أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنوار سرحان - من ثقب نظرة














المزيد.....

من ثقب نظرة


أنوار سرحان

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 08:59
المحور: الادب والفن
    


إهداء: إلى ذاك الطفل الذي غافلته الطفولة فانفلتت من بين يديه..
مشهد أوّل :
هناك…
قريباً من الزجاج…
طفلٌ في العاشرة
يجرّ عربةً اكتنزت بالهدايا. هدايا ذات ماركاتٍ مسجلة…
طفلٌ نظيفٌ…محمرّ الوجنتين في حذاءٍ جديد وملابس خيطت خصّيصاً من أجله.
طفلٌ…
يتبع سيدةً أنيقة.
بل هي سيدةٌ أنيقة جدًا …سيدةٌ مشدودةٌ كرمح…
سيدةٌ تكاد تكون بدون مؤخرةٍ, ولا بطنٍ …ولا صدٍر…ككلّ الأمهات…
سيدةُ أنيقة حقّأ , بنظاراتٍ سوداء غابت من خلفها نظراتٌ من كبرياء ..وأنفٍ حاد, ومنديلٍ من الحرير يلفّ رقبتها العاجيّة..
وهناك…
من وراء الزجاج. يطلّ طفلٌ بعينين برّاقتين ينتظر بلهفةٍ, عودةَ أمّه التي خرجت من الصباح لتشتري له كتاب الحساب الملعون، الذي ضربه المعلّم البارحة ضرباً مبرّحا, لأنه ظنّ أنه نسيه في البيت للمرّة العاشرة…
( المعلم الأحمق الذي لا يفهم )
من يدري…؟
برقت عيناه…
من يدري …؟
ربّما استجاب الله لدعائه السريّ ليلة البارحة,
فألهمها أن تشتري له حذاء رياضة أو سروالاً جديداً…
و…
ربّما…
بسكويتاً.
أيضاً.
مشهد ثانٍ :
وسط الزحام ..
تطلّ عيناها مزدحمتان بالحسرة.
أمٌّ نحيلة, في جسد طفلةٍ كبيرة, أُجبرت للحاجة وضيق اليد وكثرة الأفواه أن تنضج على عجل.
أمّ …
تدفع بصمتٍ عربةً نصفها رضيعٌ ونصفها الآخر أرنبٌ كبيرٌ من الكتان, مثقوبُ البطن, ومنتزع الأذن اليمنى, عثرت عليه منذ شهرٍ على أحد المقاعد بحديقةٍ عمومية.
ربمّا نسيته أمّ أخرى, تشبهها, وتحسّرت على فقدانه
أو ربمّا تخلّصت منه أمٌّ, لا تشبهها, حين اكتشف أنّ رضيعها بقر بطنه. وفصل أذنه.
ربمّا …
هيّ أمٌّ…تجرّ عربة أطفالٍ زرقاء إذن,
لابد وأن أطفالا كثيرين كبروا عليها قبل أن يشتريها زوجها السكّير بسعر نصف زجاجةٍ من سوق الخرداوات.
أمّ…
تتبع سيدةً أنيقة …تجرّ عربةً خضراء, يملؤها رضيعٌ نظيفٌ, مشرقٌ, ولا تفوح منه رائحة البول, والمراهم الرخيصة.
طفلٌ…ليس في حاجة ليبكي,
طفلٌ تكدّس الحليب الصحيّ في معدته الصغيرة
وثقلت عربته الخضراء وغرفته المريحة بالهدايا واللعب
هدايا …لطيفة….لطيفة جدا ومدموغة بطابع ماركات عالمية معروفة.
ثم من ناحيةٍ أخرى…
أمٌّ ترتدي جسد صبيّةٍ وتجرّ نصفَ زجاجة خمرٍ قايضها زوجها المثقل بالديون وأوجاع الرأس, بهذه العربة القديمة.
وفي العربة طفلٌ…هدّه البكاء, فآثر الصمت …وراح يتابع صدر أمٍّ أخرى تجرّ عربةً أخرى…ولا بدّ أن فيها طفلاً آخر
ولم يكن يفكّر مثل أمّه
بأنّ العيد على الأبواب
ولا شيء يبشّر بالحلويات …ولا بالتهاني …ولا بهدايا للأطفال…ولا ملابس جديدة…
إنه لا يفكر مثل أمّه, بعيدٍ جديد, ثقيل…
يزيد الكتف تهدّلا, والنظرات خزياً…
نظراتٍ منكسرة,
لا تجد بريقاً للمواساة أو الإعتذار لأطفالٍ نحيلين,
في ملابس عيد بعيد… بعيد.
( يتبع …



#أنوار_سرحان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -سأسجد لهما-
- لكأنّ وجه العالم قد تغيّر حقّاً
- رسائل آن لها أن تُفتح
- -هذه... أغنيتي-
- سيناريو لجريمة محتملة
- من ذاك العمق قد صرخت- الشاعرة العبرية داليا رافيكوفيتش
- رواية -الأسير- ليزهار سميلانسكي
- من رواية خربة خزعة
- الدخلة والقربان


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أنوار سرحان - من ثقب نظرة