أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى حقي - الذئب ....؟














المزيد.....

الذئب ....؟


مصطفى حقي

الحوار المتمدن-العدد: 2807 - 2009 / 10 / 22 - 19:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العدوُّ الرئيسيُّ للراعي عكاب في هذهِ الحياةِ الذئبُ ، بندقيتُهُ ملقمةٌ دائماً مُترصداً هذا المفترسُ وكلابهُ المدربةُ تتحينُ فرصَ الفتكِ بهِ ... إنّ هذا الأغبَر يغزوهُ حتّى في أحلامه .. لقد افترسَ خلالَ أشهرٍ أكثرَ مِنْ عشرِ حملانٍ برغم حراسته الشديدة وترصده الدائم ويقظة كلابه ... حتى أن مالك تلك الأغنام المُفترسة وصمه بالإهمال في رعاية قطيعه وخذلانِ كلابهِ الذين أبطرهمْ من كثرة إطعامهِم ، والحقيقةُ إنه يقتّر عليهم الزاد كما يقترها على نفسه فزوادةُ الراعي بالكادِ تصِلُهُ في كل أسبوع وهي عبارةٌ عن رزمة أرغفة من خبز الصاج فقط بالإضافة إلى قليل من السكر والشاي ... يضمُهم في خرج حماره بحذر شديد ، وهذا الزاد الوفير يطعم منها كلابه أيضاً ... ولكن الزوادةَ الدسمةَ لم تكن هي المشكلَ ... الذئبُ اللعين هو الآن مشكلةُ المشاكل واستمرارَه بغزو قطيعَهُ سيكونُ سبباً في طرده ، لو كان يستطيع أن يلاقيَهُ وجهاً لوجهٍ لقضى عليه بطلقة من بندقيته .. ولكنْ هذا الضاري الشرسَ يراوغُهُ بذكاءٍ نادر .. فهو لايغزوه إلا في الليالي المظلمةِ حيث القمرُ قد أفلَ ... ويأتي من جهةِ الريح لتشم الكلاب رائحته ويهرب أمامَها ويراوغُها ويبعدها عن القطيع ثم يعودُ بخفةٍ لينقض على ضحيته بحرية ويسحبُها بعيداً ليفترسَها ’ ومصباحهُ اليدويُّ الشحيحُ لايمنعهُ في تعقبِ الوحشِ .. بعد أن شربَ عكابُ عدة كؤوسٍ من الشاي المخمرِ على نارِ الشوكِ الجافِ ومجَّ دخان سيكارةِ لفٍ بمتعة جعلتهُ يسلطنُ ويبتسمُ وهو يهددُ خصمَهُ اللدودَ بالويلِ والثبورِ .. وفجأةً ينحجبُ عليه ضوءُ القمرِ خلفَ جسدِ الذئبِ الهائلِ وهو مكشرٌ عن أنيابهِ و يهمرُ مزمجراً ولعابُهُ يسيلُ وهويدنو من وجهِ الراعي المذعور وقد شلّه الرعب واستسلم لمصيرٍ يحسَدُ عليه ..؟ ويتكلمُ الذئبُ : وأخيراً ياعكابُ وقعتَ حيثُ لايرحمُكَ أحدٌ .. يارجلُ ماذا بيني وبينكَ لتترصدني حتى في الظلمة الدامسة واصبعُكَ في موضعِ الزنادِ لتصليني بطلقاتكَ القاتلة ، وتهوّشُ علي كلابكِ المتوحشة لتمزق جسدي إرْباً إرْباً .. ماذا فعلتُ لك .. هل تلك الخرافُ التي أسدُّ بها جوعي هي مُلكُ أبيكَ ... انك مجرّدُ راعٍ لاتملك سوى أجرِكَ الشحيحِ ... ثم أسألكَ وأسألُ الآخرين ماذا يمكنُني أن آكلِ سوى اللحمِ ... إنها إرادةُ الخالقِ وهو الذي خلقني مفترساً ( وفتحَ فمَه ) أنظرْ انها أنيابٌ قاطعةٌ للفرمِ والتمزيق وليستْ للقضمِ .. أما أنت ياعكابُ والبشرُ كلهم خُلقوا نباتيين تقضمون طعامَكُم ولشدةِ جشعِكُم تعديتمْ على ما نتغذى به .. تنحرون الخراف وتقطعونَها وتفرمونَ لحومَها وتقَدمُ إليكم في أطباقٍ مشويةٍ أو مطبوخةٍ مشهيةً.. ونحنُ التعساءُ المكتوبُ علينا الافتراسُ لاغيرَ ، نلتهمُ اللحومَ نيئةً وبدمائِها .. وأخيراً أسألُكَ وأرجو أن تجيبَ بصدقٍ ... من يتعدى وبشكلٍ جائرٍ على تلك الحيواناتِ المسالمةِ ونحن كما تعلمُ نأكلها لضرورةِ البقاءِ .. أما أنتم تأكلونُها طمعاً وجشعاً ولتلوين موائدكُمْ بما لذّ وطابَ منها .. انكم تأكلونَ حتى الجرادَ ومنكم من يأكلُ الكلابَ والقططَ .. أتدري ياعكابُ أنني عندما أضطرُّ وأصلُ إلى درجةِ العدمِِ وبعدَ صبرٍ طويلٍ ألتهم اللحم البشريَّ المقرفَ ... نعم يا عكابُ إنّ لحمَكَ من أسوأِ لحومِ المخلوقاتِ طعماً ومذاقاً ولكن للضرورة احكامٌ .. والآنَ جئتُ أنذركَ أن تعقدَ معي هدنةً طويلةً .. لقد قررتُ أن أغزوَ قطيعَكَ في كلِّ شهرٍ مرةً واحدةً وألتهمُ منها شاةً واحدةً منها .. حيث تكفيني أسبوعاً .. ثم ألتمسُ رزقي في قطيع آخرَ وآخرَ وآخرَ ليأتي دورُ قطيعِكَ .. كن مطمئناً وسرّحْ كلابَكَ واطلقها لتجد رزقَها في غيرِ هذا المكان .. والآن هات واعطني قبلةً من شفتيكَ المرتجفتين ، ويدنو الذئبُ منه ثم يطبقُ عليه ويطلقُ عكابُ صرخةً هائلةً ويهبُّ مذعورا مستيقظاً من نومه وقد أجفلَ قطيعه الذي تشتتَ وكلابُه التي علا نباحُها .. وفي اليومِ التالي يقودُ قطيعَه إلى القرية ويواجهُ المختارَ مالكَ القطيعِ ويسألهُ مباشرةً ..
: لوكنتَ ذئباً يامختارُ .. الذي يقاطعه : (تخسا ) أنت وغيرك يعلم اني (ذيب وفتح عينك زين ) ..؟ تجاوز عكابُ عنجهيةَ واستهزاءَ المختارِ به وتابعَ
: والذيبُ يامختارُ ماذا يأكلُ .. ؟ يبتسمُ المختارُ ويردُّ بخبثٍ : يأكلكَ أنتَ ...؟ ثم يكمل وباستهزاء أيضاً ...
: سؤالك جوابُهُ معروفٌ من الكلِّ ... الذئب يأكل الخرفان ...؟ ولكن الراعي يرد .. : طيب لماذا لايأكلُ خبزاً ..؟
: وهل جننتَ ياولدُ الذيبُ ما ياكل إلاّ الغنمَ ...؟ ولا يقتنعُ الراعي بهذه النتيجة ويسألُ
: ومن الذي سمحَ للذئبِ أن يأكلَ الخرافَ ...!
: ربُكَ هو (اللي خلقوا) ياكلُ لحم الضانِ يا مهبول ...؟ وهنا يفْحَمُ عكابُ المختارَ
: إذاً لماذا تمنعُ الذئب أن يأكلَ من قطيعِكَ مادامَ إنهُ وكما تقولُ يعملُ بإرادةِ اللهِ ... ( هنا أسْقِطَ بيدِ المختارِ وتلبّكَ ولم يعُدْ يعرفُ كيفَ يردُ .. ثم صرخَ بالراعي
: هل أنتَ مع الذئب أم معي أنا ..!:
ولكنّكَ يامختار (توّك ) تقولُ آنك ذيبٌ وفتح عينك زين .. ؟ وبرغمِ تراجعِ المختارِ وأنه ليس ذئباً وأنه إنسانُ .. ولكنّ الراعي يعود إلى إفحامهِ وبانتصار
: ولكنك ما زلتَ مصراً على ظلمِ الذئبِ واعتبارِه متوحشاً إذا أكلِ أحدَ خرافِكَ وبرغم قناعتِكَ ان الله خلقهُ هكذا وكانَ عليك أن تستردَّ هذِهِ البندقيةَ وتكفَّ عن ملاحقة
( الذيب) ... ؟ وهنا ثارتْ ثائرةُ المختارِ وصرخَ بعكابٍ ..
: والله مابي غيرك ذيب ياكافر يازنديق تريد تحلل لحم خرفاني للذيب ياضبع .. وينزل بعكاب ضرباً بعقاله الذي يجري أمامه هارباً مهدداُ ؟
! حسابك عندَ الذيب يا مختار ، حسابك عند الذيب يا مختار..؟!





