امان
الحوار المتمدن-العدد: 859 - 2004 / 6 / 9 - 04:45
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
المندوبات يصطدن الفريسة تحت شعار زيارات مجانية للمنازل
تحقيق - غادة عصفور : البداية فحص وتنظيف مجاني للبشرة.. وبعد أن تطمئن الفريسة أو الزبونة تبدأ المندوبة بعرض أو استعراض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة من كريمات وزيوت ومرطبات وغيرها.. هذا للعين وذاك للرمش والآخر للأنف.. هذا الكريم سيكون ملائماً تماماً مع طبيعة بشرتك.. وجهك شاحب وبحاجة إلي مجموعة من المستحضرات الغنية بالفيتامينات.. تحت عينيك خطوط لن يخفيها إلا هذا المستحضر.. شفاهك تحتاج إلي مزيد من الترطيب.. كل هذه الكلمات تكون الطُعم الذي يحصدون عن طريقه أموال النساء.. كل هذه الكلمات تكون بمثابة المخدر للزبونة ولا تفيق منه إلا بعد أن تكون قد فقدت مبلغاً وقدره من المال.. ولا تجد في البضاعة المزيفة التي تكون قد اشترتها ما ترجوه من النتائج الإيجابية المزعومة.
إنها شركات وهمية تعتمد في أسلوبها علي إرسال مندوبات إلي المنازل بدعوي أنهن يقمن بعمل زيارات مجانية للسيدات والفتيات تشمل عمل فحص وتنظيف للبشرة.. هذه الزيارات تكون في ظاهرها مجانية لكن ماذا بعد تنظيف البشرة الذي لا يستغرق العمل به أكثر من عشر دقائق هي مدة القناع الذي يوضع علي الوجه من أجل تنظيفه تجديد نشاط الخلايا كما يقلن .. إنهن يضعن القناع ليس فقط علي الوجه بل هناك آخر يوضع علي العقل أيضاً ليجعل الزبونة لا تفكر إلا بما يرونه.
قد تكون تلك العشر دقائق فقط هي الدقائق المجانية في الزيارة لكن الزبونة في حقيقة الأمر تدفع ثمن هذه الدقائق العشر غالياً جداً.. فبعد أن تخدرها المندوبة بالكلام عن بشرتها الجميلة التي تحتاج إلي عناية.. وبعد أن توسوس في أذنها وتسرد لها قائمة المستحضرات التي تتوافق وطبيعتها.. وبعد أن تزوغ عين الزبونة المسكينة بما تراه من أشكال وألوان الكريمات والمستحضرات لا تشعر بنفسها ويتوه عقلها فتدفع كل ما بجيبها في استسلام تام ودون أية مقاومة.. وللأسف فالزبونة تكتشف الخديعة بعد أن يكون قد فات الأوان فتري آثار تلك المستحضرات التي دفعت فيها دم قلبها وقد التهبت بشرتها الحساسة وظهرت بها بقعاً وعلامات حمراء.. فالمندوبة لا تهتم بمدي ملاءمة المستحضر الذي تقدمه بالنسبة لطبيعة البشرة.. فكل ما يهمها هو أن تبيع وتروج لبضاعتها وتكسب الأموال.. هذا غير أن المستحضر نفسه قد لا يكون حاصلاً علي ترخيص من وزارة الصحة.. والسؤال هنا من أين جاءت هذه الشركات الوهمية.. وما مصدرها.. وما اسمها.. وأين موقعها أو مقرها.. ولماذا لا تذهب الزبونة إليهم وهم الذين يأتون إلي منزلها تحت مسمي زيارات مجانية .. وإذا كانت هذه الزيارات كما يدعين أنها مجانية فما الفائدة التي يحصلون عليها من وراء ركضهن وتنقلهن بين المنازل.. وما الذي يضطرهن إذاً لكي يذهبن إلي أي منزل مهما كان بعيداً مكانه.
هذه الشركات الوهمية والتي لا تحمل اسماً كان ضحيتها عدداً من السيدات والفتيات اللواتي دفعن أموالاً لشراء الأوهام.. كانت لهن تجارب واقعية معهن فماذا قلن؟
- تقول نجلاء: أعاني من وجود حب الشباب في وجهي بشكل لافت للنظر.. وسمعت من صديقة لي عن هؤلاء المندوبات اللواتي يقمن بفحص البشرة.. وكنت قد جربت مجموعة من الكريمات لتساعدني علي التخلص من هذه الحبوب ولكني لم أجد أية نتيجة.. فحصلت علي رقم هاتف خاص بهؤلاء المندوبات وتحدثت إليَّ إحداهن واتفقنا أن تأتي لزيارة منزلي وعمل فحص للبشرة.. وبصراحة كنت قد أعددت نفسي لشراء بعض المستحضرات منها.. حيث أنني لم أتصل لمجرد أن تأتي وتقوم بعمل فحص مجاني فقط.. فكان بيننا اتفاق أنها سوف تحضر لي بعض المستحضرات معها وأشتري منها ما يناسبني.. وبالفعل زارتني واخترت نوعين من الكريمات كدواء لإزالة حب الشباب وكانت قيمتهما غالية جداً أكثر من أي مستحضر آخر كنت قد اشريته من الصيدليات.. ولكني لم أبال كثيراً بم دفعت فالمهم عندي هو أن تزول هذه الحبوب وبعد مرور أكثر من 8 أشهر علي الاستعمال المنتظم لا أجد أية نتيجة تذكر ولم يحدث أي تحسن في وجهي.. فالحبوب كما هي لم تختف أي منها.. فقد قال لي الطبيب بعد ذلك أن حب الشباب يذهب مع مرور الوقت وربما يحتاج لأكثر من عام وليس لهذه الكريمات دخل في اختفائه.. فكان من الأولي بتلك المندوبة أن تصارحني بأن حب الشباب يحتاج لوقت طويل كي يختفي.. بدلاً من أن تبيعني أشياء بأسعار عالية لا تفيدني في أي شيء.. ولكني لا ألومها بل ألوم نفسي لأنني جرب من قبل عددا من الكريمات دون فائدة.. وكان عليّ أن أكون أكثر حذراً وذكاءً.
