|
احتفالات 17 ماي.( مآذن خرساء 38/48)
حمادي بلخشين
الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 16:45
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
من الخارج، كانت تصلني اصوات قرع طبول و نفخ مزامير تؤديها فرقة موسيقى اطفال مدرسة Tøyenالإبتدائية ... في قلبي حزن عميق، و في الخارج مهرجان حقيقي .. في هذا اليوم يحتفل الشعب النرويجي باعظم أعياده على الإطلاق .. ذكري 17 ماي .. يوم الزينة النرويجي ، يوم استعراض الجمال الأنثوي الأخاذ ، في كل منعطف طريق مفاجأة مربكة لا تملك حيالها الا الصبر.." ما أصعب الصوم في الجنة "..." المرأة جوهرة العالم و حسناء الخليقة" لا ادري من قال ذلك، مكسيم غوركي أوغوغول. ــ من أراد أن يقيم في النرويج، فليتخذ زوجة في جمال نرويجية ...أو فليشنق نفسه ! هكذا كان رشيد يقول لي متحسرا بين الحين و الحين.. ـــ لو أهملنا النظر الى نصفها الأعلي، و نصفها الأسفل! فزوجتي مقبولة الجمال! . ـــ رشيد .. توقف ، أرجوك. كنت أعلم ان رشيد لا يقدرعلى طلاق زوجته لأنه لا يحتمل مجرد التفكير في انها ستنام مع رجل غيره. ... رغم وعدها اياه بعدم الزواج مجدّدا، رفض تطليقها . ـــ لو كنت متأكدا من صدقها لطلقتها فورا. لكنني فقدت ثقتي بها بعد ان اكتويت بنار كذبها .
حين نظرت من النافذة طالعني اطفال باكستانيون و صوماليون وهم في كامل زينتهم، كانوا يهرعون مع آبائهم و أمهاتهم لشهود الإحتفالات النرويجية، الكل كان يحمل أعلاما و مزاميرو بالونات زرقاء و بيضاء و حمراء .. بالوان العلم النرويجي ... من شرفة الطابق الرابع حيث تقطن" أيرا " الرهيبة صاحبة الكلب اللعين تدلى علم نرويجي كبير، حين تطلعت الي العمارة التي يشغلها الطلبة لاحت لي أعلام كثيرة تتدلى من كل شرفة . هنيئا لرشيد، لقد استراح من زوجة بغيضة و نفس مريضة، و بلد عدائي، وذاكرة مثقلة بالهموم ، وغد لا يعد بغير الخيبات، بعد اسبوع ستكون قد مرت اربعة اشهر على وفاته. ليتني كنت اقدر على الذهاب الى الجزائر و زيارة قبره، سيقع ايقافي في المطار ثم الزج بي في السجن في انتظار تسليمي الى تونس ،كان رشيد يخاف ان تدركه الشيخوخة في النرويج فتجتمع عليه الغربة و المرض و الوحدة و الكآبة . نهاية رشيد لم تكن منتظرة...
سوف لن اخرج هذا اليوم. منذ تسعة عشر عاما، غدت ذكرى 17 ماي يوم حداد و اعتكاف في البيت . هذا عيد لا يخصني ولا يعنيني... فرحي في يوم 17 ماي سيكون مجرد خيانة وطنية محضة . 17 ماي عيد شعب يحتفل بامنه ورفاهيته... ما شأن شخص مثلي بشعب يحتفل بناديه الخاص و المحرم على غيره من شعوب العالم الثالث؟. في اول اقامتي في بلاد الفايكنج، وحين فاجأني 17 ماي بين النرويجيين. أحسست انني دخيل. لم يكن لوجودي بين الرؤوس الشقر المنتشية بعيدها اي مغزى، كنت مجرد كائن غير متجانس ، مجرد مخلوق قذفه كوكب آخر .هم مبتهجون و انا مكتئب ولا عزاء لي ، كل ما كانوا يرونه مدعاة للبهجة كنت أراه سببا للتعاسة ، لم تكن تجمعني بالحشود النرويجية الهادرة غير ظرفي المكان و الزمان. اما المشاعر فمتباينة الي حد التناقض . " ان الناس في شوارع المدن العربية ليسوا سعداء و ليسوا مرتاحين، وهم يمشون، كان شيئا يطارهم، وجوه جامدة صامتة و طوابير طويلة من الواقفين ... باختصار، التوتر يغطي الشارع. توتر شديد تتوقع ان يتقطع في أي لحظة. هذا التوتر يجعل الناس يتبادلون نظرات عدوانية... الناس صامتون لا يتحدثون و لكننا نسمع صرخة من خلال ذلك الصمت الخانق صرخة تخبر عن نفسها بوضوح و قوة . تحت ظروف غياب العدالة الإجتماعية، تتعرض حقوق الإنسان للخطر، و لذلك يصبح الفرد هشا و مؤقتا و ساكنا بلا فعالية، لأنه يعامل دائما بلا تقدير لقيمته كانسان ...استغرب باستمرار لماذا يستعملون كلمة الديمقراطية كثيرا في المجتمع العربي ؟ الخوف و الترقب يسيطران على الجميع... عندنا في اليابان نحاول ان نوضح اسباب الخوف و ما وراء الخوف، و الظروف التي تحتم الخوف، كي نتغلب عليه سويا، المهم لا يوجد عندنا الشخص الذي يهدد الناس و يخيفهم ليحقق منفعة شخصية، و لكن في البلدان العربية يوجد الخوف الذي يستفيد منه بعضهم، و يوجد اشخاص كثيرون يستغلون خوف الناس، وهذا كله مرتبط بغياب العدالة الإجتماعية في البلدان العربية . ما اريد ان اؤكد عليه ان مواجهة الخوف مختلفة اختلافا كبيرا بين اليابان و البلدان العربية " هذا ما خطته يد الكاتب الياباني نوبوكي نوتوهارا.
