أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - أيهما أصدق: وفاء سلطان أم الحاخام شتاين؟















المزيد.....


أيهما أصدق: وفاء سلطان أم الحاخام شتاين؟


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 2813 - 2009 / 10 / 28 - 12:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لقدوعدت القراء أنني سوف أكمل قراءتي لمقال السيد تانيا جعفر بقراءة خاصة لموقف الحاخام شتاين الذي استشهدت بأقواله لدعم موقفها ضد ما تكتبه وفاء سلطان. المقال محل قراءتي تجدونه في الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=2308&aid=189085
إن موقف الحاخام محل قراءتنا هذه لا يجب أن يغرينا ويخدعنا فنصدق أننا فعلا مقبلون على مرحلة من التعايش السلمي بين الأديان. وحدها الدولة العلمانية تمكنت من إلجام همجية رجال الدين، ولعل بعضهم اقتنع في الأخير، بصدق، بضرورة احترام حريات الناس العقائدية، مثلما هو الشأن عند كثير من رجال الدين المسيحيين في العالم الغربي وحتى الشرقي ممن يسود خطابهم عموما روحا مسالمة متواضعة.
لنقرأ شهادة الحاخام كما جاءت في نص تانيا جعفر ونعلق عليها فقرة فقرة وموقف موقفا. يقول عن وفاء سلطان: ((خلال تعليقاتها قالت بلهجة مفعمة بالسخرية: « لدي 1.3 مليار مريض» في إشارة إلى عدد المسلمين في العالم. وواصلت سلطان شجبها للجرائم اللاإنسانية التي ترتكب باسم الله، وتنديدها بمفهوم الاستشهاد في سبيل الله في الإسلام واستنكارها للإرهاب)).
ما الخطأ يا حاخام فيما نسبته للسيدة وفاء سلطان؟ أليست الشعوب الإسلامية مريضة بتدينها؟ هذا الكلام قاله قبلها مفكرون مسلمون بل حتى إسلاميون رجعيون حتى أن يوسف البدري قال أشد منه (معظم الشعب المصري فاسق وفاجر). وهو طبعا عندما يسب الشعب فلأنه يريده أكثر خضوعا وتبعية لأفكارهم رغم كل هذا الخضوع للحجاب ومختلف العبادات، أما نحن فنريده حرا من كل قيد مهما اكتسى من قداسة. قد لا نتفق مع وفاء سلطان إذا قالت هذا الكلام على الإطلاق، ولكننا نعلم علم اليقين أنها كتبته في إطار نضالها ضد الاستبداد المسلط على شعوبنا وضد امتهان كرامة المرأة والطفولة وضد سفالة رجال الدين كونهم رديفت لحكام الاستبداد.
