فطين عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 14:00
المحور:
حقوق الانسان
قال صلى الله عليه وسلم " أفضل الصدقة صدقة في رمضان ".
البشر يحبون المال وإنفاقها لله طاعة مالية .
الابتسامة هي أجمل الصدقات المعنوية
يفتخر التاريخ الإسلامي بالانتصارات الإستراتيجية التي حققها المسلمون في عصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح خلال شهر رمضان الفضيل , وعلى رأسها غزوة بدر , فتح مكة والأندلس و عمورية , وبلجراد معركة الزلاقة وحارم وعين جالوت ومرج الصفر والعاشر من رمضان .
كان المسلمون يحاربون في الصحراء الحارقة بسيوفهم وإيمانهم , فيسجلون أهدافهم الجهادية غير مكترثين بالتضاريس وحرارة الجو وكثرة العدو وتجهيزاته وعيونه , كأنهم عرفوا اللمسات السرية المباركة التي يضفيها رمضان لجيشهم ويسلبها من عدوهم .
نهاية رمضان كانوا يعدون برنامجا للعبادات وخطط العمل, ويختموه بتوزيع زكاتهم وصدقات فطرهم, وكأنهم أرادوا تعقيم وتطهير صومهم تأكيدا للآية الكريمة ""خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم"" وقوله صلى الله عيهم وسلم ""إن في الجنة غرفاً يُرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها، قالوا: لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام، وصلى والناس نيام"".
أقارنها مع البرامج المخجلة لحال مسلمي اليوم , مئات الأصناف الغذائية من حلويات ومشروبات ومخللات إلى السوق تخاطب بطوننا , ابتلعوني قبل أن ينتهي شهركم , بعض التجار يصرّفون كامل بضاعتهم الفاسدة قبل الصالحة في رمضان متناسين الحديث الشريف " من غش فليس منا ".
الشياطين الفضائية تعسكر مع موعد الإفطار وتصل ذروتها وقت التراويح فالمخرجون والمنتجون والمهرجون وجدوا في عيون الصائم الذي أتخمة الإفطار جذبا لأفلامهم ومسرحياتهم وهلوستهم .
رمضان تتدافع فيه ربات البيوت لالتهام أي وصفة طبيخ جديدة لتثبت أنها مبدعة في تعاملها مع البطون , وتبدأ فعاليات السلق والقلي والشوي والطبخ والنفخ قبل الإفطار بساعات وتتواصل حتى السحور .
رمضان الشهر الذي تنزل فيه القران كانت عيون الخاشعين تبكي رحيله وتتوسل إليه التريث , أصبحنا نتذمر أنه طويل ومتعب فقد اشتقنا للسيجارة والشاي والقهوة والمتّي , دون أن ندرك حكمة الجوع , لياليه أصبحت كأي ليله علما أن الله اختصها وميزها وتوّجها بليلة القدر .
الأجسام الخاملة المتثائبة بكروشها المنتفخة بالمعلبات والغازيات والنكهات المضافة والعصيرات الملونة ومشويات الميكروويف والشوكلاتات والفاست فود , كلها جعلت من جسدنا ودماغنا عنصر مضغ وطحن والنهاية أجسام هزيلة مستسلمة بلا حروب وغزوات ومعارك .
الانتصارات كان غذاؤها القران والإرادة والثقة بالنصر الرباني, اليوم ملايين المسلمين يتضرعون إلى الله في المواسم ويستريحون أحد عشر شهرا حتى يستكملوا شحذ حناجرهم .
الله يعاقبنا لكثرة الفسق والعقوق وزوال البركة والاعتماد على غير الله حتى أصبح الإنسان يتقاتل مع نفسه, كان المسلم فطوره حبة تمر يحمد الله بعدها ألف مره, اليوم مطابخنا فيها أكياس التمر ولا تشبعنا, وتفكيرنا تأمين طعام سنة قادمة ؟؟
رمضان البركة الأصيل انسحب بمدفعه وفانوسه ومسحراته وترك الجوالات تطنطن في طبلاتنا وكهرباء تلسع عيوننا وجيوبنا والويل لمن يصيح ونحن نيام اصح يا نايم وحد الدايم !
رمضان يمقتنا لأن قراءتنا للقران بغير روية ودراية ونعبر آياته وصوره ونتباهى أننا ختمنا المصحف عشرين مرة دون أن نطبق آياته أو نتأمل حروفه وسكناته ومواطن إعجازه وبلاغته .
المصحف المحفوظ في القلوب والمكتوب على الرقاع وسعاف النخيل بمداد الفحم الأسود كان يفجر الرحمة في القلوب وبه حكم المسلمون العالم بفتوحاتهم واكتشافاتهم وتجارتهم أما اليوم فالقران على السيدهات والكمبيوترات والجوالات والبراويز وبطاقات الدعاوي ورغم ذلك الدنيا كلها تستعبدنا.
فريضة صدقة وزكاة الفطر بالله عليكم اجعلوا لها بريقها واحتراما , لا تتخلصوا منها بدفعها لأي متسول أو عابر طريق , بعض الشحاذين يعتبرون التسول بزنس وحتى أكياس الأرز الصغيرة التي تصلهم يبعوها ثانية بأبخس الأثمان وبعض عابري الطريق يشترون قنابل لتدمير البشر , ثم تذكروا أنه من الأفضل إخراجها طعاما من قوت البلد وليس نقدا لما ورد في الحديث "
فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ " .
نقّبوا عن المحتاجين والعائلات المستورة من جيرانكم وأقاربكم وأبناء بلدكم , تلذذوا واستمتعوا بالسؤال ضمن السرية في إنفاق صدقة الفطر في أنسب مواضعها , لا تمنحوها لأحد مجاملة ونفاقا ورياء , ولا تعتبروها مبلغا زهيدا تافها فينزع الله منه البركة .
فهي طعمة للمساكين لما ورد في الحديث الشريف " من فطر صائما فله مثل أجره " ومن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة و من أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " .
اللقمة بين أسنان الفقير لها لغة غير كل اللغات واللكنات , فلنحاورها بلطف وأدب.
المسلمون الذين لم يجدوا فقراء في دولهم أزكّي لهم توزيعها في المخيمات الفلسطينية المحقونة بالمفاوضات, عافانا وإياكم الله.
#فطين_عبيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