أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ليلة الأمس














المزيد.....


ليلة الأمس


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2811 - 2009 / 10 / 26 - 19:48
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كل الليالي مباركة ولكن ليلة الأمس كانت أبرك ليلة في تاريخي كانت الزنبقة المائية بجانبي وكانت عروقها تتصلُ بعروقي وكان ليلها الأسود يتشابك مع خطوطي الشاعرية كانت القصيدة في مخاضها الأخير وكادت أن تخرج من عيوني إلىنجومها كانت ليلة نصف شاعرية كان الدم يحاول أن ينتقل عبر الهواء إلى دمها كانت ليلة نصف دموية وكانت الأشجار تتحدث والجمادات تتحدث والكائنات الحية تتحدث ولغتي أنا فقط هي التي تعطلت كانت ليلة كلامية , وكانت الخطوط التي في سماءها مثل الخطوط التي في باطن كفي كنا أنا وهي نتشابه في كل شيء حتى في لون الملابس التي أحبها على جسمها فالغيم في الليل ولونه لا يعنيان لأحد شيئاً كما يعنيان لشاعر ملهم كانت ليلة الأمس ستلهمني كتابة أعظم قصيدة في العالم ولكن الكلمات ماتت والحروف ضاعت والأبجدية هربت مني كانت ليلة الأمس ليس كمثلها ليلة حلمتُ ورأيتُ وسمعتُ وشاهدت وصحوت على نصف شعر ليس مشبوكاً بأي شيء وعلى باطن كف يدي وهو يتنمّلّ من انحباس الدم فيه , ووجدت الخطوط المتعرجة مثل خرابيش الدجاج لا تعني شيئاً بالنسبة إلى شاعر مثلي كانت ليلة الأمس نصف كاذبة ونصف مجنونة ونصف متوترة الأعصاب .

كانت ليلة جميلة تخلق ُ الجمال لتعذبنا فيه .

كانت ليلة الأمس قد اقتربت من ضوء النهار ولكنها في اللحظات الأخيرة قد أفلتت من الضوء الذي يقهرها إنها لا تتواءم مع الحقيقة.

كانت ليلة الأمس نصف هادئة كنتُ أحاول أن أثير الذكريات ولكن الذكريات هي التي أثارتني وأحسستُ أنني سأبكي مثل الأطفال وأحسستُ أنني سأضحك كانت ليلة الأمس نصف باكية ونصف ضاحكة.


كانت ليلة فيها من الجمال الشيء الكثير لأنني كنتُ فيها وحدي مشغولاً بهمومي وبتطلعاتي ومثل محاسب البنك أغلقتُ الأبواب في وجه الزبائن وراجعت حساباتي وحدي وكل الغلطات دفعتها من جيبي كانت ليلة الأمس نصف جميله.

كانت ليلة الأمس مثل شهر نيسان الماضي الصوت سمعته والرسالة قرأتها وفرحتُ قليلاً وحزنت لانقطاع الصوت كثيراً كانت ليلة الأمس نصف حزينه.
كنتُ أنا قد وضعت رأسي بين يدي كنتُ أنا قد وضعت رأسي تحت السكين كنتُ أنا قد وضعت رأسي في الأوهام كنت أبني البيوت والقصور وأخلق حصاناً أبيض ومن ثم أرسم غيمة وبساطاً لأطير فيه مع الريح وكنتُ أنا قد محوت خيوط البساط وهدمت القصر وفي النهاية قتلتُ الحصان.
كنت في ليلة الأمس أفكر في سبب حزني وفي سبب كآبتي كنتُ أحاول أن أجد السبب حتى اكتشفته وحين رفعت السكين لقتله قتلتُ نفسي ليس بطريق الخطأ بل عامداً متعمدا.

كنت ليلة الأمس نصف إجرامية وكانت ليلة الأمس نصف سكرانة كانت عالية الصوت وكانت تقفُ في وجهي مثل جبال غطتها الثلوج أو الأعشاب كانت تلبس من فوق الأصفر ومن تحت الأسود وأنا قلبتُ لها الألوان فجعلتُ الأصفرَ الذي فوق من تحت لقد كانت ليلةً نصفها صفراء ونصفها سوداء.
كانت ليلة الأمس تمتدُ بداخلي كما تمتدُ السحبُ في الصحارى والأودية ,كانت ليلة الأمس نصف جبلية.

