أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - ...ومن العشقِ ما قَتَلْ














المزيد.....


...ومن العشقِ ما قَتَلْ


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 2830 - 2009 / 11 / 15 - 19:38
المحور: الادب والفن
    


لذكرى رشدي العامل
وعبد المجيد الونداوي

لا أتذكـر التأريخ على وجـه التحديد ، إنما ظهيرة قائضـةٌ من عام 1973 بمطبعـة "الرواد" في "القصر الأبيض"... كنتُ إنتهيتُ تـواً من ترجمـة البيان الأول للحزب الشيوعي التشيلي بعد الأنقلاب الفاشي ضد حكومة ألليندي* ، دفَعتُ المـادة للدكتور غانم حمدون لإجراء مـا يلزم من التعديل والتدقيق ... وعدتُ إلى "القن" ‘ الذي كنا ننحشرُ بـه ... رشدي العامل وعبـد المجيد الونداوي ( أبو حميد ) وكاتب السطور ... فوجـدتُ الصكـار (أبو ريّا) ، وقـد إنتهى من لقائه مع رئيس التحرير (أبو مخلص) ، إذ جـاء بملاحظـاته على تصميم "طريق الشعب" وخطوطهـا - وقتهـا كانت تحبو - ، وكان يريـدُ لهـا أن تزهو بالجديد محـاولاً ترطيب وتطييب "مُحـافظـة!" ( أبو رافد ) - فائق بطـي- الذي لم يكن يضمر الودَّ أبداً للمبدأ "الجديد" حينها في تصميم صفحات الجرائد ، مبـدأ الكُتَلُ " البلوكات "....
كان الونـداوي ساعتها منهمكـا برزمة من المجلات والصحف العربية والأجنبية ، التي كانت تصلنا من مكتب عامر عبد الله في الوزارة ، قبـلَ أن تتوفّرَ فـي السوق ! كان ( أبو حميـد ) يعمِـلُ فيهـا دُبّوسَه** "تبضيعًا " !


إقترحَ الونداوي أَنْ يصحبنا إلـى مكانٍ هاديءٍ ، بارد ، يُقدِّمُ أكلاً لذيذاً ... نشربُ كأسـاً
ونُدردِشُ فيه قليلاً مع أبي علي ( رشدي ) ... إعتذرَ الصكـار ، بخجله المعهـود ، أَنّ لديه
إلتزاماً يمنعه من مرافقتنا ... ركبنـا التاكسي ، فأنطلَقَ بنا إلـى شارع السعدون ، توقّفَ
قبلَ الجندي المجهول ، ناحية اليمين . وعندمـا نزلنا ، همَسَ رشدي في أُذنـي أنّ صاحبَ
المحـل هو الشخصية الديمقراطية المعروفة رشيد مطلك . دخلنا ، يتقدمنا الونداوي ،
ألقـى تحيـةً شبه مسموعـةٍ ، كأنـه لايريدُ أن يُخدِّشَ هـدوءَ المكـان ... إنتحينـا الجانب
الأيسرَ من المحـل وجلسنا إلـى طاولة بمفردنا . تساءلَ رشدي مُستغرباً :" ليش أبو حميد ! مو نزار ماكو يمَّه أحـد؟!"
أجابه الونداوي بأنَّ نزار (المقصود هو القاص نزار عباس) لا يبدو عليه اليوم راغباً فـي مؤانسةِ أحد :" متشوفه شلون كالب خلقته ؟!
بعدين منريد نجلس يم الشباك ، حتى لا يجي طفل جوعان ويباوع بالماعون مالك ويسد لك الشهية ... يا أخي شتساعد ، شتشبّع واحد ، إثنين .. ؟!"
مـا أن جلسنا ، حتـى تقـدّمَ منـا شخضٌ فـي الستينات من العمر بشياكةٍ إنكليزية ظاهرة ، سلّمَ على أبي حميـد بأدبٍ جـم ، قام الأخيـر بتقديمنا وتعريفنا بـه ... رحَّبَ بنا وإنصـرفَ عائـداً إلـى طاولـةٍ صغيرةٍ ، تجلِسُ إليهـا سيدةٌ بعمـرِ النضـوج . كان ذلكّ الرجل هو رشيد المطلك . جاءَ النادل ، طلبنا ، فأحضرَ ما أردنـا وأزادَ ، بنـاءً علـى إشارةٍ من صاحب المحـل .

بعـدَ فتـرة ، حضـرَ إلـى مائدتنـا شـابٌ قوي البنيان ، يرتـدي قميصاً نظيفاً ابيض وبنطالاً ، تعتلي رأسـه طاقية ( عرقجين ) ، سلّمَ بأدب ، فيـه شيءٌ من الحراجة ، وقال:
" إستاد ، اللـه يخليك ، بلكي تكتب لـي فد رسالة ؟"
سأله رشدي مُداعبـاً ، وأشرَقَتْ علـى مُحياه إبتسامة ملائكيـة، :" شجابك لهنـا ؟ "
ــ " والله إستاد سألت ، كالـولي هذا البُكان بيه مثَقفِيَّه وأكابـرْ "
رشدي ، إستهواه الأمـر ، فراحَ يُعابثه بلطف :" طيب ، ليش أجيت علينه بالذات؟ "
أشـار الشاب ناحيةَ نزار عباس :" ذاك الإستاد ، دزنـي عليكم" . تبادل نزار وإيانـا
نظرةً وأشارَ أن " ساعدوه وفُظّـونا "!
سأله رشـدي عمـا يمتهن ، فأجابَ " آنـي خِلفَه - يريد بذلك مساعد أسطة بنـاء -
بس آنـي مو أُمّـي.. أعرف أقره وأكتب ."
" إلمَـن تريد الرسالة ؟ "
فأجاب الشاب بزهـوٍ ظـاهر " لفـد وحده أميـره ، بت مدرسه ."
واصَـلَ رشـدي معابثته :" ليش متكتب الرساله بنفسك وتكول إلهـا اللي تريده،
مو أحسن ؟!"
" الله يخليك ، إستاد ، هوّه لو آنـي أعرُف شريد ، الله وكيلك ما جان طلبت من أحَّد !"
ضحكنـا ، وافقَ رشدي علـى التكليف ، ودعـاه للجلوس معنـا . لكن الشاب أبى وقـالَ
معتذراً " بعد ساعة أمُرّ عليكم ، يكفي ..؟ "
إنقضت الساعة فحضرَ الشاب . سلّمَه رشدي الرسالة . برقت عيناه لمّـا قرأ الرسالة . فهتفَ : " والله العظيم هذا اللي بكلبي ، جنت أريد أكوله إلها !! " طبع قبلةً علـى وجه رشدي ، صافحنـا وغـادر المكـان منتعشاً .
سأل أبو حميد رشدي عما كتبه ، فقالَ رشدي ، بشيءٍ من الفخـر ، لايخلـو من المناكدة
والتخابث الودي المعهود بينهما :" كتبت رسالة غراميّة لبشيرة***عندك إعتراض ؟!! "
................
أطـرَقَ أبو حميـد رأسه ، وقد بدَت علـى وجهه ظلالُ غِمَّـة !


يحيى علوان


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* " طريق الشعب " كانت أوَّلَ مطبـوع باللغة العربية ينفرد بنشرِ تلك الوثيقة ، وعنهـا أخذته
بقية المطبوعات والدراسات . وكانت سفارة ألمانيا الديمقراطية حينها في بغداد قد بعثته للجريدة
في الصباح الباكر منشورا على صفحة كاملة من جريدة "نويس دويتشلاند "...
** كان من عادة الصحفي المحترف ، الذي يعمل في قسم الأخبار والتقارير والتعليقات أن لا يغادره
دبوسه كمشرط الجراح ، بـه ينتزع المادة ، التي يحتاجها لعمله من الصحف والمجلات ، في وقتٍ
لم يكن الكومبيوتر ولا الفاكس ، بل حتى التيكر لم يكن متوفراُ...
*** هـي بشيرة البغدادي أمُّ ولديـه علـي ومحمـد ، كان يعشقها بطريقة بوهيمية ، لم تلقَ على
الدوام الفهمَ الصحيح ...




#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذراتٌ من دفاترَ ضاعت / عفريتٌ من جنِّ سُليمان !
- من دون عنوان
- ما هو !
- تهويمات
- أهِيَ خطيئتي ؟!
- بغداد
- إنْ شاءَ الله !
- قراءة مغايرة للاهوت حواء مشاكسة !
- حكايا مخالفة للاهوت
- ظِلٌ لَجوج
- كَيْ لا تَهجُوكَ أُمُّكَ
- رأيتُ البَلّور
- هو الخريفُ يا صاحبي!
- أَيتامُ الله !
- حنين
- وطن يضيره العتاب، لا الموت!
- تنويعاتٌ تَشبهُ الهَذَيان
- وطنٌ يُضيره العِتابُ ، لا الموت !
- قناديل بشت ئاشان _ نقرٌ على ذاكرة مثقوبة
- تيتانك والجوقة !


المزيد.....




- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - ...ومن العشقِ ما قَتَلْ