فيليب عطية
الحوار المتمدن-العدد: 2820 - 2009 / 11 / 5 - 15:15
المحور:
كتابات ساخرة
يجمع الرواة - طبقا لماورد في الحوليات التاريخية - ان عمرو بن العاص ، عندما مات ، وجدوا في خزائنه عشرة آلاف اردب من النقود الذهبية ، وعشرة آلاف اردب من الجواهر واللؤلؤ والياقوت ، غير الثروات الاخري التي لايعرفون أيزنونها بالاردب ام بالطرناطه ، ولو امتد العمر بهذا الرجل التقي ربع قرن آخر لاأكثر حتي تستكمل الخلافة الاموية سلطتها وهيبتها لوجدوا في خزائنه الخز والديباج ، والمحرم والمخرم ، والجواري الحسان والزوجات السمان ، لكنه مات رحمه الله في زمن التفوي ، الذي كانت فيه رأس الخليفة تجز كما تجز النعاج ، لهذا فان الرجل يتمتع بفضيلة اخري أهم من فتح الامصار ونهب الاقطار ، الاوهي اللعب علي الحبال وفقا للقانون العشائري الذي لم تنل منه عقيدة او عريضة ، وهكذا عندما عرف الرجل ان الريح لم تعد في صالح مكة ، وضع نفسه علي الفور في خدمة معاوية ، واين يقف علي بن ابي طالب بجانب هذا الرجل الداهية الذي اجاب بالاجابة الشافية عندما سألوه عن حسبه ونسبه الذي يخول له الخلافة بأن رفع سيفه قائلا : هذا حسبي وهذا نسبي فمن شاء ان يعترض فليتقدم !
واي شئ اعظم من هذا لشخص مجهول الاب ، كانت نسبته لابن الهجاص او الجياص او العاص من قبيل بختك يابو بخيت ، فلم تكن هناك اختبارات دي.ان.ايه ولايحزنون ، وكانت امه ارخص زانية في قريش طبقا لاقوال معاصريه ، وطئها خمسة فجاءت بعمرو هذا فنسبته لابو نسب ، وصاحب العز والحسب
ولنا أن نتصور تلك الشخصية التي تنمو في تلك الظروف ، وتوصف فيما بعد بأنها داهية العرب .
غير ان تطور الاحداث يثبت ان داهية العرب هذا كانت لديه فرامل سليمة ! فما الذي منعه من اعلان استقلال مصر والانفراد بحكمها بعد غزوها ؟ بالطبع لم يترك له معاوية الفرصة لتدعيم سلطته وسرعان ما أزاحه عن الطريق ، ولم يشأ ان يعلن العصيان .
الظريف في موضوع ابن الهجاص هذا أن الشعوب التي غزاها ونهبها مازالت حتي الآن تعتبره من عباد الله المخلصين وتقيم باسمه المدارس والجوامع وتقطع السنة من يذكره بالسوء رغم أنه وصف في حياته بأحط الاوصاف .
ولست اعرف امة من الامم تجعل من غزاتها ابطالا ، ومن سارقيها رجالا !
ان تاريخ ابن الهجاص المدهش يطرح امامنا مهمة تقصي المجتمع الذي انجبه لا كمجتمع دعوة وانما كمجتمع غزو ، وحينئذ قد نكتشف من الحقائق مايشيب لهوله الولدان .
#فيليب_عطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