أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل تغيّرت العقلية العربية بعد 11 سبتمبر؟















المزيد.....


هل تغيّرت العقلية العربية بعد 11 سبتمبر؟


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 22:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


-1-

حلَّت يوم الجمعة الماضي الذكرى الأليمة الثامنة لكارثة 11 سبتمبر التي كُتب عنها خلال السنوات الثماني الماضية كماً هائلاً من المقالات والتعليقات والبحوث العربية وذلك لعلاقتها الوثيقة بالعرب والمسلمين.

فهل تغيرت معطيات العقل العربي السابقة لهذه الكارثة أم بقيت على ما هي عليه رغم أثر هذه الكارثة العظيم على التاريخ البشري المعاصر بحيث لم تبق دولة من الدول ولا شعب من الشعوب إلا وتأثر بهذه الكارثة من قريب أو بعيد؟

لقد كانت كارثة الحادي 11 سبتمبر 2001، امتحاناً كبيراً للعقل Reason السياسي العربي الذي غاب في هذا المناسبة ولعبت الدور المطلوب بدلاً منه العقلية Mentality السياسية العربية ، وليس العقل العربي .

فعناصر تكوين العقلية العربية جاءت من الأساطير، والخرافات، والشائعات، والأحداث التاريخية غير الموثقة، والتدين الشعبي. وهذه العقلية هي التي تتحكم بالقرار العربي منذ زمن طويل وحتى الآن. وهذه العقلية هي التي تثير العواطف وتؤججها، ويستعملها كثير من الكتّاب لإرضاء الجمهور ونيل استحسانه. في حين العقل يبقى الأداة الناقدة والمحاسبة، والدليل إلى الحقيقة والواقعية.

وانتظر العالم من العقل العربي كيف سيتصرف في كارثةK بدت خيوطها الأولى وفي أيامها الأولى تقول أنها نُسجت في حواضر المسلمين والعرب، ونفّذها عرب مسلمون كذلك.

-2-

لقد تغيّر العالم، وتغيّر عقل العالم، بعد كارثة 11 سبتمبر 2001 ، ولم تتغيّر العقلية العربية. وظلت العقلية العربية محافظة على ثوابتها "المكينة" السابقة، بعد هذه الكارثة، كما كانت قبلها، والتي تتلخص في:

- عدم الفصل بين النقمة على الحكومات والانتقام من الشعوب.

- اعتبار النقمة على الحكومات من قبل الغرب انتقاماً من الشعوب.

- المناداة بقوة عسكرية عربية/إسلامية بديلة، للقيام بفضِّ المنازعات الإقليمية، بدلاً من الغرب الكافر.

- الإيمان بوجود صراع حقيقي بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية. ولا أدري أين هي الآن الحضارة الإسلامية؟

- الاعتقاد بأن الغرب يسعى جاداً إلى هدم الإسلام، وعلينا جميعاً الوقوف بوجه الغرب للحيلولة دون ذلك. فهل الإسلام مجرد حائط متهالك ؟

- الاعتقاد بالخرافات السياسية. وكانت من مظاهر هذه المكابرة وهذه الخرافات السياسية ما يلي:

1- القول أن "طالبان" ومَنْ معها مِن بعض "العُربان الأفغان"، قاموا بإنجازات لم تسبقها إليها الأنظمة الأفغانية السابقة.

2- القول أن "طالبان" ومَنْ معها مِن بعض "العُربان الأفغان" قد قاموا بتطبيق الشريعة الإسلامية النقية والصحيحة في أفغانستان، كما لم يسبق لها أن طُبقت منذ نهاية عهد الخلفاء الراشدين إلى الآن.

3- القول أن "طالبان" ومَنْ معها مِن بعض "العُربان الأفغان" كانـوا من أطهر الأنظمة السياسية الإسلامية والعربية الموجودة على ساحة العالم العربي والإسلامي الآن.

4- القول أن "طالبان" ومَنْ معها مِن بعض "العُربان الأفغان"، قادرون على هزيمة أية إمبراطورية تقوم بقتالهم، كما سبق وتمَّت هزيمة الإمبراطورية البريطانية والإمبراطورية السوفيتية من قبل.

-3-

إن الذين تظاهروا في الشوارع العربية أمام كاميرات التلفزيون فرحاً وغبطة، دون خجل أو عقل، عشية كارثة 11 سبتمبر 2001 هم جزء من العقلية العربية السائدة الآن، مهما حاولنا تبرير ذلك أو نفيه في بعض الأحيان. وكان لدى العقلاء الأمريكيين الحق عندما قالوا لنا على لسان إدوارد ووكر، رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن في مقاله "رسالة مفتوحة إلى أصدقائي العرب":

"هل نبتهج في الشوارع عندما يُقتل الفلسطينيون أو غيرهم من المدنيين العرب، كلا. فلكم كل الحق أن تنتقدوا سياساتنا، لكن ابتهاجكم السمج لا يساعدنا إطلاقاً على التخلص من السياسات التي تنتقدونها بقوة وبأعلى أصواتكم." (جريدة "الحياة"، 14/9/2001).

فهل أفلس العقل العربي في معالجة مشاكله السياسية، ولم يعد لديه من سلاح يستعمله إلا سلاح الفقراء وسلاح الضعفاء، وهو ما أُطلق عليه "إرهاب الفقراء" أو "إرهاب الضعفاء"، كمسوّغ زائف لكارثة 11 سبتمبر 2001؟

ولكن الضعف هنا ليس القوة إلا من باب الاستعارة، ولا يمكن تحويل القوة إلى ضعف أو الضعف إلى قوة من خلال عمليات إرهابية على نحو ما جرى في 11 سبتمبر 2001.



فالقوة لا تتحول إلى ضعف إلا بإزالة الأسباب التي صنعت القوة. والضعف لا يتحول إلى قوة إلا بالأخذ بالأسباب التي صنعت القوة.

-4-

إن كثيراً من الحقائق الأولية لكارثة 11 سبتمبر 2001 قد قفز عليها كثير من الكُتّاب والمحللين العرب، ليقدموا لنا تحليلات قريبة من الخرافة. وأن جملة التحليلات العربية كان يتأرجح بين النـزعة العاطفية التي تحجب العقل من ناحية، وبين الخضوع لـ "نظرية المؤامرة"، و "نظرية الفخ"، و "نظرية صدام الحضارات" وغيرها من النظريات الهلامية من ناحية أخرى. بحيث تتحول المناقشات إلى مجادلات شخصية عقيمة لا تحرم الجمهور من التنوير والوعي فحسب، بل تشحنه إلى الاتجاه المضاد للعقل والمنطق والفهم العلمي للأحداث"، كما قال محمد الرميحي في مقاله (الكارثة الأمريكية والإعلام العربي، "الحياة"، 3/10/2001).

-5-

إن العقلية العربية مولعة بـ "سحر البيان". بل إن معجزة العقلية العربية الكبرى هي "سحر البيان". وهي لا تتوانى عن تشغيل هذه الآلية السحرية في كل مناسبة من المناسبات الكبرى، وفي كل حادثة من الحوادث الجسيمة، ومنها كارثة 11 سبتمبر 2001. فالعقلية العربية في هذه الحادثة خطبت الخطابات النارية، واستعادَت أمجاد العرب من هاشم بن عبد مناف إلى أسامة بن لادن. ودقَّت أجراس الحرب، وأعلنت أن الصليبيين قادمون، وأنهم يطرقون أبواب مكة المكرمة والمدينة المنورة وبيت المقدس، إلى درجة أزعجت أصدقاء العرب من المفكرين والسياسيين الغربيين الذين قالوا للعرب : يا ناس ليس هكذا تورد الإبل!

وقالوا مرة أخرى على لسان إدوارد ووكر في مقاله (رسالة ثانية إلى أصدقائي العرب، "الحياة"، 16/10/2001): "نريد منكم التعبير عن شكواكم السياسية ولكن ليس بالصياح. تجنبوا البلاغيات والروح السلبية. واقترحوا علينا السُبل البنّاءة لتناول قضاياكم."

فهل قدّمت العقلية العربية حيال كارثة 11 سبتمبر 2001 موقفاً سياسياً أو فكرياً جديداً يختلف عن المواقف السياسية والفكرية التي اعتادت أن تقفها في الماضي، عندما تواجه مثل هذه الكوارث، أو مثل هذه الأزمات السياسية الكبرى؟

وهل تغيّرت القناعات العربية القديمة، وطريقة التفكير العربية القديمة القاصرة عن استبطان الحقيقة استبطاناً معرفياً وعقلانياً سليماً؟

فلا عجب إذن، وحال العقلية العربية على هذا النحو من التردي والاستسلام للخرافات والأوهام واستنباط الحقائق من خلال سُحب البخور وسطور التمائم، أن نكتشف أن "تفكيرنا يصنع الفضائح والكوارث بقدر ما ينسج من الجهل والوهم والخداع"، كما قال المفكر اللبناني علي حرب في مقاله (سقوط "طالبان" أو الأكذوبة والفضيحة والكارثة، جريدة "السفير"، 18/11/2001).




#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المصير العربي بين لغة الأرقام ولغو الكلام
- لماذا سيكون المستقبل العربي مظلماً وقاسياً؟
- معاني ودلالات عودة الإرهاب للعراق
- مَنْ الذي لا يريد السلام : سوريا أم إسرائيل؟
- العربي.. ذلك الإنسان المعذَّب أبداً!
- نواقيس.. نواقيس.. ولا من مجيب!
- دعوة القومية العربية بين الأصالة والتغريب
- هل أخطأنا في دعمنا للعراق الجديد؟!
- إيران من الثورة الخمينية إلى الثورة النجادية
- إيران.. الثورة تريد خبزاً
- الشعبان الفلسطيني والإسرائيلي أمام تحديات السلام
- لماذا رحَّبت وفرحت إسرائيل بنجاح نجاد ؟
- هل أصبحت أمريكا الدولة الإسلامية الخامسة والأربعين؟
- ما حال الإسلام لو لم تظهر السلفية الجهادية؟
- فلسطين بين فكي الأصولية الإسلامية واليهودية
- هؤلاء القراصنة: نظرة مغايرة
- قمة العشرين.. هل هي نظام عالمي جديد؟
- تركيا: نافذة أوباما على العالم الإسلامي
- التحالف الإيراني – الإسرائيلي الخفي
- قطوف الديمقراطية العراقية الدانية


المزيد.....




- بيونسيه تتوج مسيرتها بجائزة طال انتظارها ونانسي عجرم تطوي صف ...
- فرنسا: هل ينجو بايرو من حجب الثقة؟
- أمريكا - إسرائيل: أي حدود للتحالف بين ترامب ونتنياهو؟
- بعد تبرعه بـ 100 مليار دولار للأعمال الخيرية، هل يترك بيل غي ...
- شتاينماير يطالب من الرياض بإطلاق الرهائن وبتطبيق حل الدولتين ...
- -مازلت متعطشا-.. نوير مستمر في حراسة عرين بايرن ميونيخ
- ترامب يعلن رغبة بلاده في الحصول على المعادن من أوكرانيا مقاب ...
- -زومبي من أجناس متعددة-.. زاخاروفا تعلق على عدم قدرة أوروبا ...
- رئيس البرلمان البولندي يدعو أوروبا لتقليص الاعتماد على الولا ...
- بيسكوف: لا يوجد أي تقدم في عملية تنظيم لقاء بوتين وترامب


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - هل تغيّرت العقلية العربية بعد 11 سبتمبر؟