أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزار بيرو - حكاية عَلَمْ














المزيد.....

حكاية عَلَمْ


نزار بيرو

الحوار المتمدن-العدد: 2828 - 2009 / 11 / 13 - 00:57
المحور: الادب والفن
    



كانت تفترش الأرض. أمامها ورقَة بيضاء ومجموعة من الأقلام الملونة.
في كل مرة كانت تأخذ لوناً لكي ترسم لَوحة. كان الناس يحتفلون بقدوم
سنة جديدة ووداع سـنة كانت تلَملم أيامها الأخيرة، في كلِ مناسبة كانت ترسم لوحة. في وسط تلك الورقة البيضاء رسمت موقد حجري، أشعلت ناراً داخل الموقد وعلَقَت على طَرف الموقد فَردة جورب ملونة و طويلـة.
رسمت قَلبين باللون الأحمر، فوق إحدى هذه القلوب غرست علَمين. احدهم
كان علَم بلاد الثلج و الأحلام ، أما الثاني فكان علَم فدرالية الأقاليم الستة عشر
والتي كان قَد قَسمها اليمين و اليسار ولسنوات عديدة إلى شرقية و غربية.
فَوق القلب الآخر غرست علَمين آخرين ، احدهم كان علَم بلاد الشمسِ والنار
و التضحيات ، أما الآخر فكان و لمرة ثانية علم بلاد الثلجِ والأحلام .
في أسفلِ موقد النار، رسمت قَلبين آخرين وكتبت داخلاهما عبارة " كود يول "
في أعلى إحدى هذه القلوب كتبت عبارة " فروفايناختن " ، وفي أسفل إحدى هذه
القلوب كتبت عبارة " سَرسالاوَ بيروزبيت " .
وفي الآخر طَرزت لوحتها تلك، بنجومٍ براقة صغيرة وملَونة .
وبعد ان أكملت أم الضفائر لوحتها، أخذتها وهي تصيح..
" أبي... أبي.. ها قَد أكملت لَوحتي... أيعجبك ما رسمت ؟ "
" سلَمت يداك... لوحة جميلة... ولكن هل رسمتها من أجلي ؟ "
" لا يا أبي... إنها من أجل الضيف الذي سيزور مدرستنا يوم غد.
" ولكن... ولماذا لم ترسمي علماً واحداً ؟ "
صمتت الفتاة الصغيرة لبرهة و بعدها وبِدون مقَدمات وكأي طفلة
صغيرة تعشق الألوان، بدأت حديثها بعشقها تلك.
" الأحمر و الأصفر و الأسود ذلك علَم بلد ولادتي والذي أعطاني اسمه وهويته
الأزرق والأصفر ، هو علَم ذلك البلد الذي أعيش فيه ، وفيه أصدقائي و آمالي و أحلامي .
أما الأخضر والأحمر و الأبيض و الأصفر ، فذلك علم اللغة التي نتكلم بها، و انتم الذي أحييتم بداخلي عشقي وحب لهذا العلََم حتى اكتشفت انه علَم وطني
الحقيقي "
ولكنني أسأل..
" كيف سيصبح علَم وطَني الحقيقي وأنا لم أعش على أرضه و لَم أشرب من ماءه ولم أضم إلى صدري ولَم أقبل أهله ، تدور في رأسي الصغير الكثير

