أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الحداد - نوري قزاز















المزيد.....

نوري قزاز


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2796 - 2009 / 10 / 11 - 15:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بدأ معلمنا درس اليوم بالتذكير بأننا مررنا مرور الكرام وبعجالة على قيمتي الخير والشر بدرسنا الفائت ، حيث قال التالي ؛ كما عرفنا أن هناك الكثير من المفكرين ممن يقسمون كل القيم الأخلاقية إلى مجموعتين ، يطلق عليهما قيم خير وقيم شر ، ولكن ليس الجميع ينحى هذا المنحى ، فبعض الفلاسفة يعتبر حتى قيمة الخير أو قيمة الشر كلاهما من ضمن منظومة القيم الأخلاقية الكلية ، ولا تقسم منظومة الأخلاق لديهم لقسمين ، قيم خيرة وقيم شريرة ، ورأيهم هذا لم يأتي اعتباطا ، بل له دلالاته ، فهم يعتبرون ما نسميه قيم خيرة نابع إلى ما تؤدي إليه هذه القيمة من خير نراه بمنظورنا نحن ، كذا ما نعتبره قيم شر يكون تبعا لما تؤديه هذه القيمة من شر بمنظورنا نحن ، ولكنه لا يوجد خير خالص لذاته وشر بذاته .
وهنا ثار هرج ومرج داخل الفصل ، فما كان من معلمنا إلا أن انتظر قليلا ، ثم ضرب الطاولة بيده ضربات بسيطة حتى نعيره اهتمامنا ، وبعد أن هدئنا ، طلب الإصغاء له ، حيث قال ؛ أعرف جيدا أن كلامي السابق هز مشاعر جياشة لديكم لأنه ضرب على أوتار حساسة ، وضغط على مناطق نتفادى التطرق إليها لأنها من المحرمات عند البعض ، أو من المسلمات عند الآخرين .
فما كان مني إلا أني طلبت إلقاء سؤال وجه لي من أحد الأصدقاء من خارج الفصل ، فسمح معلمي بطرح سؤالي ، فقلت التالي ؛
هل قيم الخير وقيم الشر هي من صنيعة المجتمعات البشرية أم أنها أوامر إلهية باجتناب قيم الشر والعمل بقيم الخير ؟
هنا قال معلمي ؛ سؤال ذكي ، إجابته تعطي إجابة ضمنية لتساؤلات كثيرة غيرها قد لا نحتاج بعدها للسؤال عنها ، حيث قال ؛ الاثنين معا ، فقيم الخير وقيم الشر هي من صنيعة المجتمعات البشرية ، كذا هي أوامر إلهية ، وتختلف بحسب الناظر ، وأولويات القيم لديه ، فهي نسبية وليست مطلقة .
وهذا ما زاد اللغط والهرج داخل الفصل أكثر من سابقتها ، فتركنا المعلم نخبط بعضنا بعضا بعلو الصوت والتهكم ، وبعد أن هدأ روعنا عاد ليقول ؛ سأعطيكم بعض الأمثلة من قصص قرآنية ، أو لأقول من قصص لأديان توحيدية ، فكانت أن ارتسمت البسمة على وجوهنا ، فبعضنا أراد حجة ، وبعضنا أراد أن يقع المعلم بحرج الدخول على نصوص مقدسة عله يقع بخطأ لا يٌغفر له ، وهذا نوع من الحقد من بعض الطلاب على معلميهم لأنهم يرون بهم تحدي على طول الخط ويأملون الزلة .
قال معلمنا ؛ هناك قصتين مهمتين لن آتي على ذكر نصوصهما لأنكم تعرفونهما وتستطيعون الرجوع إليهما إن خانتكم الذاكرة بتذكرهما ، أولهما موضوع تحريم الأكل على آدم وزوجه من شجرة معينة في الجنة ، فلم يوضح النص هل كان التحريم من أجل أن من يأكل من الشجرة سيصيبه الشر جسديا أو نفسيا ، بل الشر كان بمعصية أوامر الخالق فقط ، ولا شيء غيره ، أي أن الخير والشر هنا بالمعصية ، وهذا ما تشتمل عليه أكثر أو لنقل مجمل الأوامر الإلهية .
والقصة الثانية قصة صاحب موسى ، فقد قام بأعمال أعتبرها موسى وهو نبي ورسول أعمال شر ، بينما بعدما وضح صاحبه له بأن ما قام به سيؤدي إلى كذا وكذا من خير ، وبأنه لم يقم بذلك العمل من تلقاء نفسه ، بل وفق أوامر إلهية ، هنا سلم موسى بالأمر وتقبله .
من هذا نجد أن فعل قيمة شر لدينا مثلا عملية قتل الغلام عند صاحب موسى تحولت لقيمة خير بعد التوضيح من المقاصد ، هذا وفق الأديان ومعطياتها وأوامرها ، ولكن من منا شبيه بصاحب موسى ، بل ومن منا يتلقى أوامر إلهية حتى يعتبر ما يقوم به قيمة خير بينما يراها غيره قيمة شر .