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=122677
ثم ماذا نقول عن شعوب تخرج إلى الشوارع وتتظاهر ويسقط القتلى البائسون من أجل صور قالوا لهم إنها أساءت إلى رسولهم؟ ما هو مستوى الصحة العقلية لمن تصدر عنهم مثل هذه التصرفات؟ ماذا نقول عن شعوب يؤمن رجالهم إيمانا مقدسا أنهم أشرف من نسائهم وأنه يحق لهم أن يجمعوا في بيوتهم أربع منهن، وأنه من حقهم التطليق بكلمة وأنه من حقهم الضرب والطرد والهجر في المضاجع والحجر في البيوت مثلما يتم الحجر على المجانين والقصر بناء على أفكار قيلت قبل قرون ولم يستطيعوا التخلص منها؟ وقد سبق إلى هذا الوصف الكواكبي في طبائع الاستبداد ((و العوام قد يصل مرضهم العقلي إلى درجة قريبة من عدم التمييز بين الخير والشر، في كل ما ليس من ضروريات حياتهم الحيوانية . و يصل تسفل إدراكهم إلى أن مجرد آثار الأبهة والعظمة التي يرونها على المستبد و أعوانه تبهر أبصارهم، فيرون و يفكرون بأن الدواء في الداء, فينصاعون بين يدي الاستبداد انصياع الغنم بين أيدي الذئاب حيث هي تجري على قدميها إلى مقر حتفها)). ماذا نقول عن أمم تحتل ذيل الترتيب العالمي في التحصيل العلمي والاقتصادي والفكري وحتى السلوكي؟ ماذا نقول عن أمم تقضي يوميا على كل فرص التنمية بسبب هذا التكاثر المجنون الذي يباركه رجال دينهم وهم يرفعون عقيرتهم: تناكحوا تناسلوا، وإذا الموءودة سئلت؟ أليست أسرنا في محنة عقلية حقيقية؟ هل هذه أكاذيب يا حاخام؟ ثم ما الخطأ في ((شجبها للجرائم اللاإنسانية التي ترتكب باسم الله، وتنديدها بمفهوم الاستشهاد في سبيل الله في الإسلام واستنكارها للإرهاب))؟ أليست هذه وقائع يجب التنديد بها؟ هل الإرهاب الذي نعانيه نزل علينا من المريخ أم هو صناعة محلية؟ الإرهاب يعبر عما وصلت إليه المجتمعات الإسلامية من جمود واسداد حضاري وفشل في التنمية.
نواصل، يقول الحاخام:((لكن هذا الصوت المستفز تفوه فجأة بأقوال شاذة وغير منطقية: «العرب المسلمون فحسب يمكنهم أن يقرءوا القرآن بطريقة صحيحة؛ لأنك ينبغي أن تكون من المتحدثين بالعربية لكي تعرف معاني القرآن، إنه كتاب لا يمكن ترجمته»)) انتهى.
هذا صحيح، وحتى رجال الدين الإسلامي يرفضون الترجمة لأنهم غير واثقفين من أنها قادرة على ترجمة كلام الله؟ وإذا قبلوها فهي نسبية ولا تجوز بها الصلاة مثلا، ولهذا تستمر الشعوب غير العربية في تحفيظ القرآن بالعربية مع ما يشكل هذا من صعوبات في النطق تبدو مضحكة أحيانا بالإضافة إلى ببغائيتها.
يقول الحاخام: ((من ناحية التعريف، فإن أي ترجمة هي بحد ذاتها شكل من أشكال التفسير، وترجمة الكلام العربي ترجمة دقيقة ليست بأي شكل من الأشكال بأكثر صعوبة من الترجمة عن اللغة العبرية. في الحقيقة الكتاب المقدس العبري يثير الكثير والكثير من المشكلات عند ترجمته مقارنة بالقرآن. فهل المسيحيون واليهود ممن لا يتقنون اللسان العبري تواجههم أي صعوبة في العيش وفقًـًا لمضامين الكتاب المقدس؟)).
هو إذن اعتراف بصعوبة الترجمة، بل هو يؤكد أنها تفسير لكلام الله وليست ترجمة، وحتى العرب بمن فيهم الضليعون في العربية نراهم اليوم يتخبطون في فهمه وتأويله والتحايل على الآيات الفاضحة من منظور العلم الحديث وحقوق الإنسان. ولكن حتى إن وافقنا الحاخام على إمكانية ترجمة القرآن ترجمة تقترب من المضمون الأصلي، فقضية ترجمة القرآن في حد ذاتها ليست مهمة. وأي رأي في المسألة لا يمكن وصفه بالشذوذ. لكن عندما يتساءل الحاخام: ((فهل المسيحيون واليهود ممن لا يتقنون اللسان العبري تواجههم أي صعوبة في العيش وفقًـًا لمضامين الكتاب المقدس؟)). نقول له: أي عيش يا حاخام، فعندما كان الناس يعيشون فعلا وفق الكتاب المقدس تحت هيمنة رجال الدين وقيادتهم فنحن نعرف أية عيشة كانت لهم. وحال المسلمين اليوم، ممن يعيشون وفق كتابهم المقدس، القرآن، بادية للعيان في جمودهم وتخلفهم وتزمتهم وما أفرزه من إرهاب. الحاخام يستغفلنا كما يفعل رجال الدين غالبا، فغلاة اليهود الذين يعيشون في إسرائيل وفق الكتاب المقدس لا نرى لهم من شغل إلا قضم الأراضي الفلسطينية بالقوة وإعادة تسميتها وفق الكتاب المقدس والاستماتة في الحفاظ عليها وفق الكتاب المقدس، رغم معارضة حكوماتهم العلمانية ولو بتلكؤ وتخاذل. أما إذا عدنا إلى العصور الذهبية عندما كان اليهود والمسيحين يعيشون وفق الكتاب المقدس تحت رعاية وإشراف رجال الدين فحدث ولا حرج. أما التدين المسالم اليهودي والمسيحي اليوم فلا فضل فيه لرجال الدين، بل يرجع الفضل فيه للعلمانية التي وفرت للجميع مؤمنين وملحدين الحق في ممارسة حياتهم بكل حرية حسب قناعاتهم، وأصبح من حق المواطن حتى تغيير دينه واعتناق دين آخر بكل حرية، وهذا لم يكن ممكنا أبدا في العصور الذهبية للدين، وهي العصور التي ما زالت تعرف رخاء كبيرا في مجتمعاتنا الإسلامية التي يعيش الناس فيها، في غياب العلمانية، وفق كتابهم المقدس، ووفاء أدرى من الحاخام بأوضاعنا.
ثم يقول الحاخام: (ملاحظة أخرى صاعقة سرعان ما تلت ما سبق، فقد قالت وفاء سلطان: «كل النساء المسلمات، بما في ذلك الأمريكيات منهنَّ، وإن لم يعترفن بذلك، يعشن في حالة من الخضوع لأزواجهن»، هل هذا الكلام يشمل صديقتي المسلمة نجوى الإتربي، مهندسة الطائرات البوينج والخبيرة في نظم التحكم في الطائرات والتي لم تطلب إذنًا من زوجها عندما ساعدتني في تجهيز لفائف التوراة؟ وماذا عن صديقتي عظيمة عبد العزيز، إحدى خريجات جامعة نيويورك التي سافرت إسرائيل مع خمسة عشر يهوديًّا وأربعة عشر مسلمًا وتركت زوجها في البيت؟ ليس هناك قهر في بيوت هؤلاء ولا في بيوت المسلمات الأمريكيات الأخريات اللاتي أعرفهن. إنهنَّ نساء يتمتعن بحقوق متساوية وعضوية كاملة داخل أسرهنَّ)). انتهى
يجب ألا أغبن السيد رياض إسماعيل فضله في السبق حول كلام الحاخام، قال مخاطبا تانيا جعفر: (..الأمثلة التي جئت بها عن سيدات مسلمات تنعمن ببعض الحرية فهذا لا يبرئ الإسلام لأن تلك السيدات محظوظات بكونهن لسن متزوجات من رجال يطبقون الإسلام بحذافيره وإلا لكان الأمر مختلفا)). وهو ما يعني أن الأسر المسلمة التي لا تعيش وفق كتابها المقدس هي التي تشجع المرأة على المشاركة في الحياة وتثق في إمكانياتها العقلية والأخلاقية، وقد أثبتت المرأة فعلا أنها ليس ناقصة عقل كما وصفها نبي الإسلام كما بين علماء الأحياء أنها لم تخلق من ضلع أعوج، كما تعتقد الأديان السماوية في الشرق الأوسط، بل يرجح بعضهم أن تكون الحياة قد بدأت مع كائنات أنثوية أو خنثى قبل أن يحدث الانفصال، وهو ما يعني أن الذكر هو الذي خرج من الأنثى وليس العكس، وهو رأي تطرقت إليه نوال السعداوي في كتابها ((الرجل والجنس)) إن لم تخني الذاكرة.
نعم أخي رياض، شتان بين الثرى والثريا. في السعودية حرمت المرأة من قيادة السيارة، في السودان جلدت فتيات لأنهن لبسن البنطال، في مصر وبلدان كثيرة عارض رجال الدين والعامة قانون منع ختان الفتيات، في أفغانستان، دمرت مدارس للفتيات، في الجزائر ذبحت معلمات وصب الحامض على سيقان ووجوه غير المحجبات، أما التزويج القسري والحجر والتطليق وتعدد الزوجات، وكل أنواع الغبن فحدث ولا حرج. وكل هذا الغبن من صميم الإسلام وليس العكس، ويمكن للباحث البسيط أن يجد كل ما يبرر امتهان المرأة. أين نحن يا حاخام، هداك إلهك، من صديقاتك الكافرات في نظر الإسلام بالآية والحديث لمجرد أنهم صديقات ليهودي، واللواتي هن مهندسات لطائرات البوينج ونظم التحكم، وتلك التي سافرت إلى إسرائيل وتركت زوجها في البيت!!!، تعال تر القهر عندنا رغم التحسن النسبي بفضل نور الغرب أينما تمكن من زحزحة (نور) الإسلام.
ويخلص الحاخام إلى القول: ((كلما تحدثت وفاء سلطان، كلما بدا جليًّا أن تقدم العالم الإسلامي ليس من بين اهتماماتها. الأمر الأكثر كارثية هو أن هذا هو آخر ما يحتاج الجمهور اليهودي أن يسمعه)).
وهنا أيضا يخطئ الحاخام في تقدير الأمور وفي الأهمية القصوى التي توليها وفاء سلطان لتقدم العالم الإسلامي، وأنا شخصيا لو كنت من أتباع نظرية المؤامرة لقلت إن الحاخام هو الذي لا يريد لنا التقدم وهو يعرقل جهود وفاء سلطان ويعمل على إغراق الإسلاميين والمسلمين الذين قرؤوا له وأعجبوا به، في الأوهام ومرض النرجسية الذي يزيدهم قناعة أنهم فعلا خير أمة أخرجت للناس. بل إن نرجسيتنا المفرطة هي التي لطالما جعلتنا ننصت بخشوع لمن يمدحنا ونغضب على من ينتقدنا، أخطأ أم أصاب. وما تقوله وفاء ليس افتراءات كما تقول أنت، بل نقد ذاتي للعالم الإسلامي هو أحوج إليه لينهض من سباته ويفيق من غيبوبته الطويلة التي تحتاج إلى الكي أو إلى عمليات جراحية حقيقية لاستئصال سرطان التخلف المتمكن من عقول الناس.
قال الحاخام كذلك: ((جوديا بيرل، أحد الحضور ووالد الصحفي اليهودي الذي قتل في باكستان دانييل بيرل، كان واحدًا من بين الأصوات القليلة المنضبطة والدقيقة التي سمعتها خلال ظهيرة هذا اليوم. في معرض رده على تأكيدات سلطان أن القرآن يتضمن فحسب آيات تدعو إلى ارتكاب الشرور والقهر، قال بيرل إنه يعلم كذلك أن هذا الكتاب يتضمن «آيات تدعو إلى السلام» يتخذها أنصار الإسلام دليلاً على الهدف الحقيقي لهذا الدين. أما الآيات التي تتناول الحرب فهي تعبر عن «موروث ثقافي» ولها مثيلاتها في آيات التوراة. لسوء الحظ، كلمات بيرل ضاعت وسط الهتافات التي ناصرت تهجم وفاء سلطان على الإسلام والمسلمين)).
