|
كيف تُحل القضايا الشائكة العالقة في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 12:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يتوقع احد ان تؤول الاوضاع الى ما نحن فيه اليوم في العراق باي شكل من الاشكال ، و لم ينتظر اي محلل سياسي هذه التعقيدات الكبرى بدقة مساحتها و مضمونها و افرازاتها و ابعادها الحالية و حتى الدول الكبرى لم يخططوا لم فرض نفسه و ما وقع خلال هذه السنين و ما جلبتها التغييرات و المستجدات و ما فرضتها التداعيات بعد سقوط الدكتاتورية البغيضة. وصلت الحال الى ما نحن فيه و تدخلت اطراف عدة لم تكن يوما في بال احد ان تكون لها تاثيراتها الحالية في الوضع العراقي الحالي ، و هذا ما فرضته المصالح و المناهج و الخطط التي وضعت بعد السقوط و استجدت في العديد من الدول و بالاخص المجاورة على شاكلة موائمة لما تتطلبه الصراعات الاقليمية و المستندة على الاختلافات المذهبية و الدينية في اكثر جوانبها و هي المكشوفة . ما هو الواضح و المبان بشكل صريح هو استغلال العراق الجديد كساحة لتصفية الحسابات العديدة و المختلفة خارجيا و ليس للتنافس و الصراع الطبيعي الموجود منذ القدم، سوى كان اقليمية او دولية او داخلية ، اي بين المكونات الداخلية الاساسية للشعب العراقي المعطوفة على المكونات الخارجية و ما فرضته ترسبات الايام و العقود التي بنيت في اكثريتها على اسس خاطئة و فرضت امور بالقوة الغادرة بعيدا عن اقتناع الاكثرية و من خلال مصادرة الحريات و الافكار السائدة . بعد السقوط تجمعت كل تلك القضايا المتشابكة المشتتة مؤقتا بفعل القوة المستخدمة و بالتقادم و ما يفرضه الزمن من جراء نفسها تلقائا او بدافع عامل معين او خوف، او هناك من ورائها لمصلحة ما . وصلت معها الفوضى في وقت لم تكن هناك خطط استراتيجية بعيدة المدى مقدرة و محاسبة بحساب دقيق لمجريات الامور، و لم يكن اصلا نهجا معينا لتسيير امور الدولة و الحياة بقدر الحساب للهدف الفوري الاني و هو اسقاط النظام الدكتاتوري القاسي ، من غير وجود البديل المعلوم في الشكل و المضمون. اذن عودة الحياة العامة الى الصفر، تحتاج الى بناء و اساس قوي و خطة و خارطة و امكانيات مادية ومعنوية و القوى المنفذة الاصيلة و التي يجب ان لا يهمها شيء سوى ايمانها بالدولة و حبها لارضها و شعبها ، و الاستناد على منهج و خطاب و حسابات في غاية الدقة. الشيء الخطير الذي اصبح العرقلة الكبرى في طريق اعادة البناء هو عدم وضوح الملامح العامة للنظام الساسي العام لحد اليوم، و عدم قراءة ما يلائم الشعب العراقي بكافة مكوناته و ما الذي يتقبله من التغيرات و المستجدات المطلوبة في المجالات المختلفة بشكل علمي، فحاولت كل جهة فرض اجندتها الفكرية العقيدية و السياسية و استغلالها كل فرصة متاحة لازاحة الاخر و نفيه من اجل السيطرة و تطبيق ما لديها و احلال نظام وفق ما تؤمن و تعتقد به و من يكون ورائها، هذا موجود في مختلف التوجهات و العقائد و ما يؤمنون به من المباديء و ما يمتلكون من القيم بدون استثناء. اذن فلنسال و بعدما حصل و كاننا في نقطة البداية لبناء الدولة ، ما الحل. و هذا ما يحتاج الى جواب مقنع و واقعي مستند على ركائز علمية من كافة جوانبها ، فاولاها و اهمها و هي المحددة للمسيرة الصحيحة وهي العقلية التي تدير العملية ، و من ثم النظام و اعمدته و مدى ملائمته للواقع العراقي و ما يتصف به من النواحي الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و الساسية، و كيفية الاخذ بنظر الاعتبار التغييرات العالمية و الداخلية العراقية و اعتماد النظرة و الرؤى العصرية التقدمية في ادارة البلاد و ردم الثغرات و اثبات وحدة الصف. لم ينكر احد ما يجب ان يستند النظام عليه من الديموقراطية كوسيلة و منهج و