حول الدروس المستفادة من تجربة الدعوى ضد شارون في بلجيكا

عيسى صالح سلوم

الحوار المتمدن-العدد: 2797 - 2009 / 10 / 12 - 23:19
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

في البدء كنت اتمنى من جريدة القدس العربي التي غطيت من خلالها محاكمة شارون في بلجيكا، ان تتوخى الحذر في نقل المعلومات وان تقوم بالتحقيق فيما نسبه الى شخصه من الاتصال بالمحامين للتأكد مما يدعيه، وانا ارفق مع هذا المقال ارقام الهواتف الخليوية والارضية للمحامين الذين اقاموا واشرفوا على الدعوى في حينه للاستفسار منهم، بعد ان اتحفنا السيد ابو جهجهه وكما تعود بادعاءات لا تمت البتة بمجريات محاكمة شارون هنا في بروكسل.
ونستعرض هنا للقارئ وللجريدة صيرورة ومجريات الدعوى التي اقيمت ضد شارون.
اولا: من اقام الدعوى لمحاكمة السفاح شارون ومجموعته هم محامون بلا حدود من خلال المحاميين لوك والين وميشيل فيرهاخن الصديقين للكاتب والناشط البلجيكي المهتم بالشؤون الفلسطينية لوكاس كاترين الذي بدوره على علاقة شخصية مع المناضل الفلسطيني (صاحب فكرة محاكمة المجرم شارون)الذي فضل ان يبقى في الكواليس لحسابات تعود الى علاقة جمعيته بالاسر الفلسطينية تحت الاحتلال ورعايتها وتجنيب نفسه وجمعيته من منع اسرائيلي لدخول فلسطين المحتلة في حال اشهاره لنفسه.
ثانيا: المدعي السيد ابو جهجه لم يكن له اي علاقة بالقضية منذ بداياتها الاولى لا من قريب ولا من بعيد ، وكل ما في الامر اننا ارتأينا ضم بعض الجمعيات العربية على قلتها حتى نعطي زخما اقوى للقضية، وعلى هذا الاساس اتصلنا بمجموعة من الجمعيات من بينها جمعية السيد ابو جهجه ودعوناه الى الاجتماعات الخاصة بمتابعة الدعوى القضائية ضد مجرمي مجزرة صبرا وشاتيلا وعلى رأسهم السفاح شارون، وعلاقة المحامي شبلي الملاط سابقة لدعوة السيد ابو جهجه، حيث سافر المحامي لوك والين الى لبنان والتقى هناك بكل من روز ماري وشبلي الملاط ، وقد قمت شخصيا بالاتصال بالاستاذ صلاح صلاح عن طريق كادر من كوادر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتسهــــيل عمل ومهمة المحامين في الاتصـــــال باسر الضـــحايا في مخيم شاتيلا، فلا ندري هنا عن الجهة التي كانت تصـــل اليها المبالغ المدفوعة تحت ذريعة و بند جمع التبرعات للمحامين؟ فلا يوجد محامين غير الذين اسلفنا ذكرهم ولم يستلموا فلسا واحدا على الرغم من الحاجة الماسة للنقود في حينه، مع ان المحامين تطوعوا مجانا للدفاع عن الضحايا واسرهم.اما عن الوكالات التي يدعي ابوجهجه بالحصول عليها فلا ندري عنها شيئا فلم يكن في القضية سوى المحامين السالف ذكرهم اعلاه.
ثالثا: من المؤسف هنا ذكر ان السيد ابو جهجه قام باستغلال واستخدام الشاهد الاول الانسة سعاد سرور المرعي لحساباته الشخصية ، محاولا ان يرتقي سلالم الشهرة مستعملا ضحية من ضحايا مجزرة صبرا و شاتيلا وقام باخراجها من القضية، حيث اتصل بالصديق الفلسطيني الذي كانت تقيم عنده الانسة سرور لشح الموارد المالية طالبا منه ان يستضيف سعاد لمدة يومين قبل سفرها باسبوع وعن طيب قلب وخاطر ونظرا للنوايا الحسنة التي كنا نحملها تجاهه وافقنا، ومنذ ذلك الحين فقدنا كل الاتصالات معها واذكر يومها انني اتصلت به وحددت له قيمة تصرفه وعمله الحقيقي على الهاتف ومن يومها انقطع الاتصال وبدأنا نفقد الامل في الوصول اليها، ولذلك قمنا بالاتصال بلبنان لمنعه من استغلال القضية ووضعها في مسارات اخرى قد تخدم نوايا جهات مجهولة ترغب في حرف القضية التي اشتغلنا عليها لشهور طويلة عن غايتها الحقيقية. وحتى يكسب ثقة الضحية سعاد بدا باقناعها بان الفلسطينيين في بلجيكا لا يرجون لها خيرا وانه الوحيد الراغب بمساعدتها، ولاقناعها بمصداقيته اصطحبها الى مفوضية اللاجئين البلجيكية لتقديم طلب خاص باللجوء السياسي. طبعا لم يكن صعبا اقناع ضحية لازالت تعاني من الاثار النفسية والجسدية لمعاصرتها مجزرة صبرا وشاتيلا والمعاناة التي حفرت عميقا في ذاكرتها، فالانسة سعاد ومنذ اليوم الاول لوصولها صارحتني خلال المؤتمر الصحافي برغبتها في الذهاب الى المانيا لطلب اللجوء السياسي وقد قدرت ظرفها وحالتها النفسية ومعاناتها وعدم ادراكها لتبعات ما تقوله فاخبرتها بانني سأوصل رغبتها للمحامين، وان اي قرار يجب ان لا يكون فرديا وبدون مرجعية قانونية من المحامين وان عليها ان تخبرني بكل ما ترغب القيام به لعرضه على طاقم المحامين لاهميتها واهمية اي قرار تقوم به نظرا لكونها شاهد ملك، والا تستعجل وتستمع لاي شخص خارج اطار المحامين ولكن للاسف فقدناها بعد ان اخفاها السيد ابو جهجه، وبعد مقابلتي لسعاد في اول فرصة سنحت لي بعد ان استنفذت من قبله ووجدت نفسها بلا مأوى وبلا نقود بان الحزن قد غمر قلبها من جديد.
رابعا: اما فيما يخص اتصالات مكتب ممثلية منظمة التحرير ببروكسل بالسيد ابوجهجه فهي من بنات افكاره ، فآخر هموم هذه الممثلية ان وجدت اصلا هي ملاحقة ومحاكمة مجرمي الحرب فالممثلية لم تتعاون معنا البتة حتى تهتم بتبني المحاكمة ويخطرني هنا ما حدث عندما ذهبت مع الانسة سعاد لطلب تصديق الممثلية على طلب الوكالة حتى تتمكن والدة سعاد من الحصول على راتبها بالوكالة فما كان من السيد نائب سفير السلطة في حينه (ف. م) الا ان طالبني بدفع الرسوم والا فلن يصادق عليها فلنا هنا ان نرى حجم الدعم والاسناد المقدم لنا وللضحية سعاد.
خامسا: احاول هنا ان اقارن بين المحامية الاسرائيلية من حركة حقوق الانسان (بيتسليم) التي قامت بالبحث بالوثائق الاسرائيلية التي تدين السفاح شارون ومجموعته وترجمتها للانكليزية وبين السيد ابو جهجه اللبناني الذي حاولنا منعه من دخول مخيم شاتيلا حتى لا يستغل ضحايا مجزرة تشغل بال الملايين من الشعب الفلسطيني والاحرار في هذا العالم لاهداف شخصية. اما السيد ابراهام بورغ فقد كان في حينه صهيونيا وعلى راس الكنيست الاسرائيلي ولنا ان نتخيل مدى تشوقه لمحاكمة شارون على حد زعم السيد ابوجهجه.
سادسا: التعميم الذي يسوقه في حديثه بان البلجيك لا يريدون محاكمة شارون وعدم التعويل على الناشطين الغربيين فكان احرى به التزام الدقة وتحديد مصطلحاتها، فالبلجيك شعب بفئات مختلفة ومتنوعة وقد اثارت تلك المحاكمة التساؤل على صعيد الراي العام البلجيكي والاوروبي وفتحت نافذة للنظر من خلالها الى ما عاناه ويعانيه شعبنا وليقرأ السيد ابو جهجه عن الاحصاءات والتغيير الذي طرأ في قضية الرأي العام الاوروبي تجاه القضية الفلسطينية وبدايات تبلور الوعي لدى شريحة واسعة منه بان اسرائيل تمثل خطرا على السلام العالمي ، نضيف الى هذا وقوف عدد من النواب واعضاء في مجلس الشيوخ البلجيكي الى جانبنا في محاكمة شارون الذين لم يتخلفوا يوما عن الاجتماع بنا ومساندة قضيتنا.اما على صعيد تعديل القانون فقد تم بعد ان توالت الدعوات ضد مجرمين اخرين امثال رامسفيلد وجورج بوش الاب.نعم الضغط كان فوق المستطاع لتعديل قانون الاختصاص المعتمد لدينا لمحاكمة شارون ولكن في المقابل ما هو حجم الضغط الذي مارسته الانظمة العربية الفاسدة لناحية تخفيف الضغط عن بلجيكا ، الحصيلة صفر.نحن نؤمن بامكانية المحاكمة لادانة المجرمين ولاثارة الوعي لدى الرأي العام بحجم المعاناة التي نعيشها وبنازية المحتل، ولا نؤمن بما يقوله السيد ابو جهجه بان المحاكمة هي الهاء للشعب العربي بآمال كاذبة وانها مضيعة للوقت فلنا ان نرى حجم الرعب الذي عايشه الكيان الصهيوني طوال فترة محاكمة شارون وخوف قادة هذا الكيان الى يومنا هذا من التحرك بحريتهم المعهودة، لادراكهم ان ما اقترفوه من جرائم سيحاكمون عليها متى واين سنحت لنا الفرصة لمحاكمتهم.
سابعا واخيرا يهمني اضاءة فكرة جوهرية كانت تخفف عنا وتشحن ارواحنا بالسكينة كلما واجهتنا صعوبات او تدخلات من قبل اطراف نعرفها جيدا ونعلم الى اين تتجه بوصلاتها وقرون استشعارها وهي ان مفهوم عملنا اثناء محاكمتنا للسفاح شارون ومجموعته لم يحتكم او يدخل في طياته انتهازية العلاقة بين التاجر والسلعة لذلك ترفعنا عن الرد على السيد ابو جهجه وغيره حفاظا على طهارة القضية على حد تعبير الاستاذ شبلي الملاط محامي عائلات ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا (ومحامي عائلة سماحة الشيخ موسى الصدر في الدعوة المرفوعة ضد العقيد القذافي). فالصراع بين الشفافية والانتهازية يجد مكانا له حتى في انبل القضايا الانسانية.

#عيسى_صالح_سلوم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات