أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لمى فريد العثمان - الديمقراطية غير الليبرالية تدمر الوطن














المزيد.....

الديمقراطية غير الليبرالية تدمر الوطن


لمى فريد العثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2816 - 2009 / 10 / 31 - 01:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديمقراطية التي أعدمت سقراط هي ذات الديمقراطية التي ستعدم هذا الوطن، لأنها ديمقراطية غوغائية غير ليبرالية، وهنا تكمن المعضلة الرئيسة في عدم جدواها في تقدمنا، «فالرفاق حائرون.. يفكرون.. يتساءلون في جنون» كيف الديمقراطية تكون مصدرا للتقهقر والتخلف والسكون، فبدون الثقافة الليبرالية التي تحمي قيم الفردية والتعددية والتسامح وقبول الآخر وتضمن الحريات وحقوق الإنسان والأقليات لن تجلب الديمقراطية إلا دكتاتورية الأكثرية والشمولية والعنصرية والطائفية، وهي ديمقراطية مدمرة ما لم تستند إلى أرضية ليبرالية صلبة، فالديمقراطية التي تعادي الليبرالية لا تنتج إلا نقيضها من قمع وظلم وإكراه في الدين وإقصاء الآخر وأحادية الفكر، فتصبح الحرية حينئذ مهددة من قبل المتطرفين والعنصريين والمستبدين الذين تأتي بهم الديمقراطية غير الليبرالية.

وهو ما يؤكده الكاتب الصحافي الأميركي فريد زكريا، ذو الأصل المسلم، ورئيس تحرير نيوزويك إنترناشونال ومؤلف كتاب مستقبل الحرية «أن الديمقراطية التي تنشأ دون دعائم الليبرالية السياسية تؤدي إلى الفاشية والديمقراطية المتعصبة»، وتقود «إلى وضع استبدادي أسوأ من الوضع السابق عليها». فالمجتمعات غير الليبرالية التي تطبق الديمقراطية تمنح الحرية لأعداء الحرية، ويا للمفارقة العجيبة، فهي توصل من لا يؤمنون بالديمقراطية الحقيقية إلى الحكم ليستخدموها كمطية في هدم أساسها وجوهرها.

لذلك فرقت في مقالي السابق بين تطور دبي الليبرالية وتخلف الكويت الديمقراطية، وبالرغم من أن الدستور الكويتي في الأصل دستور ليبرالي فإن القوانين غير الدستورية (لأنها غير ليبرالية بطبيعة الحال) تجرده من معناه وتفرغه من محتواه، وهو تناقض شنيع وتجاوز مريع بحق المواطن والوطن. فقد تأتي الديمقراطية غير المتسامحة بنظام أسوأ من طالبان، وهو ما يحاول فرضه أصوليونا بالتدريج ابتداء من حرمان إعطاء الجنسية لغير المسلم إلى منع الاختلاط إلى فرض الضوابط الكثيرة التي تحد من الحريات الشخصية وانتهاء بمحاولة فرض الحجاب على الجميع.

والحقيقة التي نغفل عنها كثيرا هي أن الغرب لم يتطور بالديمقراطية بل بالليبرالية الدستورية التي مهدت الأرضية للديمقراطية الحقيقية، لتتأصل تلك الثقافة في النظام التربوي والاجتماعي والسياسي ويصبح منهج وأسلوب حياة عوضا عن اختزالها في أدواتها وآلياتها الشكلية من تصويت وصناديق اقتراع (كما هو حاصل لدينا).. فلبرلة الثقاقة هي مقدمة طبيعية لدمقرطة السياسة وليس العكس، لتنصهر الطوائف والمذاهب والأعراق في بوتقة المواطنة التي أسستها الثورة الفرنسية عام 1879م، والتي قامت على «مبادئ حقوق الإنسان والمواطن». ولتبني دولة المؤسسات والقانون التي تؤمن كرامة الانسان من خلال المساواة واحترام الحريات، ولتنتصر قيم الحداثة والمواطنة الحقيقية حين أصبح الناس أكثر استنارة ونضجا فأبعدوا كل معايير التمييز على أساس الدين والمذهب والعرق. وهذا لا يعني إطلاقا أنهم استأصلوا الدين اجتماعيا أو لم يعترفوا به سياسيا، كما يتوهم البعض، فهناك الكثير من الأحزاب المسيحية التي تؤمن بالحريات والدولة المدنية، على عكس ما يحصل لدينا من طغيان الفكر المتزمت (الذي يريد فرض رؤيته الخاصة على المجتمع) على الفكر الإسلامي المستنير (الذي يؤمن بالتنوع والاختلاف).

