|
ن والقلم وما يسطرون
وسام شاكر رزيج فرج
الحوار المتمدن-العدد: 2824 - 2009 / 11 / 9 - 10:18
المحور:
الادب والفن
لا يمكن النظر إلى (الإعلام ) بمعزل عن الظروف الموضوعية التي عاشها بلدنا ، والتي طبعت بصماتها العميقة على الواقع الحالي للإعلام بشرايينه التي تمده بالحياة . لقد عاش بلدنا وضعاً تاريخياً شاذا حيث تسلط الإقطاع وحكم الاستعمار بكل ما نتج عنهما من تخلف وانقطاع عن التراث وانغلاق عن العالم . هذا الوضع القلق حال دون ازدهار وتأصل الكلمة الحرة والفكر الحر في بيئتنا . حيث مر بمطبات وأنعطف انعطافات حادة . مابين فترات الحكم البائد والحكم الحالي. كانت بداية للوعظ الدينية وألا خلاق وذلك في بداية القرن التاسع عشر . وفي فترة الثلاثينات تحول إلى وسيلة للإرشاد وأداة للتذكير بالماضي وأمجاده . وفي فترة الأربعينات وما بعدها أنقلب إلى أداة سياسية لمقارعة الاستعمار والرجعية والتحرر . وفي فترة الستينات توجه الإعلام للصراعات السياسية التي بدئت تنشب بين الشيوعيين و القوميين ورغبة القوميين بالانفراد بالسلطة . وفي فترة السبعينات و الثمانينات والتسعينات ومطلع الألفية الثانية مر الأعلام العراقي في أسوء فترة في حياته حيث كانت فترة التدهور الحضاري وعهد التعسف والظلم والظلام قد جمدت ( الأعلام ) والرؤى المتنوعة والكلمة الحرة ، والاجتهاد و تتبع الحدث وبالأساس جمدت (( الفكر )) فلم يكن بالإمكان حتى رجل الأعلام ان يجتهد في التحليل وفرز الأنباء والتقارير حيث كان يعملها بشكل أيديولوجي مسيس لنظام الحكم . ولكن لا يمكن ان نغفل عن وجود بعض الإعلاميين والأدباء والكتاب الذين عاصروا تلك الفترة كان لهم دور مميز وبصمة واضحة في هذا المجال ولكن كبتت إمكانياتهم وقدرتهم على نشر الكلمة الحرة في ضل حياة الخوف والرعب التي عاشها العراق ومنهم(حميد سعيد و سعد البزاز و سامي مهدي و صلاح المختار) . لذا ليس غريبا أن نلاحظ ظاهرة انخفاض المستوى الإبداعي ، وتدهور المستوى الفني ، وفقر الحصيلة المعرفية واللغوية ، وفقر الخيال والابتكار ، لدى أغلب الشباب العامل في الحقول الإعلامية مما جعل العديد ممن كانوا يحملون الكلمة يصمتون مبكرا أو تستلبهم إرهاق العمل الوظيفي خلال الفترة المنصرمة ، مما جعل النتاج الإعلامي و الأدبي الأصيل في أسوء حالات التدهور . وعند سقوط الصنم أاستبشرت خيراً بأني سوف أرى صورة زاهية لبلدي الذي عصف به القحط إلى أرض جرداء خالية من الكلمة الحرة لسنوات . سوف يرسمها أعلامي شاب أو أديب بكلمة حرة . ((من أراد معنا كريماً فليلتمس له لفظاً كريماً ، فان حق المعنى الشريف اللفظ الشريف ، ومن حقهما ان تصونهما عما يفسدهما ويهجنهما ... ان يكن لفظاً رشيقاً عذباً وفخماً سهلاً ، ويكون معناك ظاهراً مكشوفاً ، وقريباً معروفاً . ينبغي للكاتب أن يعرف أقدار المعاني ، حتى يقسم أقدار الكلمات على أقدار المعاني)). هذه المقولة الشائعة التي توسمنا أن تكون مزروعة في قلب كل أعلامي وأديب بعد زوال زمن القهر و الكبت وأطلاق الحريات في زمن الديمقراطية . المرحوم د. ناجي كاشي قال ذات يوم (( السطور هي أفصح وأبلغ وأعمق وأوسع مما نقرؤه ُ في السطور )) مقولة لم أدقق بمعناها ولم تضرب أوتار