هنا أيضا، وفاء سلطان أدرى من الحاخام ومن جوديا بيرل بالإسلام، بنصوصه، بالناسخ والمنسوخ فيه، بالإسلام الصحيح كما فهمه المسلمون وعاشوه منذ 14 قرنا وكما هم متمسكون به اليوم. إن ((الآيات التي تتناول الحرب)) لا تعبر عن ((«موروث ثقافي»))، كما قلت يا سيدي، بل هي آيات قرآنية، ومن آخر ما (نزل) على محمد أو أنزلها، وهي بإجماع فقهاء الإسلام قد نسخت ما قبلها من ((آيات تدعو إلى السلام)) كما قلت يا بيرل، وليس هناك أنصار سلام بين رجال الدين الإسلاميين إلا الشاذ، والشاذ يحفظ ولا يقال عليه حسب فقهاء الإسلام أيضا لأنهم لا يعتدون إلا بالإجماع ولا مكان للمختلف والشاذ والأقلية.
يواصل الحاخام: ((خيبة أملي في وفاء سلطان ورفضي لما تطرحه تحوَّل إلى شعور حقيقي بالارتياع . فهي لم تقدم أيَّ بديلٍ إسلامي صحيٍّ أو سلميٍّ. لماذا؟!)). الجواب بسيط، وفاء سلطان لا تهدف إلى تقديم بديل إسلامي صحي وسلمي، لأنها علمانية ولا يحق أن نطلب منها ذلك. ولهذا فالسؤال الصحيح هو لماذا لم يقدم رجال الدين الإسلامي هذا البديل الصحي السلمي بحيث تستفيد منه شعوبهم قبل غيرها. الغالبية الساحقة منهم يرون الإسلام كبديل وحيد أوحد لكل الفكر البشري، وهم ومؤسساتهم يسعون ويعملون على نشر الإسلام كحل وحيد لخلاص العالم من الجاهلية التي يتخبط فيها الغرب !!
ثم يغرق الحاخام في التناقض عندما يستنكر كيف أن وفاء ((لم تذكر (وهي) تعيش في جنوب كاليفورنيا الجهود الرائدة التي يضطلع بها المركز الإسلامي في جنوب كاليفورنيا، الذي هو أنموذج رئيسي للحياة الإسلامية التقدمية في الولايات المتحدة؟ لماذا لم تذكر أمر مدرسة «نيو هوريزون سكول» في مدينة باسادينا التي بدأها المركز والتي منحتها وزارة التعليم الأمريكية جائزة «بلو ريبون» الوطنية؟)).
تناقض الحاخام صارخ عندما نقرأ له الكلام التالي: ((ربما يتساءل أحدكم لماذا يشعر حاخام مثلي بعدم الارتياح فيما يتعلق بتهجم سلطان على المسلمين وعلى الإسلام؟. وإليكم السبب:عكس الحال في كلّ مسجد آخر تقريبًا في الولايات المتحدة، المركز الإسلامي ينص في وثيقة إنشائه على منعه تلقي أي تمويل من خارج الولايات المتحدة. ونتيجة لذلك، هذا المركز هو مؤسسة أمريكية مكرسة للترويج لهوية إسلامية أمريكية)).
لاحظوا سادتي القراء كلامه ((عكس الحال في كلّ مسجد آخر تقريبًا في الولايات المتحدة))، ولا بد أن الحاخام يعرف كم عدد المساجد في الولايات المتحدة (2000 مسجد حسب الرقم المنشور في إسلام أون لاين)
http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&pagename=Zone-Arabic-News/NWALayout&cid=1237706115242
كل هذا العدد الهائل من المساجد لا تمثل الإسلام الصحيح ويمثله مركز واحد في كاليفورنيا، وبسببه لا يحق لوفاء سلطان توجيه النقد للإسلام. أليس من المضحك أن يكون هذا المركز عكس 2000 مسجد في أمريكا لا تروج لإسلام أمريكي لأنها تتلقى الدعم من هيئات وبلدان إسلامية لا بد أن أكثرها تنتمي إلى الفضاء الإسلامي المتخلف في الشرق الأوسط، خاصة بلدان البترودولار التي مولت الأصولية الإسلامية في جميع أنحاء العالم وما تسببت فيه من تفريخ لإرهاب طال شره العالم كله، واكتوى بناره المسلمون قبل غيرهم.
يقول الحاخام أيضا بشيء من النفاق لا يخفى على كل ذي لب: (( أنا لا أدافع عن الإسلام. لكن إشارات وفاء سلطان الزائدة عن الحد والتي لا يمكن التسامح معها أثناء هذه المحاضرة، جنبـًا إلى جنب مع إغفالها ذكر الجهود الهامة والحثيثة التي يبذلها المركز الإسلامي، أهانت كل المسلمين واليهود في لوس أنجلوس وبطول البلاد وعرضها ممن يحاولون كسر الهوة الثقافية التي تفصل الدينين. وهذا سببي الأول الذي من أجله شعرت بالسخط تجاه هذا الحدث)).
حسنا يا حضرة الحاخام، ما هي الجهود التي بذلتموها أنتم وكل المؤسسات والشخصيات الدينية للتقارب بين الأديان؟ ومنذ متى؟ وما هي النتائج المحققة لتنقية أديانكم من الرفض المتبادل؟ هل حالت وفاء بمفردها دون ذلك؟ كيف؟ نجاح وفاء في التأثير على الحضور دليل صارخ على أنكم لم تفعلوا شيئا مع شبابكم المصفقين لوفاء على الأقل، أو فعلتهم لكن خطابكم غير مقنع ولا يمثل الحقيقة كما جاءت في كتبكم المقدسة، وإلا اعتبرنا كل الحاضرين مرضى وأنت وزميلك فقط من الأصحاء. وهي تهمة نستشفها من كلامك، فلماذا تلوم المحاضرة على ما تجيزه لنفسك؟
ويواصل الحاخام: ((سبب آخر: عندما أحسست بالسخونة التي أطلقت شرارتها خطبة وفاء سلطان المعادية للمسلمين والتي زادها اشتعالاً حفنة قليلة من اليهود الأغرار)).
قد يكون هناك من يهلل لخطاب وفاء سلطان بغرض التشفي والانتقام، وليس حبا في إصلاح حال المسلمين. وهذه مسؤولية لا تقع عليها، لأن هؤلاء لم يكونوا ملائكة ثم جاءت وفاء وحولتهم إلى شياطين بين عشية وضحايا، بل من يتحمل المسؤولية عن التطرف، إن وجد، هو المؤسسات التربوية والدينية التي أنت أحد المشرفين عليها.
ولكنه عندما يقول:« ماذا لو أن حفنة من المسلمين السذج استمعوا لخطاب تلقيه امرأة يهودية كارهة لنفسها وفرحوا بكلامها عن الشرور التي تتضمنها التوراة التي أُمِرَ اليهود فيها أن يرجموا الطفل حتى الموت إذا أهان والديه، والتي جاء فيها إن الإسرائيليين قد أمرهم الله بغزو المدن وبقتل كل ما فيها من نساء وأطفال، ثم جاء هذا اليهودي المتوهم وتجاهل كل ما تأمرنا به التوراة من أعمال بر بعدئذ؟)).
عندما يقول الحاخام هذا الكلام أشعر أنا أنه يجهل وبسذاجة، كيف يهلل المسلمون كالأطفال وعلى رأسهم رجال الدين والساسة عندما يقرأون أو يسمعون كل يهودي أو مسيحي أو غربي ينتقد اليهودية والمسيحية ويشيد بالإسلام. كلنا نتذكر الضجة والفرح والتهليل الذي أحدثه كتاب زيغريد هونكه (شمس الله تسطع على الغرب) وكيف طبع في كل البلدان وأصبح قرآن المثقفين لمدة طويلة، وكيف كانت السيد تستقبل مثل الأبطال في البلاد العربية وفي أعلى هرم السلطة. نفس التهليل والتطبيل لاقاه روجي غارودي عندما أشهر إسلامه وقوبل بحفاوة وترحيب ودعوات منقطعة النظير تشفيا في الشيوعية والمسيحية، وكيف استغل حتى النخاع لصالح الرجعيات العربية، لكنه عندما ألف الأصوليات الدينية أعجب المسلمون بالجزءين المتعلقين بالمسيحية واليهودية ولكننا لا نجد في مكتباتنا، إلا نادرا، الجزء المتعلق بالأصولية الإسلامية. وأخيرا طوى النسيان الرجل لأن إسلامه المتفتح لم يعد يلبي الغرض.