إن الديمقراطية غير الليبرالية مأزق وبلاء عظيم تجذر في عالمنا المنغلق، حيث صعد الدكتاتوريون والأوتوقراطيون والطغاة إلى الحكم عبر الانتخابات، فلم نستفد من تجربة انتخاب هتلر النازي وموسوليني الفاشي اللذين أدخلا بلادهما في حرب مدمرة قتلت أكثر من ستين مليونا. والأمثلة دوننا كثيرة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، وصول «حماس» المستبدة التي تميز المواطن الفلسطيني حسب انتمائه الديني، واحتكار رجال الدين في إيران لحق الترشيح والانتخاب. والشواهد على انتهازية جماعات الإسلام السياسي أكثر من أن تحصى كتصريح نائب رئيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر قبيل الإعلان النهائي لفوزها في الانتخابات في 1991 «بأن الديمقراطية كفر وأن هذه الانتخابات سوف تكون الأخيرة في الجزائر، وأن الحكم في الجزائر سوف يكون إسلامياً بمجرد فوز الجبهة في الانتخابات»، وتأكيد مرشد الإخوان المسلمين في مصر أنهم «سيتعاملون مع الأقباط (في حال فوزهم بأي انتخابات قادمة) بموجب فقه أهل الذمة».. كما ستحرم عليهم (أي الأقباط) تولي المناصب الرئيسة للدولة، بالإضافة إلى انتهازية القوى الأصولية في الكويت في استغلال أدوات الديمقراطية ليصادروا السلطة أولا، ثم يحاربوا بعد ذلك الأسس التي قامت عليها ويهدموا جوهرها في محاولاتهم إقصاء الآخر وإلغاء التعددية والحرية وإشغال الناس بالقشور وتوافه الأمور.

فالديمقراطية وحدها لن تضمن التقدم، وقد تقود إلى الفشل والفوضى، بل قد تفضي إلى نتائج كارثية إن هي تخلت عن أساسها وهي الليبرالية، لتغدو ديمقراطية غوغائية، فيقول المفكر كمال غبريال إن «الكثير من جرائم التاريخ كان للجماهير الغوغائية اليد الطولى في ارتكابها ليس فقط بتحريض من محترفي الغوغاء تحقيقاً للدوافع الشخصية، إنما أيضاً بالمبادرة الذاتية للجماهير تفريجاً عن نوازعها وميولها التي غالباً ما تعادي كل جديد، وتغتنم الفرص لممارسة العنف والتخريب الجماعي».
ومع كل ما نشهده في واقعنا السياسي والاجتماعي.. هل من شك أننا نعاني بسبب ديمقراطية غوغائية مدمرة؟






#لمى_فريد_العثمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيبة الدولة في الأمن الإنساني


المزيد.....




- رد فعل غريزي مدهش.. فيلة تشكّل -دائرة تأهب- لحظة وقوع زلزال ...
- -يشمل نزع سلاح غزة-.. مسؤول في حماس يكشف تفاصيل المقترح الإس ...
- مؤتمر دولي حول السودان في غياب طرفي الصراع، وارتفاع الانتهاك ...
- الزائر الأحمر يربك سماء العراق وأكثر من 1800 حالة اختناق
- شركة يابانية تكشف عن ذئب آلي (فيديو)
- عريضة إلى نتنياهو من وحدة السايبر الهجومي والعمليات الخاصة ب ...
- مقتل 19 مدنيا وإصابة 85 آخرين بهجمات أوكرانية على مناطق روسي ...
- غوتيريش يعرب عن قلقه البالغ إثر استهداف مستشفى الأهلي في غزة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل قصف غزة.. قتلى وجرحى وتدهور غير مسبوق ...
- الخارجية اللبنانية: المحادثات مع الرئيس السوري كانت بناءة


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - لمى فريد العثمان - الديمقراطية غير الليبرالية تدمر الوطن