أفكاري الى في هذه الحضة . و قد صدمنا بعد فترة وجيزة بجدار أشبه بسور الصين العظيم أو اكبر وتولدت لدي قناعة بان جيل (محمد مهدي ألجواهري وناجي إسماعيل ) لن يرجع إلا بمعجزة او عصا سيدنا موسى (ع) فأمسا أعلا منى وكتابنا في هذا العهد عهد المحاصصة الطائفية والنزاع على السلطة وحرب الأحزاب السياسية وإيديولوجية الدول المجاورة بشراء الذمم والكلمة الحرة وتزيينها لصالحهم مقابل ثمن بخس ((دراهم معدودات)) يزينون الحق باطلاً ، والباطل حقاً ويلبسون أشخاص ألوان زاهية بقلمهم ويقدموهم الى المجتمع على أنهم عصا موسى (ع) التي ستقلب الوضع ويواعدوننا بأنهار من اللبن والخم.... المرحوم شاكر رزيج يقول (( أذا أردت أن ترى الخطأ في صورةٌ ما فقلب الصورة رئساً على عقب ونظر أليها من بعد خمس أمتار لترا هذا الخطأ )) فنصيحة لكل إنسان عراقي شريف أن يقلب المقال رئساً على عقب بعد أن يقرئه ويرى حقيقة هؤلاء. وبعد دخول الستلايت الى المنازل و انتشار المحطات الفضائية التلفازية بشكل واسع وتعدد القنوات وأجراء مئات اللقاءات التلفزيونية يومياً بجميع ألوانها أن أعلام من هذا النمط يؤثر على الأدب والإعلام سلبياً و ايجابياً . فحين كان الكتاب (( خير جليس في الزمان )) أصبحت وسائل الأعلام والتلفزيون بشكل خاص يقدم قراءات متنوعة على كل الأمزجة والرغبات صحيح ان متعة القراءة باتت تزاحمها مشاهدة التلفاز ، ولكن من جانب ايجابي أخر فأن البرامج الإنتاجية التي تعتمد على الأعمال الإبداعية تبقى تستلقي بشكل دائم من الأدباء والكتاب و ألاعلاميين ، لتسد الحيز المخصص للأعمال الدرامية والثقافية الأخرى . هناك مثل فرنسي يقول (( حتى الله .. يحتاج إلى إعلام )) وهو بقدر ما به من تجاوز على مبادئ ديننا الحنيف الى انه فيه حقيقة لا يمكن تجاوزها يكمن في ان ملايين اللافتات والملصقات والمواد الإعلامية ومواد الدعاية الانتخابيـــة ، والشعائر الدينية ، وبذخ بعض منظمات المجتمع المدني وبعض الساسة ، أذا جمعت في الحصيلة المالية النهائية لتشكلت لدينا ميزانية مالية تكفي لبناء مئات المستشفيات ، لتوفرت مئونة تكفي لسد حاجة ملايين من الناس الجياع ، وطبع ملايين الكتب !
ملاحظة /تنويه ارجو المعذرة ان كنت قد مسست او تغافلت عن بعض الأسماء الإعلامية المعروفة فهذه هي أول مقالة لي.
#وسام_شاكر_رزيج_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
-أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة
...
-
الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
-
“من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج
...
-
المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ
...
-
بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف
...
-
عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
-
إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع
...
-
تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د
...
-
”أحـــداث شيقـــة وممتعـــة” متـــابعـــة مسلسل المؤسس عثمان
...
-
الشمبانزي يطور مثل البشر ثقافة تراكمية تنتقل عبر الأجيال
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|