|
هل الفساد نخر الهيكل الاداري العام في الدولة العراقية ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2800 - 2009 / 10 / 15 - 12:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الجميع و من ضمنهم السلطة و الاحزاب و المنظمات و الشخصيات و الجهات و القوى كافة و بجميع الوانها بوجود الفساد بانواعه المتعددة ، و منها السرقة و الاختلاس للمال العام و الرشوة و استغلال المواقع و المناصب الحكومية لاغراض و منافع و مصالح خاصة و الاستئثار بالسلطة و ما تحتويها من قبل المتنفذين من اجل الملذات ونهب المال العام و حياكة الحيل و الخداع ، و عدم الاعتبار من الاخطاء و تكرارها باهمال و ابعاد الكفاءات و الخبرات و سيطرة التحزب الضيق على عمل الحكومة و توزيع المناصب وفق المحسوبية و المنسوبية و التكتل و التجمع غير الحضاري المستند على العلاقات العلاقات الاجتماعية التي ذهبت مع الزمن و انتهت نفاذها و تاريخ صلاحيتها و مفعولها من اجل ضمان الاصوات الانتخابية مهما اضر بالمصالح العامة للشعب، و الى غير ذلك من التحايل و الخداع و التضليل للمواطن و شراء الذمم ،الى ابسط شكل من التعامل الذي يمكن ان يدخل ضمن خانة الفساد بشكل عام . و الخطير في الامرهو اتباع كل فئة لطريقة تمكنها الخروج من المحاسبة و العقاب و كانها هي الاصلح بين المكونات و تتهم الاخرين بما تقدم هي عليه بذاتها ، اي اعتماد كل مرتبة او مستوى او موقع وظيفي لالية متطورة من تنفيذ خطط من اجل الفساد المخفي و هو متفنن فيها و يغيرها مع المستجدات و الضغوطات و يلتف على القانون بشتى الوسائل و يستغل الثغرات و يتجاوز و يتخطى الموانع باساليب و ابداعات عن طريق اختراع كافة السبل التي لم تشهد العراق منها مثيل من قبل. و ما هو الخطير ايضا في هذا المسار ان الفئات المختلفة و المراتب و المواقع الحكومية كافة من دون استثناء اصابتها هذه الافة الخطيرة العصية على العلاج و التي تحتاج الى جهد و وقت و ارادة و قدرة كبيرة لمحاولة النخبة النزيهة النظيفة القليلة العدد الباقية لحد اليوم و لم تعديها المرض، و هو مهمل و مهمًش من قبل الجميع، و ان فسح لها المجال في تصحيح المسار العام لادارة البلد و اعطيت الصلاحيات المطلوبة فانها يمكنها البدء بالعلاج و ستكمل الخطوة الاولى المطلوبة بنجاح . و هذا ما يحتاج لخطة محكمة و برامج متعددة الجوانب من النواحي السياسية و الاقتصادية و القانونية اضافة الى مساعدة الجميع لها و بالاخص المتنفذين و وسائل الاعلام لنشر الوعي العام المطلوب و كيفية غرز الايمان بالمواطنة و احترام القانون بعد تحسن الوضع الاجتماعي و القتصادي لكل فرد من جراء نظام عادل و بطرق حضارية متمدنة و في حال يكون همٌ السلطة الوحيد هو العمل على توفير العدالة الاجتماعية و تقارب المكونات و المساواة و القناعة بالتوجهات و باساليب واقعية ممكنة التنفيذ. و هذا لا يعني عدم وجود محاولات فردية في الاتكاء على الخطط العلمية المبرمجة لقطع دابر هذا المرض الخطير، و لكن الصراعات السياسية و التنافس و ما تتطلبها من الامكانيات يفرض الالتواء في الطريقة و الانحراف في الفكر، و كل ما تسد فجوة في موقع ما تتسع اخرى بفعل مضاد. من المعلوم ان هذا الامر ناتج طبيعي للوضع الاقتصادي المتدهور الذي ورثته السلطة بعد سقوط الدكتاتورية البغيضة و التي شوهت حتى ابسط المراتب الادارية بتدخلاتها الحزبية و عدم توفير حاجات و ضرورات الحياة لهم و نشرها العقيدة المتناولة بين الجميع وهو الثقة بالقريب من القبيلة و العشيرة اكثر المواطنة الصحيحة و التي اعتمدت عليها في اختيار المناصب الحساسة المدنية كانت ام العسكرية، و في المقابل زرع الشك بالغرباء من المواطنين العوام و عدم ترسيخ المواطنة لا بل نشر الاغتراب في عقلية الفرد كتحصيل حاصل لتلك المعاملات، و بهذا زرعت بذرة الفساد و ما ورائها في كل بقعة اضافة الى الظروف المعيشية السيئة، اضيف اليها الحصار الاقتصادي و هذا هو السبب لفرض ما اقدمت عليه المراتب العليا قبل السفلى من الفساد العام ، و كان احتياج المراتب الوظيفية لما وراء الحقوق الشرعية لضمان معيشتها و تامين حياة اولادها و عائلتها هو الدافع الاكثر تاثيرا حتى على العديد من النزهاء من اجل الحفاظ على القيم التي كانت تؤمن بها ، و توجهم نحو المُر من اجل تخطي الامرُ، فلم تبق هيبة تذكر لاي منصب و ما انتشر في السلك العسكري من التسول و الرشى الفاضحة في اعلى المراتب هو قمة الفساد و مقياس لما توصل اليه العراق بيد ذلك السفاح الذي دمر الارض و العرض من اجل شخصه فقط و باسماء و خطب و افكار رنانة و خلط بها العقيدة و الطموح الذاتي و النرجسية و دمر ما بناه النظام الاداري الطويل الامد في العراق و افنى العقول الخبيرة بسبب الايديولوجيا و التحزب الضيق . هذا ما ورثته السلطة الجديدة من الوظائف المدنية و العقلية التي تديرها، ولو لم يحل الجيش لكان الاخطر من هذا الجانب على الرغم من قسوة النظام الدكتاتوري السابق في تعامله معهم و الذي لا يقارن مع اليوم باي شكل من الاشكال، فكان الاشد في تاريخ العراق، فلم يكن بمقدور السلطة الجديدة ان تسيطر على من كان له الخبرة في الاعمال و التوجهات المخربة و في ظل هذا الانفلات و الفوضى. اليوم نرى ما هو الاخطر في الامر وهو وصول السيل الجارف من هذه الافة المنتشرة الى ادنى التسلسل الوظيفي الاداري بطوله و عرضه ، و ليس من السهل ازالتها بشكل كامل بين ليلة و ضحاها و احلال البديل المناسب لها، الا ان الامر ممكن رغم التعقيد و التشابك في القضية، و يتم ذلك باستراتيجية مدروسة تبدا من الاعلى و من ثم تشمل لما دون و يجب ان تبدا من اعلى المناصب التشريعية و التنفيذية و القضائية ، و الخطوة الرئيسية الاساسية تكمن في النظام العراقي العام و تجسيد الفلسفة السياسية و الادارية الملائمة و بعقليات عصرية نخبوية منفتحة و باللامركزية في توزيع المسؤوليات و الخطط الشاملة لكافة الجوانب من اجل انبات الاحساس في كيان الجميع بمسؤوليته و ما يقع عليه من الواجبات العامة، اي الجانب السياسي العام مفتاح للحول في الجوانب الادارية و الاقتصادية و الاجتماعية ايضا و بديموقراطية حقيقية مناسبة و بخطوات واثقة للحلول الجذرية و بآليات تناسب الظروف و الواقع و العقليات و الثقافة العراقية العامة و ما يؤمن به الشعب و امااكتسبه و ورثه من تاريخه، و الوسائل المستخدمة التي تناسب الحلول و التي ليس بسهل الحصول عليها، و يحتاج لجهود مضنية ومن قبل الجميع من اجل الاصلاح و التغيير الذي يحتاجه العراق في كافة الجوانب ليرسوا فى بر الامان .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملامح ما ستسفر عن المتغيرات الجديدة في المنطقة
-
التنبؤ بالمستقبل يحتاج الى خبرة و عقلية منفتحة
-
هل من الضرورة الالتزام بالقيم الاجتماعية في السياسة ؟
-
التحزب القح و مصالح الوطن
-
ضرورة التعددية في العملية الديموقراطية و لكن.......
-
تغيير ميزان القوى في المواجهات المستديمة بين الشعب و الحكومة
...
-
هل وجود الاحزاب الغفيرة ضرورة مرحلية في العراق؟
-
هل نظرية الموآمرة سلاح الضعفاء ؟
-
هل يكون التكتيك في خدمة الاستراتيجية دائما ؟
-
هل محاولات الامبريالية العالمية مستمرة في تحقيق غاياتها؟
-
كيف نخفف تاثيرات الحملات الانتخابية على اداء الحكومة
-
كيف و لمن نكتب ؟
-
الوحدة الوطنية ام محاربة الاختلافات
-
على الاقل قدر حقوق الاخرين بقدر منديلك
-
سبل اطمئنان المكونات الاساسية في العراق الجديد
-
الوضع العراقي الراهن بحاجة الى تعامل خاص
-
من هو رئيس الوزراء العراقي القادم
-
سبل تمدن المجتمع الشرق الاوسطي
-
تجسيد المجتمع المدني مرهون بالنظام السياسي التقدمي
-
الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
المزيد.....
-
سوريا.. الشرع يوجه رسالة إلى محمد بن زايد بعد أول زيارة للإم
...
-
القاتل الصامت للحيوانات المنوية.. أخصائي يكشف عن أخطاء يومية
...
-
روسيا تطور منظومة اتصالات مميزة لمحطتها المدارية الواعدة
-
إعلام: القبض على المشتبه به في إحراق منزل حاكم ولاية بنسلفان
...
-
نائب وزير الخارجية الروسي يؤكد عدم وجود أي اتصالات بين روسيا
...
-
250 من قدامى الموساد بينهم 3 رؤساء سابقين ينضمون إلى طياري س
...
-
الصين تقترح إنشاء نظام عالمي لإدارة الذكاء الاصطناعي
-
-رعاة البقر المتوحشون- يقتحمون متجرا بقصد -المرح- والسلطات ا
...
-
شراكة نووية بين الرياض وواشنطن
-
الرئيس الإماراتي يؤكد دعم سوريا وشعبها
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|