أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 10 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..














المزيد.....

الفصل 10 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..


حبيب هنا

الحوار المتمدن-العدد: 2779 - 2009 / 9 / 24 - 03:07
المحور: الادب والفن
    


10

عندما يزورنا بعض الأصدقاء بين فترة وأخرى ، كانت صدورنا تجُلى من معظم الرواسب التي تراكمت بفعل الغاز وتشييع الضحايا ، فننسى همومنا لبضع ساعات ، نمارس فيها حقنا في الحديث عن الموضوعات الإنسانية المختلفة .فبعد وجبة عشاء دسمة ، وأصناف من الفواكه تعرفنا إليها من خلال موسمها ، ينتقل الرجال إلى القاعة الكبيرة ، فيما تبقى النسوة في قاعة الجلوس الأولى .
ولأنني صاحب البيت ، كان لزاماً عليّ بين الحين والآخر الانتقال بين الأرجاء المختلفة من أجل إعطاء تعليماتي حول ما يجب تقديمه من أصناف "المكسرات" بغية التسلية ، لهذا كنت أسمع بعض الكلمات التي لا تتمكن صاحبتها من التوقف ، عندما أصبح على مقربة منها ، ثم ما لبث أن أصبح الأمر عادياً ، لا يسبب أي حرج لأية امرأة تتحدث . وكثيراً ما سمعتهن يتسامرن عن الأخريات … سلوك فلانة هكذا ، وتلك مختلف عن الأولى قليلاً، أما فلانة فتحب فلان ، ولكن أبيها يرفض زواجهما ، ولهذا سمعنا مؤخراً أنها تنوي الخروج عن طاعته ، والذهاب وحدها إلى القاضي الشرعي . في حين كان الرجال يتمازحون متنقلين من الهموم السياسية إلى المهنية ، ومنهما إلى التعليق على أحدهم ، لأنه ينوي الاقتران مرة ثانية من واحدة يكبرها مرتين ..
وعندما يغادرون البيت نبدأ أنا و " لينا " بتأمل الأحاديث التي دارت على مدار السهرة ، نتشاجر حول البعض منها ، ونتفق حول بعضها الآخر ، ومع ذلك ، كنا نشعر بحيوية لا مثيل لها ، تستمر أسبوعاً أو أكثر ، نكون خلالها قد تخلصنا من الهموم السابقة ، ونبدأ بتركيم هموم جديدة ، تتلاءم مع حجم تصاعد المواجهة مع العدو ، وعدد الشهداء والجرحى والمعتقلين ، وآفاق أمل نطمح في الوصول إليه وتحقيقه .. إنه أمل الحرية والانعتاق ..
ومع تصاعد فعل الانتفاضة ، يبتلعني الوقت ابتلاعاً ، ولم أعد معه قادراً على استكمال ما بدأته .. أصحو من النوم ، أغتسل و أهندم نفسي ، ثم أتناول إفطاري واذهب إلى العمل .. أعود منه ، أغسل يدي وأتناول غدائي على عجل ، ثم أنام لمدة ساعة تقريباً، حتى أعيد لنفسي نشاطها .. أصحو من النوم وأتناول القهوة ، وأبدأ في القراءة حتى أرتوي ، عندئذ يكون الليل قد أسدل ستائره أمام وخلف الضجيج وموجات الرصاص والغاز .. أتنـاول وجبة العشاء مع الزوجة والأولاد ، ثم اعتكف في مكتبي وابدأ الكتابة ، حتى وقت متأخر من الليل ، فلا أجد نفسي إلاّ وأنا في جوف الأوراق التي ابتلعت آخر ما تبقى من وقتي ، بما في ذلك بعض الزمن المخصص للنوم والراحة .
وتبقى الأمور معلقة بين أنياب الاحتلال والوقت . فلا أنا قادر على رؤية الاحتلال والصمت ، ولا الوقت المتبقي من زمن المقاومة يكفي لإنجاز الأعمال المتراكمة ، المرحلة عبر الأيام المتواصلة . ومع ذلك ، كنت أرى في قتامة ألوان اللوحة الفنتازية خطوط فضاء تتسلل نفسي من خلالها وأعيش لحظات سعادة ، مغموسة بشفاه مبللة بالنبيذ الأحمر وبارتعاشه " أهزج من طويس " .
أسرق من الحياة بعض نبضها ، تستوقفني ذكريات متفرقة ، تتسلل إلى روحي حزم تأمل تحيل الشكل إلى مضمون ، فأقف مصعوقاً أمام إطلالة الخضراء والوجه الحسن من فوق أكتاف تله ، فيما تبعث المياه المتدفقة من الخرطوم النامي من باطن الأرض الطمأنينة وتداعب الحواس ..
