وديع العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 2812 - 2009 / 10 / 27 - 11:46
المحور:
الادب والفن
رسالة من بعيد
إلى المر الحلو
استلمت رسالتك الطويلة وحاولت أن أقفز ما بين السطور لضيق الوقت، ولأنني أعرف مسبقاً ما فيها من كلام.. لقد اعتقدت أنني بحاجة إلى كلمة عزاء ومواساة، لمناسبة عيد ميلادي الخمسين، أو اعتقدت أنني بحاجة إلى (تشجيع) ورفع معنويات على طريقة (حروب ولد الخايبه) .. أو أنك أردت أن تقاسمني مرارة الهزيمة فتقول أنك تعاني ما أعاني ولكنك عرفت الدواء وأبطلت الداء.. أقول لك ما قاله فلان الفلاني.. كالمستجير من الرمضاء بالنار.. يا صديقي العزيز.. وأنا أقدر حيرتك وارتباكك أمام (علة) أخيك.. يكفي أن أستمع إليك.. يكفي أن أعرف أنك تفهمني.. يكفي أن يكون في أقصى العالم.. شخص يفكر بك.. حتى ولو باللغة اليابانية أو الصينية.. ففي الصين مثلاً.. التي يقول الأوربيون أن نسبة التلوث في هواء شنغهاي مائتان في المائة، لديهم نسبة تلوث البشر بالعولمة الأمريكية أقل من بقية أطراف العالم.. وفي اليابان، التي تعرضت لأقسى هزيمة وجودية من نوعها في تاريخ البشرية، تعلمت أن تنهض من كبوتها وتعلم الغرور الغربي كيف يركع عند قدميها، على الأقل في الغد القريب.. ولكن اليابانين يا صديقي لم يتوزعوا في المنافي والمهاجر، ولم تتبرأ منهم بلادهم لتتمرن على المزيد من الهزيمة أو تحول الهزيمة إلى (أكل عيش). على طريقة مصائب بعضنا عند بعضنا فوائد جمة. ولكنني.. على حد قول الأغنية المصرية.. جئت أشكو إليك.. فإذا بي أحتار بشكواك وتزيد قلقي عليك.. فمهما يكن من أمري.. فأنا صرمت من السنوات أكثر مما بقي.. وقد خففت عن كاهلي ما لا يشغلني بقية عمري.. فكيف حالك وأنت الأحدث.. لا نبتة زرعت.. ولا زهرة شممت.. أجلت شموعك حتى تشتد الظلمة.. فإذا بالريح تقلع شموعك من جذورها وتتركك تستضيء بكلمات مثل المعري.. ان مصيبتنا لشديدة يا صديقي.. ولا ينبغي أن نخفف من هولها لننتظر ما هو أشدّ.. ان أجمل سلوانا هو اقترابنا من الموت.. ولكن.. أم تعتقد أن الموت سيخذلنا أيضاً.. زيادة في نكايتنا..
أخوك
الأفريقي
#وديع_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