الإستقلال اكبر كذبة في بلادنا.. ذهب عساكر فرنسا و انكلترا وايطاليا، وعوضتهم عشرات الشركات المتعددة الجنسيات.. امبراطوريات تجارية ذات نفوذ غير محدود " مبيعات اكبر 200شركة تجاوزت مداخيل اقتصاديات 182 دولة من مجموع دول العالم ما عدا اكبر 9 دول. ... وصل دخل 182 دولة مستوى 6،9 تريليون دولار بينما مبيعات اكبر 200 شركة وصل الى 7،1 تريليون دولار. تجاوز مجال عمل الشركات المتعددة الجنسيات ليتسع الى العمل على التاثير على القرارات السياسية و ثقافة الناس و طرائق عملهم، مماجعل كثيرا من الإقتصاديين والمهتمين بظاهرة هذه الشركات يخلص الى انها نوع من الإستعمار باسلوب يناسب وعي الشعوب و تطورها ...و الشركات المتعددة الجنسية كانت و مازالت تقوم بنفس الأدوار من حيث القيام بمهام دبلوماسية و مغامرات سياسية تتوافق أو تتضارب فيها مصالح هذه الشركات مع النظم الحاكمة في الدول التي تعمل بها. و اذ كانت الخمسينات و الستينات و السبعينات قد حفلت بكثير من الحوادث مثل الدور التي قامت به شركة ITT في احداث 1972 في الشيلي التي ادت الي سقوط نظام سلفادور اللندي ذي التوجهات الماركسية، أو العمل الذي قامت به BPعام 1953 في اسقاط حكومة مصدق في ايران الذي امم مصافي النفط و آباره أو العمل الذي قامت به اكسون وغيرها في دول امريكا اللاتينية. في السنين الأخيرة شهدت احداثا مماثلة في نوفمبر 1995 أعدمت الحكومة العسكرية في نيجيريا تسعة معارضين منهم الكاتب كن Kenسراويو الذي سبق له و ان انتقد شركة شل لأنها تحقق ارباحا من انتاجها في البترول في منطقة يسكن بها شعب اوجوني OGONI في حين تتعرض حياة 500 الف شخص للخطر من جراء التلوث ... في مجلة ملتناشيونال مونيتر MM في عددها الصادر في يوليو اغسطس1996 سألت المجلة الدكتور اوين كن شقيق كن نذن شل هي التي تحكم و ليست العساكر؟ فاجاب نعم شل بطبيعة الحال هي التي تحكم فعلا هذا معروف جدا أنه يمثل نموذج تصرف شركات النفط المتعددة الجنسيات مع الديكتاتوريات العسكرية فهم الذين يصدرون الأوامر و الديكتاتوريون مجرد قناع و شل هم الرجال الفعليون داخل تلك الأقنعة .. نسبة كبيرة من الفساد المنتشر في دول العالم الثالث هو من صنع الشركات المتعددة الجنسيات التي تتركزمقارها في الدول النامية و تعمل على تقديم رشاوي لمسؤولي الدول المتخلفة من اجل الفوز بصفقات ... لم يعد هناك مجال للنقاش حول الدور السلبي الذي تقوم به هذه الشركات في تلويث البيئة و تغيير كثير من معالم المناطق ذات الطبيعة الخلابة مثل الغابات في امازونا وفي امريكا اللاتينة و في افريقيا .. من اجل ان تنتج هذه الشركات سلعها وخدماتها باقل الأثمان فانها تستغل ظروف الفقر في كثير من البلدان النامية . ذكرت الأكونوميست في احد اعدادها الصادر في يوليو 1991 ان الحذاء الرياضي الذي تبيعه نايك في امريكا ب 150 دولار يتم صنعه من قبل امراة اندونيسية تتقاضي 58 سنتا !" ما تتركه الشركات المتعددة الجنسيات ياتي عليه صندوق النقد الدولي و البنك و الدولي و منظمة التجارة العالمية . حين فتحت التلفزيون وصلني صوت المذيعة الحسناء....".. أكد زير الطاقة الإيراني أن بلاده لن ترضخ لتهديدات مجلس الأمن وانها ستستأنف العمل للحصول على سلاحها النووي" ها هو الكهنوت الشيعي يسعى الى امتلاك السلاح النووي رغم تصريح الرئيس الإيراني في خطاب القاه في السنة الفارطة امام الجمعية العامة للإمم المتحدة أن مبادئ الإسلام تمنع امتلاك سلاح نووي! كما صرح لصحيفة خليج تايمز لإماراتية ان ديننا يحرم علينا امتلاك اسلحة نووية! وحظر علينا مرشدنا الأعلى ذلك من وجهة نظر دينية ....