هذا ما يحتاج الى ممارسة و تجريب وعليه يجب تحديد الاولويات فيها و كيفية وضعها على السكة الصحيحة من اجل ايجاد دفعها الذاتي و بنائها لنفسها بنفسها دون تدخل اي طرف، و من ثم قراءة الواقع الاجتماعي و اختلافات المكونات و نظرتهم الى العراق و ما فيه و بما يجب ان يكون عليه و مؤسساته و نظامه، و بالاخص في الجانب الاساسي منه و هو النظام العام، اي اتباعه المركزية او اللامركزية و هوخلاف رئيسي بين المناهج المخلتفة المسيطرة على الساحة لحد اليوم، و النظام الملائم الذي اتفق عليه الجميع هو الفدرالية على الرغم من اعتراض القلة التي ضُربت مصالحها . اما العامل الهام الحاسم لتهدئة و استقرار الاوضاع بسرعة ممكنة هو ايمان المواطنين بوجود نسبة مقنعة من العدالة الاجتماعية و توزيع الثروات و هذا ما يحتاج لاقرار القوانين المتعقلة بالنظام و الشعب والمصيرية المرتبطة بمعيشة المواطن و ما تخدمه، اضافة الى انعدام الثقة بين المكونات و الخلافات السياسية التايخية بينهم و التي يجب ان تكون من الاولويات في اقرار اي نظام سياسي عام. اذن حل القضايا المصيرية العالقة و تكثيف الجهود للوصول الى الحلول و هي الاساس في استقرار الاوضاع و ترسيخ اي نظام يعتمدعلى الشعب. و في حينه يمكن ان تعاد الثقة تدريجيا بين الجهات بعد زرع الاحساس في كيان كافة المكونات المختلفة بالتقدم الذي يحصل و انعدام الغبن و الاقتناع بنسة من الحرية و العدالة الاجتماعية، و المسند الرئيسي الاخر هو القدرة الاقتصادية ، فهي موجودة اصلا لحسن حظ الشعب العراقي ، اي حل القضايا العالقة يكمن في العقلية و الفكر الذي يدير البلاد و على الشعب الاصرار في تحديد نوع النظام و يجب ان تقطع التدخلات الخارجية العديدة بكل السبل.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل بعد الاحد و الاربعاء يوم دامي اخر
-
ألم تستحق مجموعات السلام الاستقبال المشرٌف
-
سلامي و عتابي ل(الاتحاد) الغراء
-
ما العائق الحقيقي امام اقرار قانون الانتخابات العراقية
-
ما مصير قانون الانتخابات العراقية
-
ان كانت الدائرة الواحدة هي الحل في الانتخابات ، فما المانع؟
-
تصريحات مسؤولي دول الجوار تدخل في شؤون العراق الداخلية
-
فيما يخص ايجابيات و سلبيات القائمة المفتوحة و المغلقة
-
تطورات الاوضاع العالمية تتطلب يسارا واقعيا متعددة الاوجه
-
اي حزب يبني مجتمع مدني تقدمي في العراق ؟
-
تصادم المواقف و تقاطع الاراء يؤثر سلبا على المجتمع ان لم يست
...
-
هل الفساد نخر الهيكل الاداري العام في الدولة العراقية ؟
-
ملامح ما ستسفر عن المتغيرات الجديدة في المنطقة
-
التنبؤ بالمستقبل يحتاج الى خبرة و عقلية منفتحة
-
هل من الضرورة الالتزام بالقيم الاجتماعية في السياسة ؟
-
التحزب القح و مصالح الوطن
-
ضرورة التعددية في العملية الديموقراطية و لكن.......
-
تغيير ميزان القوى في المواجهات المستديمة بين الشعب و الحكومة
...
-
هل وجود الاحزاب الغفيرة ضرورة مرحلية في العراق؟
-
هل نظرية الموآمرة سلاح الضعفاء ؟
المزيد.....
-
مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
-
السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون-
...
-
مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله
...
-
اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب
...
-
محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
-
مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
-
من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
-
خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال
...
-
هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
-
قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|