الكثير من الأسئلة والتي ابحث عن أجوبة لها، كنت أحس بِشيء عندما كنت
في الثالثة من عمري وفي حديقة الأطفال، اسمي كان يختلف عن أسمائهم، لَون
شعري لم يكن كَلَون شعرِهم، أنا كنت أكل شيء وهم كان يأكلون أشياء أخرى.
حينها كنت صغيرة، ولكنني كنت أحس واعرف ان هنالك خطَأُ ما، ولكنني
لَم أعرف ما هو.
وبعد ان أصبحت سنواتي الثلاث ست سنين، وبعد ان تعلمت لغتهم وأصبحت
مثلَهم ولكن ذلك لَم يدم طويلا، حيث عزمتم على الرحيل ثانية إلى بلَد جديد و لُغة جديدة ، ولهذا السبب أتباهى أنا بين أصدقائي وأقول لهم
" أنا لي ثَلاثة أوطان "
والآن أريد منك جواباً لكل هذه الأسئلة
من نحن ؟
أين وطَننا ؟
وما هو الشيء الذي فقدناه ونبحث عنه هنا وهناك ؟ "
ضل والدها صامتاً...حرك رأسه وقال مع نفسه و بركان تثور بداخله و تحرق كيانه وجسده...
" قبلك يا بنيتي، أباك كان قد سأل كل هذه الأسئلة ولم يلقى أي جواب...
نحن نبحث عن أجوبة لكل تلك الأسئلة....
نكذب على أنفسنا ونكذب عليكم وأنتم سوف تكذبون على أطفالكم وهكذا..."
في اليوم الثاني، وضعت أم الضفائر لوحتها أمامها داخل الصف منتظرة
دورها لتعرف نفسها للضيف وتقدم له لوحتها.
جاء دورها، عرفت عن نفسها بعد ان قَدمت له لَوحتها..
" أنا اسمي " كولستان " لي ثلاثة أوطان...
علم وطَني الأول لها من الألوان ثلاثة، الأسود و الأحمر و الأصفر وهو علم
مكان ولادتي. "
وقبل ان تتحدث عن وطنها الثاني، طَلَب منها الضيف أن تبين علم وطنها الأول
من بين تلك الأعلام الملونة و التي كانت تزين خارطة كبيرة معلقة أمامهم .
وبعد أن بينت للحضور ما طَلَبه منها الضيف...
" علَم وطني الثاني يتكون من لونين فقط، الأصفر والأزرق
وهذا علَم وطني الذي أعيش فيه "
وبعد أن بينت للحضور علَم وطنها الثاني أيضاً.
علَم وطني الثالث له من الألوان أربعة...
الأحمر و الأخضر و الأبيض و الأصفر ، وهو علَم موطن أبي وأمي وتلك
اللغة التي أتكلم بها معهم .
و مرة أخرى توجهت إلى اللوحة الكبيرة وتلك الأعلام الملونة لكي تبين علم
وطنها الثالث.
عيناها الصغيرتان كانتا مثل قارب صغير تبحر بين تلك الجزر الملونة وتبحث
عن جزيرتها الثالثة.
الوقت يمضي...خيم الصمت المكان.
ولكن قَبل أن تتعب عيناها الصغيرتان، وقبل أن يصبح الصمت سيد المكان
كسر الضيف ذلك الصمت حين قال..
" أطلب منكم أن تصفق ل " كولستان " "
وسط التصفيق رجعت " كولستان " إلى مكانها.
بعدها جاء دور طالب آخر ليعرِف عن نفسه ويقدم هديته.
الكل، كان موجودين معه بنظراتهم وفكرهم... الا " كولستان "
كانت لا تزال وَحيدة في مركبِها الصغير، تبحر بين تلك الجزر الملونة و
تبحث عن جزيرتها الضائعـــة !!!

* كولستان : اسم كوردي للأنثى وتعني " موطن الورود أو الأزهار "
* "كود يول"، "فروفايناختن"، " سَرسالاوَ بيروزبيت " : عبارات تهنئة بمناسبة أعياد الميلاد و راس السنة الميلادية وباللغات الثلاث على التوالي السويدية ، الألمانية ، الكوردية.

[email protected]



#نزار_بيرو (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف ؟
- من أوراق ذكرياتي عن انتخابات عام اثنان وتسعون.
- عصفور النار


المزيد.....




- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...
- بعد انتهاء تصوير -7Dogs-.. تركي آل الشيخ يعلن عن أفلام سعودي ...
- برائعة شعرية.. محمد بن راشد يهنئ أمير قطر بفوز «هوت شو» بكأس ...
- -خدِت الموهبة-.. عمرو دياب يقدم ابنته جانا على المسرح في أبو ...
- وفاة الفنان العراقي حميد صابر
- فنانة سورية تفجع بوفاة ابنها الشاب
- رحيل الفنان أمادو باغايوكو أسطورة الموسيقى المالية


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نزار بيرو - حكاية عَلَمْ