش النازحين والفارين من ميدان القتال، والتي تجاوزت اليوم أكثر من مائة وخمسين ألفاً، على طرفي الحدود، وسط ظروف إنسانية صعبة والشتاء على الأبواب، قد تضفي، أيضاً، على وجه من هذه الحرب طابع التهجير الجماعي والاقتلاع وما قد يصنفها ضمن توصيفات الجرائم ضد الإنسانية، وتنجرف، وتنزلق، أكثر نحو حرب استنزاف حقيقية War of Attrition ، طويلة المدى والحرب المفتوحة التي لا يبدو أن لها نهاية ووشيكة في المدى القريب، يبدو الحوثيون فيها أكبر قدرة على التحكم بها وإدارتها، وتوجيهها وفق ما يرون.
مع الكاتيوشا الحوثية، (ربما تكون هناك مفاجآت عسكرية أخرى، لم يحسب لها حساب وقد تظهر قريباً)، تكون الحرب قد أخذت، ولاشك مناح أخرى، وغير متوقعة ما تستلزم الكثير من التعديل. فهل تورط، أو ورّط السعوديون اليوم في حرب استنزاف طويلة الأجل، ليست بعيدة عن تلك التي خاضتها قوات عظمى "سوبر باورز"Super ، المزودة بالتكنولوجيات الرقمية المرعبة، كالأمريكية في فييتنام، والتي تخوضها مجدداً، اليوم، نفس القوات في العراق وأفغانستان، أو القوات السوفيتية البلشفية الحمراء المسلحة، أيضاً في أفغانستان، وأيضاً، تلك التي خاضتها إسرائيل في جنوب لبنان، والقطاع، وكانت نتائجها دائماً لصالح استراتيجية الكاتيوشا البسيطة (اضرب واهرب)، أو "الأحجار الصغيرة"، التي شجت الرؤوس الكبيرة، على الدوام، والمثل الأقرب خصوصية واستذكاراً، والأكثر دلالة ومغزى يمكن استحضاره، هو حرب تلك القوة الغاشمة والعاتية الباطشة التي تخوض "الحرب الرابعة" ضد الحوثيين، ونعني بها فيالق الفيلد الماريشال، علي عبد الله الصالح، في صنعاء، والتي لم تأت بجديد، ولم تختلف، في نتائجها، ومساراتها، عن مثيلاتها السابقات الفاشلات، على الإطلاق.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إلى الأستاذ سعد الدين الحريري/ المحترم:
-
الحوثية و الوهابية الصدام المؤجل
-
المحرقة الحوثية والحروب المنسية
-
إلى سعادة الأخ وزير الداخلية القطري/ المحترم:
-
رسالة من إخونجي
-
إلى الرفيق الأمين العام لحزب الكلكة
-
أكثرُ مِن مجرّد هِلال شيعي
-
خفايا نضال مالك حسن الأصولية
-
معارِكُهم الحضارية
-
تهديد جديد بالقتل والمطالبة بإعدام نضال نعيسة من قبل جماعة ا
...
-
السعودية بين فكي الحوثيين والقاعدة
-
نضال مالك حسن بطل أم قاتل؟
-
الشيعة قادمون
-
العنصرية في خطاب المعارضة السورية
-
هلِ الوحدةُ العربيّةُ ضرورية؟؟
-
سوريا: انفتاح بلا حدود
-
سايكس- بيكو أمانة في أعناقكم!!!
-
العثور على أكبر مقبرة عقلية جماعية في العالم: دعوى عاجلة على
...
-
لا للشراكة الأوروبية
-
لا تعتذر يا تركي السديري
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|