عبد العظيم فنجان
الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 19:14
المحور:
الادب والفن
الاوديسة السومرية / 2
الى خالد المعالي /
هذه المرسومة ُ بعناية على لوح ٍ من الطين ، المحفورة في نبض الزمان :
هذه الأمُ السومرية التي ما زالت لحد الآن ،
منذ أول دمعة حزن ،
تلطمُ
رأسها بيديها ..
لعلها فقدتْ ابنها غيلة ً :
لعلها اعتقدتْ أنه أفلـَتُّ من يد الحياة بموجة كالنصل ، حادة ، فابتلعه الفراتُ .
لعلها أشعلتْ الشموعَ جالسة ، على الشاطيء ، بانتظار أن يعودَ به الملاكُ .
لعلها رأته ، في منامها ، يسقط ُ في المعركة ، ذات حرب ، وساوته الخيولُ بالتراب .
لعلها اُخبرتْ أن عشتارَ أغرمتْ بجماله ، فاصطفته اليها ، ثم مزقته بعدما أنهتْ وطرها .
لعلها أضاعته في أحد أسواق اوروك :
خطفه تاجرُ رقيق ،
وباعه .
لعلها ساومتْ ،
حتى آخر شهقة من ينبوع جسدها ،
من أجل أن يطلق جلجامش سراحه ،
فلا يتعفـّن من رطوبة الخلود ، في زنزانة أفكاره .
لعلها سمعتْ أنه كان يعبثُ مع البغايا ،
في حانات اريدو ،
فطعنه سكيرٌ حتى الموت .
لعلها ظنـّتْ أنه تجرَّع السمَّ ، مع أحد الملوك ، ودُفن في مقابر اور .
لعلها ..
أنا يا امي كفرتُ بكل هذا ،
بكل هذا وذاك ،
بكل هذه الأطوار من الفقدان والحزن .
بكل هذه البلاد التي لا تتقن الا خنقَ الينابيع ،
إذ تنبجسُ تحت نعل الريح .
بكل هذا التاريخ الملطخ بالفيضانات، بالدم ، وبالدموع .
بكل هذا وذاك ..
حتى انشطرتُ غربا وشرقا ، وهمتُ وحيدا في الجهات .
.................................................................
يتبع ..
#عبد_العظيم_فنجان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