كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 850 - 2004 / 5 / 31 - 08:18
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
كان يمكن أن يكون احتفاله بخمسينه لوحده ، ولكنني أصررت على الحضور …أريد أن ألتقيه …لوحده في مثل هذا اليوم ، فأنا لا أجرؤ على الالتقاء به في حضرة الآخرين…وإلا فلن يكون هو … ولن يكون اللقاء …لقاءٍ…
تبادلنا الأنخاب …. ظننت أننا بعد الكأس العاشر ، يمكن أن نسكر فننام …ولكننا كلما سكرنا زدنا صحواً …
- أتدري ….كل خياراتك كانت مغلوطة …
- كيف … يا …فصيح…" أجاب ساخراً وهو يرتشف بقية كأسه …"
- لقد أسأت الاختيار منذ البداية …. أسأت اختيار أبيك وأمك …وزوجتك …وأطفالك …وبلدك …و
- كفى …كفى …كفى …ما هذا التهريج…. أسأت وأسأت ,…أبيك …أمك …
من قال لك إني اخترت من أساسه ….هه…
إنني لم أختر صحبتك حتى …
- كيف …؟ من الذي أختار إذن … لا تقل بربك ، الصدفة أو القدر أو الآخرين … أو…
- لا أدري … صدقني لا أدري …
- بل قل إنك لا تريد أن تدري … أنت تهرب من المواجهة …
- لا والله … ليس في مثل هذا اليوم على الأقل … لكن حين تضع أمامي كل هذه الحزمة من الفواجع …. وأين …؟
- في كفة ميزان خمسيني …، أرتبك …أتشوش … أخاف …أضطرب …وتغيم الرؤية … ويختلط الخيط الأبيض بالخيط الأسود … وتفلت الخيوط جميعها من يدي …
- أشرب …أشرب يا رجل … لا زال الليل على أوله … أشرب ….هذا يومك يا رجل …!
- وهل بقي لي يوم لأشربه …لقد أفسدته إذ دسست إصبع عقلك الوسخ في جوف كأسه …
- آسف …حقيقي آسف …هيا أشرب …بصحتك …
قرعنا الكؤوس مجدداً …
- بصحة الخيارات السيئة …أجاب ، … وصمت صمت طويلاً … كدت أشعر بالندم لأني صارحته برأيي ، بدا لي في غاية الهم …
- آمل أن لا ألتقيك ثانيةٍ في المرة القادمة…
- لك العمر الطويل يا صاحبي …
- لا طويل ولا قصير " هتف بصوت غاضب " …حين أعود….( هتف هامساً وكأنه يحادث نفسه …أعني بعد الموت )……سأحسن اختيار أبي وأمي وبلدي وزوجتي … ولن أختارك …!
- وأنا …أين أذهب إذن …!
- إلى الجحيم …ما شأني أنا … أقسم إني لن أصحبك معي …
- من قال لك إني لن أسبقك فأفسد خياراتك ….
- لن تجرؤ هذه المرة…. هيا …أشرب كأسك وأرحل مصحوباً باللعنة…
اختلفنا كما اعتدنا أن نفعل في كل مرةٍ نلتقي بها …. وشربت كأسي … بل شربت الزجاجة كلها …. ولم أرحل ….!
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