من مجالس النجف الاشرف (مجلس الحمامي للادب الحسيني 1964م - 2003م)

السيد هادي الحمامي

الحوار المتمدن-العدد: 2784 - 2009 / 9 / 29 - 13:02
المحور: الادب والفن
    

مقدمة:-

ما انعم الله على عبده نعمة أثنى قيمة ولا أغلى جوهراً ولا أحسن أثراً من نعمة اليقين بالجزاء الصالح على العمل الطيب فهو يعتقد أنه يجزى على عمله مكافأ به مؤمنا كان أم ملحدا معترفا بنعيم الآخرة أم منكرا له. فإن كان الأول ساقه إلى العمل الصالح شغفه بجنة الخلد وحورها وولدانها ولؤلؤها ومرجانها وروحها وريحانها وأن كان الثاني ساقه إليه شغفه بالذكر الجميل والسيرة الصالحة والحياة الباقية في ألسنة الأجيال وبطون التاريخ ولولا هاتان الجنتان جنة المؤمن وجنة الملحد ما جدّ في هذه الحياة جاد ولا عمل فيها عامل.

الريح ثقيلة علينا ورماد أيامنا يملأ الأرض نلمح أرواحنا في بريق شفرة وخريف الممالح يتناثر فوق جراحنا ولكن الإرادة لا يقف بوجهها أي عائق ولا تحجب شمسها الغيوم ولا تلوي عنقها تحت الريح والصقيع .. تمخضت دنيا الأدب بأفذاذ عظام تركوا بصماتهم على خد الزمن وخلّفوا لنا تراث عظيم فأخذنا عنهم وميض ما تركوه من إبداع وشموخ في جميع أبواب الفنون والآداب وتعلمنا منهم كيف نبدأ ونسير بالخطوة الأولى في هذا الطريق المعبّد بالمخاطر.

داعبت أوتار قلبي أنامل الأمل واليقين وعزفت أنشودة القلم كلماتها الحلوة الرقيقة (الوزن والقافية) أطربتني هذه الأنشودة فأخذت مني مأخذ العاشقين فأصبحت هي زادي ومتنفسي في ما تبقى من عمري ولكن هل يبلغ القلم مداه أو يكبو في أول خطوة دون غايته وهل يستطيع أن يكمل رسالته في هذا المضمار أو يعترض طريقه عارض سقيم فيثنيه عن مبتغاه ويسلبنا هذا العارض ما ورثناه من الآباء والأجداد ولكن مضيت بإصرار وعناد إلى ما أصبو إليه من تنفيذ ما صممت عليه حيث كانت البداية بسيطة وبالتحديد عام (1964م) كانت تقتصر على مجلس بسيط يحضره خطيب يتلو ما حضّره لتلك الليلة وهي - يوم الأحد - ليلة الاثنين من كل أسبوع بعد نهاية المحاضرة مباشرة تبدأ القراءات الشعرية البسيطة والمساجلات في الابوذية والدارمي وبعض الأوزان الشعرية ولا تخلو من النقد الأدبي ويستمر (المجلس) إلى ساعة متأخرة من الليل حيث كنّا في المدينة القديمة وبالتحديد في محلة العمارة (صافي صفا).

بعد انتقالنا إلى حي الغدير في عام (1974م) حققت ما كنت أفكر به من تطوير المجلس إلى مجلس أدبي يضم الأدباء والشعراء والنقاد فكانت الجلسة الأولى (والحلم يتحقق) كنت أرنو إليه بنظرة التفاؤل ولا أعير أهمية لما يحدث من عواقب وبدأت القافية ترقص على شفاه الشعراء المبدعين ومن خلال القصيدة المنبرية أو المنصة والتي كانت تحاكي الجرح الأزلي الذي لم يندمل من أول يوم للطف والى يومنا هذا وكانت القصيدة أيضاً ترسم جروح الأهل من شعبنا المظلوم الموسومة بالفاقة والحرمان وتكميم الأفواه.

