العفيف الأخضر
الحوار المتمدن-العدد: 857 - 2004 / 6 / 7 - 04:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طرح عيسى مخلوف من إذاعة الشرق هذا السؤال على ثلاثة مثقفين هم جورج طرابيشي وصادق جلال العظم والعفيف الأخضر. في ما يلي إجابة العفيف الأخضر على السؤال:
الزمن ثلاثي الأبعاد، ماضي وحاضر ومستقبل. المجتمعات المتقدمة تلتفت إلى الوراء، أي إلى ماضيها، إلتفاتة نقدية لكي تأخذ الدرس من تاريخها عسى أن تتفادى تكرار أخطائها. وهكذا، فعلاقتها بماضيها علاقة واعية ونقدية. وهذا ما يساعدها على عيش حاضرها بمقاييس عصرها أي بمؤسساته وقيمه وعلومه، وتحضير مستقبلها بالاستثمار في التعليم والبنية التحتية والتجديد التكنولوجي.
أما المجتمعات التقليدية فهي تلتفت إلى الوراء، إلى ماضيها الذي استرقّها فشلّ عقلها، لتعبد أسلافها ناسيةً عيش حاضرها وتحضير مستقبلها.
قبيلة أرنثا البدائية الأسترالية لا تعيش إلا بعبادة أسلافها وتكرار أقوالهم وأفعالهم وشعائرهم. فهي تقول : نأكل كما كان أسلافنا يأكلون، ونجلس كما كانوا يجلسون، ونقضي حاجتنا كما كانوا يقضون . فماضي القبيلة البدائية هو حاضرها ومستقبلها، ولا جديد تحت الشمس.
كلمة "المستقبل" لا وجود لها عند بعض القبائل الأفريقية لأنها قبائل بدون مستقبل.
أمام نُخَب وشعوب المجتمعات العربية خياران: فإما أن تعيش زمانها بأبعاده الثلاثة، الماضي والحاضر والمستقبل، كما تعيشه المجتمعات المتقدمة، وإما أن تتسمر في ماضيها أي في عبادة أسلافها، باجترار أقوالهم وأفعالهم وشعائرهم مثل قبيلة أرنثا، وعندئذ تكون كامرأة لوط التي التفتت إلى الوراء فتحولت إلى تمثال من الملح.
#العفيف_الأخضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