تطل أشجار من كل الأصناف ، تنظر إلى السهل المنبسط الذي يعج بحركة السيارات والركاب داخلها يتوكأون على لحظة المرور من تحت التلة ، فتأخذ أعناقهم بالاشرئباب كما العناق عند الوداع على أعتاب بوابة المطار ، أو كما يكون الحال عندما يرافق مواطن زائراً في جولة سياحية داخل ربوع الوطن ، فيكتشف أن ما يتعرف عليه الزائر سياحياً لم يكن معروفاً للمواطن قبلئذ .. أنطوي على نفسي وأفض بكارة الأسئلة : لماذا نشعر ، أحياناً ، أننا غرباء عن الوطن ، فلا نتعرف على ملامحه ؟ ولماذا عندما نزور أي قطر آخر ، نخوض في تفاصيله ونتعرف على أماكن الجذب فيه ؟ فهل للوطن معنى واحد فقط ، هو الدفاع عنه ؟ أم أن التعرف على مكامن الجمال منه جزء من الدفاع عنه والمحافظة عليه ؟ وكان الوقت لا يتسع لمزيد من الأسئلة في ظل غياب الإجابة المطلقة . وكان " الصارم " قد حضر فجأة فصار من فوره جزءاً من الأحداث الدائرة .. ملأ المكان الشاغر ، وحافظ على المسافة بين الاندفاع والتراجع ، وقرر مستقبل الأحداث منذ اللحظة التي ركب فيها موجة المرحلة ، ووسمها بوسمه ..
وجاء السؤال مجدداً يغوي الإجابة بعد أن احتل " الصارم " مكان الصدارة في الأحداث :
هل الشهداء الذين ذهبوا إلى قبورهم كانوا أحراراً ؟ أم أن التوابيت وضعت في مخابئهم بعد أن أصدر القائد أمراً لم ينفذوه ؟
ووقفنا أمام " ستة" ، مازالت أضرحتهم تذكرنا بالوقت الإضافي الذي احتسبه المفاوض في أروقة لا تتعايش مع الواقع في شيء ، فانحسم الأمر ، وامتلأ الشارع بالمشيعين ، والأعلام الفلسطينية ، وبقايا حلم تبخر ! وأضحى " تقادم العهد يعطي الفاسد طعماً تألفه الأجيال أباً عن جد " فألفنا الخنوع ، وبدأنا نعول على من يقرأ الغيب ، ويرسم ملامح مستقبلنا !
عندها ، أوشكت أن أبكي على أيام عاملتني بقسوة وجفاء ، غير أنني لم أفعل ، فبكيت على نفسي ، لأنني لم أُجْدِ التعامل مع هذه الأيام كي أقرر مصيري .. وبدأت أشق طريقاً مغايراً ، من شأنه التحكم بالمراحل اللاحقة ، وتعليم الأبناء أسباب فشل الآباء !



#حبيب_هنا (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفصل 8 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 7 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 6 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 5 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 4 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 3 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..
- الفصل 2 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...
- الإنتفاضة العشيقة الزوجة ...رواية
- مازال المسيح مصلوبا فصل :9_10
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 16
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 15
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 14
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 13
- فصل من رواية : صفر خمسة تسعة 12
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 11
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 10
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 9
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 8
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 7
- فصل من رواية :صفر خمسة تسعة 6


المزيد.....




- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حبيب هنا - الفصل 10 من رواية الإنتفاضة العشيقة الزوجة ..