#مصطفى_حقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل النقاب حرية شخصية أم وسيلة قمع وإرهاب ....؟
- لا لضرب المرأة حتى لو أرادت ذلك ياسيد حمادي بلخشين...؟
- شيخ الأزهر ونقلة عصرية ضد النقاب ...؟
- كيف لنا أن نبني أمجادنا والعقل مقيد مكبل ...؟
- الغزو الإسلامي كان رحيماً بأهل الذمة وأهداهم عمر وثيقته المش ...
- ماذا ينفع تمجيد الماضي التليد مع واقع الحاضر البليد ...؟
- كيف للعلمانية التقدم والمناهج التربوية تتخطاها ...؟
- علماني في وسط اسلامي اين المفر ...؟
- حقوق امرأة باب الحارة بين الاتجاه المعاكس وعكس الاتجاه ...؟
- النصوص المعاملاتية جسر عبور للعلمانية العالمية ..؟
- علماني مسلم... أين هو الخطأ ...؟
- الفارق بين القتل والموت سيف مشرع ...؟
- حتى حركة فتح لم تكن فتحاً للمرأة الفلسطينية...
- لا نعادي الأديان بل كل مايعيق حرية وتقدم الإنسان في كل زمان ...
- الحوار العلماني إحترام وإفهام وليس إرغام ...؟
- العلمانية تعترف بالأخر وتحترم الأديان وبالحوار ...المتمدن .. ...
- صبراً يالبنى ورفقاً بمحاميات غزة ..؟
- هل يمكن تطبيق الديمقراطية في البلاد العربية والإسلامية ...؟
- ما بين حجاب الرأس وحجب المؤخرة .. صبراً يالبنى ...؟
- المقومات الأخلاقية سابقة للأديان ..؟


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى حقي - الذئب ....؟