كانت تعني وكنتُ أطرب لها وكانت تأن وتخبأ عني أشياءها الجميلة كانت كل الأقراط في حقيبة السفر وكانت الأساور وفستان الفرح في مغارة علي بابا وصرتُ أنا بطلاً حاول إخراج فستانها للفرح ولكن ظروف مغارة علي بابا قد مسختني حجرا ,كانت ليلة الأمس نصف ساحره.

كانت السماءُ صافية وكانت النجوم تلمعُ في الماء وكانت الطبيعة الساحرة تشاغلني في هواها عن كل شيء وكان الإنسان بكل عواطفه وجوارحه واحدٌ من أفراد هذا الكون وابناً من أبناء الطبيعة وكانت الأشجار تطلع من مخيلته وكانت ناطحات السحابُ تقف على يديه وكانت الطيور تبني أعشاشها على كتف ذاك الإنسان وكان كل شيء رائعا ًومدهشاً وكانت عمالقة النجوم تهوي مثل الحشرات تحت أقدام فنه وأدبه ,كانت الأرض الأم تحبه لحبه لها وكانت ليلة الأمس مثل ليلة السندباد في عرض البحر.
العصافير التي هاجرت من فوق كتفيه لن تعود والطيور المهاجرة تحاول أن تستريح من عناء السفر والنسيم الذي يتسلل في الأحلام لم يظهر بعد ومخيلة الشاعر بدأت تتفتح على صور شعرية وشاعرية جديدة .

كل شيء سيضيع في لحظة تفكير جنونية وكل شيء سيعود في لحظة تفكير شاعرية الشعراء يخلقون كما تخلق الإناث إنهم يلدون من رؤوسهم والنساء من أرحامهن وشتان بين ما يخرج من الذهن وما يخرج من الرحم.

القصر الذي أبنيه في هذه اللحظة يقع هو وحجارته على رأسي ليس ثمة ما يسعدني إنني مستاء من هذا العالم إن نفسي قد رأت من التعب والإرهاق ما لم يره إنسان مثلها إن قدري أن أتذوق حلاوة التعب.

ليلة الأمس كانت نصف رومنسية لأول مرة يطلع الفجر وأنا ما زلتُ صاحياً أمسك بيدي فنجان القهوة وأتأمل في النجوم والهواء من حولي يداعبُ أفكاري كانت ليلة نصف عاطفية ونصف مجنونة مددتُ يدي خلف رأسي نمتُ على كفي الأيمن حلمت وأسرفتُ في الحلم كثيراً كانت ليلة ليس مثلها ليلة كانت ليلة نصف هادئة.

كانت ليلة الأمس قد أفزعتني حلم لم أرى مثله حلما حطم كل أحلامي وكيانا هزكياني ولوعة زادت من لوعتي وشيئاً ما مجهولاً أضاف على حياتي مجهولات جديدة ,كانت ليلة الأمس مضنية ومتعبة أخرجتُ فيها كل الفلاسفة من مكتبتي ناقشتهم واحداً تلوى الآخر كلهم رثوا لحالي وكلهم أحبوني حتى سيرين (كيركجرد) حاول أن يعيد مقولته ليقول لي : إما أو.

كانت الأرض تهتز تحت قدمي وكانت الأرض تلف وتدور بسرعة ولأول مرة في حياتي أرى الأرض وهي تلفُ وتدور .
كانت نفسي غير راضية وبت على نار مشتعلة الدمعة تسقط ثم أكفها ثم تحاول أن تسقط ثم أحاولُ أن أكفها ولكنها في النهاية قد غلبتني .

يحمرُ وجهي وتحمرُ عيوني ويغزوني اللون الأحمر.
شربتُ الماء حتى غرقتُ بداخلي في الماء تعبتُ من الأفكار ومن التقاليد ومن الهموم البشرية ,أحسستُ أنني عبارة عن قنبلة موقوتة سوف تنفجرُ عمّا قريب .



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحراميه أنواع
- رزق الهُبل على المجانين
- المرأة التي أحبها
- طفولتي
- الرجل الذي أضاع حمار أهله
- امرأة وثلاثة حمير
- من يغار أكثر ؟ المرأة أم الرجل؟
- من قصص موسى
- قصص الفقراء
- كلام الأغنياء
- المثقف والفنان الغنائي
- هل كانت قريش تهمز الخراء؟
- استحالة التعايش مع الإسلام
- من اخترع اللغة العربية؟
- أقوال العظماء والعظيمات والمشاهير والشهيرات في النساء
- أقوال البسطاء في النساء
- قرآن القُراء الكريم
- هل لجبريل علم بقراءتنا للقرآن
- السلم الموسيقي اللغوي العربي
- الحيوانات الزميلة


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - ليلة الأمس