|
يوسف العاني يلاطف حيرتي
محمد سعيد الصگار
الحوار المتمدن-العدد: 2786 - 2009 / 10 / 1 - 22:27
المحور:
الادب والفن
يطلب مني اليوم صديق العمر، فناننا الكبير، يوسف العاني، طلباً لا أبسط منه ولا أصعب.
يريدني أن أقرن اسمي الضعيف باسمه المتألق من خلال المشاركة بتخطيطات أعدّها لكتابه الجديد (أساطير الحكايات)؛ تخطيطات كما أتخيّل وكما أريد، كما أكّد لي، لمجرد أن نكون معاً، كما كنا دائماً.
أهناك ما هو أيسر عليّ من تحقيق هذه الرغبة؟
لا أيسر ولا أشقّ !
يسيرة لكونها تفتح المزاج على صور يُفتَرَض أن تكون من ممارساتي الفنية، كما هي إشارة إلى تاريخ تجاوز نصف القرن من المودّة والمشاركة الحميمة في بناء ثقافة إنسانية ديمقراطية درجنا على توطيدها بكل ما لنا من طاقات.
إذن ما العائق يا أبا غسان؟ (ابو غسان هو الإسم السري ليوسف العاني، رئيس الوفد العراقي السري إلى مهرجان الشباب والطلاب العالمي السادس الذي شاركنا فيه في موسكو عام 1957. يقول يوسف: لا أحد يناديه بهذه الكنية غيري، ما أجمل هذا !).
العائق، يا أخي الحبيب، هو اليد التي سبق لها أن خطّت عناوين لكتبك السابقة، ونفّذت ملصق فلمك (ابو هيلة)، والكثير مما كنتَ تعهد إليّ بتنفيذه من خطوط لمصلحة السينما والمسرح يوم كنتَ مديراً لها.
هذه اليد التي أنتجت المئات من اللوحات، وكتبت العديد من الكتب، وصمّمت المئات من التصاميم، والتي أسماها شاعرنا العزيز سعدي يوسف بــ (اليد الذهبية).
هذه اليد صارت تعاندني اليوم يا أبا غسان، ولم تعد قادرة حتى على التوقيع، بله إنتاج عمل فني، مهما كان بسيطاً. ولكم عزّ عليّ أيها العزيز، أن أنكص عن مساهمة تطلبها، وأنت الآمر.
ها هي مخطوطة الكتاب أمامي منذ أشهر، وأنا أتحايل على الحروف والخطوط والبرامج، دون جدوى كما تؤمّلُ، وكما أرتجي. أرأيت أية خسارة لحقت بي بحكم العمر الذي طال بلا معنى. تتوالى عليّ الصور وأنا أمام المخطوطة؛ صور (ماكو شغل) و (آني أمك ياشاكر)، واليوم الأول من تصوير (سعيد افندي)، يوم كنتُ أتيكم من البصرة، برفقة صديقي الفقيد توفيق البصري، وكاظم البكري، الذي لا أعرف أين حلّ به الزمان، لنشارككم أفراحكم التي كنا نعيد إنتاجها في نادي الإتحاد الرياضي في العشار، يوم تُمنع في بغداد. صورة قطتك السوداء الأليفة التي تقفز إلى كتفي بلا حرج في دمشق. وصورة الركض إليك وأنت في شقتك في دمشق، لأبشرك بقيام الثورة. وصورة لقائنا وعتابنا على زكي الأرسوزي ومطاع صفدي، على ما قام به شبابهم من تمزيق العلم العراقي الذي كنا نحمله ابتهاجاً بالثورة. وصورة لقاءاتنا بعبد الوهاب البياتي وبعبد القادر اسماعيل البستاني ونبيه ارشيدات وصفاء الحافظ وابو سعيد (عبد الجبار وهبي)، والعديد من الشخصيات المتضامنة معنا. أتذكر يوم أودعتَ لدي مخطوطة (أم حسين) يوم كنا في دمشق عام 1957، واحتفظتُ لك بها سبعة وأربعين عاماً، وسلمتها لك يوم احتفلت بي وزارة الثقافة في عهد صديقنا العزيز مفيد الجزائري عام 2004. والتي كنتَ أنت َمن بين من كرّمني بالحديث إلى جانب العزيزين الفقيدين، مهدي عيسى الصقر ومحمد المبارك.
ليلتها وشّحتَ علاقتنا بالذهب. كشفتَ لي عما لم أعهده في نفسي، فتساءلتُ: إذا كنتُ بهذه الكفاءة المسرحية التي يتحدث بها أخي يوسف، إذن لماذا لم يلحقني عضواً في فرقة المسرح الحديث التي كنت أحضر لقاءاتها بشكل منتظم، حتى ما كان يُعقد منها في بيت الفقيد ابراهيم جلال. الحديث يبدأ ولا ينتهي، والذكريات تنثال كمطر الصيف، خفيفاً منعشاً، يمنح العمر ألقاً، ويُغري بطول الأمد، وتبقى مخطوطة ( حكايات الأساطير) شاخصة أمامي، عاتبةً، منتظرة معجزة ما تجعل الدم ينساب رخيّاً في أوردتي، لتستجيب إلى رغبتك العزيزة عليّ.
لك، أيها الفنان الكبير، والأخ الأثير، كل الحب، وصادق العذر، والأمل في أن تبقى كما عهدناك، ذلك المبدع المتفاني بحب الجمال والعدالة والحرية.
#محمد_سعيد_الصگار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اوراق سياسية - لقاء مع حازم جواد
-
أهي عناوين وهمية ؟
-
ليس براءة ذمّة
-
تحية إلى قمر البصرة
-
بطاقة إلى الحزب الشيوعي العراقي
-
أهذا هو الوفاء؟
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|