كان يدير هذه الجلسات الشيخ صاحب القريشي ولعدة سنين وخلّفه الأستاذ الشاعر حسين الحجّار واستمر المجلس الأدبي الحسيني وكانت هذه كنيته بالعطاء المثمر والذي خرّج كثير من الشعراء حيث كان مدرسة بمعنى الكلمة.
بعد الانتفاضة الشعبانية بعام تجدد انعقاد المجلس ولكن بحلة جديدة واسم جديد هو (مجلس الحمامي للأدب الشعبي الحسيني) هذا ما أراده جميع روّاد المجلس وكان هذا الاسم من طرح الناقد والشاعر الأستاذ عبد الزهرة التركي.

كان للمجلس ثلاثة مهرجانات سنوياً تقام في بيت السيد هادي الحمامي وعلى نطاق جميع شعراء محافظات العراق وكما يلي:
1-مولد سيد البلغاء أمير المؤمنين على بن أبي طالب (ع).
2-مولد سبط الرسول الأعظم صاحب كلمة (لا) للظالمين الإمام الحسين (ع).
3-بيعة الغدير وتنصيب الأمير ولي على الأمة بعد الرسول (ص) علي بن أبي طالب (ع).

شكّلت لجنة من المجلس لاختيار الشعراء من المحافظات وعليه تتم الدعوة لهم فمن كل محافظة شاعرين فقط وفي نهاية كل احتفال توزّع هدايا ثمينة تكريما للمشاركين وكذلك ضيافتهم ومبيتهم وعلى أتم وجه.
هكذا كان نظام المجلس والذي ضم عمالقة الشعر الشعبي والفصيح في النجف الاشرف.
كما تعرضنا لمضايقات واعتقالات لا أريد أن أخوض في تفاصيلها لأنه لا يسع لها المجال ولا يفوتني أن اذكر ولو قسم من الشعراء الذين كانوا من رواد المجلس وعلى سبيل التذكرة.
1- الشاعر الكبير المرحوم علي حسين التلال صاحب هذا البيت الشعري
الما يجي لمجلس الحمامي .... يظل من ورْد المعارف ضامي.
2- الشاعر والرادود السيد نزار أبو الريحة.
3- الشاعر الكبير المرحوم الحاج معين السبّاك.
4- الرادود الكبير المرحوم الشيخ وطن.
5- الشاعر المرحوم جواد زاهد
6- الشاعر جواد شربه
7- الشاعر الأستاذ حسين الحجّار
8- الشاعر والناقد عبد الزهرة التركي
9- الشاعر والناقد السيد حمد القابجي.
10- الشاعر السيد عماد القزويني.
11- الشاعر صباح أمين.
12- الشاعر محمد علي الزهيري.
13- الشاعر ستار الدليمي
14- الشاعر الأستاذ عادل البصيصي.
15- المسرحي الأستاذ تومان غازي.
16- الصحفي والمؤرخ السيد ستار النفاخ.
17- الشاعر محمد رضا العكراوي.
18- الشاعر عدنان جدي.
19- الشاعر الكبير والرادود الحاج رسول محي الدين صاحب قصيدة "يحسين بضمايرنه".
20- الشاعر عباس الجنابي.
21- الشاعر زيد السلامي.
22- الشاعر المرحوم كريم البديري.
23- الشاعر الشيخ أياد الابراهيمي.
24- الشاعر علي المياحي.
25- الشاعر السيد قاسم الياسري.

هؤلاء أعمدة المجلس وعذرا لكل من لم اذكر اسمه. واستمر المجلس بالعطاء وتعليم الشباب حتى سقوط النظام.

ولكن .. ولكن .. ولكن!!!
في أحضان الحزن احتميت أطفأت شموعي وحدي وفي أغوار الذكريات سرحت حدّقت في المرآة شعرت بغربتي فلم أرى سوى عيناي تحتضران. لم استطع قراءة صمت العيون .. كانت ذكرياتي ابتسامة زائفة وصفحة خاوية كانت مساحات بيضاء وحبر اسود يملأها داخل أسوار صدري قلب يدمع.
ورحت الملم أشلاء نفسي المبعثرة بين الأوراق وأروقة المجلس الذي تنكّر له لا أقول الجميع فرأيت قلم ثائر يرقد بين الأوراق يكتب عن أحلام شيّعت إلى مقابر الأحلام.

#السيد_هادي_الحمامي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات