|
سبل اطمئنان المكونات الاساسية في العراق الجديد
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2782 - 2009 / 9 / 27 - 16:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عند قرائتنا الواعية لتاريخ العراق و بخلفية واقعية في العقلية و التفكير و حيادية كاملة و نعيد التقييم العلمي له منذ نشوئه، و عند التعمق في صوره المختلفة العديدة المتكونة من جراء مرور المراحل العديدة المتعاقبة في مسيرته، لا يمكننا ان نعرٍفه و نبين هويته و نشخص مواصفاته الخاصة بشكل دقيق ولحد اليوم . و الاكثر تعقيدا في هذا الامر اننا نعيش في فترة تاريخية معقدة من العراق الجديد مما زاد من صعوبة التشخيص لهويته السياسية و الاجتماعية و حتى الثقافية العامة . يمكننا ان نصف ما مضى من تاريخه حسب الوقائع المعلومة و ما نحن فيه من حاضر مهتز و لكن تحديد مستقبله بشكل واضح صعب و تبقى زوايا عديدة منه معتمة و مجهولة و تترائى للعين و العقل بعدة ابعاد و اشكال و يكون وضعه متحركا و غير ثابتا من حيث التكوين و التفاعل بين المكونات ايضا. و هذا ما يدع الشعب العراقي بجميع مكوناته قلقا و حائرا في امره في كثير من الاحيان و هو يفكر فيما يهمه و مصيره و مستقبل بلده ، و هو عائش في الشكوك المستمرة، و مستوى تفكيره ضمن الرقعة التي يعيش فيها و تحت تاثير ترسبات التاريخ الذي مرَ به . الماضي المعلوم ، و كل ما نتذكره لا يمكن ان يقال عنه الانتماء للوطن و الهوية الخاصة و الشعور بالمواطنة و حقوقها و واجباتها، اما الحاضر فهو معلوم البداية، و اليوم ما هو المعتمد عدا الاستقراء و الاستدلال و التخمين و التوقعات و التكهنات و ما يمكن ان يُعتمد عليها من بعض المؤشرات لا توجد ما يمكن ان نعتبرها الطرق المستقيمة المؤدية الى النتائج البائنة للمعادلات و ما يُحس على الارض لتحديد المستقبل و نوعيته. المواطن حر نسبيا و هو يفكر و يعيش دون مراقبة او حصار مباشر على تفكيره و اعتقاداته، و في نفس الوقت ليس بمواطن كامل الحقوق، و هو عائش في جو يحس بالاغتراب بعيدا عن المواطنة الحقيقية، و هذا ما يشوه خلاصة نتاج تفكيره للوصول الى البحث عن الهوية و التعريف الكامل للعراق الجديد، و هذا ما يجبرنا ان نشكك في النتيجة ايضا. في الجو الذي نعيش لا يمكننا ان نعلن اننا ننعم في ظل الديموقراطية الحقيقية الكاملة بكل معنى الكلمة، و العراق لم يتبع ما يثبت الاقدام و الركائز الاساسية لها، مع ذلك فان الذاكرة المؤثرة على فكر المواطن و هو يرى امامه ما يخيفه في كل لحظة، و هذا تختلف شدته من مكون لاخر اعتمادا على ما استخدمت ضده من الوسائل القاسية و القمعية. ان ما يخصنا هنا هو كيفية اطمئنان المكونات الاساسية للشعب العراقي لمستقبل العراق الجديد و عدم تكرار المآسي و ما مرَ به، و هنا الواجب و العمل الاهم يقع على عاتق النخبة و السياسيين المتنفذين الذين اعتبروا من التاريخ و تعلموا الدروس، فعليهم توظيفها الان و الاستناد على الخبرات و استغلالها لخدمة مستقبل البلاد، و اطمئنان المواطن على عدم تكرار الماضي، و لكن كل المؤشرات و المواقف و الاراء و الافكار المطروحة لا تكشف لنا ما يمكن ان نتفائل به . كما هو المعلوم،ان الهدف الاساسي في السياسة الشرق الاوسطية و العراق منها، محاولة كافة الجهات السياسية لاستلام السلطة و بطرق شتى، و ما يجبرنا و يحملنا على التئشاؤم هو الاحساس بان الساسة منعكفون على المباديء السابقة و اهتمامهم بالمناصب و الملذات، و ان منحت الفرص لهم يبتعدون عن تداول السلطة مهما كلف الامر، و هذا ما تؤكده محاولة البعض و اصراره على البقاء في كرسيه مهما حدث، و كل القراءات تدلنا على بقاء هذا الطمع و الانتهازية في التفكير و ما يصدر من ثمار عمل و عقلية اكثرية السياسيين و الجهات السياسية الرئيسية، و هذا ما يزيدنا قلقا جديا و يفرض علينا عدم الاطمئنان و ان نتوقع الاقتراب اليومي من الدكتاتورية و الشمولية باية شكل كانت، و المؤشرات الخطيرة الاخرى التي تدخل في خانة السليبات الكبرى و من المعرقلات الحاصرة للتوجه الصحيح و انغلاق الطريق ، والعملية المؤدية الى ازدياد نسبة مسببات القلق هو احتكار الثروات و ممتلكات الدولة و تضليل الشعب و تشديد الصراعات و تقويتها بين المواطنين و اثارتها و دعمها من قبل الجهات السياسية، و وجود اشكال من القمع و الاهتمام بتوسيع و تقوية السلطة العسكرية و تدخلها في الشؤون المدنية، و هي من الاخطار الجسيمة الجدية على العملية الديموقراطية و مرتكزاتها و مبادئها العامة . كل تلك الاسباب لن تدعنا ان نصف صورة العراق المستقبلية بدقة تامة، و يمكن ان نقول ان خوف المكونات في محله، لعدم اطمئنان المكونات الاساسية او تاكدها من مصداقية الاخر و نظرته و تعامله مع العراق الجديد، و لم تجد اية جهة النية الصافية من الاخر ايضا، و ترسيخ هكذا صفة اي انعدام الثقة و اعتماد الايديولوجيات و الافكار نافذة التاريخ و بعيدة لحد ما عن الافكار الانسانية الحديثة و التقدمية وانعدام العصرنة في العمل يزيد القلق و التعكير في الرؤية . و هذا ما يحتاج الى عمل النخبة المخلصة المؤمنة بالمباديء الانسانية العامة ومن الخيرين من كافة الاختصاصات، و يجب ان يحس الجميع بصحة تطبيق ما يعلن من الشعارات و الاهداف على الارض و هوما يجب ان يتلمسه عمليا لكي يطمئن على مستقبله .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوضع العراقي الراهن بحاجة الى تعامل خاص
-
من هو رئيس الوزراء العراقي القادم
-
سبل تمدن المجتمع الشرق الاوسطي
-
تجسيد المجتمع المدني مرهون بالنظام السياسي التقدمي
-
الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
-
المماطلة في طرح الحلول على طاولة المفاوضات في تركيا
-
الطبقة الكادحة و المناسبات العامة
-
ظروف العمالة الاجنبية في دول الشرق الاوسط
-
مستقبل اليسار الكوردستاني و مصيره
-
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
-
تجسيد ثقافة المعارضة الصحية اهم من الحكومة
-
أليس التعداد العام للسكان معيار لبيان الحقائق
-
ما العقلية التي تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الفدرالية و
...
المزيد.....
-
-لن تفلتوا منا أنتم ميتون-.. عائلة تتعرض لهجوم -مرعب- من قبل
...
-
هذه الجزيرة البكر تسمح بدخول 400 سائح فقط في الزيارة الواحدة
...
-
اقتلعته الرياح من مكانه.. سيدة تتفاجأ بقذف عاصفة عاتية لسقف
...
-
تحديات تطبيع العلاقات المحتمل بين تركيا وسوريا.. محللان يعلق
...
-
رئيس الأركان الروسي يتفقد مقر قيادة إحدى مجموعات القوات في م
...
-
روسيا.. تعدد الأقطاب أساس أمن العالم
-
أنا ميشرفنيش إني أقدمك-.. بلوغر مصرية تهين طالبة في حفل تخرج
...
-
-نسخة طبق الأصل عن ترامب-.. من هو دي فانس الذي اختاره المرشح
...
-
مقتل 57 أفغانيا وإصابة المئات جلّهم من الفيضانات والأمطار ال
...
-
الحكومة المصرية تنفي شائعة أثارت جدلا كبيرا بالبلاد
المزيد.....
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
المزيد.....
|