ثم نفس حالة قتل الغلام ، أ وَ ليست هي شر بذاتها ! أ وَ ليس القتل بِشَر كما يتفق عليه الأكثرية ولذا فهو مكروه ويحاسب عليه ، ولو كان قيمة خير لرأينا القتلى تملأ الشوارع !!
فكيف انقلبت قيمة الشر هذه إلى قيمة خير ، هذا الانقلاب جاء بتغيير وجهة الرؤية أولا ، أي أن قصد القتل لم يكن لذاته ، بل لتحقيق مصلحة لوالدي الغلام بقصة موسى ، وهذا ما يلجأ إليه أكثر ديكتاتوري عصرنا ومجرميه بأن يعطي مبرر أخلاقي عالي القيمة لفعل القتل ، ولكن هذا ما لم يفعله صاحب موسى نفسه ، حيث أنه استطرد وقال لم أفعل ما فعلت من تلقاء نفسي بل وفق أوامر إلهية ، وهذه الحجة غير موجودة لدى مجرمي العصور ، وإن احتجوا بها فلن يقنعوا سوى تابعيهم ومريديهم.
لذا تجدون أن كثير من الفلاسفة لا ينظرون إلى قيمتي الخير والشر إلا كقيمتين من بين القيم الأخلاقية ، يمكن على أساس ما يؤدي التطبيق إلى نتائج نحكم أنها قيمة خير أو شر ، بل وهناك البعض الذي يعتبر بفساد هذا المنطق حتى ، فالنتيجة كذلك خاضعة لمنظور المٌقيم للقيمة الأخلاقية ، فقد تكون قيمة خيرة من جهته ، ولكنها قيمة شر من جهة معاكسة .
ثم كيف لنا أن نعرف قبل العمل بالقيمة الأخلاقية أنها ستؤدي إلى نتائج خيرة أو شريرة ؟ أ وَ لا يكون ذلك بالاعتماد على تجارب سابقة لنا نقيس عليها !!
هنا نقع بإشكالية جديدة وهي القياس ، فليس القياس دائما يعطي نتائج محمودة ، بل أحيانا كثيرة يكون مضللا ، وهو أسلوب أعمى بالاستنباط ، لأنه يطبق حالة تتطلب إجراء حالي على حالة سابقة مشابهة لها وليست مطابقة ، وهنا نكون قد طرحنا جانبا الظروف المكانية و الزمنية للحالة الأولى التي قد يكون لها تأثير كبير على النتائج التي حدثت حينها ، كذا فإن القياس هو نوع من تحجيم للعقل بمجال عمله وتحديده وفق مجالات المطابقة بين الحالتين .
ولو تركنا القياس لأجل ما سبق ، فكيف يكون الحكم إذن ؟
فهل لكي نعتبر القتل قيمة شر علينا أن نقتل شخصا ما لنرى ما الشر الذي يؤدي إليه لنعتبر منه ؟ وهنا هل على كل فرد أن يقتل ليعرف الفرق بين قيمتي الخير والشر !
طيب وإن مارست القتل لديكتاتور مثلا ! أي لو أني قتلت صدام مثلا ؟ هل ستعتبرون فعلتي قيمة خير لأني أنهيت بقتلي مأساة شعب ! أم تعتبرونها قيمة شر لأني مارست القتل خارج القانون أو المتعارف عليه !
وهنا ندخل بإشكالية القانون أو الذي تعارف عليه .
طيب والجندي الذي يرسله قائده لقتل جنود العدو ، وأحيانا يقتل مدنيين لا دخل لهم بالقتال سوى أنهم من بلد العدو ، هل نعتبر هذا الجندي مجرم وقاتل ؟ أم نعتبره بطل ؟!
وهل فعلت الجندي قيمة خير ؟ أم هي قيمة شر ؟!



#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالات علمية بسيطة ج1
- قدري ربانا
- نار نور
- دار دور
- التوريث والتأبين
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية
- الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى


المزيد.....




- ما ردود فعل دول أوروبا على إعلان ترامب رسوم -يوم التحرير-؟
- الحرية الأكاديمية في خطر: قرارات ترامب تهدد تمويل الجامعات ا ...
- غارات إسرائيلية تستهدف مطارين عسكريين في سوريا
- وزير الدفاع الإسرائيلي: العملية العسكرية في غزة تتوسع لاستيل ...
- قائمة بالرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على الدول العربية.. ...
- الرسوم الجمركية..قواعد ترامب ترعب أوروبا
- ترامب يلاحظ -تعاونا جيدا- من قبل روسيا وأوكرانيا بشأن السلام ...
- -ديلي إكسبريس- نقلا عن مصدر مقرب من إدارة ترامب: إيران قد ت ...
- الخارجية السورية: تدمير شبه كامل لمطار حماة العسكري وإصابة ا ...
- وزير الخارجية الفرنسي يحذر من صدام عسكري مع طهران إذا انهارت ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد الحداد - نوري قزاز