|
قراءة في مقال: هل الذهنية العربية تقبل ثقافة التغيير والديمقراطية؟ للسيد زارا مستو
عبد القادر أنيس
الحوار المتمدن-العدد: 2775 - 2009 / 9 / 20 - 03:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السؤال الكبير الذي تضمنه عنوان المقال، أغراني فانطلقت في قراءته راجيا أن أجد الجواب الشافي، ولكني وصلت إلى النهاية وبقيت على ظمئي نظرا للتردد الذي طبع الإجابة عنه من طرف الكاتب. إذا كان الجواب بـ لا، أي أن الذهنية العربية لا تقبل ثقافة التغيير والديمقراطية، فسوف نجد أنفسنا مجبرين على طرح سؤال آخر والإجابة عنه: لماذا لا تقبل الذهنية العربية ثقافة التغيير والديمقراطية؟ وقد ورد في مقال الكاتب ما يدفع إلى هذه النتيجة، عندما كتبت: (يبدو أن الذهنية العربية برمجت وعلّبت على أسس الاستبداد والتحكم والإلغاء والإقصاء والخرافات والأساطير التي مضى عليها الزمن). وأي شعب هذا حاله، فإنه من الصعب تغييره إلا إذا تم تفكيك هذه البرمجة. وعندما نجيب بنعم، فسوف نجد أنفسنا مرة أخرى مجبرين على طرح سؤال آخر والإجابة عنه: إذا كانت الذهنية العربية تقبل ثقافة التغيير والديمقراطية فلماذا لم يظهر ذلك في واقع الحال؟ ولماذا هذا الانسداد المزمن الذي طال أمده؟ ولماذا هذا العجز الشامل في مواكبه العصر وفي حل مشاكل التنمية من تربية وتعليم وأمن غذائي ومائي ودوائي..؟ وقد فتح الكاتب بابا للتفاؤل عندما قال: (لقد استطاعت بعض شعوب العالم أن تقفز خطوات كبيرة في مواكبة التغيير والتطور في المجالات عامة منذ عصر التنوير) ثم قال على لسان أدونيس: ("... ليــس التخلّـــف قـــدَراً. والنهــوض، إذا كان معجـــزة، فإنّ هذه المعجزة قد حققتها شعوب لم تكن في ماضيها أعظم من العرب...) وأخيرا حاول الإشارة إلى طريق الحل فكتبت: (إلا أن القوى العلمانية الديمقراطية الحالية تستطيع أن تلعب دوراً مهماً في رسم خريطة جديدة للذهنية العربية، وبلورة مشروع ديمقراطي حضاري يستوعب الفئات كلّها، ويعترف بالآخر دون إقصاء أي أحد، ويعترف بحقوق الإنسان). فأنا معك إلى حد ما، نعم وحدها القوى العلمانية الديمقراطية قادرة على القيام بهذه المهمة وهي وحدها المطالبة بالنهوض بمهمة تجاوز هذا الانسداد عبر (رسم خريطة جديدة للذهنية العربية، وبلورة مشروع ديمقراطي حضاري) ولكن كيف لهذا المشروع الديمقراطي الحضاري أن (يستوعب الفئات كلّها، ويعترف بالآخر دون إقصاء أي أحد)؟ هل يمكن مثلا لهذا المشروع الديمقراطي الحضاري العلماني أن يستوعب كل القوى دون إقصاء أحد؟ هل يسمح هذا المشروع بضم القوى القومية الفاشية التي مارست الاستبداد والقمع وأوصلت بلداننا إلى هذه المآزق تحت شعار عفا الله عما سلف؟ هل يسمح هذا المشروع بضم القوى الرجعية الظلامية التي تكفر الديمقراطية والعلمانية وتمارس الإرهاب الفكري والمسلح؟ هل يمكن لهذا الخليط الهجين المتنافر العناصر أن ينجح ويسير نحو الأمام بينما تعتبر قوى واسعة فيه المثل الأعلى في الماضي البعيد، في دولة خرافية أسسها ذات يوم، قبل خمسة عشر قرنا أسلاف يصفونهم بالعصمة ويصفون الأفكار التي أنتجوها لمواجهة واقعهم بأنها مقدسة وصالحة لكل زمان ومكان وأننا ملزمون بها إلى الأبد لأنها منزلة من علي قدير لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وما على المؤمنين المسلمين (وليس المواطنين) إلا الخضوع لأولي الأمر القوامين عليهم وطاعتهم في السراء والضراء، وأنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، وأنه لا اجتهاد مع النص؟ بينما جانب آخر، تمثله القوى الديمقراطية العلمانية، يرى مثله الأعلى في الدولة الحديثة كما بنتها الحضارة الإنسانية الحديثة وأثبتت جدارتها وقدرتها على حل مشاكل التنمية وأتاحت الفرص للجميع، بوصفهم مواطنين كاملي الحقوق، للمشاركة في حياة الأمة وتقرير مصيرها، على أن يحتكم الجميع إلى مواثيق ودساتير وضعية ليست مقدسة، وتحتكم حكوماتهم بصفة دورية محددة للشعب ليكافئها أو يعاقبها فيزيحها أو يثبتها، وبوسع أي مواطن نقدها وبوسع ممثلي الشعب المنتخبين بكل حرية وضع القوانين وتعديلها أو تحسينها أو إلغاؤها حسب ما تمليه الظروف والحاجات. هل نثق في الإخوان المسلمين، مثلا، ونتعامل معهم كقوى ديمقراطية ونباشر معهم انتخابات حرة ونزيهة ونحن نعرف أن مشاريعهم كلها تتمحور حول بناء الدولة الإسلامية التي تفرض تطبيق الشريعة الإسلامية المتخلفة التي لا تعترف بالمواطنة الكاملة للجميع، فتهدر كرامة المرأة وأهليتها وتفرض عليها قصورا أبديا، وتحكم على غير المسلم (الذمي) بدونية أبدية، كما لا تعترف بالحق في الاعتقاد والتعبير والتفكير، وتحكم بتكفير المخالف والملحد والمشكك وحتى منتقد الشريعة الإسلامية؟ يقيني أن هذا المشروع الحضاري الديمقراطي العلماني إذا لم يضع نصب عينيه ضرورة هزيمة أعدائه في معركة مصيرية على كل الجبهات ضد قوى الظلام والأصولية والقومية الشوفينية العنصرية وتحرير العقول من هيمنة الدين والخرافات والمطالبة بحقوق الإنسان الذي يعني المرأة والرجل والطفل كمواطنين متساوين مهما اختلفوا في أعراقهم وأديانهم وطبقاتهم الاجتماعية، إذا لم يفعل هذا فلن يكتب له النجاح وسنظل ندور في حلقة مفرقة، كما فعلنا إلى حد الآن وستكون الإجابة على السؤال سلبية طبعا. في الأخير لا بد أن أنوه إلى أن المقال في حد ذاته اشتمل على أفكار كثيرة جديرة بالاهتمام. ولمن شاء العودة إليه ها هو الرابط: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?t=0&userID=0&aid=185184
#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولنا إسلامية بامتياز
-
شامل عبد العزيز بين الإسلام والعلمانية
المزيد.....
-
الجيش الباكستاني لـCNN: أسقطنا طائرتين تابعتين لسلاح الجو ال
...
-
موسكو لكييف: سنرد على أي خرق لهدنة النصر
-
-لا يمكن حظر 10 ملايين ناخب-.. ميرتس يعلق على إمكانية حظر حز
...
-
مشاهد لانفجارات في إقليم البنجاب بعد إطلاق صواريخ هندية
-
ترامب: سمعنا للتو عن ضربات هندية على باكستان وهو أمر مخزٍ
-
الخارجية الأمريكية: لا يمكن انتظار تحقيق تقدم في تسوية الأزم
...
-
نصائح مفيدة لإطالة العمر
-
الصين.. روبوت يخرج عن السيطرة و-يهاجم- مبرمجيه! (فيديو)
-
بعد 14 عاما من التوقف.. طائرة تابعة للخطوط الجوية الملكية ال
...
-
رئيس الوزراء الباكستاني يدعو مجلس الأمن القومي الباكستاني لل
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|