- تقول إحدي مذيعات التليفزيون: جاءتني مندوبة من شركة لمستحضرات التجميل بعد أن رتبت معي موعداً للزيارة المجانية وفي أقل من عشر دقائق وضعت لي قناعا علي وجهي قالت إنه يعمل علي تنظيف البشرة.. وبعد ذلك أخرجت مجموعة من المستحضرات للعناية بالبشرة وبدأت في سرد أهمية وامتيازات كل نوع علي حده وطبيعة مفعوله في البشرة..ولم أجد نفسي إلا وأنا أدفع مبلغاً وقدره (.....) لمجموعة قليلة جداً من الكريمات.. لم ينته الأمر عند هذا الحد.. لكن بعد فترة وجدت بعض الالتهابات والاحمرار علي وجهي نظراً لأن بشرتي من النوع الحساس وقد أخبرت المندوبة بنوعية بشرتي حتي تكون حريصة وهي تنتقي النوعية التي تناسبني.. وأنا الآن دفعت مبلغاً آخر لشراء أدوية أعالج بها ما أفسدته تلك المستحضرات في وجهي. أما أسماء فتروي لنا مأساتها التي تعيشها منذ سنوات.. وربما تجربتها تختلف نوعاً ما.. فالمسألة أكبر من كونها أموال خسرتها: لقد قررت أن أعمل التاتو وهو عبارة عن ماكياج دائم يتم عمله من خلال مادة مثل الوشم تبقي لسنوات.. فطلبت من متخصصة التجميل أن تعمل لي كحلاً في عيني عن طريق التاتو .. ولكن ما حدث أن المتخصصة أثناء وضع التاتو فوق جفوني عن طريق استخدام الإبر اهتزت يدها قليلاً وبالتالي اهتز شكل الرسمة ولم تتمكن من إصلاحها فأصبح الكحل علي جفوني مرسوماً بشكل متعرج ومر علي هذا الأمر حتي الآن نحو الأربع سنوات ولم تذهب آثار التاتو فوق جفني وطفت علي العديد من الأطباء في محاولة لإصلاح ذلك التاتو الخاطيء الذي أصبح هماً كبيراً لدي كلما نظرت للمرآة ولكنهم أخبروني أن علاجه سيكون بالليزر ويمكن أن تقع رموشي كاملة أو تضر بمنطقة العين.. فهو في منطقة شديدة الحساسية ويجب التعامل معه بحذر.. أما خبيرات التجميل فقد اقترحت عليّ إحداهن إزالة التاتو الخاطيء باستخدام مادة الأسيد وهي مادة كاوية وسوف تترك آثاراً جانبية بحيث ستكون هناك حفرة موجودة بالمنطقة التي أزيل منها التاتو هذا بخلاف المبلغ الكبير الذي سأدفعه.. عموماً أنا سلمت أمري لله ورضيت بنصيبي وما حدث لي.. فأية محاولة للعلاج سيكون لها أثر جانبي خطير.
فما حدث لي الآن أفضل كبثير مما يمكن أن يحدث إذا أقدمت علي العلاج.. وسأصبر سنوات أخري حتي يختفي هذا التاتو تماماً.. وأقول: توبة.. فأنا تبت إلي الله واستغفرته.. فأنا لم أكن أعلم حينما عملت التاتو أنه حرام مثله مثل الوشم.. كل ما كنت أعرفه أن الفرق بينهما هو أن الوشم يصل إلي الطبقة السابعة من الجلد أما التاتو فهو يصل إلي الطبقة الثالثة من الجلد.
- وكانت تغريد أكثر ذكاءً من مندوبة التجميل فقد اتصلت بها لتحديد موعد وكانت في البداية تصدقها.. تقول تغريد: حددنا بالفعل موعدا لزيارتي في المنزل ولكن نظراً لظروف عملي فإنني اعتذرت عن الموعد فبادرتني المندوبة بقولها.. إذاً سآتي لك غداً صباحاً فاعتذرت أيضاً لظروف العمل فقالت المندوبة: إذاً فليكن موعدنا ليلاً .. هنا شعرت بالدهشة.. فهي زيارة مجانية ستقوم بها تلك المندوبة فلماذا هذا الإلحاح لأن تأتي لزيارتي.. ما هي الفائدة التي ستعود عليها من هذه الزيارة التي اهتمت المندوبة بتحديدها. وبدأ القلق يدخل إلي قلبي فقمت بسؤال بعض الصديقات لعلهن يعرفن عن هؤلاء المندوبات وبالفعل عرفت أنهن من وراء تلك الزيارات المجانية يجنين الأموال الكثيرة من خلال الضحك علي عقول النساء.. وحينما اصتلت بي المندوبة كنت أذكي منها فاقترحت عيها أن أقوم أنا بالذهاب إليها في مقر الشركة ولكنها اعتذرت بحجة أن المكان غير مجهز إلي الآن والمعدات لم تصل من الخارج.. فسألتها هل هناك لافتة موضوعة علي المقر فأجابت بأنها أيضاً يتم تجهيزها!!
#امان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