رجعت الى قناة إقرا ..وصلني صوت المشرف على البرنامج : ـــ الرجاء تخفيض صوت التلفزيون .... أعيدي السؤال من فضلك. ـــ منذ اسبوع ضربني زوجي فلجأت الى منزل أبويّ. حينما سأل والدي زوجي عن سبب ضربه لي. قال له : لا يجوز لك ان تسألني لم ضربت زوجتي. لأني غير مطالب بالإفصاح عن ذلك ! فهل يجوز له ذلك؟ تنحنح الكاهن السلفي ثم أجاب: ــ نعم يا ابنتي، لزوجك الحق في ضربك، كما له الحق ايضا في عدم إخبار والدك عن سبب ضربه لك... والدليل الشرعي قول الرسول: لا يسأل الرجل فيما ضرب زوجته...السؤال الموالي... وددت لوان الكاهن السلفي كان امامي.. كنت سابطحه ارضا ثم اضربه حتى يصبح مثل خرقة بالية . "اظهرت احصائيات حديثة ان العنف الزوجي و العائلي يشكل في اروبا السبب الأول في الوفيات و الإصابات الجسدية و التشويه الخلقي لدى الفتيات و النساء بين 16و 44 عاما و ياتي حتى قبل السرطان و حوادث السير"
يتبع
#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الكهنة السلفيين( مآذن خرساء 37/48)
-
في شقة رشيد (مآذن خرساء 36 /48)
-
عدوّ !!
-
سخافة !!
-
إشكال
-
وضع اسلامي قابل للإنفجار.(مآذن خرساء 35/48)
-
إعتقال رشيد (مآذن خرساء 34/48)
-
كلاب و رجال ( مآذن خرساء 33/48)
-
ديمقراطية الغرب إسم بلا مسمّى .( مآذن خرساء 32/48)
-
الإخوان صنيعة بريطانية ( مآذن خرساء 31/48)
-
الإخوان المسلمون.( مآذن خرساء 30/48)
-
ظروف معرفتي برشيد (مآذن خرساء 29/48).
-
اكتشاف موت رشيد ( مآذن خرساء 28/48)
-
في طريق المطار ( مآذن خرساء 27/48)
-
حديث عن السنة و الشيعة ( مآذن خرساء 26/48)
-
ايها الغرب الدامي لا حاجة لنا بالمقرحي
-
مع جواد، جاري الشيعيّ ( مآذن خرساء 25/48)
-
تزويج نونجة (مآذن خرساء 24/48)
-
عمل المرأة ( مآذن خرساء 23/48)
-
عماد مبلّغا (مآذن خرساء 22/48)
المزيد.....
-
مصر.. كيف تأثرت القيمة السوقية لشركة حديد عز بعطل في مصنع؟..
...
-
تونس.. البرلمان يصادق على فصل يهم التونسيين المقيمين بالخارج
...
-
جميل ولكنه مؤذ.. مقتل 5 أشخاص إثر تساقط الثلوج في كوريا الجن
...
-
اعتذار متأخر: بوتين يعبّر عن أسفه لميركل بسبب حادثة الكلب
-
أردوغان: مبادرة بايدن الجديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة م
...
-
السودان.. وفاة 4 أشخاص جوعا في غرب أم درمان
-
سحب ملحق إلكتروني لـ-ساعة آبل- من الأسواق بعد اكتشاف عيب خطي
...
-
المغرب - إسبانيا: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات من المغرب بطائر
...
-
قاذفات بي-52 الأمريكية الضخمة تحاكي قصف أهداف معادية في المغ
...
-
تونس: قيس سعيّد يشدد على أهمية إيجاد نظام قانوني جديد لتحفيز
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|