أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - الحائرة














المزيد.....

الحائرة


نضال الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 2814 - 2009 / 10 / 29 - 10:29
المحور: الادب والفن
    


جاءت تطلب مساعدتي فوعدتها بها إن استطعت. جلست أمامي منحنية الظهر رأسها مائل على كتفها كأنها ما عادت قادرة على حمله، ضامة أيديها إلى ركبها الملتصقتين ثم قالت: " تزوجت شابا عربيا مسلما"، سمته لي ثم تابعت حديثها،" رفض أن نتزوج زواجا رسميا حسب قوانين بلدنا لأنها كافرة فتزوجنا زواجا إسلاميا عند شيخ في فينا، فغضب أهلي مني وقاطعوني. طلب مني لبس الحجاب فلبسته فقاطعني كثير من معارفي وصديقاتي."
توقفت قليلا عن الحديث وبقيت صامتا أنتظر المزيد، تنهدت وتابعت: " رزقنا بطفلة، عمرها الان أربع سنوات وهي ذكية تحب الرسم. إبنتي تستعمل يدها اليسرى، تأكل وترسم بها ولكن زوجي إعتبر هذا خارجا عن الشرع فحاول إجبارها على استعمال يدها اليمنى ففشل. أخذناها للطبيب فأخبرنا بأن هذا امر طبيعي يعتمد على نمو ونشاط شق المخ اليميني أو اليساري."
صمتت لفترة ونظرت إلي باستحياء وتابعت:" زوجي لم يقتنع وتابع في محاولاته إجبارها على استعمال يدها اليمنى بدلا من اليسرى وأخذ يقسو عليها حتى أنه ضربها على يدها اليسرى بالمسطرة حتى أدمى يدها. لم أستطع أن أتحمل معاناة صغيرتي فشكوته إلى الشرطة."
طأطأت رأسها ودفنته بين كفيها وأخذت تنتحب فجلبت لها كوبا من الماء، شربت منه قليلا ثم تابعت بكلام متقطع بين الشهقة والشهقة:" طلقني بلا رجعة وطردني من البيت مع إبنتي فلجأت إلى صديقة لي وبقيت عندها مع صغيرتي التي كانت مندهشة ومحتارة وغير قادرة على فهم ما يجري حولها."
بقيت صامتا وحائرا ومترقبا أن تطلب مني مساعدتها للعودة إلى زوجها ولكنها فاجأتني حين قالت: " لقد جاءني قبل أيام يريد عودتي مع الطفلة إليه."
سررت من سماع الخبر وقلت لنفسي لا حاجة إلى مساعدتي فالمشكلة قد حللت من نفسها ولكنها فاجأتني للمرة الثانية حين تابعت القول:" يريدني أن أرجع إليه ولكنه يقول أنه حسب الشرع الإسلامي وكوني مطلقة لا أحل له ولا يستطيع أن يتزوجني من جديد حتى أتزوج غيره ويطلقني الغير بعد مدة قصيرة، ولقد اتفق مع صديق له على تفاصيل عملية الزواج والطلاق."
نظرت إلي وقالت: " ولكنني لا أريد أن أتزوج غيره ولو لثوان وليس لأيام وماذا لو طلب هذا الزوج أن يدخل بي وقد أخبرني بعضهم أنه من حقه. وماذا لو رفض تطليقي بعد الزواج ؟!"
قلت لها وماذا تطلبين مني، وكيف يمكنني أن أساعدك؟ قالت:" لقد قرأت كتابك عن الإسلام والمسيحية وهو يدل على معرفتك بتفاصيل الشريعة والدين ولقد سأت عنك فقالوا لي أنك الوحيد الذي تستطيع مساعدتي وإخراجي من هذا المأزق."
نظرت إليها وأخذت في التفكير في ما يسعني أن أقول لها ثم قلت:" يا بنيتي، أنا أعرف زوجك ولقد سمعت عن قصتك وإن لم أعرف التفاصيل. زوجك وأنا من مدرستين مختلفتين جدا ومفهومنا للإسلام والشريعة يختلف إختلاف الليل والنهار، وحسب معرفتي به ومعرفته بي فإنه سيرفض الإستماع إلي والتدخل بينكما. أنا جد آسف، فأنت تطلبين مني المستحيل."
سالت الدموع من عينيها ونظرت إلي متوسلة وسألتني" ماذا أعمل، أشر علي بالله عليك، إنصحني!" قلت لها:" أتركيه وعودي وابنتك إلى أهلك، هذي هي نصيحتي الوحيدة. ومن يدريك إن أنت وافقت أن يعود لتطليقك مرة أخرى وهل ستعيدين القصة من جديد؟"
لا أدري إن كنت قد أقنعتها، فلقد أخذت تضرب على صدرها وتقول:" يا إلهي ماذا أفعل، أنا حائرة." ثم قامت ومدت يدها لي بخجل وقالت لي ضاحكة: " إنه يمنعني من مصافحة الرجال." فضغطت على يدها وقلت لها: "أنا جد آسف على عدم إستطاعتي مساعدتك." ثم ودعتها إلى باب البيت وخرجت.
خرجت إلى شرفة البيت أودعها بعيوني وراقبتها وهي متجهة إلى محطة الباص وقد غاص رأسها بين كتفيها المنحنيتين ولاحظت إهتزازهما من فعل البكاء. شعرت بإنقباض وألم في أحشائي وانتابتني القشعريرة التي لم تكن من البرد. دخلت وأغلقت الباب خلفي ثم أخذت في لكم الحائط الذي أمامي حتى أدميت يدي وبكيت على حالنا.
د. نضال الصالح






#نضال_الصالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقال الباشا
- الملاك
- هل هناك حياة أخرى موازية لحياتنا على الأرض؟
- تعالوا نحطم مرايانا
- كيفية ظهور - الله- في الوعي العربي
- بعض من الحكم التاوية
- أمنية
- المعتقدات الدينية الصينية وفلسفة الوجود
- الآخر في الديانة اليهودية
- التوراة في الفكر الديني الإسلامي : كتاب مقدس أم محرف ؟
- عندما يصبح غصن الزيتون رمزا للمقاومة
- القصص القرآنية بين التاريخ والخرافة
- المتاهة
- الوداع الأخير للحب الأول والأخير
- العار
- أم الشهداء
- يوم عادي من يوميات فلسطيني
- أشجار الزيتون ستظل في فلسطين واقفة (قصة قصيرة)
- الأخلاق و- الكتب السماوية-
- كلنا مشاريع قص رقبة


المزيد.....




- وفاة الممثل الأمريكي فال كيلمر عن عمر يناهز 65 عاماً
- فيلم -نجوم الساحل-.. محاولة ضعيفة لاستنساخ -الحريفة-
- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نضال الصالح - الحائرة