وينتهي مقال الحاخام، حسب المصدر المشار إليه أعلاه بالقول: ((في عالم يسيطر عليه إلى حدٍ كبير سياسيون متشبعون بالأصولية الدينية من كل الاتجاهات، يهودية ومسيحية وإسلامية، نحتاج إلى لمسة مراعاة لشعور الآخرين ووعي بالذات وفطنة نستقيها من التعبير الديني التقدمي. ولدينا هذا في اليهودية والمسيحية وفي الإسلام، وهو قريب وفي المتناول. بشرط أن تنتبه إليه وفاء سلطان التي صفق لها الكثيرون ممن فهموا خطئًا أنها صوت المنطق والإصلاح في الإسلام.)) انتهى
هنا، وبغض النظر عن المشاعر الإنسانية التي يريد الحاخام أن يسوقها لنا، فإنه لا يسعنا إلا أن نفضحه عندما يركز على السياسيين المتشبعين بالأصولية الدينية ويتغافل عن أساتذتهم رجال الدين الذين صنعوا من نفوذهم على العامة سلطة حقيقية جعلت رجال السياسة يتملقونهم. ثم يكيل الحاخام بمكيالين: لماذا يحق للمثقفين والمفكرين والفلاسفة والعلماء والفنانين في الغرب أن يكتبوا ويرسموا ويصنعوا الأفلام ويبحثوا بكل حرية مهما تناقض ذلك مع المقدسات التي لم تعد تشكل عامل عرقلة أمام مسيرة الحضارة مثلما هو عندنا، وتعامل مع المحاضرة وكأنه رجل دين من العالم الثالث. يتم هذا دون أن تتحرك آلة القمع والإرهاب ضدهم، ولا يحق لوفاء سلطان ومن ورائها مفكرون كبار كانوا أكثر مهادنة وحذرا منها ومع ذلك حوصروا وكفروا وحوكموا واغتيل بعضهم ونفي بعضهم وفرض صمت القبور على بعضهم بمباركة رجال الدين وسكوت الساسة؟ لماذا؟ ليعلم سيادة الحاخام أن أحوالنا في شرقنا التعيس قد بلغت من التعفن لا يفيد معها إلا الكي والعمليات الجراحية الجريئة لاستئصال أورام التخلف والغبن والعنصرية المسلطة على شعوبنا باسم الدين الذي هو رديف للاستبداد، بما في ذلك ما ليس له علاقة بالدين مثل ختان الفتيات وكيف وقف رجال الدين ضد كل المحاولات لوقف هذه العادة البغيضة.



#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مقال تانيا جعفر الشريف حول وفاء سلطان
- قراءة في حوار مع نوال السعداوي
- قراءة في مقال: رد هادئ على السيدة وفاء سلطان
- حول الحكم الراشد بين الإسلام والعلمانية: قراءة في مقال
- قراءة في مقال:إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا 4
- لإسلام والأقليات: قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا م ...
- قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا (5) لل ...
- قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا (5) لل ...
- قراءة في مقال: هل الذهنية العربية تقبل ثقافة التغيير والديمق ...
- دولنا إسلامية بامتياز
- شامل عبد العزيز بين الإسلام والعلمانية


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - أيهما أصدق: وفاء سلطان أم الحاخام شتاين؟